أبو يوسف : أم يوسف .. وين علي .. شنوحه تأخر ..!
أم يوسف : والله ما أدري عنه .. تخبره .. أكيد جالسن لي عند قناة الأطفال ..
وسار أبو يوسف يحمل أولاده الثلاثة .. إلى المستوصف ليكشف على زوجته أم يوسف التي كانت تعاني من آلام ليست غريبة عليها .. وهي توحي لها بأن الحمل قد عاودها للمرة الرابعة ..
خرجت أم يوسف والبهجة تملأ وجهها وتحس بنغزة في قلبها ..
- أبو يوسف .. أبشرك حامل !
- الحمد لله .. عسى الله يتمم على خير .. كم لك تقول الدكتورة ..
- تقول توك داخلة الشهر الثاني .. زي ما قلت لك البارح .. توقعتها ..
وبدأت قصة " الفرث " الذي يصاحب المرأة في أشهر الحمل الأولى .. لكن أم يوسف تسعد وهي تتذكر أنها ستنجب ولداً شقياً كأخيه علي .. أو طفلة رائعة كأختها أضواء !
علي يناقش أمه بحنان ورقة ..
- يمه .. وش اللي ببطنك ..!؟
- يمكن ولد مثلك ..
- يا حظي يمه .. يا حيي أقدر أحاكيه !
- تقدر ..
- أقول .. هيه أنت .. متى تطلع لنا وأنقز فوقك وأدبغك !
- يا شقي .. ما تكف عن لعبك .. وخر بس .. خلاص اللي ببطني بنت ..!
جاءت أضواء من المطبخ لتشارك في النقاش ..
- يا حظي .. تبي تجينن أخت !
- أيه .. وقمر مثلك يا حياتي أنتي ..!
-------------------- 2 ------------------------
دخل أبو يوسف وهو ممسكٌ بيده يوسف .. وكان يلاحظ على وجه أم يوسف علامات الطلق قد بدأت .. ودار بينهما :
- هاه .. تبين أوديك ..!؟
- لا توي شوي .. يبي له .. الحين يلطعونن المستشفى ..
- طيب ..
ذهب أبو يوسف وأبناءه الثلاثة في سبات عميق ..
غير أن الأم .. كانت تعاني ألم الطلق ولم تذق عينها طعم المنام ولذة الكرى ..
وهي تأن من شدة الطلق .. ويتكرر على لسانها بكلمات المؤمنة الصادقة ..
- يا ميسر .. يسر ولا تعسر ..
وصلت الساعة الثالثة ليلاً .. فلم تستطع أم يوسف التحمل .. وأيقظت أبو يوسف ليحملها إلى المستشفى ؟
-------------------- 3 ------------------------
كان الأطفال .. يتغنون قبل أيام ..
- يمه .. يمه ..
- متى يجي الفريخ !
- متى يجي البيبي .. ونلاعبه ..
- أغنّوه .. وأبدأ يمه ألامس شدوقه بأطراف أصابعي ..
- وأحاول أضحكه ..
فترد ..
- يا عيال .. تروه يمكن تصير بنت .. وش يدريكم ؟!
فيكرر علي .. الطفل المشاغب والمحبب لأمه .. وهو يحمل علامات الذكاء والفطنة ..
- أهم شئ أنتي يمه .. ما سمعتي الأنشودة اللي تقول .. " أمي ربة بيت .. أمي ما أحلاها .. كيف البيت يكون .. لا أعرف لولاها !"
خرجت أم يوسف بصحبة أبي يوسف ..
- هاه .. نروح لسلامات ولا لسماح ولا لمستشفى الولادة ..؟
- لا .. رح يم الراشد ..!
- وش تبين به .. قوه لم مستشفى الولادة أحسن !
- لا .. لا .. رح للراشد ..
كانت تقول هذا الكلام .. وشدة الطلق يزيد معها ..
وهي تردد ..
- يا ميسر يا كريم ..
كانت توصي عبد الله بأطفاله كثيراً ..
- لا أوصيك على عيالك ..
- يا بنت الحلال إن شاء الله ترجعين لهم بالسلامة .
- عاد أقولك .. لا أوصيك على عيالك !
-------------------- 4 ------------------------
دخلت المستشفى .. وهي تولول وتصيح والدموع تنهمر من عينيها جبراً عنها ..
وهكذا حال الأم .. تأن .. وتتعب تسعة أشهر وأنت في بطنها ..
ثم تأتي ساعة الصفر .. فتشاهد الموت أمام عينيها .. وتعاينه ..
