تتوارث معتقداتنا الشعبية ان مرد "الخال" او الشامة او حتى شكل "الفراولة"على اجساد البعض هو نتيجة "لوحم" الامهات على أشياء طلبنها في حملهن ولم يحظين بها فترسم هذه الصورة كبصمة دالة على الرفض وانتقام من عدم الاستجابة لطلب الحامل.
وخوفا من حبة كرز قد تطبع على جبهة او خد ابن صديقتي فقد رافقتها الى وسط البلد وتحديدا الى محل "أبو محمد" فيما يعرف بسوق "الواحمة" لتجد ضالتها التي ما ان وقعت عليها عيناها حتى شرهت وتناولت قدر ما استطاعت .
وقادتني شراهة صديقتي الى ابي محمد الذي امضى امام هذا المشهد زهاء اربعين عاما يتابع حصول الناس على ضالتهم لاسيما الحوامل وسألته كيف يحصل على هذه الحبات وغيرها من المنتجات فقال" منذ اربعين عاما وانا اقوم بتخزين وتفريز الفواكه المطلوبة في غير موسمها حيث اقوم بالتأكد من انها تصلح للتفريز بلفها في اكياس نايلون ووضعها في الفريزر.
وعن ما تطلبه الحوامل قال ابو محمد "اكثر ما يطلب دائما اللوز الاخضر والكرز الاخضر والمشمش والجوافة والتين والتوت كما يطلب احيانا الصبر والذرة وبكميات قليلة اذ اقوم ببيعها بالحبة لا بالكيلو لان من يريد هذه الفواكه والخضروات هن في الغالب من النساء اللاتي يتوحمن كما ان هناك بعض كبار السن ممن هم على فراش الموت يطلبونها في غير مواسمها".
قصص السيدات الحوامل والعادات الغريبة في فترة الحمل ، كطلب فاكهة غريبة في غير موسمها ، أو أكلات معينة تكلف الزوج عناء البحث وانفاق الكثير ، وقد يصل الحال إلى أمور أكثر غرابة ، مثل البحث عن كمية من التراب أو قطعة من الصابون وحتى الفحم لتناولها ، وغيرها من الأمور الغريبة المضرة صحيا ، فيما يعرف شعبيا باسم "الوحم".
وتعددت القصص حول مطالب الحوامل في فترة الحمل وليس أغربها الحامل التي تناولت الصابون ورغم طرافة الخبر فقد أثار ردود أفعال وتساؤلات متباينة وجريئة فهل يحق للمرأة استغلال زوجها عاطفيا وماديا .. بحجة الوحم ؟ أم أنها حالة طبيعية تنتاب المرأة خلال شهور الحمل ؟
أبو صالح قال"أيقظتني زوجتي بعد منتصف الليل كي اشتري لها "فراولة" ونحن في فصل الشتاء ، وبعد محاولات مني لإثنائها عن الأمر لم تفلح جهودي الا في جعلها تنتظر حتى الصباح اذ توجهت الى سوق "الوحام" في وسط البلد واشتريت الفراولة بمبلغ باهظ نزولا عند رغبتها فقد كانت حاملا في ابني الأول ، وكنت لا أستطيع عدم تلبية رغباتها.
"ام سفيان" صرحت انها استخدمت الوحم كمقياس لدرجة حب زوجها وربطت حبه بمدى استجابته لمطالبها وحرصه على الجنين في معظم الأوقات ، وقالت انها كانت تطالب زوجها بإحضار فواكه محددة أو أصناف معينة من الطعام ، وقد تقوم ببعض التصرفات الغريبة كمضغ الورق والنوم لفترات طويلة،،
وأوضح استشاري النسائية والتوليد جهاد سمور أن الوحم ينقسم إلى نوعين ، الأول نفسي ، وهو أن تتوهم المرأة الحامل أشياء غير موجودة بالأصل
ويضيف أن النوع الثاني ، ما أثبتته الدراسات من أن المريضة عندما تقوم بأكل التراب أو الصابون أو الفحم يكون لديها نقص معادن في جسمها مثل الحديد أو الفسفور أو غيرها ، ولكن أثبتت التجارب أنه عند إعطاء السيدة الحديد والفوليك أو الكالسيوم ، وغيرها من المعادن التي تحتاجها الحامل عن طريق مجموعة محضرة للحوامل على شكل حليب أو حبوب يزول هذا النوع الخاص من الوحم .
وحول ما إذا كان الوحم بذاته يؤثر على الجنين أم لا؟ قال سمور إن ذلك لا يؤثر ، ولكن المواد التي تأكلها هي التي تؤثر وتلحق الضرر بالأم والجنين كالحجارة الصلبة أو الصابون أو غيرها من المواد غير الصحية لها أو للجنين ، وينتج عنها أضرار صحية.
ونصح استشاري النسائية والتوليد الحوامل بالاهتمام بأكل المواد الطبيعية الطازجة مثل كالخس والجزر ومكونات السلطات التي تشبع المرأة الحامل بالمعادن وتقل لديها رغبة الوحم الغريب.
وعن كيفية التعامل مع حالات الوحم الغريب ذكر سمور بأن تناول الاغذية الصحية والفيتامينات التي يوصي بها الطبيب والحليب كفيل بازالة هذه الأعراض.