بسم الله الرحمن الرحيم
السلام عليكم اخواتي الغاليات
اليكم هذا الموضوع المهم الواجب المحافظه عليه
فهذه فائدة مهمة حول رواتب الصلاة وبقية النوافل ، ونصيحتي لإخواني المسلمين المحافظة عليها وعلى كل ما شرع الله مع أداء الفرائض وترك المحارم .
قد دلت سنة رسول الله صلى الله عليه وسلم على شرعية الرواتب بعد الصلوات ، وفيها فوائد كثيرة ، وقد أخبر النبي صلى الله عليه وسلم أن من حافظ على ثنتي عشرة ركعة تطوعا في يومه وليلته بني له بهن بيت في الجنة ، والرواتب اثنتا عشرة ركعة ، وذهب بعض أهل العلم إلى أنها عشر ، ولكن ثبت عنه صلى الله عليه وسلم ما يدل على أنها اثنتا عشرة ركعة ، وعلى أن الراتبة قبل الظهر أربع ، قالت عائشة رضي الله عنها : كان النبي صلى الله عليه وسلم لا يدع أربعا قبل الظهر
أما ابن عمر رضي الله عنهما فثبت عنه أنها عشر وأن الراتبة قبل الظهر ركعتان ، ولكن عائشة وأم حبيبة رضي الله عنهما حفظتا أربعا ، والقاعدة أن من حفظ حجة على من لم يحفظ . وبذلك استقرت الرواتب اثنتي عشرة ركعة : أربعا قبل الظهر ، وثنتين بعدها ، وثنتين بعد المغرب ، وثنتين بعد العشاء ، وثنتين قبل صلاة الصبح .
ففي هذه الرواتب فوائد عظيمة والمحافظة عليها من أسباب دخول الجنة والنجاة من النار مع أداء الفرائض وترك المحارم ، فهي تطوع وليست فريضة لكنها مثل ما جاء في الحديث تكمل بها الفرائض ، وهي من أسباب محبة الله للعبد ، وفيها التأسي بالنبي عليه الصلاة والسلام ، فينبغي للمؤمن المحافظة عليها والعناية بها كما اعتنى بها النبي عليه الصلاة والسلام مع سنة الضحى ، ومع التهجد بالليل والوتر فالمؤمن يعتني بهذا كله ، لكن لو فاتت سنة الظهر فالصواب أنها لا تقضي بعد خروج وقتها ؛ لأن النبي صلى الله عليه وسلم لما قضى سنة الظهر البعدية بعد العصر سألته أم سلمة عن ذلك قالت أنقضيهما إذا فاتتا؟ قال لا
فهي من خصائصه عليه الصلاة والسلام ، أعني قضاءها بعد العصر ، أما سنة الفجر فإنها تقضي بعد الفجر ، وتقضى بعد طلوع الشمس إذا فاتت قبل الصلاة ، لأنه قد جاء في الأحاديث ما يدل على قضائها بعد الصلاة ، وقضائها بعد طلوع الشمس وارتفاعها .
وأما قول بعض أهل العلم : إن ترك الرواتب فسوق فهو قول ليس بجيد ، بل هو خطأ ؛ لأنها نافلة ، فمن حافظ على الصلوات الفريضة وترك المعاصي فليس بفاسق بل هو مؤمن سليم عدل .
وهكذا قول بعض الفقهاء : إنها من شرط العدالة في الشهادة : قول مرجوح فكل من حافظ على الفرائض وترك المحارم فهو عدل ثقة . ولكن من صفة المؤمن الكامل المسارعة إلى الرواتب وإلى الخيرات الكثيرة والمسابقة إليها .
