
إنه أفضل برنامج رمضاني!!
لا ننكر أن الجميع يشاهد التلفزيون أو على الاقل معظمهم وخاصة خلال هذا الشهر المبارك الذي يرتفع فيه عدد المشاهدين لسبب واحد وهو للتواجد الاجباري في المنزل خلال أوقات معينة من هذا الشهر المبارك.
هؤلاء المشاهدون منهم من يشاهد التلفزيون للتسلية ومنهم من يشاهد للتعود ومنهم من يشاهد ليستفيد ومنهم من يشاهد ليبحث عن السلبيات وعن تصيد الاخطاء أو من اجل التفتيش عن الزلات القليلة والتغاضي عن الإيجابيات الكثيرة للإعلام الفضائي؟؟
هنا ارجو الا يكون هناك من سيقول ان المرء ليس مجبراً على المشاهدة.. وهناك من سيقول ان من الافضل الا نشاهد التلفزيون إطلاقاً او ان نستبدل ذلك ببدائل اخرى؟؟ فذلك الرفض انما هو هروب وانهزام من مواجهة حقيقية يجب علينا امامها ان نقابلها ونواجهها بكل شجاعة وبكل صدق.. فالتلفزيون والاعلام الفضائي بصفة عامة اصبح حقيقة واقعة لا يجب علينا ان ننكرها أو نرفضها جملة وتفصيلا بمثل هذه الاساليب.. فهي وسيلة تتزايد اهميتها وفعاليتها يوما بعد يوم والدعوة إلى محاربتها أو التحذير منها كليا.. انما هي دعوة لا تخدم الواقع الذي ستنشأ فيه الاجيال المسلمة في الزمن الراهن والمستقبل.. لذلك يجب علينا ان نشاهد القنوات الفضائية ونتفحص ما تحمله لنا من برامج فضائية وندعم ماهو مفيد ونعالج ما هو غير ذلك بكل هدوء وبكل عقلانية وبما يخدم مجتمعنا واجياله الحاضرة والقادمة؟؟
فعلى سبيل المثال في خضم ما تحمله لنا الفضائيات من برامج ومن مشاهد خلال هذا الشهر المبارك هناك برنامج يومي تبثه يوميا محطة تلفزيون الشرق الأوسط (mbc) في حوالي الساعة الخامسة مساء بتوقيت المملكة يحمل اسم (يللا شباب) ومن عنوان اسمه انه برنامج موجه لفئة الشباب العربي المسلم ورغم انه برنامج كانت المحطة تبثه قبل شهر رمضان ولكن خلال هذا الشهر جاء مضمونه مختلفاً جداً عن مضمونه قبل رمضان وهو برنامج يخاطب الشباب بأسلوب وبطريقة مميزة جداً استطاع من خلالها ان يحظى بقبول وبمتابعة من فئة كبيرة من الشباب ومن المشاهدين وخلال شهر رمضان المبارك حمل هذا البرنامج عنواناً إضافياً لجميع حلقاته الماضية وهو "رحلة مع الشيخ حمزة يوسف".. وهذا الشيخ هو مواطن امريكي مسلم من ولاية (كاليفورنيا) تحول بعد إسلامه إلى داعية إسلامي في أمريكا. (أكرر أمريكي الجنسية والاصل وداعية إسلامي)؟؟ هذا الداعية الامريكي المسلم قام فريق البرنامج المكون من اربعة من شباب العرب المسلم منهم سعوديون ومصريون برحلة برفقة هذا الداعية المسلم إلى لندن وقابل الفريق مجموعة من الدعاة المسلمين البريطانيين ومنهم (يوسف إسلام) وهو مطرب بريطاني سابق كان يحمل اسم (كات ستيفز) اسلم واصبح داعية إسلامياً مشهوراً.. كذلك قابل فريق البرنامج برفقة الشيخ حمزة يوسف الشيخ الداعية البريطاني المسلم (الدكتور عبدالحكيم) كما قام فريق البرنامج بزيارة إلى بعض المواقع الإسلامية في لندن منها المدرسة الإسلامية التي أنشأها الداعية يوسف إسلام وهي للحق مدرسة إسلامية مثالية كما زار البرنامج غيرها من المواقع.
لكن المهم والاهم في هذا البرنامج هنا هو الفكر الذي يحمله هؤلاء الدعاة ومن يتمعن في كلمات وفي أفكار هؤلاء الدعاة الغربيين الذين اسلموا يتأكد لنا جميعاً حقائق كثيرة يجهلها كثير من المسلمين في البلاد الإسلامية والعربية.؟!!
فالفكر الإسلامي لهؤلاء الدعاة جدير بنا كعرب ومسلمين من دول إسلامية وعربية ان نتمعن فيه بكل دقة، هو إسلام تحقق لهم بصورة مختلفة عما قد يتوقعه الكثيرون.. فهم لم يسلموا إلا بعد ان درسوا الإسلام دراسة علمية ودينية وتاريخية واجتماعية وادبية عميقة جداً من كافة الجوانب تفوق علم وإدراك الكثير من الدعاة المسلمين من دول عربية وإسلامية!!
ويوضح لنا البرنامج الجهود المميزة المختلفة والمجهولة التي يبذلها هؤلاء الدعاة لنشر الإسلام بين المجتمعات الغربية بطرق وبأساليب مغايرة جداً جداً عما يسلكه معظم الدعاة المسلمون بما فيهم الدعاة العرب عامة والسعوديون خاصة الذين يشوب دعوتهم كثير من الغلظة في الاسلوب وفي المظهر!!
