تؤثر على الإنسان في نموه ـ الجسمي والعقلي ـ سلسلة عوامل ، فهي إما أن تخلق منه شخصاً قوي البنية ، نشيط الجسم ، مكتز العضلات ، وإما إن تدعه يضوي ذاوياً مصفراً عليلاً . وأول هذه العوامل ، الوراثة وما يرافقها من ملابسات طيلة أيام الحمل ، فذرية الأبوين الضعيفين المؤوفين ، لا يمكن أن تكون قوية سليمة الأعضاء .
وإذا تخطينا عامل الوراثة ، فإن جهل الأمهات بتربية الأطفال يجعل هؤلاء الأطفال ينشأون نشأة غير صحيحة ، ويحيون حياة غير طبيعية .. فإذا بأفراد الجيل قد خرجوا إلى الحياة الدنيا وهم مسلوبو العافية ، واهو الجلد ، بين يدي أعاصير الأيام .
فهذه فتاة في ريعان الصبا ، حباها الله الذكاء اللامع ، والخيال الواسع ، لكن جهد والدتها قضى عليها أن تظل شقية تعسة طيلة حياتها .
لقد زجت بها والدتها يوم كانت طفلة غضه في ظلمات الغرف ، بعيدة عن نور الشمس ، مما أفقرها إلى الكلس والفيتامين ، فغدت عظامها عشة لينة غير صلبة ، وكانت تحمل بين فخذيها ارطالاً من القماطات التي تباعد ما بين الساقين ، فشبت الطفلة وهي معوجة الساقين .. آفة لازمتها طيلة حياتها ، ونغصت عليها عيشها ، وشعبت في أودية الحزن تفكيرها .
وهذا فتى متوقد الذهن ، ماضي العزيمة ، يود أن يرقى مراقي العلم والنجاح فتقعده اضطرابات الهضم ، وخور الجسم ، مردهما إلى أن والدته أرادت في مستهل حياتها أن تتخلص من بكائه ، فكانت تلهيه بثدييها ، أو توسده ذراعها ليلاً ، تاركة الثدي في فمه يرضع منه طيلة ليلة وسحابة نهاره ، وما درت أنها بعملها هذا تودي بصحته ، وتعرقل سير نظام جهازه الهضمي ، فشب عليلاً سقيماً ! وهذه والدة أخرى جاهلة لا تني تلعق طفلها كل يوم ملعقة من الخروع ، ولو فكرت وقدرت ، لعلمت أن زيت الخروع يخرب زغابات أمعاء الطفل الرقيقة ، فتصبح الأمعاء ضعيفة لا تقوى على معاندة الالتهابات ، فيشب الطفل بجهاز هضمي سريع العطب .
ثم لا يكاد الفتى والفتاة يجتازان سن الطفولة ، ويدخلان أبواب صرح الشباب ، حتى يقعا فريسة العادات والمجتمع ، ويقعا بين مخالب الحياة : نار في الحشا تتأجج لرؤية الصور الخليعة ، ودور السينما وشاشات التلفزة الفضائية ، وما تقدم من عروض مثيرة ومهيجة .. وكبت شديد للشهوة الجنسية يقتضيه العرف والدين .. وهما في صراعهما هذا خاسران على أي حال ، فإن حافظا على عفتيهما ، فقد فرطا في حقوق جسميهما ، وكلفهما الصراع إرهاقا في الجسم ، وإرهافا في الحس ، وإن استسلما إلى شهواتهما كانا من صرعاها .. تتلقفهما الأمراض الجنسية ، والعادات السرية ، فيذوي جسماهما ويذبلان ، كما تذوي الزهرة ، وتذبل ورقة الخريف .. هكذا تنشأ الأجيال ؟؟ ضعاف الأجسام واهي العزائم ، لا يقوون على الصمود أما هزات الطبيعة وتبدلاتها .
وقد يقول قائل : في السابق كنا نرى كثيراً من الفلاحين يعيشون عيشة بعيدة عن تعاليم الصحة .. يعيشون مع الحيوانات .. غذاؤهم ضئيل ، ونصيبهم من النظافة قليل ، ومع هذا فهم يتمتعون بأجسام قوية البنية ، شديد الأسر .. والجواب على ذلك بسيط إذا تذكر الإنسان أن الفلاح يرسل إلى الدنيا بذرية كبيرة ، فيعيش أولاده عيشة بدائية بسيطة ، لا ضمان اجتماعي يكفل لهم حياة صحية ، تعيش هذه الذرية مهملة كما تهمل الزهور الوحشية في الجبال ، لا تجد من يتعهدها بالعناية أو الرعاية ، فتتصارع هذه الذرية مع الأمراض والجراثيم ، وتعيش بين الحيوانات وروثها ، فيموت أكثرهم ، ولا يبقى منهم إلا من كان منيعاً قوياً ، ألف الجراثيم وألفته ، وصادق الأمراض فصادقته ، حتى غدا مخزوناً متنقلاً حاملاً لأكثر أنواع الميكروبات يعدي ويؤذي .. ولا تصيبه العدوى ولا يمرض إلا قليلاً . وفضلاً عن ذلك ، إن الفلاح يعيش في أحضان الطبيعة تظلله السماء وتغمره أشعة الشمس ، فتمسح بيدها الذهبية ما عشش في جسمه من أوصاب الأمراض وشرورها .
وكذلك إذا شب فإنه ينمو نمواً طبيعياً ، حيث لا مثيرات تهد من كيانه ، فيكتمل نموه ، ويتم نضوجه في أوانه ، ولا يدرك سن المراهقة قبل بلوغه الخامسة عشرة من عمره .
ومثل حياتنا في المدن ، كمثل من أستعجل استثمار البيض ففقسه بأدوات المدنية ، وأخرج فراخاً طبيعية الشكل ، ولكنها ضعيفة المقاومة ، لا قدرة لها على مكافحة تقلبات الجو . ومداعبات الطبيعة .
هذه المرحلة المتسلسلة . من حياتنا في المدن ، تخلق منا جيلاً واسع الخيال نحيل الجسم ، فلا يقوى أحدنا على الصمود أمام هزات الطبيعة العاصفة ، وويلاتها الجارفة .. فتنهار أعصابنا لأقل نازلة تنزل بنا ، وتمرض أجسامنا لأوهى مرض يستضيفنا .. وليس لنا من هذه الحال خلاص إلا بالرجوع إلى الطبيعة وترك قشور المدينة وزخارفها .. ولندع أطفالنا يعيشوا في الهواء الطلق ، تغمر أجسادهم أشعة الشمس ، وتلدغ جلودهم قوارس البرد . وإن لا نكثر من تدثيرهم بالألبسة خشية البرد ، ولا نغالي في إطعامهم المواد الدسمة ، فنتخم أجهزتهم الهضمية . ولندعهم يعيشوا بين أحضان الطبيعة ، فيشبوا أقويا أصحاء ، وبذلك تغدو الذرية والأجيال القوابل ، أقوى جسماً ، وامتن عصباً ، من جيل النخر المائع ، الذي يكاد من ضعفه (( إذا الريح مالت مال حيث تميل ..! )) .
تقبلوا تحياتي
(منقول)
KDD ORANGE @kdd_orange
عضوة فعالة
يلزم عليك تسجيل الدخول أولًا لكتابة تعليق.
الصفحة الأخيرة
بس انا اول مرة ادري عن مضار زيت الخروع انا بين الحينة والاخرى اعطي اطفالي منة
فها فية مضرة
وشكرا