بسم الله الرحمن الرحيم
إلى كل من قرر الخروج في الثورة التي يُنادى بها في بلادنا السعودية أقول لكم :
لا أرجوكم أمرا أكثر مما أرجوكم من أن تتأملوا في هذه الكلمات التي ستأخذ من وقتكم أقل من عشر دقائق فقد يتبين لكم فيها أمرا تُنقذون به أنفسكم وأهليكم وبلادكم.
يا أبناء الوطن الغالي على قلوبنا جميعا
يا أبناء بلاد الحرمين الشريفين التي تضم أغلى البقاع المقدسة على هذه الأرض مكة المكرمة والمدينة المنورة.
والله لو لم يكن إلا هذه النعمة التي تفضل الله علينا واصطفانا بها من بين مليار ونصف المليار مسلم لكفى بها من نعمة تجمعنا على هذه البلاد متآخين
متحابين محافظين على وحدتها واستقرارها.
أيها الأحبة
أنا لا أقول لكم أننا بِدْعا من الناس وأننا لا نملك الأحاسيس التي يملكها غيرنا ولا نحتاج إلى ما يحتاج إليه غيرنا من بني البشر بل نحن كذلك.
ولكن
يقع علينا من المسؤولية العظيمة في هذه البلاد ما لا يقع على غيرنا ، فهذه البلاد التي حبانا الله تعالى بسكناها ويراها كل من في هذه الأرض منبعا للدين الإسلامي ومنطلقا لرسالة الإسلام الخالدة ومصدرا لقوة المسلمين ، ينبغي أن يكون أهلها قدوة لجميع المسلمين في كل تصرفاتهم.
فمظاهر الإسلام في بلادنا ولله الحمد ناصعة أكثر من غيرها من بلاد المسلمين ، فلا قبور ولا أضرحة تعبد من دون الله تعالى ، ولا طواف إلا بالبيت العتيق ، ولا دور زنًا وخلاعة في الشوارع ، ولا حانات خمور ورقص ومجون ، ولا كنائس يُنسب فيها الصاحبة والولد لله تعالى ، ولا لحوم خنزير في مطاعمنا ومشاربنا ، ولا عصابات تتسكع في الطرق فتقتل وتُرهب ، ولا قُطاع طرق ، و لا أحزاب تُفرق شملنا .. و غيرها من الأمور التي اختص الله تعالى بها بلادنا دون غيرها.
ووالله ، ثم والله ، ثم والله ، لو لم يكن إلا هذه الخلال التي ذكرتها لكفى بها محفّزا لنا جميعا على التمسك بوحدتنا وجماعتنا.
يا شباب الوطن المحبين لوطنهم
أعلم أن هناك من قد زهّدكم في الخطاب الديني ووصمه بالرجعي وتهكّم به وبأهله ولكن والله الذي لا اله غيره لن تجدوا عاصما بعد الله تعالى من هذه الفتن إلا بالتمسك بمنهج العلماء الراسخين الذين أثنى الله تعالى عليهم وزكاهم وأمرنا بالرجوع إليهم (فَاسْأَلُوا أَهْلَ الذِّكْرِ إِنْ كُنْتُمْ لَا تَعْلَمُونَ)
أهل العلم ، الذين قال الله تعالى عنهم (إِنَّمَا يَخْشَى اللَّهَ مِنْ عِبَادِهِ الْعُلَمَاءُ) فمن يخشى الله تعالى كان أهلا لأن نثق فيه وأن نُطيع أمره و كفى بالله تعالى مزكيا له.
ولعلي ألفت انتباهكم إلى أمر تعرفونه وربما فات عليكم وكلنا بحاجة إلى أن يذكر بعضنا بعضا (وَذَكِّرْ فَإِنَّ الذِّكْرَى تَنْفَعُ الْمُؤْمِنِينَ).
أيها الأحبة
إن الله تعالى شرع لنا هذا الدين العظيم وجعله دينا خالدا موافقا لمصالح العباد والبلاد متمشيا مع نهضات الأمم وتطور الشعوب ولن نجد دينا وشريعة تتوافق مع فطر الناس السليمة وتطورات البشر المادية مثل ديننا الإسلامي.
والله تعالى هو الذي خلقنا وهو أعلم بنا و بما يُصلح أحوال ديننا ودنيانا ، فإذا تقرر هذا علمنا أنه يجب علينا أن نسير في كل أمورنا بما أمرنا الله تعالى به وما أمرنا به نبينا محمد صلى الله عليه وسلم وأن نجتنب ما نهيا عنه.
يا محبين الوطن
إن الثورة التي ينادي بها البعض من أبناء هذا الوطن لو تأملناها حق التأمل لأدركنا عِظمَ الخلل الذي فيها ، ولعلمنا أنها قامت على غير هدى ، فإن كان الهدف منها إصلاح أمورنا الدينية والدنيوية فليس هذا هو الطريق الذي دلّنا الله تعالى عليه ، وطالما أنها تندرج تحت مطلب الإصلاح ؛ فلا إصلاح إلا بأوامر الدين التي أمرنا الله تعالى بها والذي سبق أن قررنا أننا من أهله وتحت مظلته ، لذا دعونا نتأمل هذا الأمر برويّة وسكينة فكلنا يطلب الحق وأسأل الله تعالى أن يُلهمنا إياه ويجعلنا من متبعيه.
إن هذه الثورة المعلن عنها اُستفتحت بالهدف الذي أقيمت من أجله وهي (إسقاط النظام وتغيير الحاكم) وأما غيرها من الأمور التي ضمّنوها مطالبهم فما هي إلا بنود لجلب المؤيدين لها ، فاستقلال القضاء وزيادة الرواتب وتحسين أمور المعيشة و إغناء الفقراء ووضع سقف أدنى من الرواتب وغيرها .. كل هذه الأمور يطالب بها جميع شعوب الأرض فهي محل اتفاق بين المسلمين وغيرهم ، وقد طالب بها أهل الإصلاح المخلصين من أبناء هذا الوطن و ما زلوا يطالبون بها ، ولكن زُجّ بهذه المطالبات تحت المطلب الرئيسي للفتنة حتى يمكن استساغته عند الناس وإيهامهم بتحقيق مطالبهم الخاصة حتى لو ترتب على ذلك مفاسد قد لا يدرك الكثير عواقبها ، وهذه الحيلة ينبغي أن لا تنطلي على شبابنا المسلم الفطن الذي سلّم أمره لله تعالى ولكتابه وسنة نبيه صلى الله عليه وسلم وفِهم سلفنا الصالح المبني عليهما ، ووالله لو لم يضعوا إلا مطلبهم الأول فقط لما وجدوا كثير مؤيدين لهم فليُعلم هذا ..
أيها الشباب المحبين لبلادهم
ولي أمر هذه البلاد حفظه الله بُويع بيعة شرعية بايعه عليها أهل الحل والعقد وقد قامت بذلك البيعة في أعناقنا جميعا فلا يجوز بحالٍ نزع هذه البيعة إلا بكفر بواح لنا فيه من الله سلطان كما بين ذلك النبي صلى الله عليه وسلم لأصحابه رضي الله عنهم ، وكيف لنا أن نعرف هذا إلا بالرجوع إلى أهل العلم الراسخين الذين تعبدنا الله تعالى بالرجوع إليهم ، فقد ورد في صحيح البخاري عن جنادة بن أبي أمية قال : دخلنا على عبادة بن الصامت وهو مريض قلنا أصلحك الله حدث بحديث ينفعك الله به سمعته من النبي صلى الله عليه و سلم قال دعانا النبي صلى الله عليه و سلم فبايعناه فقال فيما أخذ علينا أن بايعنا على السمع والطاعة في منشطنا ومكرهنا وعسرنا ويسرنا وأثرة علينا وأن لا ننازع الأمر أهله إلا أن تروا كفرا بواحا عندكم من الله فيه برهان ) رواه البخاري
وهذا ولله الحمد ما ليس موجود في ولي أمرنا حفظه الله الذي أقسم أن يكون القرآن دستوره ، و الذي ارتضى كتاب الله تعالى وسنة نبيه محمد صلى الله عليه وسلم حكما في قضائنا ، والذي يأمرنا بإقامة الصلاة وإيتاء الزكاة والأمر بالمعروف والنهي عن المنكر وكل هذا ظاهر جلي لا يخفى إلا على الحاقد الذي امتلأ قلبه غلا وحقدا على ما يرى من اجتماعٍ وتآلف في هذه البلاد بين الراعي والرعية.
فإذا كان الأمر كذلك وهذا ما بايع عليه النبي صلى الله عليه وسلم أصحابه فكيف نسير في ثورة أصل دعوتها باطل ومخالف لما بايع عليه النبي صلى الله عليه وسلم أصحابه.
ولو قال لي قائل :
إننا لم نخرج إلا للمطالبة بحقوقنا من أموال ومساكن ووظائف ولا نريد أن ننازع الأمر أهله.
فأقول لهم :
إنّ غيركم ممن يُريد إثارة الفتنة في هذه البلاد من القابعين في بلاد الكفار الذين يأكلون ويتمتعون ويحرّضون من خلف الشاشات لم يقوموا بإشعال هذه الفتنة إلا لأنهم يريدون أن يُنازعوا الأمر أهله وأن ينزعوا من السلطان ما أذن الله تعالى له به من السياسة الشرعية التي يسوس بها هذه الدولة ، لذا فلم يكن لهم سبيل إلى ذلك إلا أن يتخذوكم مطيّة لتحقيق مصالحهم فتفطنوا يا راعاكم الله.
