ترجمة: هناء الدرويش
حطمت المرأة كل القيود ونافست الرجل في كل المجالات، حتى انها لم تتردد في قيادة الطائرات، وقد كانت الفرنسية بياتريس فيال أول امرأة تتحدى الأجواء بطائرة كونكورد، وجعلت خطوتها حدثا تاريخيا فريدا، لكن بياتريس بالرغم من قيامها بمهمة صعبة، لم تتخل عن أنوثتها ولا عن واجباتها كامرأة.
قبل مائة عام كانت المرأة مستبعدة عن وظائف كثيرة ومنها الطيران، وهي مهمة شاقة تحتاج الى الكثير من المجهود الفكري والتركيز، كما تحتاج الى رباطة جأش وثقة في النفس.
وقد كانت “بلاش سكوت” اول امرأة تقود طائرة في عام ،1910 ثم تبعتها نساء كثيرات. وقد تم تنظيم اول مسابقة للطيران الخاص بالنساء في عام 1928 وسط احتجاج الرجال والكثيرات من النساء، لكن عشرين امرأة شاركن في السباق، متحديات كل الاعتراضات، وأنجزن حدثا تاريخيا اعتبر منعطفا في حياة المرأة، وفي الحرب العالمية الثانية اسهمت المرأة في الطيران واضطلعت بمهام القائد واستاذ الطيران والميكانيكا.
وفي مطلع عام ،1943 كانت نسبة النساء اللواتي يعملن في قطاع الطيران اكثر من 31 في المائة، لكن أول من اسهم من النساء في ارتياد الفضاء، كانت الروسية فالتينا تيريشكونا التي طارت على متن المكوك الفضائي “فوستوك” عام 1963.
وفي عام 1960 قامت وكالة “ناسا” الفضائية باختبار متدربات في اطار برنامج “ميركوري” واخضعت ثلاث عشرة امرأة متفوقة في ميدان الطيران المدني للتدريب على البرنامج فأثبتن جدارتهن.
وقد تبين ان المرأة اكثر قدرة من الرجل على التكيف نفسيا وجسديا، وانها تتحمل السرعة الفائقة اكثر من الجنس الخشن.
قائدة الكونكورد: قبل تحطم طائرة الكونكورد الفرنسية عام ،2000 كانت بياتريس أول امرأة تقود طائرة أسرع من الصوت في بلدها.
وكانت بياتريس تعيش حياة مزدوجة بين قيادتها للطائرة وقيادتها لأسرتها، فهي زوجة وأم لطفل يبلغ من العمر ست سنوات. تمضي وقتها بين البيت والمدرسة وملعبي كرة المضرب والجولف، كما تشاهد مباريات كرة الطاولة في النادي القريب من منزلها.
وتسافر بياتريس حاليا الى نيويورك أربع أو خمس مرات شهريا، وهي الرحلات الوحيدة التي تقوم بها.
قمرة القيادة تستوعب طاقماً مكونا من قائد الطائرة وطيار وميكانيكي، وبياتريس هي الطيار تتعاون مع القائد وتتلقى مثله الأوامر ويوزعان الأدوار بين الذهاب والاياب.
وتجلس بياتريس الى يمين القائد، وتؤمن وظيفة الاتصال، اما الميكانيكي فهو يراقب شاشة الحاسوب ويتأكد باستمرار من مستوى الوقود.
تقول بياتريس ان الجلوس في تلك القمرة الضيقة ميزة كبيرة، وحلم لا تحققه النساء عادة، فقد كنت اول امرأة فرنسية تقود طائرة ركاب من طراز كونكورد.
ويتساءل الركاب الذين يجتازون المحيط الأطلسي في ثلاث ساعات ونصف الساعة عن تلك المرأة الشقراء والممشوقة القوام التي تنقلهم عبر الأجواء، وكثيرون منهم من رجال الاعمال وأصحاب الشهرة.
جدية واجتهاد: بياتريس ابنة قائد الحملة العسكرية على جيبوتي وهي الثانية بين ثلاث اخوات وشقيقين.