في هذا السياق يقول الشيخ الداعية عبدالحكيم وهو داعية بريطاني حول الدعوة الإسلامية في الخارج وخاصة في الدولة الغربية: ان مصيبتنا الكبرى؟! في الدعوة للإسلام هي في بعض الدعاة الذين يأتون إلينا من الدول العربية والإسلامية فهم يجهلون المجتمع الغربي كليا من كافة الجوانب واسلوبهم في الدعوة أسلوب متكبر وغليظ ولغتهم تكون ركيكة جداً وهم بهذا يسيئون للإسلام ويشوهون الدعوة للإسلام.. واضاف الداعية عبدالحكيم بأننا نطلب من هؤلاء الدعاة ان يتركوا مهمة الدعوة للإسلام في هذه المجتمعات الغربية للدعاة الغربيين المسلمين انفسهم فهم أعلم بمجتمعاتهم من كافة الجوانب.؟؟
كما اضاف الشيخ الداعية يوسف حمزة بأن من المواقف التي يذكرها انه في بلاده كان يحرص جداً على إقامة علاقات طيبة جداً ومميزة مع جميع جيرانه السكان الأمريكيين وكان على تواصل مستمر معهم في أمور كثيرة وفي كل المناسبات.. وعندما وقعت أحداث الحادي عشر من سبتمبر وما صاحب ذلك الحدث من ردة فعل غاضبة من بعض الأمريكيين تجاه المسلمين هناك حضر إليه أولئك الجيران الامريكيون معبرين له عن تضامنهم معه ووقوفهم إلى جانبه.. وهذا الموقف الايجابي المشرف من هؤلاء السكان الأمريكيين كان نتيجة للعلاقة الحسنة معهم طيلة سنوات كثيرة رغم اختلاف دينه عن دينهم.. هذا التصرف حدث عكسه تماماً مع بعض المسلمين هناك عندما وقعت احداث الحادي عشر من سبتمبر وشاهدوا ردة فعل الامريكيين تجاه الإسلام والمسلمين سارع هؤلاء السكان المسلمون إلى رفع العلم الامريكي معبرين للامريكان بأنهم معهم وليسوا ضدهم؟؟ هذا التصرف من هؤلاء المسلمين كان سببه انعزالهم الاجتماعي عن الشعب الامريكي قبل الاحداث؟؟ ايضا قام فريق البرنامج بمقابلة صاحب كنيسة في لندن وبجوارها مسجد وقد اكد صاحب الكنيسة متانة العلاقة الحميمة بين المسيحيين والمسلمين عند حضورهم للمسجد وللكنيسة وحسن التعامل المثالي بينهم كمجتمع واحد..
خلاصة القول ان هذا البرنامج جاء على قدر كبير من الفائدة التي يجب ان يستفيد منها المسلمون عامة وخاصة للدعاة منهم.. وأكرر هنا ان من يشاهد هذا البرنامج يدرك العقلية والتفكير المميز والراقي الذي يحمله هؤلاء الدعاة مما يزيد المسلم فخراً بوجودهم في هذه المجتمعات.. والاهم هنا في هؤلاء الدعاة هو التمكن العلمي والثقافي واللغوي والتاريخي والادبي الرفيع في كل مجالات الإسلام وشؤونه ابتداء من الحفظ الكامل للقرآن الكريم وتفسيره وحفظ السيرة النبوية والاحاديث الشريفة ومعرفة لتاريخ الإسلام بكافة عصوره بل وصاحب ذلك العلم المعرفة العالية باللغة العربية الفصحى المكتملة تحدثاً ونحواً وهذه كلها صفات مكتملة قل ان نجد لها مثيلا في الدعاة المسلمين من الدول العربية والإسلامية فكيف إذن بالفرد المسلم من غير الدعاة؟؟؟
والملفت للنظر والمهم هنأ ان هؤلاء الدعاة قد كان إسلامهم وجاءت حصيلتهم الإسلامية الراقية الصادقة وفكرهم الإسلامي الرفيع المكتمل شكلا ومضمونا وتعاملا إن شاء الله قد تحقق لهم ذلك كله بفضل الله ثم بفضل اطلاعهم وقراءتهم العميقة للإسلام ولم يتحقق لهم هذا الإسلام المثالي بالتلقين المتكرر أو بالامر أو بالزجر أو بالوعيد أو بالتهديد أو بما شابه ذلك من الاساليب الإجبارية السطحية التي ينهجها معظم الدعاة للاسف الشديد؟؟!!
وبقدر ما نشكر محطة (ام بي سي) على هذا البرنامج الا انه ظلم بتوقيت عرضه لذا نتأمل ان يعاد النظر في توقيت عرضه الحالي وان يكرر عرضه في أوقات مختلفة.. وان يتواصل البرنامج في هذا السياق بصفة دائمة ليشمل جميع دول العالم وان يتم توثيقه لمن يطلبه من المستفيدين ومن المشاهدين والمتخصصين فهو وثيقة إسلام مفيدة من جوانب كثيرة.
فشكراً للقائمين على هذه المحطة مرة أخرى على هذا البرنامج فهو برنامج يستحق الدعاية والكتابة عنه لانه جاء في زمن اصبح المشاهد يفتقر إلى مثيله وبعد ان اصبح هدفا لجذبه نحو برامج مضحكة وغير مفيدة للمرء وللأسرة ككل.. فهل يتحقق ذلك نتمنى ذلك.
بقلم:عبدالرحمن آل الشيخ.