ولو سلّمنا جدلا أنكم ستخرجون للمطالبة بالحقوق الذاتية من توزيع لثروات البلاد عليكم والمطالبة بالوظائف والرواتب المجزية والمساكن و المطالب الدينية فأقول لكم هل هذا هو السبيل الصحيح للمطالبة بها ؟
إذن دعونا نحتكم لشرع الله تعالى الذي دلنا عليه النبي صلى الله عليه وسلم في مثل هذه الأمور.
وأنا بذلك أن لا ادعي أنه لا يوجد لديكم حقوق مشروعة ومطالب متأكدة وإصلاحات من المفترض أن تتم ولكن لا ينبغي أن تتم إلا بالمنهج الشرعي الذي وضعه الله تعالى ليس بالمنهج الغربي الذي وضعه بني البشر القاصرين عن فهم مصالحهم الدينية والدنيوية.
يا أيها المحبين لدينهم ووطنهم
لنفترض أنكم قد خرجتم إلى هذه الثورة فهل تأملتم ما هي نتائج ذلك في هذه البلاد ؟
01 إن هذا الأمر لم يكن له سابقة في بلادنا فمتى حصل فقد فتحتم المجال لأكبر فئة تود أن تُشعل الفتنة في هذه البلاد بل وتنتظر مثل هذه الفرص لتخرج كل حين لتعطل مصالح الناس وتحرمهم من أمنهم واستقرارهم فهل عرفتم من هم ؟
02 إن خرجتم إلى هذه الثورة التي يُراد منها إثارة الفتنة في بلادنا فهل تظنون أن أكثر الشعب السعودي المعارض لفكرة هذه الثورة سيضل حبيس البيوت أم أنه سيخرج أيضا مدافعا عن حياض جماعة المسلمين ولُحمتهم وعلى هذا فهل تأمنون إثارة الفوضى والقتل والدمار ، ولو افترضنا أن شخصا منكم لقي حدفه ومات في هذه الثورة فماذا سيجيب الله تعالى إذا سأله عن سبب إزهاق نفسه هل سيقول (إنني خرجت لإعلاء كلمة الله) وهي شعار لهذه البلاد ويُنادى بها في كل مسجد ليلا ونهارا في جميع بقاع البلاد ، أم سيقول قد خرجت لإزالة السلطان الذي أمرتني بطاعته ولزوم جماعته.
03 خروجكم إلى هذه الثورة التي يُراد بها الفتنة في البلاد سيكون من آثاره تقطيع البلاد إلى أحزاب وجماعات ، ويصبح كل حزب يُنادي أنصاره وكل جماعة تنادي أنصارها مع كل أمر لا يناسب مخططاتهم وأجنداتهم ، فهل ترضون هذا في بلادكم بعد أن كنا في سلامة وأمن وأمان وسكينة واطمئنان.
يا شباب الوطن دعونا نحتكم لشرع الله كما اتفقنا فأقول
إن كانت ثورتكم لأجل أمور أنكرتموها في دينكم أو من أجل أثرة في أموالكم وهي لا تخرج عن ذلك فإن هذا الأمر لم يغفل عنه الشارع الحكيم الذي علّمنا كيف نتعامل مع كل صغيرة وكبيرة تقع في امتنا الإسلامية فقد أخبرنا الصادق المصدوق قبل أكثر من ألف وأربعمئة عام بما ورد في الصحيح " عن ابن مسعود رضي الله عنه قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم (إنكم سترون بعدي أثرة وأمورا تنكرونها) قالوا فما تأمرنا يا رسول الله قال : (أدوا إليهم حقهم واسألوا الله حقكم) رواه البخاري
قال الشيخ ابن عثيمين رحمه الله
أثرة : يعني : يستأثرون عليهم في المال والمساكن وكل شيء وكذلك أيضا نرى أمورا ننكرها ولكنها دون الكفر البواح ، يقول (أدوا إليهم حقهم) من السمع والطاعة وعدم المنابذة لكن بالمعروف (واسألوا الله حقكم) أن نسأل الله لهم الهداية والتوفيق والقيام بما يجب خلافا لبعض الناس الذين نصفهم بالسفه في الواقع يقولون لا تدعوا لحكام هذا الوقت فلا تقل الله يهديه ، الله يصلحه ، الله يصلح به ، هؤلاء لايستحقون أن يُدعى لهم . أعوذ بالله القلوب بيد من ؟ بيد الله ، ادعوا الله لأي حاكم كل الحكام ادعوا الله أن يصلحهم .. وأن يصلح الله حكام المسلمين فالدعاء نافع واذا استجاب الله الدعوة أصلح الحاكم ، إما بإصلاح حاله هو أو بإبداله بخير منه بدون فتنة
(أدوا إليهم حقهم وأسألوا الله حقكم) ويكون حقنا باستقامتهم وصلاحهم ومن أسباب استقامتهم وصلاحهم أن ندعوا الله لهم ولو أن الناس مشوا على هذه التوجيهات النبوية لحصل خير كثير واندرأ شر كثير ، أن يقوم الإنسان بالواجب عليه ويسأل الله الحق الذي له حتى ولو رأيناهم يستأثرون علينا بكل شيء ، فنحن مأمورون بشيء وهم مأمورون بشيء " أنتهى من كتاب التعليق على السياسة الشرعية في اصلاح الراعي والرعية لشيخ الاسلام ابن تيمية لفضيلة الشيخ ابن عثيمين ص(94)
الله اكبر ، انظروا يا رعاكم الله بماذا أمرنا نبينا محمد صلى الله عليه وسلم في هذا التوجيه الرباني مع الأثرة التي نجدها في الأموال ومع الأمور التي ننكرها في الدين إلا أنه أمرنا بإعطاء ولاة الأمر حقهم من السمع والطاعة ، و الشارع الحكيم يعلم أين تكون المصلحة لنا ، فهذا توجيه نبيكم محمد صلى الله عليه وسلم ، ووالله لن تسمعوه من الداعين لهذه الثورة لكي تعلموا أن أهدافهم دنيّة لا تتعدى أن تكون أحقادا وأطماعا في هذه البلاد ، وتأملوا أحبابي توجيه حبيبكم محمد صلى الله عليه وسلم المشفق عليكم حيث قال (من رأى من أميره شيئا يكرهه فليصبر عليه فإنه من فارق الجماعة شبرا فمات إلا مات ميتة جاهلية) رواه البخاري ومسلم
وقال صلى الله عليه وسلم (من فارق الجماعة قيد شبر فقد خلع ربقة الإسلام من عنقه) رواه ابو داود وصححه الألباني
فيا الله لو هلك هالك منكم فماذا يقول لله تعالى وقد طرق سمعه وبصره هذا الوعيد الشديد
وقال صلى الله عليه وسلم (اسمعوا وأطيعوا وإن استعمل حبشي كأن رأسه زبيبة) رواه البخاري
وقال صلى الله عليه وسلم (عليك السمع والطاعة في عسرك ويسرك ومنشطك ومكرهك وأثرة عليك) رواه مسلم
وقال صلى الله عليه وسلم ( يكون بعدي أئمة لا يهتدون بهداي ولا يستنون بسنتي وسيقوم فيهم رجال قلوبهم قلوب الشياطين في جثمان إنس ) قال قلت كيف أصنع ؟ يا رسول الله إن أدركت ذلك ؟ قال ( تسمع وتطيع للأمير وإن ضرب ظهرك وأخذ مالك فاسمع وأطع ) رواه مسلم
فأين أنتم من هذه النصوص الصحيحة التي قرأتموها وهل بعد هذا البيان بيان ، هل ذكرها لكم من دعاكم للخروج في هذه الثورة ، وهل خرجت مطالبكم عن كونها إصلاحا لأمور الدين والدنيا فقد ذكر لنا النبي صلى الله عليه وسلم أننا سنرى أمورا ننكرها في ديننا وأثرة علينا ومع ذلك أمرنا بالسمع والطاعة وعدم منازعة الأمر أهله ، فلا تجلبوا لبلادكم المفاسد العظيمة وتجروا لها الويلات والشرور فنحن في بلد مسلم نحكم بكتاب الله تعالى وبسنة نبيه محمد صلى الله عليه وسلم.
أيها الشباب المحبين لبلادكم
والله الذي لا اله غيره إن ما يُراد بنا فتنة عظيمة لو قُدّر لها أن تكون كما يريد الحاقدون لأكلت الأخضر واليابس ولانفرط عقد هذا الأمن الذي نعيش فيه و نأمن فيه على أهلينا وذرارينا وكم من دولة فقدت هذا الأمن فلم يرجع لها أبدا.
أيها الشباب المحبين لبلادكم
الحذر الحذر لا تخربوا علينا بيوتنا بأيدكم ولا تزرعوا نبتا يؤول على مستقبلنا جميعا بثمار فاسدة تودون وقتها لو أنكم بذلتم أرواحكم وأموالكم ولم تشاركوا في هذه الفتنة طرفة عين.
