قد تكون سألت نفسك مرارا "كيف أصبت بمرض السكر أو كيف أصيب ابني أو ابنتي أو والدي بهذا المرض ? و قد تكون قلقاً على احتمال أن يصيب هذا المرض احد أبنائك أو أقاربك.
بعكس كثير من الأمراض الوراثية فان مرض السكر لا يتنقل بما يعرف بالوراثة البسيطة و التي تعني إنني إذا حصلت على الأسباب الوراثية فان احتمال إصابتي بالمرض تعتبر أمرا حتميا. و لكن في نفس الوقت فان الكثير من الناس لديهم قابلية أن يصابوا بمرض السكر منذ أن ولدوا. إن موضوع الوراثة و مرض السكر من الأمور المحيرة للعلماء و أن كانت هذه الحيرة بدأت تنجلي في السنوات الأخيرة باكتشاف الكثير من العوامل الوراثية المسببة لهذا المرض و لكن بقي الكثير من العمل لكشف و توضيح الصورة الكاملة.
إن من علامات مرض السكر كما نعلم هو ارتفاع نسبة السكر في الدم , كما أن البنكرياس هو الذي يستشعر ارتفاع و انخفاض السكر و بالتالي يقوم بإفراز أو يتوقف عن إفراز هرمون الأنسولين على التوالي , و عندما يستمر ارتفاع السكر في الدم فان ذلك في العادة يكون ناتج من سببين : إما أن البنكرياس بدأ يقل أفرازة للأنسولين أو أن خلايا الجسم فقدت أو ضعفت استجابتها للأنسولين.
و يوجد عدة تصنيفات لمرض السكر، وبشكل عام يقسم مرض السكر الى:
1- النوع الأول من مرض السكر IDDM: و هذا النوع هو الذي يصيب الأطفال و من علاماته انخفاض كمية الأنسولين التي يفرزها البنكرياس.و في العادة يكون ناتج عن هجوم ذاتي من الجسم (عادة خلايا دم بيضاء لمفاوية) على الخلايا التي تفرز هرمون الأنسولين في البنكرياس , و يعالج هذا النوع عن طريق إعطاء الأنسولين تحت الجلد , و لذلك فان هذا النوع أيضا يطلق علية مرض السكر المعتمد على الأنسولين (Insulin-dependent diabetes mellitus) هناك عوامل وراثية و بيئية لها علاقة بالإصابة بهذا النوع من مرض السكر , والعلماء بصدد اكتشاف العوامل الوراثية و قد اكتشف بالفعل بعض الجينات المسببة لهذا النوع.
2- النوع الثاني من مرض السكر NIDDM : و هذا النوع يصيب في العادة البالغين و عادة يحدث بعد سن الأربعين و قد يكون مصحوب بالسمنة , و هو يمثل 55-75% من مجموع المصابين بالسكر , و يتميز هذا النوع من المرض بأنه يستجيب للأدوية المخفضة للسكر عن طريق الفم , و لذلك يطلق عليه مرض السكر غير المعتمد على الأنسولين (non-insulin-dependent diabetes mellitus).
3-مرض السكر للبالغين الذي يصيب الشبابMODY : و هذا النوع هو مشابه للنوع الثاني من مرض السكر و لكنه يحدث لمن هم في سن الشباب. و هناك عوامل وراثية قوية في حدوث هذا المرض.
4- مرض السكر الناتج من أسباب ثانوية Secondary: و تعني كلمة ثانوية أن مرض السكر حدث بأسباب أخرى وان ارتفاع السكر حدث نتيجة لذلك المرض , و يدخل تحت هذا النوع الرضوض التي تصيب البنكرياس مباشرة، أو ناتجة عن أمراض وراثية أخرى .
* الوراثه والنوع الأول من مرض السكر:
يصيب هذا النوع تقريبا 1 من كل 200 فرد في المجتمع , و هو اشهر الأمراض التي تصيب الأطفال و المراهقين , و إحصائيا فانه عند البلوغ و سن المراهقة فان 1 من كل 600 مراهق سوف يصاب بهذا المرض.
هناك دلالات كثيرة عن و جود عوامل و راثية في هذا النوع من السكر و لذلك ففي بعض الأحيان نشاهد بعض الأسر لديهم أكثر من طفل مصاب بهذا النوع من السكر , و لكن العوامل الوراثية ليست قوية و لذلك فان حدوث إصابة لطفل في العائلة أو في احد الأقارب لا يعني بأي حال أن هذا المرض سوف يصيب الآخرين , و إليك بعض النسب الحسابية التي تتحدث عن احتمال الإصابة بهذا النوع من مرض السكر:
- إذا كانت والدتك مصابة بالنوع الأول من مرض السكر فان احتمال إصابتك بنفس المرض هي 3%.
- إذا كان والدك مصاب بالنوع الأول من مرض السكر فان احتمال إصابتك بنفس المرض هي 9%.
- إذا كان والداك مصابين بين بالنوع الأول من مرض السكر فان احتمال إصابتك بنفس المرض هي 30%.
- إذا كان أخوك أو أختك مصاب أو مصابة بالنوع الأول من مرض السكر فان احتمال إصابتك بنفس المرض هي 10%.
- إذا كان أخوك التوأم (غير المتطابق لك) مصاب بالنوع الأول من مرض السكر فان احتمال إصابتك بنفس المرض هي 20%.
- إذا كان أخوك التوأم (المتطابق لك) مصاب بالنوع الأول من مرض السكر فان احتمال إصابتك بنفس المرض هي 35%.
هذه النسب توحي أن هناك عوامل و راثية و غير وراثية تلعب في الإصابة بهذا المرض , و لذلك فان مرض السكر يصنف وراثيا على انه من الأمراض التي تنتقل بما يسمى بالوراثة المتعددة الأسباب(Multifactorial Inheritance ).و من علامات هذا النوع من الأمراض أن احتمال الإصابة تزيد كلما زاد عدد المصابين في الأسرة و تقل كلما قل عدد المصابين , و يجري العلماء جهودا حثيثة في اكتشاف العوامل الوراثية المسببة لهذا المرض , و لا شك انه أيضا يوجد عوامل وراثية تحمي من المرض , و في نفس الوقت فانه هناك عوامل بيئية في المحيط الذي حولنا تلعب دورا مهم في الإصابة بهذا المرض أو الوقاية منه , بل هناك دلائل عديدة تدل على أن بعض الفيروسات قد تكون هي التي حفزت جهاز المناعة في الجسم بالهجوم الذاتي على خلايا البنكرياس و أدت إلى تدميره عن طريق الأجسام المضادة التي تصنعها خلايا الدم البيضاء و التي تسمى بالخلايا اللمفاوية.
* الوراثه والنوع الثاني من مرض السكر:
يصيب النوع الثاني من مرض السكر تقريبا 3 من كل 100 فرد في المجتمع , و لكن هذه النسبة تختلف على حسب الشعوب و الأعراق كما أنها تزيد مع تقدم العمر , فعلى سبيل المثال فان هذا النوع يحدث 3 إلى 5 أضعاف في الآسيويين و الأفارقة من أصول كاريبية و الذين يعيشون في بريطانيا , و أن كان هذا النوع يشتهر بأنه يصيب الكبار بشكل كبير فانه في بعض الأحيان قد يصيب الصغار في السن خاصة أولئك الذين في سن الشباب و سن المراهقة.
تلعب العوامل الوراثية دورا اكبر في هذا النوع من مرض السكر , و قد يتركز المرض بشكل واضح في بعض الأسر , و لكن حتى و لو حدث أن أصيب احد أقاربك أو إخوتك بهذا النوع من المرض فهذا لا يعني على الإطلاق إن احتمال إصابتك أمرا حتميا , أن نمط الحياة (العوامل البيئية) تلعب أيضا دورا مهم في الإصابة بهذا المرض , فنوع الطعام و السمنة و قلة الحركة لها دور مهم في زيادة أو تخفيض احتمال الإصابة بهذا المرض كما أنها أيضا تلعب دورا في تخفيض أو رفع مستوى السكر في الدم في المصابين بهذا المرض.
و لو نظرنا إلى قبائل البيما في أريزونا الأمريكية(Pima Native Americans) لوجدنا أن نسبة الإصابة بمرض السكر من هذا النوع يصل إلى 40% من نسبة السكان بينما السكان البيض في نفس الولاية لا تتعدى نسبة الإصابة فيهم عن 1- 2%.كما ن سكان جزيرة النيرو الأطلسية (Pacific island of Nauru) تصل نسبة الإصابة فيهم إلى 34% , يعتقد أن ارتفاع نسبة الإصابة في تلك الشعوب هو ناتج عن تغير في نمط تناولهم للطعام , فإلى وقت قصير كان الطعام في تلك المناطق شحيحا , و كانت السمنة و مرض السكر نادرة في ذلك الوقت , و عندما توفر الطعام بشكل كبير ظهرت السمنة و أصيبوا بمرض السكر , و العلماء يعتقدون و لديهم دلائل عديدة توحي أن المادة الوراثية في الإنسان تتبدل بشكل بطيء لكي تتفاعل مع البيئية التي يعيش فيها , و لذلك فإذا تغيرت العوامل البيئية بشكل سريع -كتوفر الطعام بشكل كبير و بسرعة-فان الجسم لا يزال يتعامل مع هذا الوضع كما انه لم يتغير شيء و بذلك فانه يصاب بالسمنة و يحدث له مرض السكر , إن هذه الملاحظات قد تنطبق أيضا على الكثير من المجتمعات التي كان ينتشر فيها الفقر و الحاجة و العوز , و لذلك نلاحظ أن مرض السكر بدأ يظهر و انتشر بشكل كبير و على مستوى لم يعهد فيه من قبل , و لذلك فان مرض السكر سوف يصيب من لدية قابلية وراثية و تعرض إلى الظروف البيئية الملائمة كالإفراط في تناول الطعام خاصة التي تعطي سعرات حرارية زائدة كالنشويات و الدهون. و إذا كنا لا نستطيع أن نتحكم في العوامل الوراثة التي خلقنا بها فانه من المهم أن نحاول أن نعدل في نمط عيشنا و طرق تناولنا للطعام لكي لا نصاب بالمرض , و إليك بعض النسب الحسابية التي تتحدث عن احتمال الإصابة بهذا النوع من مرض السكر:
- إذا كانت والدتك أو والدك مصابة أو مصاب بالنوع الثاني من مرض السكر فان احتمال إصابتك بنفس المرض هي 30%.
