انظروا إلى حالي

حالي وما أدراك ما حالي في 00000
خرجت من خيمتنا ..

التفت يمنة ويسرة..

أخذت أنظر لمن حولي من خيام الاجئين ..

رأيت صبية صغار لاحول لهم ولا قوة..

هذا يلهو بالرمل..

وهذا يتضور من الجوع..

وأخر يشكو يتمة..

وهذه امرأة عن يميني تسقي نفسها وطفلها الماء..

آه.. تنهدت قليلاً..

أخذت عوداً بجانبي وجلست أرسم خطوط على الأرض..
تذكرت حينها منزلنا.. يالله من كان يتصور أننا بعد الحياة العزيزة ..
سنرمى في هذه البراري الموحشة لا يحرسنا سوى الرجال العاجزين والشبان الصغار..

أخذت أسبح في ذكريات الماضي.. مررت على غرفتي الجميله..
وتسريحتي المليئة بالعطور والورود..وعلى حياتنا السعيدة..,

أفّّطر زوجي.. ثم ذهب لوضيفته.. ثم أتفرغ للمنزل.. أنظف وألمع وأرتب..

اعانق طفلي ثم أحممه وأنا ألاعبه وأملاء جو المغطس بترانيم الأناشيد..

مرة عن الأم.. ومرة عن الأب.. وأخرى عن الجده
( جدتي جدتي**حلوة البسمتي**لم يزل حبها** ساكناًمقلتي).

أجهز الغداء..أقراء كتاباً نافعاً ريثما يعود حبيبي ومهجة فؤادي..

بااااابااااا.. يطلقها طفلي وهو يركض باتجاه الباب حينما يسمع صوت خرخشة المفتاح..

أهلا بني.. (أوبه) يرفعه عليا.. يضحك طفلي.. فيضحك والده وأنا..

كلنا نشتاق لك ونحتاجك يازوجي..

الغداء جاهز.. اتريده الأن أم ننتظر..
زوجي: نصف ساعه أريد أن أقراء الأخبار عبر الأنتر..

حسناً حبيبي كما تشاء..
نضع الغداء .. نتغدى سوية..وبجانبي عصفوري الصغير..

وبعدها..
نتبادل أخبار اليوم.. ونتفق على برنامج مفيد ومسلي ننهي به هذا اليوم..

اااااااااااه .. أين أنت يا أبا عبد الله... ليتك ترى حالي وحال طفلك.. طفلك الذي تحزن للسعة البعوض على جسدة!!

هاهو يتضور من الجوع والمرض .. هاهو باشد الحاجة لك فاين انت؟؟
سقطت مني دمعات حاولت أخفائها..
نهضت ودخلت خيمتنا التي لا تكاد تكفيني أنا وطفلي الصغير..

ولكن الحال جعلنا نضطر أن نؤي معنا المحتاجين..

كانت معي عجوز كبيرة وبصحبتها أبنتها..
كانت أبنتها(مها) تبكي كثيراً. وحينما سألتها..

أخبرتني بألم أنها فقدت جميع أخواتها وأخونها ولم يتبقى معها سوى والدتها واحد اخوتها الكبار..

بكيت لحالها وأخذت أسأل نفسي..هل والداي وأخوتي بخير...

اااه ليتني أعرف ما حالهم..ليتهم هنا بجانبيااااااه لاطمئن عليهم وعلى اخوتي..

الله اكبر..الله اكبر.. المجاهدون استطاعو تدمير قافلة كبيرة لجيش العدو الله اكبر..

واخذن النساء يكبرن بفرح.. خرجت مسرعة للمصدر..

هللت وكبرت وحمدت الله على ذلك...ثم اقتربت لأسال المبشر..

اخي هل لك أن تجاوبني؟؟
نعم تفضلي؟؟
اخبرني ارجوك ما حال ابي عبد الله ؟؟هل هو حي يرزق ام ميت نحسبه شهيد؟؟؟
ام جريح ندعو له بالشفاء؟؟اخبرني ارجوك؟؟

حينها سالني: من؟؟ هل هو قائد؟؟

لا ادري هو مع المجاهدين وهذا ما اعرفه!!

حقيقة لا أدري من تقصدين.. لا أدري
وقفت امامه حائرة ..
حبست دمعاتي.. وعدت لخيمتي وانفجرت بالبكاء..

اقتربت مني العجوز ومسحت راسي وسالتني..
بنيتي ما بك تبكين؟؟
هل حصل لابي عبد الله امر؟؟

قلت لها وانا امسح دموعي الحوار..
لا ياخاله.. لم اعلم عنه شئ ..
ردت قائلة :أحمدي الله يا ابنتي ان زوجك أستطاع الذهاب والأنظمام مع المجاهدين الصادقين.. ليس كأبني ..هداه الله؟؟
سألتها: أبنك.. لما لم يذهب؟؟ ألا يعلم بأننا في أمس الحاجة له؟؟

قاطعتني قائله: لقد ذهب.. نعم ذهب هو وعدد كبير من الشباب.. إلا ان المجاهدين ردوهم..

أجبتها: كيف.. ردوهم..؟؟ أنهم بأمس الحاجة لمن يكثر سوادهم.. فكيف يردوهم؟؟؟؟

أجابتني: ليس مع المجاهدين من عدة وذخائر لكفايتهم فكيف لكفاية هؤلاء..؟؟

وخاصة أنهم يحتاجون للتدريب .. فهم لم يدربو أنفسهم أصلاً فكيف لهم أن يجاهدو بدون تدريب..

