شرووق1

شرووق1 @shrook1_1

عضوة فعالة

الهروب من الرزق كــ الهروب من الموت .. لا فرار ولا مناص

ملتقى الإيمان

مرحباً بكم يا سادة يا كرام وسلامٌ من الله عليكم ورحمة منه وبركة
خُلّتي وصحبي..


كنت أبحث عن حديثٍ في صحيح الجامع، فوقع نظري على حديثٍ عظيمٍ عظيمٍ من أحاديث النبي صلى الله عليه وسلم وكل حديثه عظيمٌ بأبي هو وأمي.

يقول عليه الصلاة والسلام :

(
لو أن ابن آدم هرب من رِزْقه كما يهرب من الموت،
لأدركه رزقه كما يدركه الموت
)
صحيح الجامع5240.

وقفتُ مشدوهاً أمام قول الصادق المصدوق فقلت سبحان الله! لو أمعن هاربٌ في الهرب من رزقه لتبِعه رزقُه ـ رُغماً عنه ـ ثم لا يتركه حتى يدركه، تماماً كالموت فلو هرب الهارب ما هرب! فسيدركه الموت لا محالة. ألا تعجبون!

هروبان عجيبان، هروبٌ من الموت وهروبٌ من الرزق، هروبان مختلفان لكنهما يتّفقان في النتيجة ، ففي كليهما يظل ابن آدم على نقصه مهزومٌ مغلوب.

وضعتُ الكتاب جانباً ورحت في سرحانٍ عميقٍ عميقٍ عميق، وقلت في نفسي لِمَ الكدَر إذن؟! فما دام رزقي سيُدركني فلِمَ الضيق ولم التحسّر ولم الألم؟ أُدرِك يقيناً أن المرء يغفل فيتحسّر على فوت رزقٍ كاد يدركه، وقد يغفل ويظن أن فلاناً من البشر قد قطع رزقه فيُرغي ويُزبِد، وقد يغفل فتلومه النفس ويلومها على ما به من ضيقٍ في المأكل والمشرب والملبس. بالتأكيد هو نقصٌ في التوكّل وغفلةٌ وضعفٌ في الإيمان بالقدر.

وقفتُ ثم رحتُ في سرحانٍ عميقٍ عميقٍ عميق، وجال في خاطري معنىً عظيمٌ وهو أن الله سبحانه وتعالى كفَل لنا الرزق بحيث لو تخفّينا عنه لبحث عنّا، ولو رفضْناه لرمى بنفسه علينا! إذن فمفهوم هذا كله أن الله أراد أن نفرغ لأمرٍ عظيمٍ وهو عبادته سبحانه، إذ لو كان حمْل همِّ الرزق أمراً مطلوباً لأمرنا الله بحَمل هذا الهم، ولكنه تكفّل بالرزق مع السعي بالطبع، وأمرنا بعبادته والبحث عن مراضيه.

ذهبت إلى سوق الخضار فرأيت من أصناف المآكل مما أخرجها الله من الأرض ما تلذُّ له العين قبل الفم، والناس يتبايعون ويأخذ كلٌّ منهم من رزق الله ما شاء، فتبسّمتُ وأغمضتُ عينيّ إلا قليلاً ومضيتُ في طريقي وأنا أقول سبحان الله! ينظر الله إليهم كيف يأكلون من رزقه ولا يريد منهم إلا عبادته.

وإلى الحديث السابق ضُمّ إليه حديث:
( إن جبريل نفث في روعي أنه لن تموت نفسٌ حتى تستكمل رزقها )
فهما يعضدان بعضهما في نفس المعنى.

حقيقة، لا يصلح إكثار الكلام أمام عظمة الحديث النبوي، فحديثُ النبي صلى الله عليه وسلم بُنيانٌ كاملٌ؛ أصلُه وفرعُه وثمرته، فتكفي هذه الومضة.

بورك فيكم أجمعين أكتعين أبصعين
1
4K

يلزم عليك تسجيل الدخول أولًا لكتابة تعليق.

تسجيل دخول

شرووق1
شرووق1
اللهم ارزقنا من واسع فضلك