السلام عليكمورحمة الله وبركاته
القلوب من حيث الثبات على الخير والشر والتردد بينهما ثلاثة :
_ الأول : قلب عمر بالتقوى ، وزكا بالمجاهدة ،
وطهر من خبائث الأخلاق ، فهذا تنقدح فيه خواطر الخير تترى ..
فينصرف العقل إلى التفكير فيها ، ليعرف دقائق الخير ،
ووجوه الفوائد فيها ، فيحكم أنه لابد من المبادرة إليها …
عند ذاك يمد المَلَـك هذا القلب بجنود لا قبل للعدو بها ،
فيتيسر الأمر له ، ويجر هذا الخير إلى خيرات أخرى ..
وإلى هذا الإشارة بقوله تعالى :
( فأما من أعطى واتقى ، وصدق بالحسنى فسنيسره لليسرى )
وفي هذا القلب يشرق نور المصباح من مشكاة الربوبية ،
فلا تخفى عليه خافية مما يحاول الشيطان أن يروجه ،
بل يقف العدو من بعيد يتربص ، ويحاول الاختلاس إن لاحت له فرصة ..
وهذا هو القلب المطمئن بذكر الله ، العامر بأنوار اليقين ،
المتعلق بالله والدار الآخرة ..
_ أما القلب الثاني : فهو القلب المخذول المشحون بالهوى ،
المدنس بالأخلاق المذمومة والخبائث ، المفتوح فيه أبواب الشياطين ..
فهو مرعى الشيطان ومرتعه ، يزخرف فيه الباطل ، ويزين له الضلال ،
ويمنيه الأماني ..الخ وإلى هذا الإشارة بقوله تعالى :
( أفرأيت من اتخذ إلهه هواه ؟ أفأنت تكون عليه وكيلا ،
أم تحسب أن أكثرهم يسمعون أو يعقلون ، إن هم إلا كالأنعام
بل هم أضل سبيلا )
_ أما القلب الثالث : فقلب تبدو فيه خواطر الهوى فتدعوه إلى الشر ،
فيلحقه خاطر الإيمان فيدعوه إلى الخير ،
فتنبعث النفس بشهوتها إلى نصرة خاطر الشر ، فتقوى الشهوة ،
وتحسن التمتع ، فينبعث العقل إلى خاطر الخير ويدفع في وجه الشهوة ،
ويقبّح فعلها ، وينسبها إلى الجهل والحمق ،
ويشبهها بالبهيمة في تهجمها على الشر ، وقلة اكتراثها بالعواقب ..
فتميل النفس إلى نصح العقل ..
فيحمل الشيطان حملة قوية على العقل فيقوى داعي الهوى ، فيقول :
ما هذا التحرج البارد ؟ وما ضرك إذا فعلت ؟
ولم تمتنع عن هواك ونفسك فيه ؟ إن الناس جميعهم يفعلون …الخ
ولا يزال يزين ويمني حتى تميل النفس إلى إيحاءات الشيطان ،
فيحمل المَلَك بدوره حملة لعل وعسى ..!
مذكراً بالعواقب الوخيمة للمعصية ، منبهاً على الحقائق الكبرى
مثل رقابة الله تعالى ، وقربه سبحانه ونحو هذا ..
فلا تزال النفس تتذبذب بين الجندين إلى أن تغلب على القلب ما هو أولى به ..
وإلى هذا الإشارة في الحديث الشريف :
" القلوب أربعة : فقلب أجرد فيه مثل السراج يزهر ، فذلك قلب المؤمن ،
وقلب أغلف ، فذلك قلب الكافر ،
وقلب منكوس ، كالكوز مجخيا ، عرف ثم أنكر ، فذلك قلب المنافق ،
وقلب فيه مادتان : مادة إيمان ، ومادة نفاق ، وهو لما غلب عليهما ..
أو كما قال صلى الله عليه وسلم ..
** فائــــدة :
إذا أردت الخلاص من الشيطان : فقدم الاحتماء بالتقوى
_ بدوام المراقبة لله سبحانه ، وشدة الخوف منه _
ثم أردفه بالذكر الكثير في كل أحوالك _
والفكر فيما يعود عليك بالخير دنيا وآخره _
فإن فعلت ذلك :
فإن الشيطان ينقمع ويفر منك ..ولا يكون له عليك سلطانا
إلا أن يوسوس من بعيد بين الفنية والفينة ..
مع تحياتي
اختكم
ازهار الربيع
يلزم عليك تسجيل الدخول أولًا لكتابة تعليق.

الصفحة الأخيرة
أشكرك على حسن اختيار ..
موضوع رائع .. وانتقاء مميز ..
نسأل الله أن يجعل قلوبنا عامرة بذكره سبحانه .. وان يجنبنا الفواحش والفتن .. ما ظهر منها وما بطن ..
جزاك الله خيرا ..