لم تعرف اللهو في حياتها، لا على صعيد الدراسة ولا على صعيد الحياة الاجتماعية. وقد كانت متفوقة في الرياضيات، وتخصصت في دراستها قبل ان تدخل “مدرسة الطيران المدني الوطنية” التي افتتحت امام النساء منذ مدة غير بعيدة.
وفي عام ،1983 كانت بياتريس لا تزال في الثالثة والعشرين من عمرها، عندما أصبحت أول قائدة طائرة في “الطيران الساحلي”، وكانت تقود طائرة تحمل ثمانية عشر راكباً وغير مزودة بطيار آلي.
وفي عام ،1985 أصبحت بياتريس قائدة طائرة في “شركة الطيران الفرنسية” حيث التقت بزوجها الذي كان قائدا على متن “البوينج 747”.
ظلت بياتريس تقود طائرة “بوينج 747” على مدى عشر سنوات جابت خلالها العالم، وكانت رحلاتها المفضلة الى إفريقيا والمحيط الهندي.
وكانت في كل مرة تضع فيها مولودا، تحظى بإجازة أمومة، وكانت تخصص شهراً تعتني فيه بأطفالها، وشهراً تحلق فيه في الأجواء.
وفي غضون سنوات معدودة، طلب من بياتريس قيادة طائرة الكونكورد، وقد شجعها زوجها على ذلك، قائلا لها “عليك ألا تفوتي هذه الفرصة”. وكانت تحلم بقيادة طائرة من نوع كونكورد منذ زمن طويل، فهي تتميز بمواصفات عديدة، وقائدها يجب ان يكون طيارا بارعا.
رحلتها الاولى على متن الكونكورد احتاجت الى الكثير من التحضير النظري ثم العملي، وكانت بياتريس تتدرب على طائرات مشابهة قبل اقلاعها للمرة الاولى مع مجموعة من الركاب.
وفي الرابع والعشرين من شهر يوليو/ تموز عام 2000 خضعت بياتريس لأول امتحان، وركبت الطائرة العملاقة من دون ركاب في البداية، وبعد ساعات قليلة تحطمت طائرة كونكورد في الرحلة رقم (4590 AF) فوق منطقة نمونيس. وبعد ذلك ظلت بياتريس التي أصيبت بصدمة كبيرة على الأرض عاما كاملا لتستعيد قدرتها على التحليق في الأجواء ثانية، وقد كانت على يقين ان الكونكورد سوف تحلق في الأجواء مرة أخرى، وتسترجع مكانتها في عالم الطيران.
وأخيرا، حلقت الطائرة الأسرع من الصوت مجددا، واستعدت بياتريس وزملاؤها ثانية وفي الحادي عشر من سبتمبر/ ايلول 2001 كانت بياتريس تقود الطائرة فعليا للمرة الاولى مع ركابها عندما علمت بخبر تفجير برجي مركز التجارة العالمي في الولايات المتحدة الامريكية.
وصدمت بياتريس مرة ثانية، لكنها تابعت التحليق وأقلعت بالكونكورد عشر مرات، وفي التاسع عشر من نوفمبر/تشرين الثاني عبرت بياتريس المحيط الاطلسي وبرفقتها مدرب طيار، واخترقت حاجز الصوت.
وتقول بياتريس: “ان من يقود طائرة كونكورد يشعر انه يحلق في الأجواء بمرونة، ونحن لا ننسى الفجوة التي احدثها غيابها، فقد كانت الحادثة بمثابة صدمة، وبخاصة ان الطائرة لن تعود للتحليق قبل عام 2007”.
وتضيف: إنها طائرة رائعة وتحفة تقنية، ونحن نأمل في التحليق بها بخطورة تساوي صفراً في المائة، في رحلات حول العالم مجدداً.
منقووول
أم شماء @am_shmaaa
رحيق الصحة
يلزم عليك تسجيل الدخول أولًا لكتابة تعليق.
الصفحة الأخيرة
جزاك الله خير اختي أم شماء
تحياتي :26: