بداية جديدة مع الله

ملتقى الإيمان

روشتة بداية جديدة مهما اختلفت أسباب الهداية لأيٍ منا، تظل الخطوة الأولى في الطريق هي الرغبة والإصرار على التغيير .. فإلحاحك على نفسك برغبتك الصادقة في التغيير للأفضل، يفتح لك الباب ..
وها أنا ذا قد رغبت رغبة صادقة في التغيير وأريد أن أسير في الطريق إلى الله تعالى، فمن أين ابدأ؟

أول طريق التوبة يبدأ من الاستغفار .. قال تعالى {وَمَا أَرْسَلْنَا مِنْ رَسُولٍ إِلَّا لِيُطَاعَ بِإِذْنِ اللَّهِ وَلَوْ أَنَّهُمْ إِذْ ظَلَمُوا أَنْفُسَهُمْ جَاءُوكَ فَاسْتَغْفَرُوا اللَّهَ وَاسْتَغْفَرَ لَهُمُ الرَّسُولُ لَوَجَدُوا اللَّهَ تَوَّابًا رَحِيمًا} .. ومن منا لم يظلم نفسه؟!
وقد قُدِم الاستغفار على سائر الأعمال، لإنه يُطهر القلب وينقيه من جميع الشوائب التي علقت به بسبب المعاصي والفتن .. والنبي صلى الله عليه وسلم يقول "تعرض الفتن على القلوب كالحصير عودا عودا فأي قلب أشربها نكتت فيه نكتة سوداء وأي قلب أنكرها نكتت فيه نكتة بيضاء حتى يصير على قلبين أبيض بمثل الصفا فلا تضره فتنة ما دامت السماوات والأرض والآخر أسود مربادا كالكوز مجخيا لا يعرف معروفا ولا ينكر منكرا إلا ما أشرب من هواه" .. وكل ما يشغلك عن طاعة الله فتنة، وليس شرطًا أن تكون الفتنة شيئًا حرمه الله بل قد تكون زوجتك أو أولادك أو عملك .. وهذه الفتن تطبع على القلب وتُحيطه بطبقة سوداء حتى تنزع منه الإيمان. ولو صلُح قلبك سينصلح حالك كله .. ولكن إذا تركت قلبك فاسدًا، فلن تجد تأثير لأي من الطاعات الأخرى التي تفعلها .. قال صلى الله عليه وسلم "ألا وإن في الجسد مضغة إذا صلحت صلح الجسد كله وإذا فسدت فسد الجسد كله ألا وهي القلب" وللاستغفار فوائد وثمرات عظيمة أخرى، منها ..
1) أعظم أسباب نزول رحمة الله .. قال تعالى {..لَوْلَا تَسْتَغْفِرُونَ اللَّهَ لَعَلَّكُمْ تُرْحَمُونَ} .. والرحمة هي الوقود الذي يُحركك لفعل الكثير من الطاعات. 2) أمان ووقاية من عذاب الله سبحانه وتعالى .. قال الله عز وجل {..وَمَا كَانَ اللَّهُ مُعَذِّبَهُمْ وَهُمْ يَسْتَغْفِرُونَ} .. لذا فللاستغفار أهمية كبيرة في محو آثار الذنوب ورواسبها وحِفظك من عقوبتها. 3) سبب للسعادة الحقيقية . إن أغلب الذنوب والمعاصي التي يقع فيها الناس تكون طلبًا للسعادة، ولا يدرون أن السعادة الحقيقية هي في طاعة الله عز وجل والقُرب منه .. فوقتها فقط سُينزل على قلبك السكينة والطمأنينة، وتعيش الجنة الحقيقية في قلبك .. قال تعالى {وَأَنِ اسْتَغْفِرُوا رَبَّكُمْ ثُمَّ تُوبُوا إِلَيْهِ يُمَتِّعْكُمْ مَتَاعًا حَسَنًا إِلَى أَجَلٍ مُسَمًّى وَيُؤْتِ كُلَّ ذِي فَضْلٍ فَضْلَهُ وَإِنْ تَوَلَّوْا فَإِنِّي أَخَافُ عَلَيْكُمْ عَذَابَ يَوْمٍ كَبِيرٍ} 4) صفة دائمة للمؤمنين الذين مدحهم الله تعالى .. قال عز وجل {وَسَارِعُوا إِلَى مَغْفِرَةٍ مِنْ رَبِّكُمْ وَجَنَّةٍ عَرْضُهَا السَّمَوَاتُ وَالْأَرْضُ أُعِدَّتْ لِلْمُتَّقِينَ} ، فالاستغفار هو أول الطريق إلى الجنة .. وصفة للمُتقين الذين أُعدِت الجنة لهم، قال تعالى {وَالَّذِينَ إِذَا فَعَلُوا فَاحِشَةً أَوْ ظَلَمُوا أَنْفُسَهُمْ ذَكَرُوا اللَّهَ فَاسْتَغْفَرُوا لِذُنُوبِهِمْ وَمَنْ يَغْفِرُ الذُّنُوبَ إِلَّا اللَّهُ وَلَمْ يُصِرُّوا عَلَى مَا فَعَلُوا وَهُمْ يَعْلَمُونَ} 5) وجعل الله عز وجل الملائكة تستغفر للمؤمنين .. دلالة على عِظَم وشرف الإستغفار، قال تعالى { الَّذِينَ يَحْمِلُونَ الْعَرْشَ وَمَنْ حَوْلَهُ يُسَبِّحُونَ بِحَمْدِ رَبِّهِمْ وَيُؤْمِنُونَ بِهِ وَيَسْتَغْفِرُونَ لِلَّذِينَ آَمَنُوا رَبَّنَا وَسِعْتَ كُلَّ شَيْءٍ رَحْمَةً وَعِلْمًا فَاغْفِرْ لِلَّذِينَ تَابُوا وَاتَّبَعُوا سَبِيلَكَ وَقِهِمْ عَذَابَ الْجَحِيمِ} .. ودعاء الملائكة مُجاب، قال يحيي بن معاذ لأصحابه في هذه الآية "افهموها، فما في العالم جنة أرجى منها. إن ملكًا واحدًا لو سأل الله أن يغفر لجميع المؤمنين لغفر لهم، كيف وجميع الملائكة وحملة العرش يستغفرون للمؤمنين". 6) سببًا للقوة ووفرة الرزق .. قال تعالى {وَيَا قَوْمِ اسْتَغْفِرُوا رَبَّكُمْ ثُمَّ تُوبُوا إِلَيْهِ يُرْسِلِ السَّمَاءَ عَلَيْكُمْ مِدْرَارًا وَيَزِدْكُمْ قُوَّةً إِلَى قُوَّتِكُمْ وَلَا تَتَوَلَّوْا مُجْرِمِينَ} .. فيقوّيك على نفسك ويكون سببًا في أن يُغلق الله الأسباب التي تحول بينك وبين طريقه جل في علاه. 7) سببًا للفوز بالجنة والسرور يوم القيامة .. قال النبي صلى الله عليه وسلم "طوبى لمن وجد في صحيفته استغفارا كثيرا" ، وطوبى هي شجرة في الجنة مسيرة مئة عام . وقال "من أحب أن تسره صحيفته فليكثر من الاستغفار" 8) أعظم القربات إلى الله تعالى .. إذا كنت تشكو من بُعدك عن الله عز وجل، فالاستغفار هو الذي سيوّصلك إلى القريب المُجيب .. قال تعالى {..فَاسْتَغْفِرُوهُ ثُمَّ تُوبُوا إِلَيْهِ إِنَّ رَبِّي قَرِيبٌ مُجِيبٌ} 9) ويكون سببًا في محبة الله لك .. فالله عز وجل هو الودود، والودود: هو الذي يتودد له العباد فيحبوه ويتودد إلى عباده الصالحين فيجعلهم يُطيعوه .. وإسم الله الودود لم يرد في القرآن سوى مرتين، أحدهما في قوله تعالى {وَاسْتَغْفِرُوا رَبَّكُمْ ثُمَّ تُوبُوا إِلَيْهِ إِنَّ رَبِّي رَحِيمٌ وَدُودٌ} .. فالذي يُريد أن يُحب الله ويتقرب إليه وأن يُقابل الودّ بودّ، عليه بكثرة الاستغفار.

