ان حكينا ندمنا وان سكتنا قهر

السلام عليكم ورحمة الله وبركاتة جميلة هي الدنيا ! بأحبابك وخلانك ، تأخذ منهم المفيد ، وتفيدهم ما يفيد ...

جميلة هي الدنيا بغرائبها وفرائدها ، أضداد ومتناقضات هنا وهناك ، بل إنك تجدها في الشخص نفسه ، بل إن أصابع يدك لا تتساوى أبدا !

ولو تأملت الحياة برمتها لوجدت الغرابة جلها ، أخوة تربوا تربية واحدة ، تحت كنف والدين متحدين ، ولكن الاختلاف شاسع ، والبون بينهما كبير ، والأخلاقيات مختلفة . لماذا ؟ لأن الله ـ سبحانه ـ هو الهادي لا غيره جل وعز .

وهناك أصدقاء حياة ، كسبتهم بمحض الصدفة ، خلال تعاقب الليل والنهار ، فتطورت العلاقة بينكما ، حتى وصلت إلى حد الأخوة ، بل إنك قد أعطيته وقتك وجهدك وكل ما تملكه ، كل ذلك في سبيل مودة ومحبة أنبتتها الأيام والليالي !

ولكن ! وما أدراك ما بعد لكن :

فإنك في معترك حياة ، متقلبة غير ثابتة على وتيرة واحدة ، بل النفسيات تختلف بين فترة وأخرى لشخص واحد حسب ظروف ومتغيرات ...

وأنت صديق صادق صدوق قد تشاهد خطأ فتريد إصلاحه تجاه أخيك الذي لم تلده أمك ، ولكنك تتفاجأ من هول الموقف ، وصدمة السخط من الطرف الآخر ، فهو لا يريد أن تهدي له عيوبه ، وكأنه الكامل المكمل ولا غيره ، ناسيا متناسيا أن الصديق من يصدق مع صاحبه لا من يضحك معه ، ضارا إياه من حيث لا يشعر بذلك الضرر !

عجيبة هي الدنيا ، شعار اتخذه البعض : إن لم تكن معي فأنت ضدي ، ويا للعجب ! هل تكون مع الشخص حتى في خطئه ؟! وهل النقد الرزين الهادف البناء لأخيك ينقص من قدره ومكانته ؟!

للأسف أصبحت حياتنا كلها مجاملة في مجاملة ، فلا سبيل للاستفادة من الآخرين ، وكأن الشخص يولد وهو عارف للخفايا والسرايا !

فهل نسكت على الخطأ ونصبح كشيطان أخرس ، لا ينطق بالحق ، فيخدع زميله بذلك ، أم أننا نظهر النصيحة لمن أحببنا فتكون النتيجة لحظتذاك ، تحت وطأة رحمة نفسية من سنقابل !

ولكن من وجهة نظري أن تؤدي ما تؤتمن عليه في حياتك ، ولا تغرنك الدنيا بزخرفها ، ولتكن سريرتك إلى الله أقرب ، فهو الأعلم بالخفيات وبواطنها ، وكل ميسر لأخيه بالنصيحة ، فليأخذ بها من يود الاستفادة من أخيه ، وكل صاحب مكمل لأخيه ، وليس كامل بنفسه ، والسعيد من أخذ الحكمة أنى وجدها ، فهذا هو شعار المؤمن الفطن !

فهل سنتحدث وننصح من يخطئ أمامنا ، واضعين بتصورنا أن النتيجة قد لا تسر ، أم أننا سنسكت ، ونضحك ، ونخدع أصحابنا ، ويصيبنا الألم الداخلي لشيء نشاهده ، ولا نحتمل السكوت عنه ، ونصبح لحظتها كالشيطان الأخرس