الحمد لله رب العالمين الرحمن الرحيم واصلى واسلم على الرحمة المهداة للعالمين محمد وعلى آله وصحبه اجمعين :
وبعد فاعلم انما خلقت لغاية حميدة وبحكمة سديدة وبقدرة مجيدة وان خلقك وايجادك من اجل النعم من الله تبارك وتعالى عليك
(هل اتى على الأنسان حين من الدهر لم يكن شيئا مذكورا)
الاستفهام للتقرير والمعنى اليس قد اتى عليك زمن من الازمنه ولست شيء 0
ثم خلقك الله تبارك وتعالى من نطفة امشاج فجعلك ذا سمع وبصر وابان لك طريق السعادة اتم بيان وابان لك طريق الشقاوة اتم بيان 0 وامرك ان تتفكر فى نفسك اولا وان تعمل النظر فيما حولك فترى العجائب فى خلق الله المتقن المحكم تأمل فى الليل والنهار والشمس والقمر
(لاالشمس ينبغى لها ان تسبق القمر ولاالليل سابق النهار وكل فى فلك يسبحون )
ثم تأمل فى نفسك كيف خلق الله لك هذه الحواس من سمع وبصر وغيره ..
وكيف ان جعل هذه الحواس فى اشرف مكان منك وكيف قسم اعضائك ونسقها
(لقد خلقنا الأنسان فى احسن تقويم )
ثم سخر لك كل مافى الكون مابين السماء والأرض كله مسخر لك فاعمل واكتشف وانفع نفسك ومجتمعك
ثم اودع فيك طاقات هائلة من الاستيعاب اودعها فى هذا المخ الصغير الحجم الكبير الفائدة 0
ثم تأمل حكمته فى ان جعل الارض مستقر لك فثبتها بالجبال الراسيات وذللها لك وجعل لك فيها سبلا , واستودعها الماء تحفظه لك حين تحتاجه تستخرجه ولو بقى على سطحها لتعفن وتبخر وتلوث بماحوله ولم يعد صالحا للانتفاع به 0
ثم هداك الى الزرع والسقى واستنبات ماتحتاجه انت وبهائمك من المأكل والدواء, ثم هذه البهائم التى خلقها لك جعل لك فيها منافع كثيرة فتركبها وتحمل اثقالك من مكان الى مكان لاتستطيع بلوغه الا بمشقه وتشرب وتأكل لحمها لبنها وتصنع من اصوافها بيوت تقيك الحر والبرد ولك فيها منافع كثيرة سوى ماذكرنا 0
ثم السماء جعل لك فيها الشمس والقمر الشمس تعطيك الضياء وتبصر بها الاشياء فتعمل وتكتسب وتقضى مصالحك على ضوئها وفيها علامات على الليل والنهار فتعرف بها التوقيت اليومى والقمر جعله علامة على التوقيت الشهرى فتعرف به الشهر وبالتالى تعرف السنة والنجوم جعلها متعة لنظرك تدخل عليك السعادة حين تنظر اليها فى كبد السماء وتتعرف بها على الجهات فى السفر
(افلم ينظروا الى السماء فوقهم كيف بنيناها وزيناها ومالها من فروج والأرض مددناها والقينا فيها رواسى وانبتنا فيها من كل زوج بهيج تبصرة وذكرى لكل عبد منيب ونزلنا من السماء ماء مباركا فأنبتنا به جنات وحب الحصيد والنخل باسقات لها طلع نضيد رزقا للعباد واحيينا به بلدة ميتا كذلك الخروج )
كل هذه الآيات الاتدفعك الى ان تتعرف على هذا الآله العظيم ولاسبيل الى ذلك الا بمعرفة اسماءه وصفاته وقد جلعت هذه مقدمة لموضوعى الذى اسميته
( النور الاسنى فى اسماء الله وصفاته الحسنى ) 0
اعلم ان سماء الله تعالى كلها حسنى اى بالغة فى الحسن غايته وذلك لأنها متضمنة لصفات كمال لانقص فيها بوجه من الوجوه لااحتمالا ولاتقديرا 0
فخذ مثالا من هذه الأسماء وهو الاسم الكريم ( الحي ) فهو دال على ذات الرب تبارك وتعالى