وبعد الولادة .. تحس بأن الدنيا قد وضعت بين يديها حين تشاهدك ..
فتحملك ..
وتجعل حضنها مرتعاً لك ..
فتقضي حاجتك بين يديها وهي تضحك بوجهك !
وتسهر الليل على بكاءك ونحيبك ..
وتمرض لمرضك ..
وتضحك لضحكك ..
وتفرح لفرحك وتحزن لحزنك ..
تعيش معك لحظة لحظة .. ولو فارقت الدنيا بأسرها لكان أهون عليها من أن تفارقك لحظة ..
أنت دنياها وحياتها .. أنت سعادتها وشقاءها ..
وحين تجوع .. تأتي هي .. لتملأ قلبك ومعدتك حباً وطعاماً ..
أرضعتك عامين .. وأبقتك في حضنها سنتين ..
وحين الفصام .. لا تتركك .. بل تتابع مسيرك وترقب حياتك ..
إن كنتَ صغيراً سألت عنك حتى تطمئن عليك ..
وإن كبرتَ حاولت إبقاءك بين يديها .. حاديها الخوف ..
فإذا وقفتَ على أقدامك واعتمدت على نفسك .. تنكرتَ الجميل .. وتركتها !
آه على قلب الأم ..
وجزا الوالد على الله !
بقيت في غرفة الولادة .. وهي ترقب لحظاتها الأخيرة .. ولا تعلم أنها لحظاتها الأخيرة !
عانت الأمرين .. فلما وضعت المولود .. جاؤوا ليعطوها دماً تعوض به ما نزفته من دماء ..!
وبعد لحظات .. دخلت الأم في غيبوبة !
-------------------- 5 ------------------------
جاء أبو يوسف .. وسأل سؤاله المتكرر ..
- هاه وش صار على أم يوسف ..
- والله نبشرك .. جابت بنت !
- ما شاء الله ما شاء الله ..
وتغرغرت عيون أبو يوسف بالدموع .. وهي يعايش لحظات الفرح ..
- و وش صار على أمه ..!؟
- والله ما ندري .. عطيناها دم .. ومنومة الآن !
رسمت فوق رأس أبو يوسف مائة علامة استفهام .. لماذا تنوم ..؟!
جاء بالليل ..
وتبين له المصاب الجلل ..
لقد دخلت أم يوسف في غيبوبة .. بعد أن حقنت بدم !
ثار أبو يوسف في مكانه .. وصاح ولول .. ولكن لا مجيب له ..
خاطب كل مسئول حس أن بيده أمر ..
خاطب الوزارة .. والإدارة ..
كونت لجنة .. درست الموضوع ..
لا يدرى .. المرأة دخلت في غيبوبة .. ولا يدرى ما السبب !
قرعت القصة أذن الحائليين .. وبدؤوا يدعون ويشحون على هذا المستشفى الذي لم ولن تنقض أخطاءه .. وهو لا يزال يمارس مهنته ويكسب من وراء البلاط الملمع والباب الصافق من جيوب المساكين ..!
حاول أبو يوسف أن يحاسب المستشفى .. ولكن واسطة المستشفى فوقه وفوق كل شخص مسكين ليس لديه واسطة ولا حيلة !
مرت أيام عصيبة .. والأطفال يبكون أمهم ..
وعلي يردد على مضض ..
أين أمي ربة البيت ..؟
أين أمي التي أغني دائما بها .. أمي ما أحلاها ..
كيف البيت يكون .. لا أعرف لولاها ...؟!
ويوسف يبكي .. ويصيح ..
كيف البيت سيكون من بعدها ..
وأضواء .. تنوح وتبكي ولا سامع لشكواها إلا رب السماوات العلا ..
لقد انطفأت أضواء بيتنا بعد أمنا ..
دارت الأيام على أبي يوسف شديدة .. وهو يحاول أن يجد ملجأ لشكواه أو مغارة لهمه أو مدّخلاً لمصيبته !
فانغلقت الدنيا أمام عينه .. وضاقت عليه الأرض بما رحبت ..
فرفع الشكوى لربه وقال ..
حسبي الله ونعم الوكيل ..!
-------------------- 6 ------------------------
جاءت لجنة من وزارة الصحة .. وبينت أن " الدم البارد " لم يكن سبباً في دخولها بالغيبوبة !
ومرت أيام عصيبة على أبي يوسف .. وهو ينتظر على أحر من الجمر .. أي خبر مفرح عن زوجته ..
