الوقت عمرٌ مديد .. كل جزء فيه جديد

الوقت عمرٌ مديد .. كل جزء فيه جديد .
هوَ الحياة . والغد . وما بعد ذاك .
أيها السادة الكرام , نسرد لكم على مهل حكاية الزمن .
برويةٍ . فلا مجال هنا للعجلة .. فالوقت حقٌ عظيم ..
يستحق أن يحكى فيه مجلدات ..
لكنّ بجهدٍ متواضع جمعنا لكم كلّ ما قلّ وأفاد ..
وسَ نستمع لصوته على ثلاثة أجزاء ..
حتى نقوى تشرّبه بإشباع .. وتمهّل .. وبينهم جرعة نفس ..
نسعى فيها لتعويض ما فات .. واغتنام كلّ آت ..
فَ لنحذو الخطوة تلو الخطوة .. لنصل إلى ثمين الدقائق والساعات .
بحقٍ نمتنّ لكم, لأوقاتكم التي تعمروها بقراءة أحرفٍ خُلقت من أجلكم ..
لأعينكم التي تعافر نور الجهاز, وكلّ خليةٍ تجري في دمكم ..


وبسم الله نبدأ الحكاية ...





قال الإمام الحسن البصري :

! ~ .. وحتى يذهب جميعك ..


-

أتسمع تكتكة الثواني ..! >> إنّها صوتُ قضمِ عمرك ..

_


فَ الوقتُ .. / أنت


وكلّ الحضارات مبدؤها .. | إعمار الأعمار |






فَلنُزحزِحَ تعفّن الضجيج مِن حولنا / ولنضع الفوضى جنبًا ..

-


فَ هناك وظائفٌ وقتية شاغرة ..



, وجمع الهمّ كلّه عليه , فالعارف : ابن وقته , فإن أضاعه ضاعت عليه مصالحه كلها , فجميع المصالح إنّما تنشأ من الوقت , فمتى أضاع الوقت لم يستدركه أبدًا ..! ] . ابن القيم (الجواب الكافي – 802 )

-


هوَ أمانة – لابدّ وأن نُسأل عنها ... >> ( وعن عمره فيما أفناه )

-

| وحفظ الأمانة واجب |

-
يقول الله تعالى في بيان عظيم هذه النعمة : (( وسخّر لكم الليل والنهار والشمس والقمر والنجوم مسخراتٍ بأمره إنّ في ذلك لآياتٍ لقومٍ يعقلون ))

-
وأقسم سبحانه بأجزاء الزمن في أكثر من موضع في كتابه الكريم , لفتًا للأنظار نحوها , لعظيم دلالتها عليه ولجليل ما اشتملت عليه من منافع وآثار ..






-



وللعلامة النِّيسابوري في (تفسير غرائب القرآن) لفتة جميلة .. إذ يقول :



( لا تسبُّوا الدّهر فإنّ الله هو الدّهر ) صحيح مسلم ]





,



ويذكر الإمام فخر الدين الرازي وجوه عظمة العَصْر – وهو الزمن – فيقول :



– مفاتيح الغيب .






-



وحدثنا خير الأنام عن نعمة الوقت وقيمته إذ قال : ( نعمتان مغبون فيهما كثيرٌ من الناس : الصّحة والفراغ ) - صحيح

-




قال ابن الخازن :










-



فالصحة والفراغ رأسمال الإنسان, فإمّا أن يحسن استثماره فيربح مع سلامة رأس المال, وإمّا أن يسيء استعماله, فيخسر مع ضياع رأس المال, وبالتالي ضياعه هوَ وخسرانه ..



-

لذلك يقول صلى الله عليه وسلّم : ( اغتنم خمسًا قبل خمسٍ : شبابك قبل هرمك ، وصحتك قبل سقمك ، وغناك قبل فقرك ، وفراغك قبل شغلك ، وحياتك قبل موتك ) صحيح






وهما الباب الذي تلج منه الشهوات المستحكمة, ويتربّع في فنائها الهوى الجامح, فيأتي على صاحبه وقد صدق من قال :



لقد هاج الفراغُ عليه شغلاً / وأسباب البلاء من الفراغ





-





ورضي الله عن سيدنا ابن مسعود, إذ قال :








-



إنّ إدراك الإنسان لقيمة الزمن ليس إلاّ إدراكًا لوجوده وإنسانيته ووظيفته .., وكلما ازداد إدراك المرء للغاية التي من أجلها خُلق, ازداد اغتنامًا لزمنه, وبالتالي كان أقرب لتلك الغاية وأكثر تحققًا بها .








إن الوقت يساوي عطاء الإنسان وحصادَ عمره, يساوي تلك اليد التي ستحمل كتابه, يُمنى تكون أو يسرى !






-





ويقول إمامنا البصري :








-



الوقتُ منقضٍ بذاته, منصرمٌ بنفسه, فإن اشتغلت بالندم على الوقت الفائت ضيّعت وقتك الحاضر فكان تفويتٌ آخر ..





-



ما من جواد إلا وله كبوة, شأن النفس البشرية والجبلة الإنسانية .. فالاعتبار عند الكبوة ليس بالشكوى والتحسّر مع تفويت حقّ الوقت الحاضر, إنما الاعتبار بالتمعّن في السبب والمحلّ ثم يعمل على إصلاحه وتقويمه, ثم يأخذ بكل ما يجعله أقعد وأرسخ وأمضى ..







وقد أبلغ الشاعر حين قال :

وما المرء إلاّ راكبٌ ظهر عمره / على سفرٍ يفنيه باليوم والشهـر




يبيت ويضحي كل يوم وليلــة / بعيدًا عن الدنيا / قريبًا من القبر












هنيئًا لك الشّربة الأولى مِن كأس الوقت, خذ نفَسَك الآن .. اجلس قليلاً .. وتفكّر في محتويات ما شربت , تأمّل , تعمّق أكثر وأكثر .. حتى تشعر به لامس قلبك ..
إلى حين الجرعة الثانية .. لنعمل بما شربنا هُنا .. حتى نستحلي الآتي أكثر : )

--





يا ألله .. احفظ لنا أوقاتنا بما تحب وفيما تحب وكما تحب




من بريدي