- إذا كان والداك مصابين بين بالنوع الثاني من مرض السكر فان احتمال إصابتك بنفس المرض هي 75%.
- إذا كان أخوك أو أختك مصاب أو مصابة بالنوع الثاني من مرض السكر فان احتمال إصابتك بنفس المرض هي 40%.
- إذا كان أخوك التوأم (غير المتطابق لك) مصاب بالنوع الثاني من مرض السكر فان احتمال إصابتك بنفس المرض هي 40%.
- إذا كان أخوك التوأم (المتطابق لك) مصاب بالنوع الثاني من مرض السكر فان احتمال إصابتك بنفس المرض هي70 إلى 90%.
دراسة العوامل الوراثية في النوع الثاني من مرض السكر:
إن العمل لمحاولة معرفة العوامل الوراثية المسببة لمرض السكر بشكل عام صعبة و معقدا جدا. ولذلك أطلق على هذا النوع من الأمراض بالأمراض الوراثية المعقدة او المتعددة الأسباب.و قد استدل العلماء على و جود عوامل وراثية و بيئية في الإصابة بمرض السكر من النوع الثاني بعد أن درسوا نسبة الإصابة بهذا النوع من مرض السكر في التوائم , فقاموا بمقارنه نسبة الإصابة في التوائم المتطابقة و غير المتطابقة , و في إحدى الدراسات تبين انه إذا أصيب شخص بمرض السكر من النوع الثاني فان احتمال إصابة التوأم الثاني المتطابق هي 80%. و كما نعرف فان التوأم المتطابقين فان كليهما لديه نفس المادة الوراثية و لذلك فان العوامل الوراثية التي تسبب الإصابة بمرض السكر إذا إصابة احدهم فإنها بشكل شبه قطعي موجودة عن الأخر , ولذلك حسابيا كان من المفترض أن يصاب التوأم الأخر بنسبة 100%. و هذا ما لم يحدث و لذلك استدل العلماء بهذه الملاحظة إلى انه يوجد عوامل غير وراثية (بيئية) هي التي تزيد أو تقلل من أهمية العوامل الوراثية و إذا تعرض الشخص الذي لديه استعداد وراثي إلى تلك العوامل الوراثية أصيب بالمرض و إذا لم يتعرض فانه لا يصاب , كما أن هذا البحث شمل أيضا توائم غي متطابقة و وجد أن نسبة احتمال إصابة احدهم إذا أصيب الأخر بالمرض حوالي 40%. و لو كان مرض السكر ناتج عن عوامل بيئية بحتة فانه من المفترض أن تكون نسبة احتمال الإصابة بين الأخوة (كانوا توائم متطابقة او غير متطابقة) تكون نفسها أي أن تكون النسبة 80% أو 40% في الحالتين.
المراجع:
Gerich JE. The genetic basis of type 2 diabetes mellitus: impaired insulin secretion versus impaired insulin sensitivity. Endocr Rev. 1998 Aug;19(4):491-503.
Ghosh S, and 39 others. Type 2 diabetes: evidence for linkage on chromosome 20 in 716 Finnish affected sib pairs. Proc Natl Acad Sci U S A 1999 Mar 2;96(5):2198-203.
Hanis CL, and 32 others. A genome-wide search for human non-insulin-dependent (type 2) diabetes genes reveals a major susceptibility locus on chromosome 2. Nat Genet. 1996 Jun;13(2):161-6.
Mahtani MM, and 20 others. Mapping of a gene for type 2 diabetes associated with an insulin secretion defect by a genome scan in Finnish families. Nat Genet. 1996 Sep;14(1):90-4.
Unger RH, Foster DW. Diabetes mellitus. Chapter 21 in: Williams Textbook of Endocrinology. 9th ed. Wilson JD, Foster DW, Kronenberg HM, Larsen PR (eds). Philadelphia: Saunders, 1998
.
__________________
يقول المصطفى صلى الله عليه وسلم ( إذا مات ابن آدم انقطع عمله إلا من ثلاث "صدقة جارية وعلم ينتفع به وولد صالح يدعو له ".
نامي الحسناء @namy_alhsnaaa
عضوة جديدة
يلزم عليك تسجيل الدخول أولًا لكتابة تعليق.
amal_7ob
•
يسلمووووووووووووووووووووووووووووووووووووووو حبوبة
الصفحة الأخيرة