بارك الله فيك وفي أمك
ميدان الفضائل :
· إذا مرت أمامنا صورة قدوم النبي صلى الله عليه وسلم المدينة ، تمر معها صور كرم الأنصار رجالهم ونسائهم ، وما أظهرته النساء الأنصاريات من حسن الكرم والضيافة مما يدخل السرور إلى النفوس ، فقد كن يتسابقن في ميدان الفضائل يبتغين بذلك رضوان الله عز وجل ، ومرضاة النبي صلى الله عيه وسلم .
· وصحابية اليوم هي أنصارية من فضليات النساء ، كانت كريمة بالفطرة ، وسخية بما تملك ، سخرت مالها وابنها لله تعالى ولرسوله الكريم محمد صلى الله عليه وسلم .
· وجود هذه الصحابية آية من آيات إيمانها القوي الوثيق ، وصورة صادقة عن الإيثار الذي امتدحه الله عز وجل في الذكر الحكيم في قوله ( ويؤثرون على أنفسهم ولو كان بهم خصاصة ) .
· من أجل كانت خليقة بدعاء رسول الله صلى الله عليه ويسلم لها ولابنها بالبركة حيث قال : ( بارك الله فيك وفي أمك ) تلكم هي :
النوار بنت مالك بن صرمة النجارية الأنصارية ؛ إحدى النساء المنجبات .
النجيبة أم النجيب :
كانت النوار متزوجة من ثابت بن الضحاك الخزرجي ، فولدت له زيد بن ثابت الصحابي المشهور وأخيه يزيد ، وقد قتل زوجها ثابت يوم بعاث قبل الهجرة بخمس سنين ، وكان عمر زيد يومذاك ست سنين ، ثم تزوجها عمار بن حزم بن زيد النجاري الأنصاري رضي الله عنه .
· كانت النوار من ذوات العقل ، وعرفت بسداد الرأي ، حيث كانت تمقت تلك الحروب الطاحنة التي حصدت الأوس والخزرج ، وحدت معها زوجها ثابت الضحاك ، وكادت تقضي على البقية الباقية منهم ، لولا أن تدراك الله عز وجل المدينة بفضله ن ومن على أهلها بالإسلام ، إذ كان مصعب بن عمير رضي الله عنه السفير الناجح الذي اسلم على يديه معظم أهل المدينة ، ومن بينهم النوار بنت مالك الأنصارية التي راحت تحفظ بشغف آيات القرآن الكريم وتلقنها ابنها ثابتاً الذي غدا – فيما بعد – الإمام الكبير ، وشيخ المقرئين والفرضيين ومفتي المدينة وكاتب الوحي ، وكأن أحد الأذكياء .
ولما هاجر النبي صلى الله عليه وسلم إلى المدينة ، أسلم زيد وهو ابن إحدى عشرة سنة فأمره عليه الصلاة والسلام أن يتعلم خط اليهود ليقرأ له كتبهم وقال : (( فإني لا آمنهم )) فتعلمه حتى أتقنه ، وكان يكتب لرسول الله صلى الله عليه وسلم إذا كتب إليهم .
النوار وأول الهدية :
· نزل رسول الله صلى الله عليه وسلم ضيفاً أيوب الأنصاري رضي الله عنه ، فأقام عنده بنى مسجده ومساكنه ، وجعلت الهدايا من الطعان تتوارد على رسول الله صلى الله عليه وسلم ، وكانت أول هدية أهديت إليه حين نزل قصعة النوار أم زيد بن ثابت ، جاء بها ابنها زيد رضي الله عنهما ، يحدثنا سيدنا زيد عن هدية أمه فيقول :
أول الهدية دخلت على رسول الله صلى الله عليه وسلم في بيت أبي أيوب ، قصعة أرسلتني بها أمي إليه ، فيها خبز مثرود بسمن ولبن ، فوضعتها بين يديه وقلت : يا رسول الله أرسلت بهذه القصعة أمي .
فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم (( بارك الله فيك وفي أمك )) ودعا أصحابه فأكلوا .
· ثم بعد ذلك جاءت قصعة سعد بن عبادة فيها ثريد وعراق لحم ، وجعل بنو النجار يتناوبون حمل الطعام إليه طول مقامة في دار أبي أيوب ، فما كانت من ليلة إلا وعلى باب النبي صلى الله عليه وسلم الثلاثة يحملون الطعام ، وما كانت تخطئه جفنه سعد بن عبادة وجفنه أسعد بن زرارة كل ليلة . ولكن فضل السبق في هذا حازته الصحابية الكريم النوار أم زيد رضي الله عنهما و أرضاهما .
· النوار ومؤذن الرسول صلى الله عليه وسلم :* كانت دار النوار رضي الله عنها أطول دار حول مسجد رسول الله صلى الله عليه وسلم ، فكان سيدنا بلال رضي الله عنه يعلو دارها ليؤذن من فوقها للصلاة ، وقد أخرج ابن سعد – رحمه الله – بإسناده أن النوار أم زيد بن ثابت قالت :
كان بيتي أطول بيت حول المسجد ، فكان بلال – رضي الله عنه – يؤذن بعد على ظهر المسجد وقد رفع له شيء فوق ظهره .
· ويكفي النوار رضي الله عنها من هذا شرفاً أن بيتها أول منارة يعلن من فوقه ذكر الله عز وجل بالنداء للصلاة .
من ثمرات الصحبة النبوية :
· نالت النوار بنت مالك رضي الله عنها المنزلة الكبيرة بين نساء الأنصار إذ نال ابنها منزلة عظيمة عند رسول الله صلى الله عليه وسلم ، وعند الخلفاء الراشدين وخصوصاً الصديق الذي وصف زيداً أنه عاقل ، ومن كلفه بجمع القرآن الكريم ، فقام بالمهمة أحسن قيام ، وبورك في علمه ، كما بورك من قبل بدعاء الرسول له ولأمة النوار بن مالك رضي الله عنهما و أرضاهما .
· ومن ثمار الصحبة النبوية التي جنتها النوار رضي الله عنها حبها للحديث الشريف ، فهي رواية من راوياته ، وقد روت عن النبي صلى الله عليه وسلم ، وروت عنها ألم سعد بن أسعد بن زرارة .
· أما عن وفاة النوار رضي الله عنها فيذكر كتاب التراجم أنها توفيت في حياة ابنها زيد وصلى عليها .
· وفي العام الخامس والأربعين من الهجرة ، توفي سيدنا زيد بن ثابت رضي الله عنه ، ورثاه حسان بن ثابت رضي الله عنه بقوله :
فمن للقوافي بعد حسان وابنه
ومن للمثاني بعد زيد بن ثابت
· رضي الله عن النوار بنت مالك وابنها زيد وقبل أن نقول وداعاَ نتذكر قول المصطفى عليه الصلاة والسلام لزيد : ( بارك الله فيك وفي أمك ) .
ومن لديها المزيد عن تلك الصحابية المباركة فلا تتردد في نفعنا به ......
يلزم عليك تسجيل الدخول أولًا لكتابة تعليق.
الصفحة الأخيرة
اين نحــن منها :44: