أسماء فهيد
أسماء فهيد
هذي رقم الدكتور محمد العقيل:
0595800210,, استشاري ولاتدقون إلا من 9ونص إلى عشرونص الليل ,أو رسائل
والدكتور التويجري مركز سيماي الطبي:
0505462883
بس قليل يرد عالاتصالات أفضل رسائل,
وأحسن شيء تروحوا لنفس العيادة,
عيادة سليمان الصغير:
012067078
مركز سيماي الطبي:
012005333
strawberry ksa
strawberry ksa
مااحب الادويه النفسيه

مررررررررررره تسمن

يعني تطلعين من مشكله وتدخلين في عالم السمنة ..

أسماء فهيد
أسماء فهيد
لا مو كلها لاتعممين البعض تسمن والبعض لا, وبعضها نفس الدواء يسمن وناس ثانين مايسمنهم
وكل الناس:
" اعتقاد بعض الناس أن الطب النفسي ، وكذلك علم النفس موروثان غربيان ولا يمتان إلى الإسلام بصلة "
وينتج عن ذلك : الاعتقاد بأن المعالج النفسي إنما هو تابع لفرويد يطبق نظرياته دون فكر أو نظر ، وأن المعالج النفسي لا يؤمن بالجوانب الروحية والدينية في العلاج ‍‍.
وسوف نناقش هذا الأمر من خلال هذه الوقفات :
1- إن المعالج النفسي المسلم هو فرد من أفراد مجتمعه يدين بما يدينون به ويعتقد ما يعتقدونه ، وما دراسته وممارسته للعلاج النفسي إلا محاولة منه في الانتفاع من هذا التخصص في خدمة مجتمعه مؤطراً ذلك كله بضوابط دينه .
2- إذا كان فرويد قد أخطأ في مسألة أو أكثر ، سواء كان ذلك عمداً أو جهلاً منه ، فليس معنى ذلك أن نخطّئ كل ما قاله فرويد ، وأن نرفض كلامه جملة وتفصيلاً ، فهذه هي فلسفة العاجز الضعيف في التعامل مع المستجدات . بل يجب على المسلم الواثق من علمه ودينه أن ينتفع من كل ما حوله فالحكمة ضالته ، وأن يبحث ويدقق النظر في كل ما يعرض له ، لعله يجد فيه ما ينفع به نفسه وأمته .
3- إننا حينما نقبل شيئاً من كلام فرويد – مع كونه يهودياً – فليس معنى ذلك أننا نقبل دينه ، كما يظن بعض بسطاء التفكير الذين لا يدركون روح الإسلام ويتعاملون بحذر وخوف مفرط لم يأمر به الدين مع أبسط مستجدات الحياة .
4- ليس من الصواب الاعتقاد بأن ما ورد في الكتاب والسنة يغني عن الاستفادة من خبرات الأمم السابقة التي لا تتعارض مع أصول الدين الإسلامي ، فقد صح عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال : (لقد هممت أن أنهي عن الغيلة ، ولكني نظرت فإذا فارس والروم يغيلون ولا يضر أولادهم ) .
ومن المعلوم أن الحضارة الإغريقية قدس ساهمت في تطور العلوم بشكل كبير ، كما لا ينكر أحد أيضاً أن الحضارة الإسلامية في كثير من جوانبها العلمية قد استفادت جداً من حضارة الإغريق . لكن ما ينبغي التنبيه إليه أنه لم يكن الدين في الحضارة الإغريقية مثلما هو في الحضارة الإسلامية أساساً للعلوم ونبراساً ومرجعاً لها ، وليس كما هو في الحضارة الأوربية الحديثة قد تم تنحيته جانباً ، وإنما كان الدين عند الإغريق علماً من العلوم يدرس مع غيره من العلوم وليست له علاقة أساسية بسلوكيات الفرد وعلاقته بربه أو أن يؤثر على غيره من العلوم ، وإنما هو فقط مجرد علم مثل الرياضيات والطبيعة ( الفيزياء ) وغيرها.
ولذلك فإنك تجد العالم الإغريقي ملماً بعلم الدين جنباً إلى جنب مع غيره من العلوم ، والذي كان يطلق عليه علم الإلهيات أو الميتافيزيقيا ( ما وراء الطبيعة ) . ومن ذلك نستنتج أنه ربما يكون إغراق بعض العلماء المسلمين ممن تنقصهم المناعة العقدية الكافية في دراسة حضارة الإغريق وتشرب نفوس بعضهم لبعض من انحرافاتها الفلسفية يفسر لنا وقوع بعضهم في شيء من الأخطاء العقدية .
5- أأسهم العلماء المسلمون السابقون إسهامات كثيرة هامة في الدراسات النفسانية . لكنها لم تحظ من قبل باهتمام الباحثين ، ومؤرخي الدراسات النفسانية . فالمؤرخون الغربيون يبدأون ، عادة بالدراسات النفسانية عند المفكرين اليونانيين ، وبخاصة أفلاطون وأرسطو ، ثم ينتقلون بعد ذلك مباشرة إلى المفكرين الأوربيين في العصور الوسطى ، ثم في عصر النهضة الأوربية الحديثة ، ويغفلون إغفالاً تاماً ذكر إسهامات العلماء المسلمين في الدراسات النفسانية رغم أنه قد ترجم العديد منها إلى اللغة اللاتينية ، وأثرت تأثيراً كبيراً في آراء المفكرين الأوربيين أثناء العصور الوسطى وحتى بداية عصر النهضة الأوربية الحديثة .
ولقد كان القرنان السابع والثامن الهجريان من أزهى عصور الطب النفسي في العالم الإسلامي . وفي هذين القرنين عاش شيخ الإسلام ابن تيمية _(661-728هـ ) وتلميذه العلامة ابن القيم (691-751هـ) –رحمهما الله- اللذان كان لهما موقف محمود ضد انحرافات بعض الفلاسفة العرب . ونظراً لأن علم النفس والعلاج النفسي حتى ذلك الحين يعدان من فروع الفلسفة ، فإن موقف شيخ الإسلام ابن تيمية والإمام ابن القيم – رحمهما الله – من علم الفلسفة والفلاسفة قد أحدث بعض التشويش عند بعض الباحثين الذين ظنوا أن ابن تيمية وابن القيم – رحمهما الله – يرفضان علم النفس والعلاج النفسي مع أنهما لم يعرضا لذلك الأمر بأي نقد ، رغم ازدهار تلك العلوم في تلك الفترة من الزمن ، وإنما كان نقدهما موجهاً لبعض الفلاسفة وأصحاب الشبه والانحرافات . بل إنه على النقيض من ذلك ، فشيخ الإسلام ابن تيمية وتلميذه ابن القيم يعدان من رواد الدراسات النفسانية في الإسلام ولهما في ذلك العديد من الآراء والنظريات
بل والعجيب في الأمر أنه في مقابل ذلك الازدهار المنقطع النظير في العالم الإسلامي فإنه ما زالت بعض دول أوربا في تلك الفترة من الزمن ( القرن الحادي عشر إلى القرن الرابع عشر الميلادي ) تحرق المرضى النفسانيين ، لأنهم –كما يظنون – لا يمكن علاجهم فقد تلبستهم الشياطين !! . بل إنه حتى أواخر القرن الثامن عشر الميلادي ( الثاني عشر الهجري ) فإن المرضى النفسانيين في أوربا يقيدون بالسلاسل في السجون ويبقون فيها مثل الحيوانات حتى تأتي ساعة الممات لاعتقادهم بأن أرواحاً شريرة قد تلبست أرواح المرضى . ولذلك كان التجويع والتعطيش والضرب بالسياط هو وسيلة العلاج نظراً لأن الاعتقاد الشائع في ذلك الحين هو أن الأكل يهيج المريض وأن الضرب يهدئه . ولقد كان بعض الحراس – ممن يوصفون بالرحماء – يضربون وجوه المرضى بأيديهم بدلاً من استخدام السياط !! .
" اعتقاد بعضهم أن الصالحين والأتقياء لا يمكن أن تصيبهم الأمراض النفسية ، وذلك لأن الأمراض النفسية – في ظنهم – إنما هي فقط بسبب تسلط الشيطان على ضعاف الإيمان "
ويبدو لي أن هذا الاعتقاد إنما جاء من أمرين :
