
و يرحل الرجال هاتفين بالبنادق الطويلة
و يمسحون دمعة تطل من جفونهم
يقبلون طفلة صغيرة
و زوجة تسح دمعها
يودعون أهلهم و يرحلون نحو غابة الجحيم
و يحفرون خندقا ..
و يدخل الغزاة ...
فتصرخ الطيور و الأعشاش و الغيوم
يقهقه الشيطان في الظلام
و يمسكون بالصغار و النساء و الفـَـرَاَش
و ينزعون من أحضان طفلة دمى مقطوعة الرؤوس ..
و يقتلون ألف رحمة تسير في الضلوع ..
و كل بسمة تغتال بالدموع ..
و كل نبضة تهتز في الحنايا تذوب كالشموع ...
و ألف نسمة من ذرى العراق تحتضر
و يدلق النحيب
لهيب
لهيب
بابل المعلقة لم تعد معلقة ...
كلها تساقطت كآهة في فم المريض ...
و المنصور .. ينتفض ..
و عينه تفيض بالشرر ..
لا تحرقوا بغداد .. لا تحرقوا بغداد ..
لكنهم لا يسمعون ..
و يختفي هتافه في كومة الضجيج ..
ويعتلي الفحيح
و تبدأ القرود بالصياح ... و تبدأ الكلاب بالنباح ..
و الفرات
يغص بالدماء و النشيج
و تجثو ألف طفلة مخنوقة البهاء
و تدعو في خشوع
رباه .. قد صدنا الجميع
رباه ..
نخلنا المحروق يبتهل ..
وجوه أمهاتنا تلوك حسرة و دمعة ..
يرفعن أكفهن يرتجفن
يدعين و القلوب تختنق ...
متى الرجوع ؟!
رباه .. نريد رحمتك ..
و طائرا كالثلج بيننا يقبل الزهور
و يجلب الغذاء و الدواء .. لأمي العجوز
و ينقذ العراق من قبضة الوحوش و الأفاعي و اللصوص ..
فالكلمات أروع من أن يعلق عليها
رائعة كعادتك ومتميزة