انا وامي ( مشاركة في مسابقة لحظات حلوة)

اعتدت -منذ نعومة اظفاري- على زيارة النيل
برفقة أحد والديّ ، أو أخوتي ، أو بعض رفيقاتي ..
كانت المسافة بيني وبين الوصول إليه ...
بضع دقائق .. بالسيارة
وبيني وبينه عشق سنين ، و حديث أسرار
أبثها إياه وأودعها قلب أمواجه ...
وأنا على ثقة من صدق وفاءه وحرصه ...
على حفظ أسرارقلبي...


كان يصغي إلى نجواي بصبر وطول إناة ..
وكلما طال حديثي كلما شعرت بهمومي تتسرب
وتذوب قطراتها في مده الواسع ..حتى تتلاشى
وأتوه عن الزمن عند النيل الحبيب ...
فلا أنتبه إلا والغروب يميل على صفحته
ويلامس أمواجه
فتمتلئ أنظاري ببريقها العسجدي الساحر !

💚💧💚


يقال أن للبحر وصوت الموج تأثير شافٍ ...
ويصدق ذلك عندي في النيل ...
فإن ذهبت حزينة عدت سعيدة....مرتاحة البال
وإن أتيته حائرةً قلقة رجعت بذهن صافٍ وروح متجددة.

💚💧💚


قالت أمي :
ما رأيك لو خرجنا للنيل سويا .. نجلس معا
نشرب القهوة ونرقب غروب الشمس ..
وهى تنام في حضن النيل ؟
...
لم اتردد ولو للحظة ..!
فأنا وأمي نعلم مدى حاجتي لمثل هذه النزهة
لأريح أنفاسي !
وخاصة في مثل هذه الظروف
وقبل يوم وتحديدا في يوم الجمعة ..
والوقت عصراً ، والنسيم قد رقّ ومال للبرودة
ذهبت منفردة ووالدتي الغالية ..
في رحلة نيلية مميزة وخاصة بنا
تاركة بناتي في رعاية خالتهم ..


كنت أريد هذه الفسحة النهرية لي ولوالدتي فقط
لنستعيد معاً أنا وهي ذكريات الأيام الخوالي
ورغم أنها كانت أياماً عصيبة مليئة بالمحن ...
لكن ثقتنا في الله كانت كبيرة
وتقاربنا وتلاحمنا كان فيها أكبر من المصاعب ....
حتى هزمناها ..

💚💧💚


وبعد أن فرغت صدورنا من بث ذكريات الماضي
اتخذنا مقعداً عند الشاطئ لنملأ أنفاسنا
من نسيمه العليل..ونستريح إلى صدره..

💚💧💚

من العصر الي مابعد المغرب..
تحدثنا ...!
خضنا كل حديث وذكرى !
احتسينا القهوة..!
ومرت بنا بعدها لحظات صمت مهيبة
ونحن نراقب الغروب وهو
يسدل آخر ستائره ..
ويزحف الظلام رويداً على صفحة النيل

ثم قفلنا عائدتين ...!
من رحلتنا التي طفنا بها كل عالم
ورسونا بها أخيراًعند شاطئ السلام والسكينة
مودعين همس الموج الحنون ....
راجعين إلى عالم الواقع الصاخب
بكل مايحمله من هموم
لكننا عدنا بروح جديدة ..
وطاقة متجددة
ومعنويات عالية ..
وسعادة غامرة ..غيرت حالتي الوجدانية
حيث أفردتني بأحب الناس
..بأمي ..!
تلك المرأة الصبورة الطيبة التي احتملت مالايحتمله البشر من أجل بناتها وسعادتهن
فكانت لي وحدي لسويعات نادرة من عمر زمني لاتنسى
على ضفة النيل .

💚💧💚


والآن

أختم برسالتين من القلب أنقلها لكن :
الأولى:
لأمي الحبيبة :
حفظك الله لي أمي
وأدام علي نعمة وجودك
ووهبك الصحة والعمر المديد
في طاعة الرحمن.

💚
والثانية :
لنيلنا الخالد :
يا نهرا من انهار الجنة
أجراه الله بدنيانا
أنت الشاهد على تاريخنا ..
وعلى ما آل اليه حالنا
اشكر الله تعالى أن وهبك لنا ...
وادعوه ان تظل متدفقاً بالخير والعطاء
إلى يوم يبعثون