الأول : عدم إدراك الناس لمعنى المرض النفسي .
الثاني : نظرة الناس للأمراض النفسية على أنها مركب نقص ولبحث هذا الأمر يجب علينا ابتداء أن نفرق بين العوارض النفسية والأمراض النفسية .
فالعوارض النفسية هي تلك التفاعلات النفسية الطبيعية التي تطرأ على أي فرد منا نتيجة تفاعله مع ظروف الحياة اليومية ، وتستمر لفترات قصيرة ، وقد لا يلاحظها الآخرون ولا تؤثر عادة على كفاءة الفرد وإنتاجيته في الحياة ، كما لا تؤثر على عقله وقدرته في الحكم على الأمور . وتعد هذه العوارض النفسية جزءاً من طبيعة الإنسان التي خلقه الله بها ، فيبدو عليه الحزن عند حدوث أمر محزن ، ويدخل في نفسه السرور والبهجة عند حدوث أمر سار . وهذا أمر مشاهد معلوم لا يحتاج لإثباته دليل ، ويحدث لكل أحد من الصالحين والطالحين .
أما الأمراض النفسية فأمرها مختلف ، وهي لا تقتصر على ما يسميه الناس بالجنون ، بل إن معنى المرض النفسي معنى واسع يمتد في أبسط أشكاله من اضطراب التوافق البسيط إلى أشد أشكاله تقريباً متمثلاً في مرض الفصام الشديد الاضطراب . كما أنه ليس شرطاً أن تستخدم العقاقير في علاج ما يسميه المعالجون النفسيون الأمراض النفسية ، بل إن منها مالا يحتاج إلى علاج دوائي ، فهي تزول تلقائياً ، وربما لا يحتاج معها المريض سوى طمأنته ، كما يحدث عادة في اضطرابات التوافق البسيطة .
ويعتمد المعالج في التشخيص الاضطراب أو المرض النفسي – بشكل كبير – على ثلاثة أمور :
1- 1 1- نوع ( طبيعة ) الأعراض .
2- شدة الأعراض .
3- مدة بقاء هذه الأعراض .
ولذلك فإنه لتشخيص المرض النفسي ، فإنه يجب أن تحدث عند المريض أعراض غير مألوفة كالضيق والحزن مثلاً ، وتستمر لمدة ليست بالطارئة أو القصيرة وبأعراض واضحة، وعلى درجة من الشدة تكون كفيلة بتشخيص المرض النفسي في تعريف المعالجين النفسيين . ولذلك فإن من يحزن لفقد قريب أو عزيز ويتأثر بذلك ، فإننا لا نصفه بأنه مريض نفسي إلا إذا استمر حزنه لمدة طويلة ، ربما تصل لعدة أشهر أو بضع سنوات ، وبدرجة جلية تؤثر في إنتاجية ذلك الفرد في أغلب مجالات الحياة ، أو أن تظهر عليه أعراض بعض الأمراض النفسية الأخرى ، كالاكتئاب مثلاً .
ولتبسيط الموضوع ، فإننا نقسم الأمراض النفسية إجمالاً إلى نوعين :
الأول : تلك الأمراض التي تؤثر في عقل الفرد ، فيفقد تبصره بما حوله ، وتضعف كفاءته وإنتاجيته وقدرته في الحكم على الأمور ، وتحدث فيها أعراض غريبة لم تعهد عن ذلك الفرد ، ولم تعرف عنه كالاعتقادات والأفكار الغريبة الخاطئة التي لا يقبل معها نقاش ، أو أن تتأثر إحدى حواسه أو بعضها بما هو غير مألوف له كسماعة لبعض الأصوات التي لا وجود لها حقيقة ، أو وصفة لنفسه بأنه يرى بعض الأجسام دون أن يكون لها أي وجود على أرض الواقع .
ويمكن أن يصيب هذا النوع من الأمراض أي أحد من الناس سواء كانوا من الصالحين أو الطالحين ، إذا وجد ما يدعو لحدوثها من أقدار الله .
الثاني : تلك الأمراض التي لا تؤثر في عقل الفرد ، ولا يفقد معها تبصره أو قدرته في الحكم على الأمور ، لكنها تنقص نشاطه بعض الشيء ، كالحزن الشديد المستمر لفترات طويلة ، أو عدم قدرة البعض على التوافق مع بعض مستجدات الحياة ( اضطراب التوافق ) وغيرها كثير . وقد تصيب هذه الأمراض أيضاً الصالحين وغيرهم من الناس ، إذا وجد ما يدعو لحدوثها من أقدار الله .
وإني لأعجب من بعض الذين يربطون درجة التقوى والإيمان بامتناع الإصابة بالأمراض النفسية دون العضوية!! فلقد صح عن النبي صلى الله عليه وسلم " ما يصيب المسلم من نصب ولا وصب ولا هم ولا حزن ولا أذى ولا غم حتى الشوكة يشاكها إلا كفر الله بها من خطاياه " .
وهذا البيان النبوي شامل لجميع الهموم والغموم صغيرها وكبيرها ، أياً كان نوعها . وفي الأصل أن الأمراض النفسية مثل غيرها من الأمراض ولا شك ، وهي نوع من الهم والابتلاء ، ولذلك فإنها قد تصيب المسلم مهما بلغ صلاحه . كما أنه لم يرد في الكتاب الكريم ولا في السنة المطهرة ما ينفي إمكانية إصابة المسلم التقي بالأمراض النفسية حسب تعريفها الطبي ، ومن نفى إمكانية ذلك فعليه الدليل .
ولقد سئل فضيلة الشيخ محمد بن صالح العثيمين سؤالاً نصه : هل المؤمن يمرض نفسياً ؟ ………
فأجاب – حفظه الله - : لا شك أن الإنسان يصاب بالأمراض النفسية بالهم للمستقبل والحزن على الماضي ، وتفعل الأمراض النفسية بالبدن أكثر مما تفعله الأمراض الحسية البدنية ……
ولعل ما نلاحظه من مراجعة بعض أهل العلم والصلاح للعيادات النفسية يشهد بذلك
ولقد وصف أبو حامد الغزالي – رحمه الله – نوبة الاكتئاب الحادة التي أصابته ، وهو المعروف بعلمه وتقواه وورعه . يقول أبو حامد الغزالي :
" فلم أزل أتردد بين تجاذب شهوات الدنيا ودواعي الآخرية قريباً من ستة أشهر أولها رجب سنة ثمان وثمانين وأربع مائة . وفي هذا الشهر جاوز الأمر حد الاختيار إلى الاضطرار إذ أقفل الله علي لساني حتى اعتقل عن التدريس . فكنت أجاهد نفسي أن أدرس يوماً واحداً تطييباً لقلوب المختلفة إلي . فكان لا ينطق لساني بكلمة واحدة ولا أستطيعها البتة ، حتى أورثت هذه العقلة في اللسان حزناً في القلب بطلت معه قوة الهضم ومراءة الطعام والشراب ، فكان لا ينساغ لي ثريد ولا تنهضم لي لقمة ، وتعدى إلى ضعف القوى حتى قطع الأطباء طمعهم من العلاج وقالوا : هذا أمر نزل بالقلب ، ومنه سرى إلى المزاج فلا سبيل إليه بالعلاج إلا أن يتروح السر عن الهم الملم " .
وبالإضافة إلى ذلك فإن انتقال أغلب الأمراض النفسية عبر الوراثة يعكس بوضوح الطبيعة المرضية لتلك الأمراض .
ومع ذلك كله ، فإن المسلم يتميز عن الكافر ، وكذلك التقي عن الفاجر في أنه يحتسب ما يصيبه عند الله ، ويستعين بحول الله وقوته على مصائب الدنيا ولا يفقد الأمل مثلما يفقده غيره ، مما يخفف من أثر المصائب عليه بعض الشيء . ولذلك فإننا نلاحظ أن نسبة حدوث حالات الانتحار في المجتمعات الغربية تفوق كثيراً ما يحدث في المجتمعات الإسلامية ومع عدم وجود إحصائيات دقيقة لذلك في المجتمعات الإسلامية ، فإن من عمل من المعالجين النفسيين في كلا المجتمعين يدرك بوضوح ذلك الفرق .
" من كتاب مفاهيم خاطئة عن الطب النفسي ط2 1420ه للمؤلف " طارق الحبيب
علتي عله
علتي عله
طيب كيف اسعارهم الله يعافيك
أسماء فهيد
أسماء فهيد
لماذا ينظر الناس نظرة سلبية للطب النفسي؟!

ما يعتقده الكثيرون من أن المرض النفسي لا يصيب المؤمن القوى, وكلها مفاهيم تشيع بين الناس في بلادنا مثقفين وغير مثقفين.

ويربط البعض بين الجن والجنون! ومفهوم الجان في الإسلام يشير إلى نوع من المخلوقات يقابل النوع البشري, وليس فيه ما يشين ولا يعيب, حتى أن الإسلام أرسل للجن كما أرسل للإنس, وما يخيف في مفهوم الجن؛ لكونهم كائنات غير مرئية كان البعض قد رأى أن سبب الجنون هو تسلط الجان على المريض؛ فإن نظرة الإسلام إلى الجان باعتبارهم أمة مثل أمة الإنس حمت المرضى النفسين من أن يحرقوا أو يعذبوا؛ أو يبعدوا؛ لأن أرواحا شريرة تسكنهم, فليس كل الجان أشراراً في الفهم الإسلامي؛ ولذلك عومل المريض النفسي كما يعامل أي مريض.

والكثيرون ممن يعتبرهم أهلنا في الريف أناساً (مبروكين), أو (مجذوبين), أو (شيوخاً) إنما هم مرضى بالفصام المزمن أو النقص العقلي الخفيف.

في أوروبا كان علاج المرضى النفسيين في القرون الوسطى كان يتم على يد رجال الكنيسة, ولذلك انتشرت الخرافات وساد التطرف بالإيمان في الأمور الغيبية كالسحر وتلبس الجن, وقد كان يتم احتجاز المرضى النفسيين آنذاك في أماكن سيئة ومعزولة؛ لأنهم قد لبستهم الأرواح الشريرة, وكان البعض الآخر يتعرضون لأسوأ أنواع المعاملة مثل التقييد بالأغلال المثبتة في الجدران لفترات قد تصل إلى عشرات السنين, وكانت هذه الأماكن بعيدة عن المستشفيات مما أدى إلى ركود الأبحاث في الطب النفسي وبالتالي إلى عدم إدراك الناس لحقيقته ومدى فائدته, وكذلك الصراع بين العلم والكنيسة في أوروبا في القرن الماضي ربما كان أحد الأسباب الأساسية في رفض الناس للطب النفسي, بل إن بعض مؤسسيه اتخذ موقفاً معادياً للدين.

ونظراً لصدارة أوروبا ثقافياً في العالم, فلقد انتقلت نظرة الرفض تلك إلى الشعوب الأخرى والتي رفضت بدورها الطب النفسي بدرجة أكبر مما حدث في أوروبا, وذلك لعدة أسباب:

الأول: أن عددا من المتخصصين في الطب النفسي كانوا مجرد نسخة لعلماء الغرب, ولا يختلفون عنهم.

الثاني: هذه الشعوب ترفض في أغلب الأحوال أي شيء يبدو وكأنه يتعارض مع الدين, وقد قام المعالجون التقليديون بتشويه صورة الطب النفسي من هذه الناحية.

على الرغم من بعض البقع السوداء في تاريخ الطب النفسي إلا أن فيه جوانب كثيرة مضيئة ينتفع منها المجتمع إن أحسن القائمون عليه توظيف تلك الجوانب, فليس الطب النفسي وعلومه مجرد عقاقير دوائية وأساليب علاجية, بل إنه يمكن استخدام شيء منه في خدمة المجتمع وتطويره, وكذلك في مجال الدعوة إلى الله أيضاً.


أفكار مغلوطة عن الطب النفسي..لماذا؟

1- الأدوية النفسية ليست سوى مخدرات, ولذلك فإنها تؤدي إلى الإدمان:

بعض الأطباء والصيادلة يحذرون المريض من تناول الدواء النفسي أو ينصحونه بعدم الاستمرار عليه؛ لكي لا يتحول إلى مدمن! وأظن أن أهم أسباب هذا المفهوم:

1- بعض الأدوية النفسية التي استخدمت في القرن الماضي تؤدي إلى التعود.

2- بعض الأمراض النفسية المزمنة تستدعي العلاج المستديم؛ هو ليس بسبب إدمانه لها لكن بسبب طبيعة تلك الأمراض التي تحتاج إلى علاج ربما يمتد إلى مدى الحياة.

3- تعميق بعض المعالجين "الشيوخ" هذه النظرة في نفوس الناس, حيث يشترط بعضهم أن يتوقف المريض أولا عن تناول أدويته النفسية؛ لأنها –كما يزعمون- مخدرات تحبس الجن في العروق!وتنشف الدماغ! وتمنع بلوغ أثر القرآن!.

4- انتشار الإضطرابات النفسية بين المدمنين, وأسباب ذلك متعددة؛ فكثيرون ممن يقعون فريسة للإدمان يبدءون تعاطيهم للمخدرات.

أظن العكس المرض النفسي هو الذي يدفع المريض إلى تعاطي المخدرات وبجهل المريض أو الأهل لا يذهب إلى الطبيب النفسي.

فهذه شريحة من المدمنين توجد لديهم أمراض نفسية لا تعالج, وهناك حالات أخرى يكون فيها الإضطراب النفسي ثانوي بسبب المخدرات.

ولعل بعض الناس يتخوف من الأدوية النفسية؛ لأن المريض النفسي قد يقدم على الإنتحار مستخدماً جرعات كبيرة من تلك العقاقير (أي دواء ممكن يعمل كده).

أما النعاس والخمول ليس كأثر للأدوية النفسية فقط بل لأدوية أخرى كثيرة مثل السعال و السكر.....

وكما توجد أمراض نفسية تستدعي العلاج المستديم فإنه توجد أيضاً أمراض عضوية تستدعي العلاج المستديم, مثل السكر والضغط وغيرها كثير.

وفي حين أن إيقاف مرضى السكر أو الضغط لأدويتهم قد يؤدي إلى أضرار خطيرة, فإن إيقاف المريض النفسي للأدوية لا يؤدي عادة إلى ذلك.

إن الإنتكاسة التي تحدث عند الانقطاع عن الدواء ليست دليل على الإدمان, ولذلك لو عاد المريض ثانية لاستخدام العلاج لشعر بالتحسن مثل مريض السكر والضغط.

وأود الإشارة إلى عدة حقائق:

أولاً: الآثار الجانية البسيطة للأدوية النفسية لا تعادل بأي شكل من الأشكال تلك الفائدة المرجوة, وكل الأدوية غير النفسية لها آثار جانبية, وأي دواء ليس له آثار جانبية ليس له آثار علاجية.

ثانياً: أن الأدوية النفسية لا تؤدي إلى الإدمان إذا استخدمت تحت إشراف طبي مباشر.

ثالثاً: المرضى يقبلون دون تردد تناول تلك الأدوية إذا صرفها غير الطبيب النفسي.

وكثيراً ما يكتب طبيب الباطنة على أدوية مهدئة ومخدرة ولا اعتراض أما لو كتبها طبيب النفسية لأي طارئ فهي جريمة.

رابعا: بعض الناس يتردد في استخدام بعض الأدوية النفسية و في الذهاب إلى الطبيب النفسي؛ لأنه متدين وتقي, بينما يقبل الممارسات غير الشرعية عند بعض من يسمون بالشيوخ أو المعالجين بالقرآن! فكثيرون منهم يدعون العلم بالغيب ولو ضمنياً, والمرض النفسي ليس دليل على ضعف الإيمان أو ضعف الإرادة.


2- عدم شفاء بعض المرضى رغم استخدامهم للدواء؛ فهم يرونها مجرد مسكنات أو منومات:

نسمع ذلك بالرغم من التحسن الكبير لحالات المرضى حين يستكملون العلاج!.

فالأثر الفعال لبعض الأدوية النفسية لا يظهر إلا بعد أسبوعين إلى أربع أسابيع أو ستة, وتحسن المريض وشفاءه التام ليس معناه إيقاف الدواء حتى يوقفه الطبيب, وليس معنى ذلك أن المريض قد أصبح مدمناً, ولكن هذه هي طبيعة الأمراض النفسية وأدويتها.

الأمراض النفسية كغيرها من الأمراض في التخصصات الأخرى, فمن المرضى من يستجيب للعلاج استجابة كاملة, ومنهم من لا يستجيب مطلقاً, ومنهم من يستجيب جزئياً لأن العلاج فعال في نسبة معينة من المرضى.

إن من الأمراض النفسية ما تتحكم به الأدوية النفسية دون أن يشفى المريض تماماً, كما في الأمراض العضوية المزمنة كالضغط والسكر, ولذلك إذا أراد المريض أن تبقى حالته مستقرة فيجب عليه أن يستمر في العلاج فترة طويلة من حياته.

وتقصير الطبيب النفسي في توضيح تلك الأمور لمريضه في أول لقاء بينهما يؤدي إلى انقطاع المريض عن الدواء لأتفه الأسباب.

فلا مريض الضغط المرتفع, ولا مريض القلب, ولا مريض الكبد, ولا مريض السكر, ولا مريض الكلى, ولا مريض الروماتيزم يعالج بالمفهوم الذي نطلب من الطب النفسي الوصول إليه, وكلها تحتاج علاجاً يدوم طوال العمر, وبالرغم من ذلك كله لم نسمع من يتهم أدوية الضغط مثلاً بأنها مسكنات!.

3- اعتقاد بعض الناس بأنه لا يمكن للعقاقير الدوائية المادية المحسوسة أن تعالج المعاناة النفسية غير المحسوسة:

في فهم الكثيرين أن المشاعر النفسية و الأفكار الذهنية لا يمكن أن تغيرها أقراص الدواء, وذلك راجع إلى عدم فهم الطريقة التي يعمل بها المخ البشري, وهو المحرك المباشر لأفكار ومشاعر الناس, وليس القلب كما هو معتقد.

إن الأمراض النفسية لها ما يمكن تسميته مراكز في الدماغ, فقد ثبت وجود اضطراب كيميائي في بعض مناطق المخ المسئولة عن المزاج والمشاعر والسلوك والذاكرة, وأصبح لكل مرض علاجه الدوائي بالإضافة لعلاجه النفسي السلوكي والمعرفي.

هناك مراكز في المخ لجميع الوظائف النفسية والبيولوجية للإنسان, الحركة والتحكم في ضغط الدم, ودقات القلب, والتنفس, وكذلك الذاكرة, والمزاج, والسلوك, والوجدان, ويرتبط المخ بالحبل الشوكي الذي يتمكن من نقل كل المعلومات من وإلى المخ من خلال الإشارات العصبية.

إن الرسائل "الإشارات العصبية" تنتقل خلال المشبك بين الخليتين بواسطة مواد كيميائية تسمى الناقلات العصبية, ومن أمثلتها السيروتونين, الدوبامين, الأدرينالين, النورأدرينالين, والأسيتيل كولين....إلخ, وزيادة أو نقص هذه الناقلات العصبية في المخ يؤدي إلى اضطراب الوظائف النفسية للإنسان في حين أن إعادة ضبط تركيزها وإيجاد التوازن المناسب فيما بينهما يعيد الإنسان إلى اتزانه في سلوكه سعادته في حياته!

كما أثبتت التجارب العلمية العديدة أن أكثر الأمراض النفسية يصاحبها خلل في تغير مستوى هذه الناقلات العصبية في الدماغ, وأن هذه الأمراض تزول –بإذن الله- إذا تم إصلاح ذلك الخلل بواسطة الأدوية النفسية.


4- اعتقاد بعض الناس بأن الأمراض النفسية لا شفاء منها:

الطبيب النفسي ليس طبيباً أصلاً! نعم هذه فكرة طلبة الطب, فما بالنا بسواهم؟! ومن المسئول عن هذه الفكرة الخاطئة؟.

ومما يزيد الطين بله في هذا الصدد أثر الوصمة الإجتماعية اللاحقة بالطب النفسي.

فيما يخص الأمراض النفسية إذا تحدث عنها الناس فإنما هو غالباً على سبيل السخرية والاستغراب!. وأنه أهون على المريض وذويه أن يعترفوا بأن ما اعتراهم من علل بسبب الجن أو السحر أو العين وليست أمراضاً نفسية, وذلك لأنهم يرون أن تلك الأمور الغيبية إنما حدثت بفعل فاعل قد تعدى عليهم؛ مما يعطيهم الحق في المعاناة, أما الاعتراف بالمرض النفسي فمعناه عندهم الاعتراف بالنقص والقصور, وتبعاً لذلك فإن الناس لا يسمعون ولا يرون أي نتائج إيجابية للطب النفسي؛ لأن من استفادوا من الطب النفسي يتجنبون الحديث عنه, فضلا عن أن بعضهم ربما ينتقدونه, ولذلك فإن من يراهم الناس من المرضى النفسيين هم فقط تلك الفئة من المرضى الذين لم يستجيبوا للعلاج النفسي,أو أنهم يعانون من بعض الأمراض النفسية المزمنة التي تتحكم بها الأدوية دون أن تشفيها تماماً, أو أنهم لم يطلبوا العلاج النفسي أصلاً. ولو نظرنا إلى الأمراض غير النفسية لوجدنا أن الحال لا يختلف كثيراً, فأغلب تلك الأمراض ليس لها علاج شافٍ,بل هي مهدئات ومسكنات تتحكم بالمرض دون أن تنهيه, كأدوية السكر والضغط وأمراض القلب , وغيرها كثير, بل إن المريض يتدهور تدريجياً بالرغم من استخدامه لتلك العقاقير, فلا يتذكر بعض الناس تلك الأمراض التي كتب الله الشفاء لأهلها, ويرددون ويكررون أن الأمراض النفسية مزمنة لا شفاء منها دون أن يفعلوا الشيء نفسه مع الأمراض الأخرى!!

ولعلي أضرب هنا مثالاً واحداً فقط بأحد الأمراض النفسية, وهو الوسواس القهري الذي يعاني منه عدد ليس بالقليل من الناس, فهذا المرض لا يعلم أكثر الناس أن بعض حالاته تستجيب للعلاج النفسي, بل إن بعضهم لا يدري أن هناك مرضاً نفسياً اسمه الوسواس القهري! ويمكن أن يكون لبعض الشيوخ دور كبير في نمو هذا الاعتقاد ذهان الناس, لما يرددونه من أن بعض المرضى -حسب خبرتهم- قد شفاهم الله بالرقية و القرآن ولم يشفوا عند أساتذة الطب النفسي, ولكن الأمر نفسه يردده الأطباء.

فهناك العديد من المرضى قد أنفقوا عدة سنوات في السفر والترحال بين الشيوخ دون فائدة, وعندما راجعوا الأطباء تحسنت أحوالهم, بل ربما شفيت أمراضهم تماماً, وليس هذا انتقاضاً من شأن القرآن, فإن من أنزل القرآن هو الذي خلق الدواء, ويجعل بركته حيث يشاء, كما أنه ليس شرطاً أن يُشفى كل من عانى من تلك العلة بالقرآن.

5- يعتقد بعض الناس أن العلاج النفسي مجرد كلام!!

الزوج يقول لزوجته ماذا يفعل لك الطبيب النفسي ؟ تكلمي معي!

ونجد للأسف الطبيب الذي يخاف على مريضه مما يسمونه بدوامة الطب النفسي, فتراه يخاف من عرض الحالة على الطبيب النفسي؛ لكي لا يدخل المريض هذه الدوامة أو ما يُعتقد بأن الأدوية النفسية تعمل تسمم!!!

ولذلك تراهم جميعاً مقتنعين بعدم الحاجة إلى الطبيب النفسي. ولعلي أوضح هنا أن العلاج النفسي ليس مجرد حوار بين الطبيب والمريض وإنما شيء أكثر من ذلك.

الأدوية النفسية التي أثبتت التجارب العلمية على مدى عدة عقود من الزمن فاعليتها بنسبة كبيرة في الشفاء أو تهدئة بعض الأمراض النفسية.

الجلسات النفسية (العلاج النفسي غير الدوائي) التي ليست مجرد حوار مع المريض, وإنما تتبع منهجاً وبرنامجاً خاصاً, ولذلك فإن من يقوم بها يجب أن يكون من المتخصصين.


6- اعتقاد الكثيرين أن العلاج بالصدمات الكهربية إنما يدمر المخ! أو أنه يؤدي إلى التعود عليها:

حكاية تدمير المخ هذه ليس لها أساس من الصحة, خصوصاً أن كل ما يحدث من أثر جانبي للصدمات هو بعض النسيان للحظات السابقة لإجراء الصدمة وربما بعض اللحظات التالية لها, ولا شيء آخر!

كما أن عدد من يموتون بسبب خلع إحدى الأسنان عند طبيب الأسنان أكبر من عدد من يموتون بسبب الصدمات الكهربية, أي أن العدد أقل من 4 في المليون شخص !!

ثم إن المخ البشري نفسه يتواصل مابين أجزائه المختلفة ويتصل بكافة أعضاء الجسم بواسطة الكهرباء الحيوية, أي أن مرور تيار كهربي محكوم الشدة في المخ لسي مضراً من أساسه! فمن المعروف أن إحدى وسائل نقل الرسائل العصبية بين الخلايا في المخ هي فرق الجهد الكهربي, وهو نفسه المسئول عما هو معروف من أن المخ ينبض بالكهرباء, ويمكن تسجيل ذالك على شكل موجات كهربية بواسطة رسام المخ الكهربي, ولقد وجد أن الاضطراب في الموجات الكهربية للمخ يصاحب بعض الأمراض النفسية (كسبب أو نتيجة) وبالتالي فإن أي إمكانية لضبط هذه الموجات الكهربية وتنظيم إيقاعاتها يساهم في تحسين الحالة النفسية للمريض.

وأما حكاية التعود على الصدمات الكهربية فإنما ترجع في الأساس إلى طبيعة المرض الذي تُستخدم الصدمات في علاجه, وهو الإكتئاب الدوري أو الاضطراب الوجداني, فهذا مرض دوري بمعنى أنه يصيب الشخص في وقت ما من عمره ثم تزول كافة أعراضه بعد زمن معين يساعدنا العلاج في تقصيره, ويرجع المريض إلى حالته الطبيعية لمدة تختلف من شخص لآخر, ثم تعاوده الأعراض مرة أخرى ويحتاج للعلاج, وهنا يظن بعض البسطاء أن المريض تعود على الصدمات, بينما الأمر متعلق بطبيعة المرض!.

الذي أود هنا أن أبينه هو أن التوجه الحالي في أوروبا وأمريكا أصبح مع العلاج بالصدمات, وليس ضدها كما كان في الماضي, خاصة عندما تكون هناك حاجة لاستجابة سريعة ومؤكدة, وعندما يكون الإكتئاب مصاحباً بالعديد من الأمراض المزمنة الأخرى, بحيث يتناول المريض عقاراً لعلاج ضغط الدم وآخر لشرايين القلب, وآخر للسكر وربما للكبد, وهذا حال الغالبية من مرضانا فوق الأربعين, في كل هذه الحالات يصبح استخدام عقار لعلاج الإكتئاب مجلبة للمشاكل بسبب التداخلات الدوائية التي لا حصر لها, بينما تعمل الصدمات الكهربية بشكل أكثر فاعلية وأقل إشكالية!


7- الاعتقاد بأن الإكتئاب والمرض النفسي لا يصيب الأطفال:

يلاحظ في مجتمعنا أن لأهل يسارعون باستشارة طبيب الأطفال في كل صغيرة وكبيرة من الأعراض التي تطرأ على أطفالهم إلا في حالة الأمراض النفسية فنجد أنها لا تلاحظ إلا متأخراً جداً, وحتى بعد أن تلاحظ نجد محاولة مستميتة منهم لإيجاد تفسير لهذه الأعراض عير كونها أعراض اضطراب نفسي, فإذا في نهاية الأمر وجدوا أنفسهم مضطرين إلى الأعتراف بأنها أعراض اضطراب نفسي؛ فضلوا عرضه على الشيخ أو على طبيب المخ والأعصاب لا الطبيب النفسي!وعندما نتدبر الأمر وراءه على الأقل مفهومين خاطئين!

المفهوم الأول: الأمراض النفسية تحدث بسبب المشاكل الحياتية.

المفهوم الثاني: الإنكار لإمكان حدوث مشكلة نفسية لطفل يعيش في حماية والديه.

وجماع الرأي العلمي الآن أيضاً أن الأمراض النفسية ليست ناتجة عن المشاكل والعقد والتربية الخاطئة إلى آخر ذالك من مفاهيم, وإنما تنتج عن خلل كيميائي في عمليات المخ الحيوية أمكن إلى حد كبير قياسه وكذالك تصوير ما يدل عليه من خلال تقنيات التشخيص الحديثة, التي تعطي صوراً يمكن خلالها أخذ فكرة عن حالة مناطق الدماغ المختلفة وظيفياً.


8-اعتقاد البعض أن المرض النفسي لا يصيب المؤمن القوي!

إن الناس يعتقدون أن حدوث الاكتئاب دليل على ضعف الإيمان, بينما الحقيقة هي أن الاكتئاب يسلب الإيمان, بمعنى أن المؤمن المصلى إذا أصابته نوبة اكتئاب فإنه سيترك الصلاة! وإحساسه بفتور علاقته مع الله عز وجل! وهذا الاعتقاد الخاطئ لدى الناس جاء من أمرين.

الأول: عدم إدراك الناس لمعنى المرض النفسي.

الثاني: نظرة الناس للأمراض النفسية على أنها مركب نقص.

أما الأمراض النفسية فأمرها مختلف, وهي لا تقتصر على ما يسميه الناس بالجنون, بل إن معنى المرض النفسي معنى واسع يمتد في أبسط أشكاله إلى اضطراب التوافق البسيط إلى أشد أشكاله تقريباً متمثلاً في فصام الشخصية شديد الاضطراب, كما أنه ليس شرطاً أن تستخدم العقاقير في علاج ما يسميه الأطباء النفسيون بالأمراض النفسية, بل إن منها ما لا يحتاج إلى علاج دوائي.

ولعلي أعجب من البعض الذين يربطون درجة التقوى والإيمان بامتناع الإصابة بالأمراض النفسية دون العضوية! فلقد صح عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال: "ما يصيب المسلم من نصب ولا وصب ولا هم ولا أذى ولا غم حتى الشوكة يشاكها إلا كفر الله بها من خطاياه".

وهذا البيان النبوي شامل لجميع الهموم والغموم صغيرها وكبيرها, وأيا كان نوعها, وفي الأصل أن الأمراض النفسية مثل غيرها من الأمراض ولا شك-وهي نوع من الهم والابتلاء-ولذلك فإنها قد تصيب المسلم مهما بلغ صلاحه, كما أنه لم يرد في الكتاب الكريم ولا في السنة المطهرة ما ينفي إمكانية إصابة المسلم التقي بالأمراض النفسية حسب تعريفها الطبي.

من المشهور علمياً لدى أهل الطب النفسي (خاصة), ودينياً لدى الكتاب الإسلاميين, أن التدين يقي من المرض النفسي, ويحمي صاحبه من إكتئابه من الانتحار, وذلك رغم تأكيدنا على خطأ المقولة الشائعة: إن المرض النفسي لا يصيب المؤمن القوي.برغم كل ذلك تبقى حقيقة علمية بسيطة لكنها غير قابلة لأن ينكرها عاقل وهي أن الإيمان القوي الصحيح يحمي صاحبه ويقيه أولاً من الوقوع السهل في أعراض كالقلق والإكتئاب التفاعلي والتي يمكن جداً أن يكون الوقوع السهل فيها بداية للغوص في المرض أو الاضطراب النفسي الشديد كالقلق العام والإكتئاب الجسيم, وهي اضطرابات نفسية بعيدة الأثر على حياة المريض, ولكن يبقى الإيمان القوي الصحيح أيضاً عاملاً مهماً في التخفيف من وطأتها إن حدثت, كما يبقى عاملاً داعماً لمحاولات العلاج على اختلاف أنواعها.

وأؤكد أن حدوث المرض النفسي لا يعني ضعف الإيمان!


9-الأمراض النفسية أعراضها نفسية بحتة, ولا يمكن أن تظهر بأعراضها عضوية:

وهذا اعتقاد خاطئ بلا شك! فالعلاقة بين الأعراض النفسية والمرض العضوي وبين الأمراض النفسية والأعراض العضوية متشابكة إلى حد كبير؛ فالأعراض النفسية قد تكون من مسببات المرض العضوي, أو تكون أول ما ينبهنا إلى وجود مرض عضوي حادث بالفعل أو على وشك الحدوث, فهناك ارتباط مثلاً بين حدوث القلق والإكتئاب وحدوث قصور في الدورة الدموية أو أمراض القلب, وهناك ارتباط بين حدوث القلق اكتئاب في مرضى الشرايين التاجية(الذبحة الصدرية) وحدوث نكسات أو تكرار الحالة! وكثيراً ما تبدأ أعراض ورم البنكرياس مثلاً بإكتئاب, وأحياناً أمراض الكبد.

وقد تكون الأعراض النفسية وفي مقدمتها الإكتئاب مصاحبة للمرض العضوي أو نتيجة له, فمثلاً يكثر حدوث الأعراض الإكتئابية بعد الإصابة بالأنفلونزا أو الأمراض التي تسببها الفيروسات, وكذلك تكثر الأعراض الإكتئابية وأعراض القلق مع اضطرابات الدورة الشهرية أو في الفترة التالية للولادة! وكثيراَ ما يظهر المرض النفسي خاصة الإكتئاب بصورة أعراض عضوية مثل اضطرابات المعدة والقولون والصداع وآلام الظهر والمفاصل والكثير غيرها!.

والأمراض النفسية يمكن أن تظهر بإحدى ثلاث صور:

1- مجموعة من الأعراض النفسية دون أن يصاحبها أية أعراض عضوية.

2- مجموعة من الأعراض العضوية كالغثيان والقيء وألم الظهر والأطراف, دون أن يكون هناك أعراض نفسية واضحة صاحبة, مما يجعل المريض وذويه يعتقدون أن المرض عضوي لا نفسي, مثل امرأة تشكو فقط بأنها تتقيأ أي شيء تأكله, وتم التدخل الجراحي في حالتها عدة مرات, وأدخلت العديد من المستشفيات دون فائدة تذكر وفي النهاية تم تحويلها إلى العيادة النفسية.وبعد عدة جلسات من العلاج النفسي انقطع القيء عنها.

ويحدث نفس الأمر في الأطفال يكثر ظهور أعراض جسدية كالصداع وآلام البطن والقيء وغيرها كثير لأسباب نفسية مثل الخوف من المدرس أو عند مقابلة الأغراب أو عند فقد الأم.

وكذلك الإكتئاب عند كبار السن يظهر في أحيان كثيرة بأعراض عضوية مثل آلام البطن وأوجاع الظهر والصداع هي نوبات متكررة من الإكتئاب, وكذلك الحال عند المسنين الذين أصبحوا على هامش الحياة, فإنهم يشتكون من بعض الأوجاع أو يبالغون في الشكوى من أجل جلب اهتمام من حولهم.

وقد يحدث العكس فتظهر الأمراض العضوية بأعراض نفسية, كما هو الحال في اضطراب الغدة الدرقية وفي سرطان البنكرياس والحمى المالطية وأمراض جهاز المناعة كالذئبة الحمراء وغيرها.

3- فقد تظهر الأمراض النفسية بمجموعة من الأمراض لنفسية والعضوية في آن واحد, كشكوى مريض القلق من خفقان القلب والعرق والرعشة في بعض أنحاء الجسم(كأعراض عضوية)إضافة إلى الخوف والتوجس وعدم الشعور بالاستقرار والطمأنينة(كأعراض نفسية).مثل مريض نوبات الهلع(القلق الحاد النوبي) وهو مريض يشتكي من أعراض مفاجئة يحدث فيها تسارع لضربات القلب واختناق, وربما رعشة وجفاف بالحلق, تدفع طبيب الباطنة إلى طلب فحوص ثم فحوص, ولا أحد يدل المريض على الطبيب النفسي حتى الطبيب الباطني يقول (دي حالة نفسية هتروح لوحدها).


10-الأعراض النفسية هي رد فعل طبيعي لظروف الحياة ولا فائدة من علاجها دون حل للمشكلات الحياتية!

وجود مرض عضوي لا يعني أن الأمراض النفسية المصاحبة هي مجرد توابع مبررة, ولا تحتاج لعلاج, وإنما يلزم تقييم هذه الأغراض بواسطة طبيب متخصص وتحديد العلاج اللازم لها؛ لأن علاج الأمراض النفسية المصاحبة للمرض العضوي يؤدي إلى تحسن استجابة الأخير للعلاج ويؤدي إلى تقليل معدلات المضاعفات والانتكاسات التي تمثل مشكلة في التعاملمع الكثير من الأمراض العضوية.


11- ارتباط الأمراض النفسية عند الكثيرين بالجنون والتخلف العقلي:

ولوسائل الإعلام دور كبير ويؤدي هذا إلى التردد عند زيارة الطبيب النفسي, والخجل من ذلك, بل ربما الامتناع عن الإقدام عليه أصلاً, رغم الحاجة الشديدة إليه.

ويتأخر الناس في إحضار مريضهم حتى يستفحل فيه المرض جداً, مما قد يجعل من الصعب علاجه, كما أنه سيحتاج لفترة أطول من العلاج.

فكم نتمنى أن تعود الأقسام النفسية إلى المستشفيات العامة.


12-اعتقاد بعض الناس أن منشأ مرض الوسواس القهري من الشيطان فقط ولا علاقة للطب النفسي به من قريب أو بعيد:

يرى الأطباء النفسيين أنه لا علاقة للشيطان بمرض الوسواس القهري, بينما يرى الشيوخ ومدعي العلاج بالقرآن الكريم أن الشيطان هو مصدر جميع أنواع الوسواس و أشكاله.

فالشيطان يوسوس في حدود قدرته التي سمح له الله سبحانه بها, وهي محدودة وفي مقدور كل بني آدم أن يتغلب عليه بذكر الله عز وجل, والاستعاذة به سبحانه وتعالى من الشيطان الرجيم.

إن الشيطان يكف ولو مرحلياً عن الوسوسة عند الاستعاذة بالله عز وجل, بينما الوساوس القهرية لا تخف ولا تختفي بعد الاستعاذة بالله من الشيطان؛ لأن الشيطان ليس مصدرها وإن شارك فيها في كثير من الأحيان.

وما أستطيع استنتاجه هو أن كل وساوس النفس, ووساوس الشيطان إنما تدور داخل حدود مقدرة الإنسان, بمعنى أنه يستطيع التعامل معها والتحكم فيها سواء بذكر الله أو التعوذ به أو قراءة القرآن الكريم أو بزيادة تمسكه والتزامه بشعائر دينه إلى آخر الوسائل الدينية لتهذيب النفس.

ومما يؤلم الموسوسين في مجتمعاتنا العربية اجتهاد بعض طلبة العلم بالاستشهاد بالأحاديث التي تنهي عن التنطع والغلو في الدين في حق الموسوسين مثل قوله صلى الله عليه وسلملا تشددوا على أنفسكم فيشدد الله عليكم فإن قوماً شددوا على أنفسهم فتشدد الله عليهم فتلك بقاياهم في الصوامع والديار: رهبانية ابتدعوها ما كتبناها عليهم). فالتشدد هو الغلو والتنطع في الدين النابع من ذات الفرد وبإرادته وتقرباً منه إلى الله, أما الموسوس المريض فأمره مختلف تماماً, فهو يشكو لكل أحد من وسواسه, ويتألم منه, ويستفتي العلماء في حاله, ويتردد على الأطباء, ويدعو الله أن يخلصه منه ويقاومه.

وأما الوساوس القهرية المرضية(اضطراب أو مرض الوسواس القهري),فهي علة مرضية تصيب بعض الناس كما تصيبهم أية أمراض أخرى.

ويبدو أنه إن كان للشيطان دور في هذا النوع من الوساوس,فربما كان على شكلين:

1- ربما للشيطان دور في الوسوسة لذلك الفرد في بداية مرضه, فإن صادفت تلك الوسوسة نفساً ذات قابلية للإصابة بالمرض حدث له.

2- في العبادات: فربما يكون للشيطان دور في إقناع مريض الوسواس القهري بتقصيره في حق الله؛ يوهمه أن معاناته بسبب ضعف إيمانه؛ مما يؤدي إلى تغلب الشيطان عليه, وليس بسبب علة مرضية أصابته.

والعجيب أن بعض الجاهلين يعاتبون المريض على وسواسه وكيف سمح للشيطان أن يتغلب عليه؛ فيزيدون من معاناته وهم لا يشعرون, وذلك لأن زيادة قلق الموسوس تزيد من وسواسه

ومما يرجع الصفة المرضية لهذا النوع من الوساوس: حدوثه في غير أمور العبادات بشكل كبي, رغم أننا ندرك أن الشيطان عدو للإنسان في شئون دينه ودنياه, إضافة إلى ذلك فإن إصابة بعض من لم يعهد عنهم زيادة في تدين أو صلاح ببعض الوساوس القهرية في أمور العبادات مما يدعم الصفة المرضية لهذا المرض, وكذلك حدوث مثل هذه الوساوس مثلاً لمن هم على الديانة البوذية أو الهندوسية, فأنا لا أظن أن أحداً سيقول بأن الشيطان يبعد البوذي عن عبادة بوذا مثلاً, وكذلك انتشار ذات المرض عند أقارب المريض مما يدعم بشكل جلي وجود اضطراب مرضى عند تلك الفئة من الناس.

ويختلف هذا النوع من الوساوس عن الوساوس النفسية في أنه لا يدعو الإنسان إلى محبوبات النفس, بل يجبر النفس على فعل أشياء تعرف في قرارها بأنها خاطئة وذات طابع بغيض وغير مرغوب فيها, وبلا معنى, لكن النفس لا تستطيع مقاومتها في أغلب الأحيان.

وجه النبي صلى الله عليه وسلم في الأحاديث إلى وسائل علمية للعلاج وهي منع الاستجابة, والتي تعتبر أحد التقنيات المستخدمة طبياً في علاج الوسواس القهري.

جمع النبي صلى الله عليه وسلم في الأحاديث بين الاستعاذة والعلاج العملي(مثل إيقاف الأفكار وفنيات صرف الانتباه)

مما سبق نستنتج أن أي إجراء عملي أو خطوة علاجية مباحة سواء بالعقاقير أو الوسائل العلاجية النفسية الأخرى مما يدعم الصفة المرضية لهذا الداء, إضافة إلى ذلك فإن الأبحاث العلمية أثبتت وجود تغير في أنسجة المخ واضطراب في مستوى بعض الناقلات العصبية خصوصاً مادة السيروتونين عند بعض المصابين بمرض الوسواس القهري والذي يتبدل عند التداوي بالعلاج المناسب سواء كان عقاراً نفسياً أو برنامجاً علاجياً سلوكياً.

ومما يدعم ذلك أيضاً إصابة بعض الكفار بهذا المرض وهم من خلت قلوبهم من التوحيد –أصل الإيمان- فلا حاجة للشيطان أن يصيبهم بالوسواس فيما دون ذلك من أمور الدنيا.

ولعل توافق اسم هذا المرض"الوسواس القهري" لفظاً مع كلمة وسواس التي تنسب عادة إلى الشيطان؛ جعل بعض الناس يربطون هذا المرض دائماً بالشيطان.

ومما يؤلم المصابين بداء الوسواس القهري ما يقرءونه في كتب بعض العلماء من ذم الوسوسة والموسوسين؛ لأنهم كانوا يطلقون ذلك الوصف على جميع أنواع الوسواس دون تخصيص.

وإن قلب الطبيب النفسي ليتألم حينما يرى بعضاً من أمته يصارع مرض الوسواس القهري لسنوات عديدة ويرفض زيارة المريض النفسي؛ إما لقناعته بعدم فائدة العلاج النفسي في علاج علته؛ أو بسبب النظرة الإجتماعية السلبية تجاه الطب النفسي.


13-اعتقاد بعض الناس بأن الطبيب النفسى لا يؤمن بأثر القرآن ودوره فى العلاج وأنه منكر لأثر الجن والسحر والعين :

وهذا ما يعمل بعض المعالجين على نشره بين الناس وهو افتراء ينتج عن سوء نية أو عن جهل بحقيقة الأمور .

تضع طبيعة تخصص الطب النفسى من يتخصص فيه من بين الأطباء فى وضع من يتعامل مع مشاعر الناس وأفكارهم وخبراتهم التى تختلف عما يتعامل معه الأطباء .

أن الأطباء النفسيين المسلمين يختلفون بشكل كبير فى إيمانهم بتلك الغيبيات عن غير المسلمين .

أن بعض الأطباء النفسيين غير المسلمين يؤمن بتلك الأمور الغيبية، فما بالك بالأطباء النفسيين المسلمين، ومن هؤلاء الأطباء من يسأل عن دليل شرعى أو علمى يربط تلك الأعراض التى يعانى منها مريض ما بأنها حدثت بسبب أحد تلك الأمور الغيبية ، ورغم عدم وجود دليل واضح يربط تلك الأعراض بسببها الغيبي الذي يفترضه الشيوخ فإن العقلاء من الأطباء النفسيين لا ينكرون احتمالية ذلك ، كما أنهم يتوقفون عن قبوله فى آن واحد .

ولقد أدى هذا الاعتقاد عند بعض االمعالجين إلى التأثير على النظرة الاجتماعية للطب النفسى ، لما لهم من تأثير فعال خصوصاً على بسطاء وعامة الناس ، وهم العدد الأكبر فى الشعوب عامة .

إن وجود طبيب نفسى واحد أو أكثر ينكر تأثير تلك الأمور الغيبية ، بل ربما ينكر وجودها أصلاً ، فإن ذلك لا يعنى أن كل الأطباء النفسيين كذلك، فالأطباء النفسيون مثلهم مثل غيرهم من الناس ، حيث إن هناك بعضاً من الناس من غير الأطباء ينكرون تلك الأمور الغيبية جملة وتفصيلا ولست هنا أعلل لأولئك الأطباء ، فهم مخطئون ولا شك ، وإنما أرفض وصم جميع الأطباء النفسيين بإنكار الجن والسحر والعين.



14-الطبيب النفسى سيدخلك فى الدوامة فاحذر منه!!

هذا المفهوم المخالف للحقيقة إنما هو مستنبط من أفكار أخرى تجمعت فى أذهان الناس، بعضها مستمد من الأفلام السينمائية القديمة، وبعضها من حكايات الناس عن المريض الذى لا يشفى! ويظل متردداً مستديما على الطبيب معتمدا عليه ، وبعضها من الأفلام العربية التافهة التى تعيق عقولنا عن معرفة الواقع .

الدوامة إذن هى وهم لا أساس له من الصحة.

فإذا أردنا أن نستشهد بما نسمعه من الكثيرين من مرضانا الذى لا يصلون إلى الطبيب النفسى إلا بعد جولة طويلة بين الأطباء فى التخصصات المختلفة مع أن اضطرابهم يكون نفسيا ، لكن أعراضهم تأخذ شكلاً عضوياً فسوف نجد الكثير والكثير.



15-الطب النفسى وعلم النفس من إفرازات الحضارة الغريبة ولا يمتان إلى الإسلام بصله:

الطبيب النفسى المسلم هو فرد من أفراد مجتمعه يدين بما يدينون به ويعتقد ما يعتقدونه ، وما دراسته وممارسته للطب النفسى إلا محاولة منه فى الانتفاع من هذا التخصص فى خدمة مجتمعه ، واضعا ذلك كله فى إطار من ضوابط دينه.



16-الطبيب النفسى غير مستقر نفسيا أصلاً فكيف يمكن العلاج عنده ؟!:

أن الاعتقاد بعدم استقرار الطبيب النفسى نفسياً فى الأصل مفهوم غربى تلقفته المجتمعات الشرقية، وذلك لأن العلاج النفسى فى بداياته كان يعتمد على التحليل النفسى والنظر فى مشاعر الفرد وخلجاته التى ربما لا يشعر بها ، وتقديم تحليل نفسى لها، وهو ما جعل المعالج يبدو فى نظر بعض الناس غريبا، وذا قدرات خاصة مما جعلهم ينسجون حوله الخيالات والأساطير، كما أن بعض المحللين النفسيين فى أوربا ماتوا منتحرين بسبب إصابتهم بالاكتئاب! وقد بدا ذلك غريبا بالطبع فى أفهام الناس؛ لأنهم يتوقعون فى المحلل النفسى مناعة من المرض الذى يعالجه، وكان فى ذلك أيضا ما تلقفته وسائل الإعلام الغريبة ونفخت فيه ما شاءت من النفخ ، ومجتمعنا بالطبع لا يعرف ما الفرق بين المحلل النفسى والطبيب النفسى، وكلهم عند الكثيرين سواء .

وأما حقيقة الأمر فإن الطبيب النفسى ما هو إلا إنسان عادى تماما، قد درس الطب البشرى فأعجبه الطب النفسى فأختار التخصص فيه دون سواه.

ويعتقد بعض الناس أنه قد تتأثر مع الزمن نفسية الطبيب النفسى فتصيبه بعض العلل النفسية!! وفى الحقيقة أن هذا الاعتقاد لا أصل له، وإنما هو مجموعة من الأوهام نشأت بسبب النظرة الاجتماعية المتوجسة من الطب النفسى.

وكثيراً ما يسأل أصدقاء الطبيب النفسي وأقرباءه بعد دعائهم له بأن يعنيه الله على تخصصه هذا: أليس صحيحاً أن الطبيب النفسى يعانى نفسيا بعد فترة من عمله بسبب ما يسمعه من المرضى؟ ولسن أرى رداً أبلغ من الرد التالى :

" إذا كان طبيب النساء والولادة ينتابه الحيض والنفاس بعد فترة ممارسة من تخصصه، وكان طبيب الأطفال كلما زادت خبرته صغر حجمه حتى يعود فى بطن أمه، فإن الطبيب النفسى ولا شك يعتريه ما تشاء من الأمراض النفسية !!".



17-الطبيب النفسى لديه قدرات خاصة وربما خارقة على حل المشكلة ! :

أصحاب هذا المفهوم من المرضى كثيرون للأسف! ويتميزون بتوقعات تفوق الحقيقة عن طبيبهم النفسى وعن قدراته على معرفة أشياء لا يعرفونها هم أنفسهم خارج ميدان الطب النفسى بالطبع – لأن طبيعة الموقف الطبى عامة تفرض كون الطبيب أكثر علما من مريضه فى حدود تخصصه لكن الأطباء النفسيين مساكيين!! فمجال عملهم فى رأى كثير من المرضى هو الحياة بأسرها على ما يبدو، وقدراتهم على حل المشاكل وتقديم العون هى بالتأكيد فوق الشك! بعضهم يجلس معك ويطلب منك بعد الجلسة الأولى أن تقدم له الحل لمشكلة عمرها مثلا خمس سنين وتقع فى الغالب خارج مجال الطب النفسى وتكون مشكلة اجتماعية فى أغلب الأحيان!.

وبعضهم يأتيك مرة واثنين وثلاثاً وتبدأ العمل معه ثم يفاجئك بعد ذلك بأنه لا يستعمل الدواء الذى اتفقت معه عليه ثم يفاجئك بأنه لم يكن يتوقع منك دواء كيميائياً.

أو تجد أنه لا يطبق خطوات العلاج السلوكى التى حددتها معه ، أى أنه لم يغير شيئا من سلوكه! فمثلاً لم ينقطع عن مقابلة شلته التى يشرب معها ثم غالبا بعدما تمضى فى تحليل خلفيته الفكرية تجد أنه يريد منك أن تفعل كل شئ، وكان لسان حاله يقول: إنه إنسان مثقف يعرف قيمة الطب النفسى وأهميته فى فعل مالا يقدر عليه أحد، وبالذات هو نفسه بالطبع! ولذلك لجأ لك فافعل ما تراه لازما دون أن تتعبه !.

الحقيقة أن هؤلاء علمونى أن اشرح بمجرد التقاطى لوجود هذه الفكرة فى وعى أو لا وعى المريض مدى ما أستطيعه ومدى ما ألزمه به ؛ لأن العلاج النفسى لا يغير مريضا دونما تعب خصوصا فى مجال السلوك الاجتماعى أو الفردى الواعى، أى فى مجال العلاج السلوكى الذى يتطلب من المريض عملاً مع الطبيب، وفى حياته لكى يتحقق التغيير! واستشهد بالآية الكريمة { إِنَّ اللّهَ لاَ يُغَيِّرُ مَا بِقَوْمٍ حَتَّى يُغَيِّرُواْ مَا بِأَنْفُسِهِمْ }.

هنا أوضح لهذا المريض ما أستطيعه ، وما يمكن لوسائل الطب النفسى أن تقدمه من مساعدة، وأبين قدراتى وقدرة الطب النفسى ذاته! لكى أجنب المريض الإحساس بالإحباط، وأجنب نفسى الألم الناتج عن ذلك!.



18-الدواء النفسي يجب أن يحل كل المشاكل دون تعب:

ما يستطيع الدواء النفسى فعله فهو القضاء بفضل الله على أعراض الاضطراب النفسى العارض، أى أنه يزيل أعراض الاكتئاب أو الوسواس أو الرهاب أو الفصام أو غيها مادامت ناتجة عن خلل كيميائى فى وظيفة المخ، بحيث يعيد المريض إلى حالته قبل حدوث الاضطراب النفسى، لكنه لا يستطيع فى حالة اضطراب الشخصية إلا أن يقلل إلى حد ما من معاناة المريض، ومن بعض الأعراض الناتجة عن خلل كيميائى فى وظيفة المخ أيضا، لكنه لا يستطيع أن يغير بالطبع من طريقة تفهمه للواقع وطريقة تعامله مع الآخرين، فهذه كلها أمور تحتاج إلى نوع مناسب من أنواع العلاج النفسى المختلفة.



تلخيصاً بتصرف عن كتاب

(نحو طب نفسي اسلامي) للدكتور وائل أبوهندي