ودال على صفة الحياة فى الرب جل وعلا وهذه الصفة صفة كاملة اذ ان حياته سبحانه واجبه وحياة غيره جائزة هذا وصف كمال وحياته سبحانه غير مسبوقة بعدم وحياة غيره مسبوقة بعدم هذا وصف آخر وحياة غيره يلحقها الزوال وحياته سبحانه لايلحقها زوال هذا وصف آخر ،
ثم هذه الحياة مستلزمة للعلم والقدرة والحكمة 0
ومثال آخر العليم من اسماء الله تعالى متضمن للعلم الكامل الذى لم يسبق بجهل ولايلحقه نسيان
قال الله تعالى ( قال علمها عند ربى فى كتاب لايضل ربى ولاينسى )
وهو علم واسع شمل العلم بالقليل والكثيربالخفى والظاهر بالحاضر والمستقبل بالدقيق والجليل ( وماتسقط من ورقة الايعلمها ولاحبة فى ظلمات الأرض ولارطب ولايابس الافى كتاب مبين )
ورقة صغيرة تسقط فى غابة مظلمة مكتظة بالأشجار قد علمها سبحانه وقدر وقت سقوطها وموقع سقوطها واين تذهب بعد سقوطها وكم تبقى والى اى شيء تصير واحصى ذراتها التى تكونت منها هذه الورقة فانظر كم ورقة تسقط فى الكون بل كم ورقة فى الكون اذا كان قداعلمنا عن حال من احوالها وهو السقوط فلا يعنى هذا اغفال احوالها الأخرى لان الذى علم منها هذا الحال الخفى لاشك انه ببقية احوالها اعلم 0
ثم الحبة الصغيرة التى تستقر فى الأرض قد علمها وكتب وقت ولوجها الى الأرض وعلم كم تستقر فى الأرض وعلم مقدار نموها وعمرها وماستستهلكه من الماء والهواء لتنبت 0 ثم هذه المخلوقات على الأرض او فى جوف البحر قد قدر لها ارزاقها وعلم مقادير تلك الأرزاق وازمنتها وسبل وصولها اليها ولنأخذ نموذجا واحدا وهو الأنسان اى انسان علم رزقه مقداره وكيفية حصوله ومكان حصوله ولاشك ان الرزق متنوع منه مايقوم به البدن ومنه ماتقوم به الروح ومنه
ماتقوم به العلاقة الاجتماعية والأسرية ومنه اى الرزق ماتتقى به المكاره كالبرد والخوف ومنه مايتقى به
الجهل كالعلم كل هذا قد علمه سبحانه صغيره وكبيره ظاهره وخفيه فانظر كم انسان خلق الله سبحانه وتعالى ويرزقهم فى لحظة واحدة ولاتخفى عليه منهم خافية !
ومافى باطن البحار من المخلوقات التى تفوق ماعلى الأرض بأضعاف مضاعفه قد علم احوالها واعمارها وارزاقها وتلك الحشرات المتناهية فى الصغر التى لايعلم اعدادها الا هو سبحانه يعلم احوالها هذه الحشرة الصغيرة التى فيها كل مقومات الحياة روح ودم ولحم وعظم وعصب وقلب وجهاز هضمى وتفرح وتخاف وترجو وتقنط وتتناكح وتتناسل كل هذه يعلمها سبحانه ويعلمها على افرادها فضلا عن جماعاتها او اجناسها كل مخلوق مستقل بعلم الله تعالى له فى جميع احواله فسبحانه مااعلمه مااجله فحرى بنا ان نتفقه هذا الفقه الذى يسميه العلماء الفقه الأكبر وهو كذلك فانه ينبوع العلوم ومنه تتفجر ينابيع العلم العلم بالله سبحانه لكن على منهج السلف الصالح نثبت له مااثبته لنفسه من غير تحريف اى تحريف لمعنى النصوص عن ظاهرها ومن غير تكييف اى ذكر الكيفية كنزوله سبحانه واستواءه على عرشه لانذكر الكيفية لكن نثبت اصل الصفة ولا ندخل فى ذكر الكيفية 0
وصلى الله على محمد وآله وصحبه اجمعين ،،
كتبه – سعود بن ابراهيم المقبل
باحث في العلوم الشرعية
(( اتمنى من الاخوات الدعاء لي ولوالديني وجميع المسلمين ))
من ارادت نقله لمنتدى اخر الرجاء ياعزيزاتي ذكر اسم الشيخ لانه حق من حقوقه
دمتم بود ...