أيها الشباب المحبين لبلادكم
تعالوا لنقول لهؤلاء القابعين في بلاد المشرق والمغرب وينادون من على وثائرهم وأسرتهم بخروجكم على جماعتكم وإمامكم : لا ، لا ، لن نعصي أمر ربنا وأمر رسولنا صلى الله عليه وسلم ولن نخرج عن طاعة علمائنا وولي أمرنا التي تعبدنا الله تعالى بها ولن نُفرّط في أمننا واستقرارنا .
أخيرا يا أيها المحبون
الإصلاح مطلوب وبوادره قادمة ونحن نرى من عاهلنا المحبوب المبادرات تلو المبادرات من حين توليه لمنصبه ولن يألوا جهدا بإذن الله تعالى على تقديم المزيد لأبناء شعبه وليس له منا إلا الحق الذي أمرنا الله تعالى به وهو السمع والطاعة في غير معصية الله والدعاء له سرا وجهرا فقد قال الله تعالى (وَقَالَ رَبُّكُمُ ادْعُونِي أَسْتَجِبْ لَكُمْ إِنَّ الَّذِينَ يَسْتَكْبِرُونَ عَنْ عِبَادَتِي سَيَدْخُلُونَ جَهَنَّمَ دَاخِرِينَ) فلنرفع أكف الضراعة لله تعالى ولندعوا سويا بأن يصلح الله شأننا في هذه البلاد
اللهم احفظ بلادنا من كل سوء اللهم احفظ بلادنا من كل سوء اللهم احفظ بلادنا من كل سوء
اللهم من أراد بلادنا وأراد أهلها وعلمائها وولاتها بسوء فأشغله في نفسه وأجعل تدبيره في تدميره وأكفنا شره يا ذا الجلال والإكرام
اللهم وفق ولي أمرنا لما تحب وترضى و خذ بناصيته للبر والتقوى وأرزقه البطانة الصالحة الناصحة التي تدله على الخير وتعينه عليه ، اللهم احفظ بلاد المسلمين من كل شر ومتعهم بالأمن والأمان ومكّن لهم دينهم الذي ارتضيته لهم ووفقهم للعمل بكتابك وسنة نبيك محمد صلى الله عليه وسلم وآخر دعوانا أن الحمد لله رب العالمين
لاتدعها تقف عند
م ن
%ام رزان% @am_rzan_11
محررة
يلزم عليك تسجيل الدخول أولًا لكتابة تعليق.
الصفحة الأخيرة
بيان من هيئة كبار العلماء في المملكة العربية السعودية
الحمد لله رب العالمين والصلاة والسلام على عبدالله ورسوله الأمين وعلى آله وصحبه أجمعين أما بعد :
فلقد أخذ الله - عز وجل - على العلماء العهد والميثاق بالبيان قال سبحانه في كتابه الكريم : (( وإذ أخذ الله ميثاق الذين أوتوا الكتب لتبيننه للناس ولا تكتمونه )) آل عمران : 187.
وقال جل وعلا : (( إن الذين يكتمون ما أنزلنا من البينات والهدى من بعد ما بيناه للناس في الكتب أولئك يلعنهم الله ويلعنهم اللاعنون )) البقرة 159.
ويتأكد البيان على العلماء في أوقات الفتن والأزمات ؛ إذ لا يخفى ما يجري في هذه الأيام من أحداث واضطرابات وفتن في أنحاء متفرقة من العالم ، وإن هيئة كبار العلماء إذ تسأل الله - عز وجل - لعموم المسلمين العافية والاستقرار والاجتماع على الحق حكاماًَ ومحكومين ، لتحمد الله سبحانه على ما من به على المملكة العربية السعودية من اجتماع كلمتها وتوحد صفها على كتاب الله عز وجل ، وسنة رسول الله صلى الله عليه وسلم في ظل قيادة حكيمة لها بيعتها الشرعية أدام الله توفيقها وتسديدها ، وحفظ الله لنا هذه النعمة وأتمها .
وإن المحافظة على الجماعة من أعظم أصول الإسلام ، وهو مما عظمت وصية الله تعالى به في كتابه العزيز ، وعظم ذم من تركه ، إذ يقول جل وعلا (( واعتصموا بحبل الله جميعاً ولا تفرقوا واذكروا نعمت الله عليكم إذ كنتم أعداءً فألف بين قلوبكم فأصبحتم بنعمته إخوانا وكنتم على شفا حفرة من النار فأنقذكم منها كذلك يبين الله لكم اياته لعلكم تهتدون )) آل عمران :103.
وقال سبحانه : (( ولا تكونوا كالذين تفرقوا واختلفوا من بعد ما جاءهم البينات وأولئك لهم عذاب عظيم )) آل عمران :105 وقال جل ذكره :(( إن الذين فرقوا دينهم وكانوا شيعا لست منهم في شي إنما أمرهم إلى الله ثم ينبئهم بما كانوا يفعلون )) الأنعام:159.
وهذا الأصل الذي هو المحافظة على الجماعة مما عظمت وصية النبي صلى الله عليه وسلم به في مواطن عامة وخاصة ، مثل قوله عليه الصلاة والسلام : " يد الله مع الجماعة " رواه الترمذي .
وقوله عليه الصلاة والسلام " من خلع يداً من طاعة لقي الله يوم القيامة لا حجة له ومن مات وليس في عنقه بيعة مات ميتة جاهلية " رواه مسلم .
وقوله عليه الصلاة والسلام : " إنه ستكون هنات وهنات فمن أراد أن يفرق أمر هذه الأمة وهي جميع فاضربوه بالسيف كائناً من كان " رواه مسلم .
وما عظمت الوصية باجتماع الكلمة ووحدة الصف إلا لما يترتب على ذلك من مصالح كبرى، وفي مقابل ذلك لما يترتب على فقدها من مفاسد عظمى يعرفها العقلاء، ولها شواهدها في القديم والحديث .
ولقد أنعم الله على أهل هذه البلاد باجتماعهم حول قادتهم على هدي الكتاب والسنة ، لا يفرق بينهم ، أو يشتت أمرهم تيارات وافدة ، أو أحزاب لها منطلقاتها المتغايرة امتثالاً لقوله سبحانه : (( منيبين إليه واتقوه وأقيموا الصلاة ولا تكونوا من المشركين ، من الذين فرقوا دينهم وكانوا شيعاً كل حزب بما لديهم فرحون )) الروم :31-32.
وقد حافظت المملكة على هذه الهوية الإسلامية فمع تقدمها وتطورها ، وأخذها بالأسباب الدنيوية المباحة ، فإنها لم ولن تسمح - بحول الله وقدرته - بأفكار وافدة من الغرب أو الشرق تنتقص من هذه الهوية أو تفرق هذه الجماعة .
وإن من نعم الله عز وجل على أهل هذه البلاد حكاماً ومحكومين أن شرفهم بخدمة الحرمين الشريفين - اللذين وله الحمد والفضل سبحانه - ينالان الرعاية التامة من حكومة المملكة العربية السعودية عملاً بقوله سبحانه : (( وإذ جعلنا البيت مثابة للناس وأمناً واتخذوا من مقام إبراهيم مصلى وعهدنا إلى إبراهيم وإسماعيل أن طهرا بيتي للطائفين والعاكفين والركع السجود )) البقرة :125.
وقد نالت المملكة بهذه الخدمة مزية خاصة في العالم الإسلامي ، فهي قبلة المسلمين وبلاد الحرمين ، والمسلمون يؤمونها من كل حدب وصوب في موسم الحج حجاجاً وعلى مدار العام عماراً وزواراً .
وهيئة كبار العلماء إذ تستشعر نعمة اجتماع الكلمة على هدي من الكتاب والسنة في ظل قيادة حكيمة ، فإنها تدعو الجميع إلى بذل كل الأسباب التي تزيد من اللحمة وتوثق الألفة ، وتحذر من كل الأسباب التي تؤدي إلى ضد ذلك ، وهي بهذه المناسبة تؤكد على وجوب التناصح والتفاهم والتعاون على البر والتقوى ، والتناهي عن الإثم والعدوان ، وتحذر من ضد ذلك من الجور والبغي ، وغمط الحق.
كما تحذر من الارتباطات الفكرية والحزبية المنحرفة ، إذ الأمة في هذه البلاد جماعة واحدة متمسكة بما عليه السلف الصالح وتابعوهم ، وما عليه أئمة الإسلام قديماً وحديثاً من لزوم الجماعة والمناصحة الصادقة ، وعدم اختلاف العيوب وإشاعتها ، مع الاعتراف بعدم الكمال ، ووجود الخطأ وأهمية الإصلاح على كل حال وفي كل وقت.
وإن الهيئة إذ تقرر ما للنصيحة من مقام عال في الدين حيث قال النبي صلى الله عليه وسلم " الدين النصيحة " قيل لمن يا رسول الله ؟ قال : " لله ولكتابه ولرسوله ولأئمة المسلمين وعامتهم " رواه مسلم.
ومع أنه من أكد من يناصح ولي الأمر حيث قال عليه الصلاة والسلام : " إن الله يرضى لكم ثلاثاً ، أن تعبدوه ، ولا تشركوا به شيئاً ، وأن تعتصموا بحبل الله جميعاً ولا تفرقوا ، وأن تناصحوا من ولاه الله أمركم " رواه الإمام أحمد .
فإن الهيئة تؤكد أن للإصلاح والنصيحة أسلوبها الشرعي الذي يجلب المصلحة ويدرأ المفسدة ، وليس بإصدار بيانات فيها تهويل وإثارة فتن وأخذ التواقيع عليها ، لمخالفة ذلك ما أمر الله عز وجل به في قوله جل وعلا (( وإذا جاءهم أمر من الأمن أو الخوف أذاعوا به ولو ردوه إلى الرسول وإلى أولي الأمر منهم لعلمه الذين يستنبطونه منهم ولولا فضل الله عليكم ورحمته لا تبعتم الشيطان إلا قليلاً )) النساء83.
وبما أن المملكة العربية السعودية قائمة على الكتاب والسنة والبيعة ولزوم الجماعة والطاعة فإن الإصلاح والنصيحة فيها لا تكون بالمظاهرات والوسائل والأساليب التي تثير الفتن وتفرق الجماعة ، وهذا ما قرره علماء هذه البلاد قديماً وحديثاً من تحريمها ، والتحذير منها .
والهيئة إذ تؤكد على حرمة المظاهرات في هذه البلاد ، فإن الأسلوب الشرعي الذي يحقق المصلحة ، ولا يكون معه مفسدة ، هو المناصحة وهي التي سنها النبي صلى الله عليه وسلم ، وسار عليها صحابته الكرام وأتباعهم بإحسان .
وتؤكد الهيئة على أهمية اضطلاع الجهات الشرعية والرقابية والتنفيذية بواجبها كما قضت بذلك أنظمة الدولة وتوجيهات ولاة أمرها ومحاسبة كل مقصر.
والله تعالى نسأل أن يحفظ بلادنا وبلاد المسلمين من كل سوء ومكروه ، وأن يجمع كلمتنا على الحق ، وأن يصلح ذات بيننا ، ويهدينا سبل السلام ، وأن يرينا الحق حقاً ، ويرزقنا إتباعه ، ويرينا الباطل باطلاً ، ويرزقنا اجتنابه ، وأن يهدي ضال المسلمين ، وهو المسؤول سبحانه أن يوفق ولاة الأمر لما فيه صلاح العباد والبلاد ، إنه ولي ذلك القادر عليه ، وصلى الله وسلم على نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين .
هيئة كبار العلماء
رئيس هيئة كبار العلماء
عبدالعزيز بن عبدالله بن محمد آل الشيخ
عبدالله بن سليمان المنيع
صالح بن محمد اللحيدان
الدكتور صالح بن فوزان الفوزان
الدكتور عبدالوهاب بن إبراهيم أبو سليمان
الدكتور عبدالله بن عبدالمحسن التركي
الدكتور عبدالله بن محمد آل الشيخ
الدكتور أحمد بن علي سير المباركي
الدكتور صالح بن عبدالله بن حميد
الدكتور عبدلله بن محمد المطلق
الدكتور محمد بن عبدالكريم العيسى
صالح بن عبدالرحمن الحصين
عبدالله بن محمد بن خنين
الدكتور عبدالكريم بن عبدالله الخضير
محمد بن حسن آل الشيخ
الدكتور يعقوب بن عبدالوهاب الباحسين
الدكتور علي بن عباس حكمي
الدكتور محمد بن محمد المختار محمد
الدكتور قيس بن محمد آل الشيخ مبارك
,,,,,,,,,,,,,,,,,,
د. ناصر العمر: المظاهرات في المملكة محرمة حيث سيستثمرها أعداء الإسلام
لجينيات ـ أكد الدكتور ناصر بن سليمان العمر المشرف العام على مؤسسة ديوان المسلم، أن ما يحدث في دولة البحرين يعد مثالاً واضحًا على فشل شعارات ما يسمى بـ"الوطنية" حيث تحل محلها الطائفية في أوقات الأزمات، مشيرًا إلى أن أي محاولة لجمع هذه البلاد أو غيرها بغير الإسلام ستفشل.
وأوضح د. العمر في حلقة برنامج الجواب الكافي الذي يذاع على قناة المجد، عدم صلاحية تطبيق المظاهرات في كل البلدان، وذلك لاختلاف كل بلد عن غيره، ولما تجره من مفاسد أحيانًا، كإطلاق الرصاص على المتظاهرين، أو استغلال تلك الاضطرابات من قبل أعداء الله كالعلمانيين أو الرافضة مثل ما حدث في البحرين، التي يرفع فيها صور لخامنئي والخميني وغيرهما، ما يدل على عدم ولاء هؤلاء المتظاهرين لبلادهم.
وشدد الدكتور العمر على أهمية التحليل الشرعي المقترن بفقه الواقع ومراعاة المصالح والمفاسد التي قد تنتج عن تلك الاحتجاجات، علاوة على النظر إلى المآلات والأحكام عند إطلاق الأحكام الشرعية، مؤكدًا ضرورة الرجوع إلى العلماء الربانيين، والدليل على ذلك قوله تعالى: (وَإِذَا جَاءَهُمْ أَمْرٌ مِنَ الْأَمْنِ أَوِ الْخَوْفِ أَذَاعُوا بِهِ وَلَوْ رَدُّوهُ إِلَى الرَّسُولِ وَإِلَى أُولِي الْأَمْرِ مِنْهُمْ لَعَلِمَهُ الَّذِينَ يَسْتَنْبِطُونَهُ مِنْهُمْ وَلَوْلَا فَضْلُ اللَّهِ عَلَيْكُمْ وَرَحْمَتُهُ لَاتَّبَعْتُمُ الشَّيْطَانَ إِلَّا قَلِيلًا) (النّساء 83)
كما رأى فضيلته أن المظاهرات في المملكة العربية السعودية محرمة لما تجره من مفاسد، حيث سيستثمرها العلمانيون والرافضة، لافتًا إلى أن هذه البلاد قد اجتمعت على كلمة التوحيد، وهناك طرق كثيرة لتغيير المنكر غير هذه الطريقة.
ولم ينف الشيخ العمر وجود كثير من المنكرات والمظالم والفساد الذي يجب أن يعالج لكن ليس بالمظاهرات التي قد تفتح آفاقا عريضة جدا للتدخل الدولي وغيره، سائلاً الله أن يحفظ على المسلمين أمنهم وعقيدتهم وبلادهم.
وأضاف: لابد أن نفقه المراحل، ولا بد أن نعرف أن أي بلاد قامت على أسس، إن لم تبق هذه الأسس ستسقط.
أما بشأن المطالبات بالحرية، فأكد الدكتور العمر أن الحرية قد تعني حرية الكفر أو حرية المعاصي، كما يطالب الليبراليون والعلمانيون، منبهًا إلى أنه ليس في العالم حرية أبدًا إلا بضوابط، ففي الإسلام حرية لاشك، لكنها الحرية المضبوطة بضوابط الشرع، وأمريكا التي ترفع صنم الحرية، هي من أشد الناس تقييدًا للحريات، حتى تتدخل في شؤون الناس الخاصة.
وأشار الشيخ إلى أن تحقيق الأمن مرتبط بتطبيق الشريعة والرجوع إلى كتاب الله جل وعلا وسنة نبيه صلى الله عليه وسلم، مستشهدا بالآية الكريمة (الذين آمنوا ولم يلبسوا إيمانهم بظلم أولئك لهم الأمن وهم مهتدون) . (الأنعام: 82)، موضحًا أن أول المظالم هو الشرك والكفر ثم يأتي بعد ذلك مظالم العباد، فكما قال النبي صلى الله عليه وسلم "لو أن فاطمة بنت محمد سرقت لقطعت يدها".
وحول الوضع في مصر، حذر الشيخ العمر الدعاة وطلبة العلم والمسلمين من اختطاف ثمار تضحياتهم الضخمة, وطالبهم بأن لا يسلموا قيادتهم لبديل من أمثال أولئك الطغاة.
كما استهجن الشيخ وضع البعض للإسلام في قفص الاتهام عبر أشخاص قائلاً: "نجد التحذيرات من الإخوان، فكأنهم يقولون إياكم والإسلام إياكم أن يحكم الإسلام".
ودعا د. العمر الحكام والمحكومين إلى تحكيم شريعة الله بغض النظر عمن يقوم بها، لأنه لن يتحقق الأمن والرغد والانتصار على اليهود والرافضة إلا بالإسلام لكن هذا يحتاج إلى وقت وصبر.
هذا بيان للناس " اللُّحمة اللُّحمة "
الحمدلله رب العالمين , والصلاة والسلام على نبينا محمد , وعلى آله وصحبه أجمعين , ومن تبعهم بإحسان إلى يوم الدين .
أما بعد :
فلايخفى على أحد أن الإصلاح مطلب العقلاء وأهل الرأي , بل هو رسالتهم , وبه تميزوا عن غيرهم , ولعظم شأن الإصلاح , وسمو رسالته , تلبَّس به المنافقون , ليتستروا بنقاء وجمال مظهره , فيمرروا من خلفه مايبطنون من السوء والفساد ( وَإِذَا قِيلَ لَهُمْ لَا تُفْسِدُوا فِي الْأَرْضِ قَالُوا إِنَّمَا نَحْنُ مُصْلِحُونَ أَلَا إِنَّهُمْ هُمُ الْمُفْسِدُونَ وَلَكِنْ لَا يَشْعُرُونَ ) , ولكن هيهات هيهات , فالإصلاح الحقيقي كالغيث ( أَنْزَلَ مِنَ السَّمَاءِ مَاءً فَسَالَتْ أَوْدِيَةٌ بِقَدَرِهَا فَاحْتَمَلَ السَّيْلُ زَبَدًا رَابِيًا وَمِمَّا يُوقِدُونَ عَلَيْهِ فِي النَّارِ ابْتِغَاءَ حِلْيَةٍ أَوْ مَتَاعٍ زَبَدٌ مِثْلُهُ كَذَلِكَ يَضْرِبُ اللَّهُ الْحَقَّ وَالْبَاطِلَ فَأَمَّا الزَّبَدُ فَيَذْهَبُ جُفَاءً وَأَمَّا مَا يَنْفَعُ النَّاسَ فَيَمْكُثُ فِي الْأَرْضِ كَذَلِكَ يَضْرِبُ اللَّهُ الْأَمْثَالَ ) , في حين يُصوِّر الله مايتمظهر به المنافقون من دعاوى الإصلاح , حتى وإن لبَّسوها على الناس بلبوس خدَّاع , أو أقسموا بأنهم ما أرادوا بها إلا الحسنى ( وَلَيَحْلِفُنَّ إِنْ أَرَدْنَا إِلَّا الْحُسْنَى وَاللَّهُ يَشْهَدُ إِنَّهُمْ لَكَاذِبُونَ ) , بأنها كالزبد , الذي لايمكث في الأرض , ولاينفع الناس .
إنني على يقين بصحة كثير من مطالب الإصلاح التي يتحدَّث عنها الناس اليوم , أو تلك التي كتبت عنها العرائض والبيانات , أو تلك التي يتهامس أو يتنادى أو يتجاذب الحديث عنها فئام من الناس , هنا وهناك , أو في المجالس الخاصة , وكثير من المجالس العامة , أو المنتديات , أو مواقع التواصل , أو غيرها مما هو قائم , لكن الإقرار بصحة كثير من هذه المطالب , والاعتراف بأنها حق من حقوق المنادين بها , وكذلك الإقرار والاعتراف بجوانب القصور والخلل , والفساد وسوء استغلال السلطة , وتقليد غير الأمناء لمقاليد الأمور , ونحو ذلك مما سبق الحديث عنه , أو ماينتظر دوره للبيان والتوضيح , كل ذلك يجب ألا يُنسينا أن الأمر أعقد مما نتصوَّر , وأن منطق الحكمة والعقل , يحتِّمان علينا أن نجعل حديثنا اليوم عن اللُّحمة , واجتماع الكلمة , وأعني باللحمة التي ليس من شرطها أن نداهن في الحق , أو نُقرَّ السوء , كما ليس من لازم عدم المداهنة عدم الالتفات للأولويات , ومراعاة المصالح العامة , وتقديمها على المصالح الشخصية .
إن المتأمل في المطالب التي يجري الحديث عنها اليوم , يرى أنها ليست وليدة اليوم , وهذا لايعني أن الحديث عنها يسقط بالتقادم , لكنه يضعنا أمام سؤال مهم : مادامت ليست حادثة وإصلاحها يتطلب وقتاً وجهداً فلماذا الحديث عنها الآن تحديداً ؟ , أتمنى ألا يأتي أحد ليقول : ومالمانع أن نتحدث عنها الآن ؟ , لأني لا أرغب أن أجيبه بـ : هل هذا استغلال للأزمات ؟ , أم هو محاولة للضغط والإحراج ؟ , وهذا هو ما أردته حقيقة , فنحن كمجتمع مسلم , نختلف عن سائر المجتمعات , ولبلدنا من الخصوصية والاعتبار , مايجعلنا نُفكِّر بتفكير مغاير , لاسيما ونحن نرى العالم يُتخطَّف من حولنا , والعدو يتربَّص بأمتنا , وعينه على مصالحه الخاصة , والعين الأخرى على الإسلام , وكيف السبيل للقضاء عليه وعلى أهله .
إن مايدور حولنا اليوم , وإن كان في بعضه عفوياً , إلا أنه أمر لايخرج عن مكيدة سابقة , ونيَّة مبيَّتة , وليس هذا أخذاً بنظرية المؤامرة , بل ماصرَّح به ساستهم , وتنادت لأجله مؤتمراتهم , وحوته وثائقهم , يدل دلالة واضحة على هذا , ويشهد له العزم المدعوم بالعمل , لتقسيم المنطقة , وبث الخلافات فيها , وإضعاف الدول , وإشغالها بأنفسها , وذلك بعد أن أدرك العدو أن الاستعمار العسكري لايصنع شيئاً , وأن الاحتلال تحت أي ذريعة يوقع في مخاطر أكبر على المحتل .
لا أريد أن أسهب في الحديث عن هذه القضية , كما لاأريد أن يفهم بعض الناس أنني ضد المطالبة بالحقوق , أو أنني أقف في صف الأخطاء ومرتكبيها , لكني أعلم أنَّ تأثُّرنا بما نراه , ومحاكاتنا له , ومحاولة استغلال مايدور من حولنا , مع عدم إدراك الفوارق , وما تنطوي عليه تلك الفوارق من بوائق , سيكلفنا كثيراً , وسنخسر بسببه أكثر مما نسعى لربحه , والسلامة لايعدلها شيء .
أعلم أن هناك من سيتهمني بالمداهنة , أو سيظن فيَّ أنني قد ضمنت حقي , وحصَّلت كما يقال مبتغاي , ولأجل هذا فلم يعد يهمني أحد سواي , أو غير ذلك من العبارات , التي يُرمى بها عادة من يقول بقول يخالف فيه ميول أصحاب العواطف , لكن ليقل من أراد أن يقول ماشاء أن يقوله , وهو شيء ينبغي ألا نقف عنده كثيراً , وإنما اضطررت لإيراده , قطعاً لطريق المشاغبين , الذين يلجون إلى النوايا بلا استئذان , وينازعون الله اختصاصه بعلم ماتكنُّه القلوب والضمائر , كما أتمنى ألا أضطر إلى بيانٍ أكثرَ من أنَّ موقعي الشخصي , على الشبكة العنكبوتية , قد تم حجبه *************** وقبل أن يكمل الموقع يومه الثالث , مما يعني أن المجاملة في الحق لا اعتبار لها في قاموسي ولله الفضل , أما مايكون من إشادة ببعض المواقف والإجراءات , فهذا مما ينسجم مع مبدأ ( من لايشكر الناس لايشكر الله ) .
أقول وبوضوح : إن الأمر أسمى من أن نداهن فيه , أو أن ننحاز إلى فرد على حساب آخر , أو أن نؤثر مصالحنا الذاتية على مصالح أمتنا , بل والله إنني أعلم علم اليقين , أن أي ضرر يصيب البعيد من الناس , وأنا أقدر على منعه أو تقليله , ثم لا أفعل فإني متحمل لذلك مسؤول عنه , كما أعلم أن ما سيصيب الناس سينجرُّ عليَّ بالطبع , لأني واحد منهم , ولست عنهم بمعزل , ولا أسكن في كوكب آخر , ولهذا فدعوتي هذه راعيت فيها المصلحة العامة , والله شاهد على ما أقول , وذلك لما أعلمه من مخاطر محدقة , ومؤامرات تحاك على بلدنا وأمتنا , لن يخسر فيها أكثر ممن أعنيهم بحديثي هذا , وأعوذ بالله أن يدركنا ذلك .
ألم نشاهد بأم أعيننا حرص العدو على تدمير بلادنا وغزوها بكل ألوان الأسلحة ؟ , ألم تشاهدوا أطنان المخدرات التي تُرسل إلى بلادنا ؟ , ألم نسمع عن المخابرات والاتصالات بين بعض بني قومنا وسفارات الأعداء ؟ , ألم نعلم أن أناساً ممن هم بين أظهرنا قد دانوا بالولاء المطلق لأعداء ملتنا وعقيدتنا ؟ , ناهيك عن ذوي الأطماع , وغيرهم من أهل العصبيات , فضلاً عن أقوام قد بدأت أعينهم تحدد فرائسها , وآخرين لانعلمهم الله يعلمهم , فهل يُظن في من هذه حاله في السراء , أن يقف عن مكيدتنا والتربص بنا في الضراء ؟ , وهل سيصمد لهؤلاء , ويمنع أطماعهم , ويبدد أحلامهم , بل ويحيلها إلى سراب , إلا أن نعتصم بحبل الله جميعاً , وننبذ الفرقة والاختلاف , ونختار لمطالبنا من الوقت والطريقة ما يمنع استغلال المتربصين , ويعين المعنيين بالأمرعلى التدبر .