ولكن الحمد لله فالمجاهدون وعدوهم بأن يكون لهم نصيب من الغنائم ليتدربو ويلتحقو بهم عن قريب..
عاجلتها:وأين هو الأن..؟؟
أنه مع مجموعة كبيرة من الشباب..
مخيمهم ليس ببعيد على مقربة منا..
يشكون كما نشكي من قلة الزاد والدواء..

قلت حينها: أهااااا هكذاا..أي نساء مثلنا!!
أذن أبنك ضحية منافقين ومثبطين..لم يستعد..؟؟
حسبي الله ونعم الوكيل..ضيعتموهم بخمور وتفحيط..وحرمتموهم من التدريب والتسليح..ومسخت أفكارهم ولا أرى ذلك ألا غباء يمهد للطواغيت أحتلالهم لبلادنا ولخيراتها.. أبكو..
فالندم لن يفيد..ولن يعيد..
تركتم سنة نبينا وكتاب ربنا.. وأخذتم تحللون الدين بأفكاركم الساذجة وتوهماتكم الغبية..
وجعلتموها بأسم السلام والفكر والحكمة..

اااااه لك الله يا أبا عبد الله..

كم كنت تستعد لهذا بالتدريب وبشراء السلاح..
وكم كنت أعارضك خوفاً عليك..
إلا أني أكتشفت انك أذكى مني بكثييييير وكثيررر.
أسأل الله أن يتقبلك شهيد..
الطائرااااااااااااااات..
أهربوووووووووووووووووووا ..
القصف هيااااااااااااااااااا أهربوووووووووووووووووو
أخذ الأطفال يصرخون.. وأمهاتهم يركضون بهم للجبال..
خطفت طفلي وهو نائم..
وخرجت مسرعة وخلفي (مها) تجر أمها ولو أنها أستطاعت حملها لما بخلت..
قربت الطائرات وعلا صوتها من فوقنا اخذت اجري بسرعة واخذ طفلي يصرخ..
(فقد اعتدنا على هذا منذ بداية الحرب)

اخذت اصرخ خلفي.. مهااااااااا ارجوك بسرعه هيااا!!

فقد احببتها هي ووالدتها واخاف ان يصيبهم مكروه..
اختلطت مع الزحام ولم اعد ارى مها؟؟
دعوت لهم ولنا وانا ابكي من الخوف..
انزلت الطائرات قنابلها لقتلنا!!
نعم لقتل الابرياء؟ نعم لانهم مسلموووووون
ااااااه الصوت من فوقي ..
انه يقترب اشهد ان لا اله الا الله .. اشهد ان لا اله الا الله..
اللهم تقبلني وطفلي..
صوت انفجار..!!
سقطت على الارض من شدة الهول..
وتدحرج طفلي امامي واخذ يصرخ بهلع شديد..
اقتربت منه بسرعه والصقته بصدري.. تتابعت الانفجارات العظيمة بعدها.. اخذت ادعو وانا اجهش بالبكاء وطفلي لازال يصرخ..

التفت خلفي.. ياالله منظر غريب مرووع .. اشبه ما نراه في الافلام..

اقترب منا الغبار.. واقترب حتى تلاشى..
لقد خلفت الطائرات حفر عميقة في مخيمنا..أرجو ان لم يصب أحد بسوء..

أخذن النساء في البكاء والأطفال في الصراغ والزعيق.. أنه منظر مؤساوي نعيشة كل يوم..
لم أعد أستطيع النهوض..فالجوع والخوف أربكني فلم أعد أستطيع الوقوف..

أخذن النساء بالنزوح من الجبل.. وبقيت أنظر لطفلي المريض البائس..

الصقته بصدري .. وأخذت أبكي وأقول .. لنا الله..

حينها نظرت من بعيت لخيمتنا الممزقه و تذكرت؟؟

(مها.. هل أراك حين أعود؟؟؟)

رررررررررررررررررررررررررررررررررررررررررررررررررر
رررررررررررررررررررررررررررررررررررررن

أقفلت الساعة..
الساعة تشير للثامنة والربع..
ااااه أنه كابوس مفزع..أعوذ باالله من الشيطان الرجيم..

هرولت مسرعة للأنتر..فتحت الأخبار..
(أريكا تستعد لضرب العراق)

(السعودية ترسل جيشاً لحماية أرض الكويت من العدو)
أخبار وأفكار منكوسة.. من يحمي من..

لالالالالالالا لن أستطيع فعل شئ!!!
أقفلت الجهاز..وذهبت مسرعة لمخزن الشقة.

أخرجت شنطة قماشية..
وضعت بها قميصان لي ولطفلي.. اااااا وماذا بعد..
أهاااا وشراب فيفادول.. وبنادول .. أهااااا وهذا شاش ومعقم..
وكسرة خبز... اممممم وماذا بعد.. ومقص صغير...

ولا أنسى أن أذكر زوجي.. أن يبيع طقم الذهي ويشتري لي سلاح لأجهز به أحد الغزاة..
أممممم وماذا... هيا أسعفوني...
أكملواااااااااااااااا
ماذا بقي؟؟؟؟؟
م ل ط و ش