وبذلك يكون من المقربين لأن المؤمنين في هذا الباب ثلاثة أقسام : ظالم لنفسه ، ومقتصد ، وسابق بالخيرات . كما قال جل وعلا في سورة فاطر : ثُمَّ أَوْرَثْنَا الْكِتَابَ الَّذِينَ اصْطَفَيْنَا مِنْ عِبَادِنَا فَمِنْهُمْ ظَالِمٌ لِنَفْسِهِ وهو صاحب المعاصي وَمِنْهُمْ مُقْتَصِدٌ وهو البر الذي حافظ على الفرائض وترك المحارم وَمِنْهُمْ سَابِقٌ بِالْخَيْرَاتِ
وهو الذي اجتهد في الطاعات النافلة مع الفرائض وهو الأعلى في المرتبة ، والمقتصد في الرتبة الوسطى ، وأما الظالم لنفسه فهو في الرتبة الدنيا ، فالعاصي تحت مشيئة الله ، إذا مات على ظلمه لنفسه بالمعاصي فهو تحت المشيئة إن شاء الله غفر له وإن شاء عذبه ، ومتى دخل النار لم يخلد فيها بل يعذب على قدر معاصيه ثم يخرج منها ، ولا يخلد في النار إلا الكفرة نسأل الله العافية ، والمقصود أن هذه الرواتب وسائر التطوعات من كمال الإيمان ، ومن أعمال السابقين إلى الخيرات ، ولهذا لما سئل النبي صلى الله عليه وسلم عن الإسلام فسره بالشهادتين والصلاة والزكاة والصيام والحج فقال السائل هل علي غيرها؟ قال لا إلا أن تطوع
فدل ذلك على أن الرواتب وغيرها من النوافل كلها تطوع وليست واجبة . ولهذا قال صلى الله عليه وسلم في حق السائل لما أدبر قائلا لن أزيد على ذلك ولا أنقص أفلح إن صدق
فعلم بذلك أن التطوع ليس شرطا في العدالة وليس شرطا في الإيمان ولكنه من المكملات ومن أسباب الخير العظيم ، ومضاعفة الحسنات ، ومن أسباب دخول الجنة مع المقربين ، نسأل الله لنا ولجميع المسلمين التوفيق والهداية وحسن الخاتمة .
تعليق لسماحته على كلمة ألقيت في مسجد الإفتاء يوم الأربعاء 26/7/1415 هـ عن " السنن الرواتب " .
من مجموع فتاوى ومقالات " الجزء الحادي عشر "
وقال رحمه الله في ثلاث رسائل في الصلاة
ويستحب لكل مسلم ومسلمة أن يصلي: قبل صلاة الظهر أربع ركعات، وبعدها ركعتين، وبعد صلاة المغرب ركعتين، وبعد صلاة العشاء ركعتين، وقبل صلاة الفجر ركعتين، الجميع اثنتا عشرة ركعة، وهذه الركعات تسمى: الرواتب؛ لأن النبي صلى الله عليه وسلم كان يحافظ عليها في الحضر، أما في السفر فكان يتركها إلا سنة الفجر والوتر، فإنه كان عليه الصلاة والسلام يحافظ عليهما حضرا وسفرا، ولنا فيه أسوة حسنة؛ لقول الله سبحانه: لَقَدْ كَانَ لَكُمْ فِي رَسُولِ اللَّهِ أُسْوَةٌ حَسَنَةٌ ، وقوله عليه الصلاة والسلام: صلوا كما رأيتموني أصلي رواه البخاري.
والأفضل: أن تصلي هذه الرواتب والوتر في البيت، فإن صلاها في المسجد فلا بأس؛ لقول النبي صلى الله عليه وسلم: أفضل صلاة المرء في بيته إلا الصلاة المكتوبة متفق على صحته.
والمحافظة على هذه الركعات من أسباب دخول الجنة؛ لما ثبت في صحيح مسلم، عن أم حبيبة رضي الله تعالى عنها أنها قالت: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: ما من عبد مسلم يصلي لله كل يوم ثنتي عشرة ركعة تطوعا غير فريضة إلا بنى الله له بيتا في الجنة وقد فسرها الإمام الترمذي في روايته لهذا الحديث بما ذكرنا.
وإن صلى أربع ركعات قبل صلاة العصر، واثنتين قبل صلاة المغرب، واثنتين قبل صلاة العشاء فحسن؛ لقوله صلى الله عليه وسلم: رحم الله امرأ صلى أربعا قبل العصر رواه أحمد، وأبو داود، والترمذي وحسنه، وابن خزيمة وصححه، وإسناده صحيح، ولقوله عليه الصلاة والسلام: بين كل أذانين صلاة بين كل أذانين صلاة ثم قال في الثالثة لمن شاء رواه البخاري.
