,
بسم الله الرحمن الرحيم

الحياة ركض متواصل و نسق متسارع و هرولة
و لكن هناك روتين جاثم يخيم على حياتنا و يظلها برتابة
مميتة و كآبة خانقة
نفس الأحداث و نفس الوجوه و الاشخاص و لكن لكل شخص وقعه
في النفوس و صداه في القلوب بما يمتلكه من قوة الحضور
فهناك من يبدو كالطيف كأنك لا تكاد تراه أو تشعر به و هناك من يرزخ
على صدرك كالصخر يخنقك و لا يترك لك المجال لتتنفس
فتصح فيه مقولةجبالك الرواسي و لا عبدك الثقيل
و هناك من له كاريزما و القدرة على التأثير و اثارة عواطف الآخرين
فيحضى بالهيبة و السطوة و يشد الأسماع ويلفت الإنتباه
ويمتلك قوة جذب للآخرين بمنطقه المريح كالريح المرسلة بالخيرات
فتألفه و تتمنى حضوره و تتلهف للقياه و تتألم لفراقه و تفتقد غيابه

مهارة التخاطب مع الآخرين فن و صناعة تكتسب بالدربة و الخبرة
فهناك كلمات لا تؤخذ معانيها من قواميس اللغة و انما من نواميس
الحياة و ما توقعه بدواخلنا من أثر و ما يحتفظ به عقلنا الباطني
من تجارب و خبرات و أحاسيس
فالنفس البشرية لها مدلولاتها و دستورها الخاص و مما لا شك فيه
أن لكل فرد منا طابعه المميز و بصمته المتفردة و الفريدة
تكون عنوان للشخص و تكسبه الهوية و علامة على توازنه
أي لكل منا نظام محدد و أسلوب حديث معين و قوة تأثير على الآخر
سلبا او إيجابا
هناك من يمر عليك مرور الكرام لا يستوقفك و لا يعني لك شيئا
و هناك من يملك الآلية التي يستحوذ بها على العقول و يسيطر
على القلوب و يشد الانتباه و يجلب الانظار كالمغناطيس الجاذب
فيحسن واقعه و يغير المفاهيم ,,,قد يكون أب او أخ أو صديق
أو ربما معلم أ و...و هناك من تلتقيه لمرة واحدة فيعبر إلى منافذ
الروح و الوجدان و قد يمر أمامك أحدهم للثواني معدودة فيترك أثره
طيلة اليوم و قد يرسخ في الذاكرة لفترة غير محدودة و ممتدة
على العكس هناك من ان تراه من أول وهلة يشعرك بالاحباط و الكآبة
و تميل أغصان قلوبنا لمن يحركها بلطف فيتسلل كالنسيم بقوة شخصيته
و سرعة بديهته و كلامه المتزن و برأيه المرن و حديثه اللين
و بنظرة ودودة عابرة يلف المكان و ببسمة رقيقة تكون كالبلسم للحزنان
و لمجرد القائه السلام يشعرك بالدفء و الأمان
فمن لانت كلمتة وجبت محبته ، ومن عذب لسانه كثر إخوانه ,,,
كلنا نريد ان نكون محل اهتمام و دافع لجذب الآخر و ترك الإنطباع الجيد
و مهما قرأنا من كتب علم النفس و مهارات التخاطب و ما صنفه علماء
الإجتماع لا مفر لنا من العودة الى شريعة الإسلام و سنة خير الأنام

علينا كمسلمين الإحتذاء برسولنا الكريم عليه الصلاة و السلام
فهو القدوة و الاسوة لخير سير أمة لقد كان لكم في رسول الله
أسوة حسنة و كما يقول السلف ان المحب لمن يحب يطيع فنأخذ
منه علمه و حلمه و صدقه و حسن معاملته لاصحابه و لباقته حتى
مع أعدائه فكان انسانا في كل شيء يداعب أحفاده و يفتخر ببناته
و معيلا لنسائه خدوما في بيته و يحسن لخدمه و يعطي عطاء
من لا يخشى الفقر فهو كما قال رب العزة إنك لعلى خلق عظيم
فقد كان عليه الصلاة و السلام بسّاما و يبادر بالقاء التحية و السلام
ففيه اجتمعت الخلال و الخصال بالأقوال و الفعال
فالتحابب سبيل لكسب القلوب وورقة العبور هي الكلمة الصادقة
و لن تدخلوا الجنة حتى تؤمنوا و لا تؤمنوا حتى تحابوا
اولا ادلكم على شيء اذا فعلتموه تحاببتم افشوا السلام بينكم
و علينا جبر خواطر الناس و استرضائهم بما يرضي الله
فمن يرضي الناس يسخط الله عليه الناس و كل معروف صدقة
والكلمة الطيبة صدقة وقالوا:الكلمة الطيبة تخرج الحية من جحرها ..
لكي يكون المجتمع يزخر بالعطاء و الإخاء و الائتلاف فيجب ان نبتعد
عن الاسلوب الجامد المنفر فلا تسابب و لا تلاعن و لا تقاذف للكلمات
الفاحشة ,الطائشة الخادشة فرب كلمة أقوى من رصاصة و رب كلام
أحد من السهام و رب أقوال أشد وطأة من النبال

إذا لبلوغ مرتبة المتحدث المؤثر علينا تجنب الجدل العقيم و المراء السقيم
و جادلهم بالتي هي أحسن و علينا احترام أراء بعضنا و التحدث بطريقة
ودية ليّنة بلا تشنج و لا صخب و لا رفع صوت إنّ أنكر الأصوات لصوت
الحمير و كذلك الاسراع بتقديم النصح و الارشاد فالدين نصيحة
و لا تكون على الملأ فتصبح فضيحة بأسلوب مرن ومتزن
أيضا حسن الحوار يكون بفن الاصغاء و عدم المقاطعة و عدم التعصب
للأراء الجاهزة و اثبات الراي بطريقة ودية بقوة الحجة و البرهان
و بممارسة اسلوب الاقناع و المرونة و المسايسة و الكياسة
فالإختلاف لا يفسد الود
و لزاما علينا حسن الظن و تلمس الأعذار
المؤمن يطلب معاذير اخوانه و الكافر يطلب عثراتهم
و علينا اخلاص النية لوجه الله سبحانه و تعالى و لله ترجع الأمور
و فرض النفس بحسن الخلق و حسن المعاملة و الاحسان
لمن بحاجة لك و أكثرما يدخل الناس الجنة
فلنحرص في معاملاتنا على تأثيث روح الإنسانية لتترقق القلوب
و تنصت العقول و تشحذ النفوس و نتسلح بالصدق و المنطق
لا بالثرثرة و التشدق و إن عجزت عن إقناع الآخر
فالضرورة تحتم عليك بالصمت ففيه الحكمة و قليل فاعله
الصمت ليس هزيمة لكن للخروج بأخف الأضرار ودرء الشرار
فهوموقف لبق ومتعقل لكل صاحب فكر ثاقب و يدل على التجاوزوالنبل
فأغلب الفلاسفة يمعنون في الصمت و أغلب العظماء كان شيمتهم
وأجمل الأوقات حينما نتأمل في بديع الكون بصمت
فقط لا نصمت على الحق و الظلم و الغيرة على الدين
حتى لا يصبح جبن و خذلان وحتى لا نكون شيطانا أخرس

الصمت حديث لا يفقهه إلا من يعيه فالطواحين فقط تحدث الضجيج
و مجرد كلمة قد ترفعك أوتدينك فاليكن منتدانا مرآة لحسن الخلق
و كحوائيات هذه رسالتنا فمن ستستلمها بشرف
ختما انتقوا أطايب الكلام كما تنتقون أطايب الثمر.
تم بحمد الله إن أصبت فمن الله و إن أخطأت فمن نفسي و الشيطان
شاركوني أخياتي الحوار و لا تمررن مرور الكرام
بإمضاء وقلم روح الفن

والسلام عليكم و رحمة الله و بركاته