فلنتواصى بهدي النبي محمد صلى الله عليه وسلم في الاستغفار .. قال رسول الله صلى الله عليه وسلم "إنه ليغان على قلبي وإني لأستغفر الله في اليوم مائة مرة" فعليك أن تُحيي قلبك بالاستغفار .. فلا يقل استغفارك في اليوم والليلة عن مائة استغفار، ولتُخرجه من قلبك. واحرص على هذه الصيغة التي أوصانا بها النبي صلى الله عليه وسلم .. قال صلى الله عليه وسلم "من قال أستغفر الله الذي لا إله إلا هو الحي القيوم وأتوب إليه غفر له وإن كان فر من الزحف" .. والفرار من الزحف من أكبر الكبائر. وسيد الاستغفار .. قال رسول الله صلى الله عليه وسلم "سيد الاستغفار أن تقول اللهم أنت ربي لا إله إلا أنت خلقتني وأنا عبدك وأنا على عهدك ووعدك ما استطعت أعوذ بك من شر ما صنعت أبوء لك بنعمتك علي وأبوء بذنبي فاغفر لي فإنه لا يغفر الذنوب إلا أنت" قال "ومن قالها من النهار موقنا بها فمات من يومه قبل أن يمسي فهو من أهل الجنة ومن قالها من الليل وهو موقن بها فمات قبل أن يصبح فهو من أهل الجنة" .. هذه كانت الخطوة الأولى في الطريق لكي نُطهر قلوبنا، ثم لنبدأ في أخذ الخطوات التالية شيئًا فشيئًا،،
1
477

يلزم عليك تسجيل الدخول أولًا لكتابة تعليق.

تسجيل دخول

نعم أحبكم
نعم أحبكم
جزاك الله خيرا ونسأل الله الهدايه والثبات