وإن صلى أربعا بعد الظهر وأربعا قبلها فحسن؛ لقوله صلى الله عليه وسلم: من حافظ على أربع قبل الظهر وأربع بعدها حرَّمه الله تعالى على النار رواه الإمام أحمد، وأهل السنن بإسناد صحيح، عن أم حبيبة رضي الله عنها.
والمعنى: أنه يزيد على السنة الراتبة ركعتين بعد الظهر؛ لأن السنة الراتبة أربع قبلها واثنتان بعدها، فإذا زاد ثنتين بعدها حصل ما ذكر في حديث أم حبيبة رضي الله عنها.
والله ولي التوفيق وصلى الله وسلم على نبينا محمد بن عبد الله، وعلى آله وأصحابه وأتباعه بإحسان إلى يوم الدين.
وقال رحمه الله في " تحفة الإخوان بأجوبة مهمة تتعلق بأركان الإسلام " " حكم فضل السنن الرواتب والنوافل المطلقة في السفر " 71 .
اختلفوا في أفضلية فعل السنن الرواتب مع القصر في السفر فمن قائل يستحب فعلها ومن قائل لا تستجب وقد قصرت الفريضة فماذا ترون في ذلك؟ وكذا في فعل النوافل المطلقة كصلاة الليل.
الجواب: السنة للمسافر ترك راتبة الظهر والمغرب والعشاء مع الإتيان بسنة الفجر تأسيا بالنبي - صلى الله عليه وسلم - في ذلك وهكذا يشرع له التهجد في الليل والوتر في السفر لأن النبي - صلى الله عليه وسلم - كان يفعل ذلك وهكذا جميع الصلات المطلقة وذوات الأسباب كسنة الضحى وسنة الوضوء وصلاة الكسوف وهكذا يشرع له سجود التلاوة وتحية المسجد إذا دخل المسجد للصلاة أو لغرض آخر فإنه يصلي التحية.
وقال رحمه الله كما في " مجموع فتاوى ومقالات الجزء الحادي عشر" " عن سؤال موجه من سائل من الرياض ، في مجلس سماحته " " قضاء السنن الرواتب " .
س : أ . ن . ت ، هل يجوز قضاء السنن الرواتب بعد فوات أوقاتها أو تسقط؟ أفتونا جزاكم الله خيرا .
ج : تسقط إذا فات وقتها إلا سنة الفجر فإنها تقضي بعد الصلاة أو بعد طلوع الشمس لأن النبي صلى الله عليه وسلم وأصحابه قضوها مع صلاة الفجر ، لما ناموا عن الفجر في بعض أسفاره ، ولأنه صلى الله عليه وسلم أمر من فاتته سنة الفجر أن يقضيها بعد طلوع الشمس ، ولأنه صلى الله عليه وسلم رأى من يقضيها بعد صلاة الفجر فلم ينهه عن ذلك . وهكذا راتبة الظهر الأولى إذا فاتت تقضي بعد صلاة الظهر مع الراتبة البعدية لأن النبي صلى الله عليه وسلم لما فاتته قضاها بعد الصلاة . والله ولي التوفيق .
وقال رحمه الله مجيباً عن سؤال : هل تسقط مشروعية الراتبة " السنن الرواتب " في السفر وما الدليل على ذلك؟ أفيدونا أفادكم الله .
ج : المشروع ترك الرواتب في السفر ما عدا الوتر وسنة الفجر ، لأنه ثبت عن النبي صلى الله عليه وسلم من حديث ابن عمر وغيره أنه كان يدع الرواتب في السفر ما عدا الوتر وسنة الفجر ، أما النوافل المطلقة فمشروعة في السفر والحضر وهكذا ذوات الأسباب كسنة الوضوء وسنة الطواف وصلاة الضحى .
والتهجد في الليل لأحاديث وردت في ذلك ، والله ولي التوفيق .