إن الحديث عن الفتنة , والتحذير من الوقوع فيها , والعمل على وأدها , ومنع السبل الموصلة لها , ليس هو من باب التخدير , ولا هو من النفاق , بل هو والله عين العقل والحكمة , ومن تأمل قصة عثمان بن عفان رضي الله عنه , وحال من قاموا عليه , وكيف كانت مطالبهم , وكيف استغلها من استغلها , وما وقع لأمة الإسلام بعدها , وماذا تحقق لرعاتها , لأدرك أن الفتن شرٌّ , وأن البعد عنها مكسب , وأن الحزم يقتضي أن يغلب العقل على العاطفة , وأن يكون الشرع فوق ذلك كله , ومهما استفزنا من استفزنا , أو رأينا مما تكرهه النفوس وتستثقله , فإننا يجب أن نصبر , وأن نتحلى بالحكمة , وألا نستعجل الأمور , وأن نثق أن موعود الله خير مما نؤمله في هذه الدنيا ( إِنَّمَا يُوَفَّى الصَّابِرُونَ أَجْرَهُمْ بِغَيْرِ حِسَابٍ ) , ( وَقَالَ الَّذِينَ أُوتُوا الْعِلْمَ وَيْلَكُمْ ثَوَابُ اللَّهِ خَيْرٌ لِمَنْ آمَنَ وَعَمِلَ صَالِحًا وَلَا يُلَقَّاهَا إِلَّا الصَّابِرُونَ ) , ( وَلَمَنْ صَبَرَ وَغَفَرَ إِنَّ ذَلِكَ لَمِنْ عَزْمِ الْأُمُورِ ) , وكما في الحديث الصحيح : ( إن الله رفيق يحب الرفق ويعطي على الرفق ما لا يعطي على العنف ) .
كما إن حديثنا عن وجوب التلاحم , والبعد عن الفوضى , وقطع الطريق على بغاة السوء , وذوي الأطماع , لايمنعنا من مخاطبة أهل الشأن , وحثِّهم على النظر في المظالم , ومراعاة جوانب الخلل , وتصحيح المسار , ونفي الخَبَث من البطانة والمستشارين , وتخفيف الاحتقان , والنظر في مصالح المجتمع , وترك المحسوبيات , وصيانة المال العام , ومراعاة الجوانب الشرعية , والعدل بين سائر أفراد الأمة , وإعادة النظر في كثير من القضايا , وألا يمنعهم من النظر فيها مظِنة أن يقال : إن ذلك جاء استجابة للضغوط الخارجية ونحن لانقبل الإملاءات , بل ينبغي النظر فيها كونها تحتاج إلى إصلاح , وأن رسالة الإصلاح منهج العقلاء والحكماء , وأن السير على الطريق المعوجَّة لايوصل إلى نهاية الطريق , بل يحرف إلى حيث كان الاعوجاج .
على ولاة الأمر أن يعلموا أن الاحتقان الذي ملأ قلوب كثير من الناس , وضاقت به نفوسهم , ليس من العسير نزعه , ولا من المتعذِّر الوصول إلى علاجه , ولكن ذلك يتطلب منهم وقفة جادة في محاسبة الفساد , مهما كان صاحبه , والتجرُّد لله تعالى في ذلك , وإلا فسيبقى الاحتقان ويزداد , وسيبقى الحنق قائما ماقامت أسبابه .
كما يجب عليهم أن يعلموا أن المجتمع متدين بطبعه , محب للخير وأهله بفطرته , ولهذا فتمكين ذوي التوجهات المشبوهة , أو مصانعتهم , أو غض الطرف عنهم , مهما كانت المبررات , يزيد من احتقان الناس , فضلاً عن أن هؤلاء الذين تتم مصانعتهم , فاشلون في نفع الناس في دنياهم , وهاهم يسعون لإفساد أديانهم .
كما إن عليهم أن يراعوا أن محاصرة الناس في مواقع تنفُّسهم , وملاحقة حريتهم , ومطاردة الآراء , كونها تخالف رأي أو توجُّه فلان من الناس , أو أنه يخشى أن تفضح فساده , أو تكشف جنايته على البلد , ثم هو يستغل مكانته الوظيفية , وقدرته على التوجيه , لمنع هذا الموقع أو ذاك , أو حجب هذه الصفحة أو تلك , مع أن الحكمة تقتضي النظر في تلك المنتديات , وأخذ ما يكتب فيها بعين الاعتبار , وذلك لكونها نبض الشارع , وصوت المخنوق , ومكان بث المظالم , والتعرف على ماخفي من أحوال الناس , لا حجبها وملاحقتها , مما يزيد من سخطهم , ويشعرهم أنهم يُحاربون حتى في أبسط حقوقهم , وحتى لايلجأ الناس إلى مواقع يصعب محاصرتها , فيستغل ذلك أهل المآرب , وحينها لاتنفع ليت وعسى ولعل .
كما أضيف هنا , وعلى سبيل الإجمال , أن على ولاة الأمور النظر في كل ما تحدَّث عنه الغيورون , وما استنكره المصلحون , وما ناشدهم فيه المحبون , مما فيه صلاح الدين والدنيا .
ثم أعود لأذكركم أنتم أيها الفضلاء مرة أخرى , فالله ألله في أمتكم , وبلدكم , وقبلتكم , وأمنكم , فوالله لن يندم أحد على صبره , بقدر ماسيندم من استعجل على عجلته , تلك العجلة التي قادته إلى فتنة أو فوضى .
اللهم أعذنا من الفتن , ماظهر منها وما بطن , واعصمنا بالكتاب والسنة , واجعلنا من أنصار دينك , وحملة لواء شريعتك , والذابين عن حياضها .
اللهم عليك بالفجرة المنافقين , والخونة الليبراليين , والرجس العلمانيين , والرافضة المفسدين .
اللهم اهتك سترهم , وزدهم صغارا وذلا , وأرغم آنافهم , وعجل إتلافهم , واضرب بعضهم ببعض , وسلط عليهم من حيث لايحتسبون .
اللهم اهدِ ضال المسلمين , وعافِ مبتلاهم , وفكَّ أسراهم , وارحم موتاهم , واشفِ مريضهم , وأطعم جائعهم , واحمل حافيهم , واكسُ عاريهم , وانصرمجاهدهم , وردَّ غائبهم , وحقق أمانيهم .
اللهم كن لإخواننا المجاهدين في سبيلك مؤيدا وظهيرا , ومعينا ونصيرا , اللهم سدد رميهم , واربط على قلوبهم , وثبت أقدامهم , وأمكنهم من رقاب عدوهم , وافتح لهم فتحا على فتح , واجعل عدوهم في أعينهم أحقر من الذر , وأخس من البعر , وأوثقه بحبالهم , وأرغم أنفه لهم , واجعله يرهبهم كما ترهب البهائم المفترس من السباع .
اللهم أرنا الحق حقاوارزقنا اتباعه , والباطل باطلا وارزقنا اجتنابه , ولاتجعله ملتبسا علينا فنضل .
اللهم أصلح أحوال المسلمين وردهم إليك ردا جميلا .
اللهم أصلح الراعي والرعية .
اللهم أبرم لهذه الأمة أمرا رشدا , واحفظ عليها دينها , وحماة دينها , وورثة نبيها , واجعل قادتها قدوة للخير , مفاتيح للفضيلة , وارزقهم البطانة الناصحة الصالحة التي تذكرهم إن نسوا , وتعينهم إن تذكروا , واجعلهم آمرين بالمعروف فاعلين له , ناهين عن المنكر مجتنبين له , ياسميع الدعاء .
هذا والله أعلى وأعلم , وصلى الله على نبينا محمد وآله وصحبه وسلم .
وكتبه
سليمان بن أحمد بن عبدالعزيز الدويش
,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,
يا أهلنا في تونس.. تهنئة وتذكرة
{طسم * تِلْكَ آيَاتُ الْكِتَابِ الْمُبِينِ * نَتْلُو عَلَيْكَ مِنْ نَبَأِ مُوسَى وَفِرْعَوْنَ بِالْحَقِّ لِقَوْمٍ يُؤْمِنُونَ * إِنَّ فِرْعَوْنَ عَلا فِي الْأَرْضِ وَجَعَلَ أَهْلَهَا شِيَعاً يَسْتَضْعِفُ طَائِفَةً مِنْهُمْ يُذَبِّحُ أَبْنَاءَهُمْ وَيَسْتَحْيِي نِسَاءَهُمْ إِنَّهُ كَانَ مِنَ الْمُفْسِدِينَ * وَنُرِيدُ أَنْ نَمُنَّ عَلَى الَّذِينَ اسْتُضْعِفُوا فِي الْأَرْضِ وَنَجْعَلَهُمْ أَئِمَّةً وَنَجْعَلَهُمُ الْوَارِثِينَ * وَنُمَكِّنَ لَهُمْ فِي الْأَرْضِ وَنُرِيَ فِرْعَوْنَ وَهَامَانَ وَجُنُودَهُمَا مِنْهُمْ مَا كَانُوا يَحْذَرُونَ} .
إنها سنن الله في الظالمين المستبدين يمهلهم الله ما شاء أن يمهلهم ثم بين عشية وضحاها يأخذهم أخذ عزيز مقتدر، وهذا وعد الله للمؤمنين ووعيده للظالمين، وشواهده في التاريخ حاضرة بأدنى تدبر، {وَاذْكُرُوا إِذْ أَنْتُمْ قَلِيلٌ مُسْتَضْعَفُونَ فِي الْأَرْضِ تَخَافُونَ أَنْ يَتَخَطَّفَكُمُ النَّاسُ فَآوَاكُمْ وَأَيَّدَكُمْ بِنَصْرِهِ وَرَزَقَكُمْ مِنَ الطَّيِّبَاتِ لَعَلَّكُمْ تَشْكُرُونَ} .
فقد تكفل الله الحكم العدل شديد العقاب بأخذ الظالمين والانتصاف للمظلومين مهما طال الزمان وامتدت الأيام، {لا يَغُرَّنَّكَ تَقَلُّبُ الَّذِينَ كَفَرُوا فِي الْبِلادِ * مَتَاعٌ قَلِيلٌ} .
وقد شاهد العالم اليوم ما حل بحاكم تونس بعد أن (عاث) في الحكم دهراً يحارب الدين ويذل المستضعفين، ويتنكب نهج الزيتونة والقيروان التي أسس المسلمون بهما جامعين من أول وأشهر جوامع الإسلام في المغرب العربي، ثم كانتا جامعتين علميتين من أعرق الجامعات، خرجتا ابن عزوز وابن عاشور وغيرهما من العلماء الأفذاذ، فجاء هذا الرجل مكملاً خطى المفسد الأول فكان شر خلف لشر سلف، ما فتيء يحاول طمس ما جاء به عقبة بن نافع رضي الله عنه، وهدم ما شيده العشرة الذين بعث بهم إلى تونس الخليفة عمر بن عبد العزيز رحمه الله فكان هذا الطاغية وبالاً على أحفاد عقبة وسحنون بن سعيد وأسد بن الفرات وابن أبي زيد الإمام وغيرهم من علماء الإسلام، ففرض عليهم علمانية متطرفة، مسخت قانون الأحوال الشخصية، ومنعت الحجاب، وخفضت صوت الآذان ومنادي الإيمان، وذلك بعض شرها!
مكث على ذلك قرابة ربع قرن يحكم البلاد بقبضة من حديد، ويفرض عليها النظم الغربية الكافرة، ويبدل ما استطاع من منهجها الإسلامي المتين، مدعوماً من الغرب النصراني وبعض الشرق، فغرته الدساكر وجموع العساكر فأسفر عن وجهه الكالح، وأبدى بكل بجاحة عورات دعاة الليبرالية، وأصبح مثلاً يقتدى عند بعض الأنظمة العربية، به يزهو الغرب، ويفتخر علمانيو العرب، فما هي إلا أيام وليال حتى انتفض الشعب المستضعف بشكل أذهل العالم، فهرب الطاغية قاصدا من ولاَّه وتولاَّه فرفضوه حتى ظل في الأجواء يبحث عن من يؤويه شريداً طريداً، ولنتدبر هذه الآية: {وَمَثَلُ كَلِمَةٍ خَبِيثَةٍ كَشَجَرَةٍ خَبِيثَةٍ اجْتُثَّتْ مِنْ فَوْقِ الْأَرْضِ مَا لَهَا مِنْ قَرَارٍ} . وما حلَّ به مصداق لقول النبي صلى الله عليه وسلم: "من التمس رضا الناس بسخط الله سخط الله عليه وأسخط عليه الناس"، وهذا هو الجزاء العاجل لمن سام أمته وشعبه سوء العذاب فخلف فيها الدمار والخراب وما أعظم هذه الآية {أَلَمْ تَرَ إِلَى الَّذِينَ بَدَّلُوا نِعْمَتَ اللَّهِ كُفْراً وَأَحَلُّوا قَوْمَهُمْ دَارَ الْبَوَارِ} . وكم في بقائه حياً من حِكَمٍ عظيمة وعبرٍ مؤثرة ليتجرع الذل وسوء العاقبة .
فهنيئا لكم يا أهل تونس زوال الطاغية .. وحيا الله سواعدكم التي لوحت طويلا بالرفض وحناجركم التي هتفت لأجل الحرية وصدوركم التي تعرضت لاطلاق الرصاص عارية .. رحم الله قتلاكم وعافى جرحاكم وأتم عليكم النعمة.
وأختم هذه الكلمات بهذه الوقفات:
1. من المهم دراسة سنن الله في الكون ، فذاك مقوٍ للإيمان، جالبٌ للتفاؤل، طاردٌ لليأس والقنوط وسوء الظن بالله، باعثٌ على العمل الجاد الصادق، ومن أعظم فقه السنن معرفة عاقبة الظالمين {وَسَيَعْلَمُ الَّذِينَ ظَلَمُوا أَيَّ مُنْقَلَبٍ يَنْقَلِبُونَ} .
2. إن تسلط الظالمين فيه حِكَم وعِبَر وهو ابتلاء وامتحان (فما نزل بلاءٌ إلا بذنب وما رفع إلا بتوبة)، ولذلك فإن هذا الطغيان الذي يمارسه الطغاة على شعوبهم من أعظم المصائب، فلنتدبر الأسباب: {وَمَا أَصَابَكُمْ مِنْ مُصِيبَةٍ فَبِمَا كَسَبَتْ أَيْدِيكُمْ وَيَعْفُو عَنْ كَثِيرٍ} . ومن أعظم ما تكسبه الأيدي البعد عن شرع الله، ليس على مستوى الأنظمة فحسب، بل على مستوى الأفراد والشعوب، فإذا ابتعد الناس عن شرع الله أفراداً وجماعات وحكومات حلت بهم العقوبات، حتى ولو كان في المجتمع بعض الأخيار والصالحين مصداقاً لقوله تعالى: {وَاتَّقُوا فِتْنَةً لا تُصِيبَنَّ الَّذِينَ ظَلَمُوا مِنْكُمْ خَاصَّةً وَاعْلَمُوا أَنَّ اللَّهَ شَدِيدُ الْعِقَابِ} ، وتحقيقاً لقول الذي لا ينطق عن الهوى لما سألته أم المؤمنين أنهلك وفينا الصالحون قال: "نعم إذا كثر الخبث".
3. ذهاب طاغية وطرده شر طردة لا يلزم منه الخلاص من البلاء والفتنة إن لم يرجع الناس إلى دين الله، وقد يخلفه مثله أو شرٌّ منه كما هو مشاهد في كثير من البلاد الإسلامية، لذا لابد من توبةٍ صادقة، وعودة إلى الله خالصة ليرفع الله البلاء ويكشف الغمة {وَلَوْ أَنَّ أَهْلَ الْقُرَى آمَنُوا وَاتَّقَوْا لَفَتَحْنَا عَلَيْهِمْ بَرَكَاتٍ مِنَ السَّمَاءِ وَالْأَرْضِ} وحذار من أن يحل بالناس آخر الآية {وَلَكِنْ كَذَّبُوا فَأَخَذْنَاهُمْ بِمَا كَانُوا يَكْسِبُونَ} ، والضمانة من الهلاك هي وجود المصلحين المؤثرين في الأمة: {وَمَا كَانَ رَبُّكَ لِيُهْلِكَ الْقُرَى بِظُلْمٍ وَأَهْلُهَا مُصْلِحُونَ} .
4. على الإخوة المصلحين في تونس أن يوحِّدوا صفوفهم، ويعتصموا بحبل الله ويطفئوا هذه الفتنة التي أراد أتباع الهالك تأجيجها انتقاماً لسيدهم المطرود فقد كان بلاءً أثناء وجوده فأرادها دماراً بعد ذهابه: {أَلَمْ تَرَ إِلَى الَّذِينَ بَدَّلُوا نِعْمَتَ اللَّهِ كُفْراً وَأَحَلُّوا قَوْمَهُمْ دَارَ الْبَوَارِ} ، فعلى المخلصين العقلاء أن يفوتوا هذه الفرصة على هؤلاء المتربصين، وأن يحقنوا الدماء ويحفظوا الأموال والأعراض فلا يجوز أن تنتهب الأموال وتنتهك الأعراض ويخل بالأمن بحجة أن فلاناً كان من أعوان النظام؛ بل لابد من محاكمة شرعية عادلة يأخذ فيها كل ظالمٍ جزاءه العادل، وليس عن طريق إشاعة الفوضى والدمار. وعليهم أيضاً أن يتجاوزوا ما بينهم من خلاف؛ تحقيقاً لمصالح عظمى ودفعاً لمفاسد كبرى، ثم بعد ذلك عليهم أن يتحاوروا في مسائل الخلاف متخذين من كتاب الله منهجاً وسنة نبيه –صلى الله عليه وسلم – نبراساً وحكماً ملتزمين بقوله سبحانه: {فَإِنْ تَنَازَعْتُمْ فِي شَيْءٍ فَرُدُّوهُ إِلَى اللَّهِ وَالرَّسُولِ إِنْ كُنْتُمْ تُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ ذَلِكَ خَيْرٌ وَأَحْسَنُ تَأْوِيلاً} .
5. على الشعب التونسي أن تتفق كلمتهم على اختيار من يحكمهم بكتاب الله وسنة رسوله –صلى الله عليه وسلم – حتى لا يستبدل ظالم بآخر بسبب اختلاف الصالحين وتفرق كلمتهم وتشتت مواقفهم، ولا يجوز أن تغلب الحزبيات الضيقة ومصالح الجماعات الخاصة على مصالح الأمة العظمى، {وَاعْتَصِمُوا بِحَبْلِ اللَّهِ جَمِيعاً وَلا تَفَرَّقُوا} ، وليحذروا من شر التفرق والتشرذم {وَلا تَنَازَعُوا فَتَفْشَلُوا وَتَذْهَبَ رِيحُكُمْ وَاصْبِرُوا إِنَّ اللَّهَ مَعَ الصَّابِرِينَ} ، فالأعداء بدؤا يوحِّدون صفوفهم ويتناسون خلافاتهم بدعمٍ من أسيادهم النصارى في الغرب، وذلك لاختيار عميلٍ جديد بدل عميلٍ تالف؛ حفاظاً على ما أرساه ذاك المطرود المشؤوم من فساد وحرب على الإسلام وأهله طيلة ربع قرن.
6. وأخيراً فإن على المسلمين في شتى بقاع الأرض أن يقفوا مع إخوانهم في محنتهم، وألا يخذلوهم في موقف يحتاجون فيه إلى نصرتهم، فمن خذل مسلماً خذله الله كما قال – صلى الله عليه وسلم –: "ما من امرئ يخذل امرءاً مسلماً في موطن ينتقص فيه من عرضه، وينتهك فيه من حرمته، إلا خذله الله تعالى في موطن يحب فيه نصرته، وما من أحد ينصر مسلماً في موطن ينتقص فيه من عرضه، وينتهك فيه من حرمته، إلا نصره الله في موطن يحب فيه نصرته"، وعليهم ألا يكونوا عوناً لأعدائهم عليهم فتحل بهم العقوبة كما حلت بغيرهم.
كما أن على الحكام والشعوب أن يستلهموا الدروس والعبر مما حل في تونس، ويوقنوا بأن الظلم والبُعد عن شرع الله موجب للخسار والدمار والبوار، وأن الركون إلى الظالمين في الشرق والغرب والولاء لهم سبب لغضب الله في العاجل والآجل، {وَلا تَرْكَنُوا إِلَى الَّذِينَ ظَلَمُوا فَتَمَسَّكُمُ النَّارُ وَمَا لَكُمْ مِنْ دُونِ اللَّهِ مِنْ أَوْلِيَاءَ ثُمَّ لا تُنْصَرُونَ} ، وفي الدنيا قد رأينا خذلان الغرب والشرق لعملائهم في الشدة، كما حدث في بلادٍ كثيرة وآخرها ما حدث لربيب الغرب في تونس، وحليفهم والقائم على مصالحهم {فَاعْتَبِرُوا يَا أُولِي الْأَبْصَارِ} .
وعلى الشعوب أن تلجأ إلى ربها في سرائها وضرائها، وأن تحسن الظن به فنهاية الظالمين واحدة، وزوالهم سنة جارية، {وَنُرِيدُ أَنْ نَمُنَّ عَلَى الَّذِينَ اسْتُضْعِفُوا فِي الْأَرْضِ وَنَجْعَلَهُمْ أَئِمَّةً وَنَجْعَلَهُمُ الْوَارِثِينَ} ، وأن يتفاءلوا بمستقبل مشرق واعد لهذا الدين مهما كاد الكائدون ومكر الماكرون وتحالف الظالمون، {يُرِيدُونَ لِيُطْفِئُوا نُورَ اللَّهِ بِأَفْوَاهِهِمْ وَاللَّهُ مُتِمُّ نُورِهِ وَلَوْ كَرِهَ الْكَافِرُونَ} حمى الله بلادنا وبلاد المسلمين وإخواننا في تونس من كل شر وفتنة وبلاء، وأصلح ولاة أمورنا وولاة أمور المسلمين، وهداهم إلى ما فيه صلاحهم وصلاح بلادهم وشعوبهم وأمتهم، وخلف على إخواننا في تونس بولي أمر يصلح ما فسد، ويقيم ما اعوج، ويحكم بشرع الله.
والحمد لله رب العالمين وصلى الله وسلم على نبينا محمد و على آله وصحبه أجمعين،،،
وكتب
ناصر بن سليمان العمر
ليلة الأحد 12 صفر 1432هـ
لماذا يجب أن نقف في وجه الثورة في السعودية؟
الحمد لله رب العالمين والصلاة والسلام على النبي الأمين وبعد
فإن رياح الثورات العاتية التي بدأت تنسف الأنظمة الواحد تلو الآخر لا ينبغي لها أن تهب في السعودية! وعلى المخلصين أن يتصدوا لها وأخص من هؤلاء أولئك الذين ما عرفوا بالثناء والمديح وحب الأكتاف والأيدي لأن غير هؤلاء لا يؤثرون في العادة ! وهم متهمون عند المتعاطفين مع الثوار والراغبين في التغيير لذا فليسوا المقصودين بالكلام إنما أتحدث للعقلاء الدين عرفوا بالغيرة على الدين والرغبة في الإصلاح مع نزاهتهم من المطامع السياسية.
إنني أعلم بحجم الفساد الإداري وحجم المكر السيء الذي يمارسه بعض المتنفذين لينهشوا لقمة من متاع الدنيا الزائل وليس لهم إلا ما كتب لهم وسيملأ بطونهم حفنة من قمح !ليس هؤلاء أحاذر في هذه المرحلة وإن كانوا جرثومة في الجسد إلا أن الداء العضال والشر المستطير هم أولئك الذين يستخدمهم أصحاب المخططات الصهيونية لتقسيم البلاد الإسلامية لينفذوا مخطط الشرق الأوسط الجديد، مستغلين في ذلك قوة الإعلام وهيجان الشعوب التي عاشت تحت القهر سنين طويلة!
ولست أوءيد الأنظمة الظالمة أو أرجو بقاءها فهي جزء من المشكلة لكن أعتقد أن ثمة ارتباط بين تلك الثورات وبين مخطط تقسيم المنطقة وإن من مكامن الخطر أن تلك الثورات ليس لها خطة لما بعد النجاح مما يدل أنها لو نجحت ستتوقف عند حد الإطاحة بالنظام ثم ماذا!؟
لا اتفاق لا بديل وحينئذ ستبدأ الصراعات و ستتقاتل الطوائف ولا يخفى أن ثم من هو جاهز للنفخ في النار وتأجيجها؟
ماذا لو انتقلت عدوى الفيس بوك والتويتر للسعودية ستجدها أكثر اشتعالا لأمور :
أولا : عدد الشيعة واختلاف مناطقهم وشعورهم بالظلم والدونية وقربهم من قوى دعم الفتنة ، سواء من الجنوب أو الشمال أو الشرق
ثانيا: وجود عدد من العاطلين من الشباب خاصة والفقراء و المتربصين بمن ذهبوا بالثروة وأسفوهم الثرى
ثالثا: وجود عدد من السجناء السياسيين الذين لم يقتنع أهلهم بجريمتهم ولم يصدر فيهم حكم
رابعا: طغيان القبلية والعشائرية على التركيبة الشعبية و الولاء لزعماء القبائل قد يفوق الولاء للملك في كثير من الأحيان.
خامسا: وجود عدد كبير من العمالة يمثل ثلث السكان بل أكثر إذا استبعدنا أعداد النساء والأطفال فلو حدث أي اختلال أمني فسيصعب السيطرة وعلى كل سيعتدي ولن يعلم المعتدي
سادسا: غياب المرجعية الشرعية التي تحظى باحترام عريض في الشعب لن يجعل للفتيا أثرا في الأزمات و خاصة عند إعجاب كل حزب برأيه.
سابعا: وجود عدد من الليبراليين والموالين للغرب وعملاء الاستخبارات خاصة المسيطرين على المناشط الإعلامية أو المناصب الحساسة.
ثامنا: وجود منابع النفط الخرافية فالسعودية أكبر مصدر للبترول ولديها أكبر احتاطي ويمكن أن يؤدي حدوث أزمة فيها لارتفاع البرميل فوق 300 دولار.مما يؤدي إلى غلاء الأسعار عالميا أو تحرك القوى الأجنبية لاحتلال منابع النفط
تاسعا: وهو الأهم وجود قواعد أمريكية.
عاشرا: وجود خلايا القاعدة ذات الفوضى الفكرية.
احد عشر: اتساع رقعة البلاد مما يجعلها مستعصية على السيطرة
كل ذلك يجعل تعرض السعودية لثورة يعني جحيما في الجزيرة العربية كلها مما يؤدي لتعطيل الحج والعمرة أو إضعاف الرغبة فيها.
ويزيد الأمر سوءا عدم قدرة المواطنين على حماية أنفسهم لوطنهم من المرتزقة المتطوعين لخدمة ذواتهم خاصة البنغال والحوثيين، لا سيما وهم شعبنا غير مدرب ولا مؤهل للدفاع إنما لا يملك غير الحماس.
إنني من هذا المنطلق أوصي العلماء بدراسة هذه الأحداث وتحصين الناس تجاهها وذلك بعقد المؤتمرات عاجلا، وإيقاف المطالبات والمناصحات التي تنتشر في الانترنت فيكون ضررها بشررها أكثر من دفئها ونورها فليس الآن وقتها
أوصي المسؤولين كل بحسبه أن يبذلوا قصارى جهدهم في محاورة الناس وفتح أبوابهم لسماع المشكلات وأن يضعوا حلولا حقيقية لها، وعلى من بيده الحل والعقد أن يظهر الرغبة الصادقة في الإصلاح ويبدأ بها ولعل الإصلاحات الأخيرة والقرارات الملكية الصادرة تأتي في هذه المنظومة الا أنه ينقصها الشمول وسرعة المتابعة.
على الإعلام أن يكف عن استفزاز الناس سواء كان ذلك بالاستخفاف بعقولهم أو الاستخفاف بقيمهم ودينهم
وإني لأؤكد أن ما كل ناصح محرض ولا كل محرض ناصح وأظن أننا قد بلغنا من النضج بحيث نميز بين الاثنين حمى الله ديننا ووطننا وولي أمرنا وشعبنا من كل فتنة
وصلى الله على محمد وعلى آله وصحبه وسلم
رقية بنت محمد المحارب