كان أبو يوسف يمني أبناءه الصغار .. بأن أمهم سوف تأتي يوماً ..
مضت أيام وأيام .. وكان أبو يوسف يقف على عتبات العناية المركزة التي تقطنها أم يوسف وهو يتذكر لحظات العمر معها ..
كانت الدموع تجيب على أي سؤال يوجه لأبي يوسف عن زوجته ..
وفي يوم ما !
وأبو يوسف بعيد عن زوجته .. ولكن قلبه يعيش معها !
جاءته مكالمة لتنبئه عن خبر وفاتها !
وكانت الصدمة التي قضت على أبي يوسف !
لقد فقد أغلى الناس عنده .. زوجته وأم أبناءه !
كيف سيواجه أسئلة ابنيه يوسف وعلي عن أمهم !
أم كيف سينقل الخبر لابنته أضواء .. بخبر وفاة أمها ..
دخل البيت .. وكان وجهه ملتحفاً السواد .. وأقبل على صغاره الثلاثة ومن خلفهم أختهم المزملة !
وضمهم على صدره وهو يجهش بالبكاء ..
ويقول بنبرة الأب الحاني الرؤوم ..
- لقد ماتت أمكم ..
فيجيب علي ..
- بابا .. بابا .. كيف ماتت !؟
- يعني ما راح نشوفها ..!
سكت أبو يوسف .. وسقطت دمعة ..!
عفواً .. هل قلتُ دمعة ..!
لا ورب الكعبة !
لقد سقطت جمرة .. أحس بكويها على أهدابه !
سقطت حسرة ..!
وانفجر أبو يوسف باكياً كانفجار بركان يتجلجل في أحشاءه ..
وراح ينحب ويبكي زوجته الغالية وأم بنيه ..!
راح ينوح حبيبته وحبة فؤاده ..!
لقد ماتت أم يوسف .. لتسجل لأبنائها قصة فراقها المؤلم .. تحت وطأة المخاض وألم الوضع !
ماتت أم يوسف .. وهي تُشهد أبناء بلدتها على ذلك المستشفى الذي لم يزل يمارس هوايته باللعنات الطبية المتسلسلة ..!
ماتت أم يوسف .. وهي تحيي في قلوب شعبٍ عاش تحت وطأة الأجانب " النصابين " بامتهان الطب .. وتحت رحمة اللاعبين بأجساد أمهاتنا وآبائنا وأبناءنا وبناتنا بالتعلم عليهم ..!
نعم!
ماتت .. وأبقت أيتامها خلفها ..!
وسوف يكبرون .. ليرون هذا الصرح القائم والذي لفظت أمهم أنفاسها الأخيرة فيه!
ووري الثرى على أم يوسف !
ووري الثرى على قصة أم يوسف !
لكن الثرى لم يوري بعدُ قلب أبي يوسف الذي فقد غاليته وقلبه النابض بالحياة !
غير أن التراب لن يدفن الألم في قلوب أبنائها الثلاثة .. تتبعهم الرابعة ..!
من لهذه الصغيرة التي خرجت للحياة .. دون أن تجد يد أمها الحانية وقلبها العطوف !؟
سموها باسمها .. لتحيي في قلوب محبيها ذكرى الوالدة المفقودة !
رحم الله أمها ..
وجبر قلب والدها وأهله جميعاً ..
وجبر الله قلب أطفالها الصغار ..
منقوووول

ranooooon22 @ranooooon22
محررة فضية
يلزم عليك تسجيل الدخول أولًا لكتابة تعليق.


لا حول ولا قوة الابالله العلي العظيم ...........
كني ناقصة حزن عشان اقرأ هذي القصة وربي دموعي اربع اربع
اللهم كن لكل يتيم وفاقد الحنان والأمان ,, وسخر لهم من يعوضهم ..
واهدم جسور الطمع والطغيان من صروح او من هو بمسمى إنسان ××
كني ناقصة حزن عشان اقرأ هذي القصة وربي دموعي اربع اربع
اللهم كن لكل يتيم وفاقد الحنان والأمان ,, وسخر لهم من يعوضهم ..
واهدم جسور الطمع والطغيان من صروح او من هو بمسمى إنسان ××


اللهم أسكنها الفردوس الأعلى وأنزل الصبر والسلوان على زوجها وأبنائها وأهلها ........
الله يهديك يوم شفت أم يوسف دخلت على طول .................
الله يهديك يوم شفت أم يوسف دخلت على طول .................
الصفحة الأخيرة
الله ينتقم من اللي كان السبب