نشرت في ( كتاب الدعوة ) ، الجزء الثاني ص ( 122 ) الراتبة في السفر
تفطن حكمة السنن الرواتب
الحمد لله وحده، والصلاة والسلام على من لا نبي بعده، وعلى آله وصحبه ما تعاقب بعد اليوم غده، أما بعد:
فإن لصلاة التطوع فضل عظيم وثواب كبير عند الله - عز وجل -، جاء بهذا الفضل النصوص والأخبار والآثار عن النبي - صلى الله عليه وسلم -، فعن أبي هريرة - رضي الله عنه - قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: (( إن أول ما يحاسب الناس به يوم القيامة من أعمالهم الصلاة، يقول ربنا - جل وعزَّ - لملائكته - وهو أعلم -: انظروا في صلاة عبدي أتمها أم نقصها؟ فإن كانت تامة كتبت له تامة، وإن كان انتقص منها شيئاً قال: انظروا هل لعبدي من تطوع، فإن كان له تطوع قال: أتموا لعبدي فريضته من تطوعه، ثم تؤخذ الأعمال على ذاكم))1.
وقد يغيب على كثير من المسلمين الحكمة في مشروعية صلوات التطوع، لذا جاء هذا البحث لنعيش مع الحكمة منها، وسر تشريعها فما يخص نافلة صلاة الفريضة القبلية والبعدية؛ من خلال الآتي:
*ما المراد بصلاة التطوع:
التطوع لغة: التبرع، يقال: تطوع بالشيء، تبرع به.2
وفي الاصطلاح: أنه اسم لما شرع زيادة على الفرائض والواجبات، أو ما كان مخصوصاً بطاعة غير واجبة، أو هو الفعل المطلوب طلباً غير جازم3، وصلاة التطوع هي ما زادت على الفرائض والواجبات4 لقول النبي - صلى الله عليه وسلم- في حديث السائل عن الإسلام: ((خمس صلوات في اليوم والليلة))، فقال: هل علي غيرها؟ قال: ((لا، إلا أن تطوع))5.
أنواع صلاة التطوع:
تنقسم صلاة التطوع إلى:
- تطوع مطلق.
- وتطوع مقيد.
التطوع المطلق: يقتصر فيه على نية الصلاة، قال النووي: فإذا شرع في تطوع ولم ينو عدداً فله أن يسلم من ركعة، وله أن يزيد فيجعلها ركعتين أو ثلاثاً أو مئة أو ألفاً أو غير ذلك، ولو صلى عدداً لا يعلمه ثم سلم صح بلا خلاف، اتفق عليه أصحابنا، ونص عليه الشافعي في الإملاء.
وروى البيهقي بإسناده أن أبا ذر - رضي الله عنه - صلى عدداً كثيراً فلما سلم قال له الأحنف بن قيس - رحمه الله -: هل تدري انصرفت على شفع أم على وتر؟ قال: إن لا أكن أدري فإن الله يدري، إني سمعت خليلي أبا القاسم - صلى الله عليه وسلم - يقول (ثم بكى)، ثم قال: إني سمعت خليلي أبا القاسم - صلى الله عليه وسلم - يقول: ((ما من عبد يسجد لله سجدة إلا رفعه الله بها درجة، وحط عنه بها خطيئة))6.
والتطوع المقيد7: ينقسم إلى:
1- ما شرع تبعاً للفرائض وتسمي السنن الراتبة، وتشمل: سنة الفجر، والظهر، والعصر، والمغرب، والعشاء.
2- وما شرع مستقلاً عن الفرائض - صلوات معينة غير السنن مع الفرائض - وهي أنواع:
منها صلاة الضحى: وهي مستحبة؛ لما روى أبو هريرة - رضي الله عنه - قال: أوصاني خليلي - صلى الله عليه وسلم- بثلاث لا أدعهن حتى أموت: ((صوم ثلاثة أيام من كل شهر، وصلاة الضحى، ونوم على وتر)).8
وأمثلة الصلاة المتطوع بها كثيرة: كصلاة الاستخارة، وصلاة الحاجة، وصلاة التوبة، وصلاة تحية المسجد، وركعتي السفر وغيرها، لكن ما يعنينا هو الحديث عن السنن الرواتب التي تتبع الفرائض، ما سر تشريعها، وأي حكمة في جعلها قبل الفريضة وبعدها.
ذكرنا سالفاً أن المقصود بالسنن الرواتب هي: التابعة للفرائض، إلا أنه اختلف في عددها، فبعضهم عدها: عشر ركعات: ركعتان قبل الظهر، وركعتان بعده، وركعتان بعد المغرب، وركعتان بعد العشاء، وركعتان قبل الفجر، مستدلين بما ثبت في الصحيح عن ابن عمر - رضي الله عنهما - قال: حفظت من النبي - صلى الله عليه وسلم - عشر ركعات: ركعتين قبل الظهر، وركعتين بعدها، وركعتين بعد المغرب في بيته، وركعتين بعد العشاء في بيته، وركعتين قبل صلاة الصبح"9.
وبعضهم يجعلها اثنتي عشرة ركعة، وأضاف ركعتين قبل الظهر لتصبح أربعاً، واستدلوا بحديث عائشة - رضي الله عنها - قالت: كان رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يصلى قبل الظهر أربعاً"10، وجاء في فضلها أن من واظب عليها بني له بيتٌ في الجنة روت أم حبيبة أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قال: ((من صلى اثنتي عشرة ركعة في يوم وليلة بني له بهن بيت في الجنة))11، وقد جاء في السنن تفسيرها عن عائشة قالت قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: ((من ثابر على اثنتي عشرة ركعة في اليوم والليلة دخل الجنة، أربعاً قبل الظهر، وركعتين بعدها، وركعتين بعد المغرب، وركعتين بعد العشاء، وركعتين قبل الفجر))12، وقال أبو الخطاب: وأربع قبل العصر لما روى ابن عمر قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: ((رحم الله امرأ صلى قبل العصر أربعاً))13، وإليه جنح الشافعي14.
* حكمة تشريعها:
1- معلوم أن من هذه السنن الرواتب ما يتقدم على الفرائض، ومنها ما يتأخر عنها، وفي ذلك معنى لطيف مناسب:
ذكر العلماء - رحمهم الله تعالى - حكَماً للصلاة قبل الفريضة، ومن المعلوم أن من يدخل المسجد فإنه يصلي ركعتين قبل أن يجلس، والمتوضئ يسن له الصلاة بعد كل وضوء، وكذا ما شرع من رواتب قبل الصلاة كالفجر والظهر - كما سبق -، ورغَّب النبي - صلى الله عليه وسلم - في صلاة أربع ركعات قبل العصر، ووصى بالصلاة قبل المغرب، وجعل بين كل أذانين - أي: أذان وإقامة - صلاة، وكل هذا التشريع لأداء النوافل قبل الفريضة، وله حِكَم عظيمة، أما في التقديم فلأن النفوس - بسبب اشتغالها بأسباب الدنيا - بعيدة عن حال الخشوع والحضور التي هي روح العبادة، فإذا قدمت النوافل على الفرائض أنست النفس بالعبادة يقول الشيخ عطية سالم - رحمه الله - مشيراً إلى هذه اللطيفة:
"المسلم يؤدي النافلة قبل الفريضة تهيئةً لقيامه بين يدي الله، وهو في أكمل ما يكون استحضاراً، وهذه زيادة تحضير، وسمِّها ما شئت؛ لأنها تعطيك زيادة تنبُّه ويقظة، ورغبة فيما عند الله، فإذا دخلت في الفريضة عفويّاً ربما تحتاج إلى شيء من التحضير؛ لكن إذا صليت السنَّة كان التهيؤ أكمل، وكل فريضة - كما أشرنا - قبلها نافلة، فهذا الفجر له ركعتان قبلية، وتلك الظهر لها ركعتان أو أربع قبلية، وتلك العصر قبلها أربع، والمغرب كانوا يصلون قبلها ركعتين، وهكذا قبل صلاة العشاء نافلة، وبعدها نافلة"15.
وأما بعد الفريضة: فقد شرعت لتكون جبراً لما يقع في الفرائض من نقص وتقصير، فإن الفرائض يعتريها النقص، إما في شروطها أو أركانها أو واجباتها، وقد دل على ذلك حديث أبي هريرة - رضي الله عنه - المتقدم، وكما قال ابن عباس: ليس لك من صلاتك إلا ما عقلت منها، يقول ابن تيمية معلقاً: فلهذا شرعت السنن الرواتب؛ لما يحصل من النقص فى الفرائض16، قال الشيخ عبد العزيز بن باز - رحمه الله -: "ففي هذه الرواتب فوائد عظيمة، والمحافظة عليها من أسباب دخول الجنة، والنجاة من النار، مع أداء الفرائض، وترك المحارم، فهي تطوع وليست فريضة، لكنها مثلما جاء في الحديث تكمل بها الفرائض، وهي من أسباب محبة الله للعبد، وفيها التأسي بالنبي عليه - الصلاة والسلام -"17.
