بحور 217

بحور 217 @bhor_217

عضوة شرف عالم حواء

الوحــــدة.........(للتأمل)

الأدب النبطي والفصيح

ما آلمني شيء في الحياة ما آلمتني الوحدة.كنت أشعر كلما انفردت بفراغ هائل في نفسي أحس أن بيني وبين الحياة صحارى قاحلة وبيدا ما لها من آخر فأحاول الفرار ولكن أين المفر من نفسي التي بين جنبي ودنياي التي أعيش فيها؟
إن نفسي عميقة واسعة أو لعلي أراها عميقة واسعة لطول ما أحدق فيها وأتأمل جوانبها فتخيفني بسعتها ويرمضني أنه لا يملؤها شيء مهما كان كبيرا..
وهذا العالم ضيق أجمعه في فكرة واحدة أرميها في زاوبة من زوايا نفسي في نقطة صغيرة من هذا الفضاء الرحيب ثم أعيش في وحدة مرعبة أنظر ما يملأهذا الفضاء ...ما هذا المخلوق الذي يحويه جسم صغير ويحوي هو المكان كله ويشمل الزمان وينتقل من الأزل إلى الأبد في أقل من لحظة وينتظم الوجود كله بفكرة وتكاد الحياة نفسها تضل في أغواره؟
لذلك لانحب أن ننفرد!نحب أن ننشغل عن هذه النفس بصحبة صاحب أو حب حبيب أو عمل من الأعمال..ونخشى الحياة ونحب أن نقطعها بحديث تافه أو كتاب سخيف .وإذا نحن اضطررنامرة إلى مواجهة الحياة ومقابلة الزمان خاليا من ألهية نلهو بها كما يكون في ساعة الانتظار مللنا وتبرمنا بالحياة وأحسسنا أن الفلك يدور على عواتقنا .أفليس هذا سرا عجيبا من أسرار الحياة:يكره المرء نفسه ويخشاها وهي أحب شيء إليه ويفر منها ويضييق بحياته وهي أعز شيء عليه ويسعى لتبديدها وإضاعتها ؟!
*******************************
عجزت عن احتمال هذه الوحدة فخالطت الناس واستكثرت من الصحابة فوجدت في ذلك أنسا لنفسي واجتماعا لشملي فكنت أتحدث وأمرح وأمزح حتى ليظنني الرائي أسعد الخلق وأطربهم بيد أني لم أكن أفارق أصحابي وأنفرد بنفسي حتى يعود هذا الفراغ الرهيب وترجع الوحدة الموحشة!
*******************************
صرت أكره أن ألتقي بالناس لأني لم أجد إلا اجتماعا مزيفا :يتعانق الحبيبان ولو كشف لك عن نفسيهما لرأيت بينهما مثل ما بين الأزل والأبد،ويتناجى الصديقان ولوظهر لك باطنهما لرأيت كلا منهما يلعن الآخر .
وجتني غريبا بين الناس فتركت الناس وانصرفت إلى نفسي أكشف عالمها وأجوب فيافيها وأقطع بحارها وأدرس نواميسها وجعلت من أفكاري وعواطفي أصدقاء وأعداء وعشت بحب الأصدقاء وحرب الأعداء..
*******************************
إن من حاول فهم نفسه عرضت له عقبات كأداء ومشقات جسام فإن هو صبر عليها بلغ الغاية وما الغاية التي تطمئن النفس معها إلى الوحدة وتأنس بالحياة وتدرك اللذة الكبرى .....ما الغاية إلا معرفة الله.....
وسيظل الناس تحت أثقال العزلة المخيفة حتى يتصلوا بالله ويفكروا دائما في أنه معهم وأنه يراهم ويسمعهم هنالك تصير الآلام في الله لذة والجوع في الله شبعا والمرض صحة والموت هو الحياة هنالك لايبالي الإنسان ألا يكون معه أحد ........لأنه يكون مع الله.....



مقال للشيخ الأديب علي الطنطاوي يرحمه الله

مع الاختصار
5
774

يلزم عليك تسجيل الدخول أولًا لكتابة تعليق.

تسجيل دخول

إشراق 55
إشراق 55
وفقتي في الإختيار عزيزتي بحور بارك الله فيك وتسلم يداك التي كتبت هذا الموضوع الرائع وعندما يكون الإنسان مع الله يعش سعيداً .
ريــآالسنين
ريــآالسنين
أحب أن أقرأ لشيخ الطنطاوي رحمة الله ..

ووفقتي في ألأختيار ...
Raheel
Raheel
الحمد لله
كعادتك يا بحور ، اختياراتك موفقة و جميلة و... حساسة
آمل أن تأذني لي في التعليق حينما يتيسر لي ذلك... في الحقيقة هو ليس تعليق بقدر ما هو حياة في رحاب ما كتب هذا الشيخ الجليل، فقيد الأمة ، رحمة الله عليه...
لن تنتظريني طويلاً، إن شاء الله، و لكن لحين التفرغ، شغلنا الله بما يحبه و يرضاه
مع محبتي
Raheel
Raheel
تصحيح: هو ليس تعليقاً
بحور 217
بحور 217
أختي إشراق

جعلني الله وإياك من أهل السعادة في الدنيا والآخرة وشكرا لك على ردك اللطيف..


أختي ريا السنين

رحم الله الشيخ الجليل ونفعنا بعلمه ..


الغالية رحيل

أنا في الانتظار..