2- ومن فوائدها ما نبه عليه الإمام الشاطبي - رحمه الله - في الموافقات بقوله: " أن في إبطال الأخف جرأة على ما هو آكد منه، ومدخل للإخلال به، فصار الأخف كأنه حمى للآكد، والراتع حول الحمى يوشك أن يقع فيه، فالمخل بما هو مكمل كالمخل بالمكمل من هذا الوجه، ومثال ذلك: الصلاة، فإن لها مكملات وهي هنا سوى الأركان والفرائض، ومعلوم أن المخل بها متطرق للإخلال بالفرائض والأركان؛ لأن الأخف طريق إلى الأثقل، فالمتجرئ على الأخف بالإخلال به؛ معرض للتجرؤ على ما سواه، فكذلك المتجرئ على الإخلال بها يتجرأ على الضروريات، فلو اقتصر المصلي على ما هو فرض في الصلاة لم يكن في صلاته ما يستحسن، وكانت إلى اللعب أقرب"18.
3- الاقتداء بالنبي - صلى الله عليه وسلم - بأداء النوافل، وكذا السابقين المقربين من سلف هذه الأمة الذين هم في أعلى المراتب عند الله - تعالى -، فقد حث المصطفى على التأسي به - صلى الله عليه وسلم - بقوله: ((فعليكم بسنتي، وسنة الخلفاء الراشدين المهديين؛ عضوا عليها بالنواجذ))19.
ختاماً ابن باز - رحمه الله - يوصيك:
ونصيحتي لإخواني المسلمين المحافظة عليها، والعناية بها - أي السنن الرواتب - كما اعتنى بها النبي عليه - الصلاة والسلام - مع سنة الضحى، ومع التهجد بالليل والوتر، فالمؤمن يعتني بهذا كله لما في هذه الرواتب من فوائد عظيمة"20.
نسأل الله التوفيق والسداد في الحياة الدنيا ويوم يقوم الأشهاد، والحمد لله رب العالمين.
1 رواه أبو داود برقم ( 733)، وابن ماجه بلفظ مقارب برقم (1415)، وأحمد برقم ( 7561).
2 المصباح المنير (2/380).
3 الموسوعة الفقهية الكويتية (27/152).
4 كشف الأسرار (2/302).
5 رواه البخاري برقم (44)، ومسلم برقم (12).
6 رواه الترمذي برقم (354)، والنسائي برقم (1127)، وابن ماجه برقم (1413)، وصححه الألباني في الجامع الصغير ( 1068).
7 فقه السنة لسيد سابق (1/129).
8 رواه البخاري برقم (1107).
9 رواه البخاري برقم (1109).
10 رواه مسلم برقم (1201).
11 رواه مسلم برقم (1198).
12 رواه مسلم برقم (1771).
13 رواه الترمذي برقم (395)، وأبو داود برقم (1079)، وأحمد برقم (5708).
14 المغني لابن قدامة (1/434).
15 شرح الأربعين النووية: الحديث الثلاثون ((إن الله حد حدوداً فلا تضيعوها)).
16 كتب ورسائل ابن تيمية (15/236).
17 فتاوى الشيخ ابن باز (11/381).
18 الموافقات للشاطبي (2/21-22).
19 رواه أبو داود برقم (3991)، وابن ماجه برقم (1836).
20 مجموع فتاوى ابن باز (11/380).
:35: دعواتكم لي يااخواتي الله يحقق الي بالي ويرضى عني ويبعد عني كل وسواس..ولكم بالمثل ان شاء الله

فداك نفسي يامحمد @fdak_nfsy_yamhmd
عضوة نشيطة
يلزم عليك تسجيل الدخول أولًا لكتابة تعليق.

ام حكوم
•
الله يجزاك خير
الصفحة الأخيرة