هلا بكلمة سر .. ( هل ترتدين طاقية الاخفاء ؟؟ )
أصبحت غيباتك كثيرة .. أكيد ستقولين الدراسة .... أواااااه من الدراسة .. أدعوا لي جميعا فقد أصابتني حالة بلادة هذا الترم .. لا أشعر بالخوف والقلق .. ولا أذاكر الا نادرا .. رغم أن لدي ملازم ( قد الجبل ) الله يعين ..
أنتظر قصتك بشوق .. وأتمنى أن تتفرغي أكثر ........ حتى تعملي لنا مقابلة جديدة .. قبل أن يقترب موعد الإمتحانات ونختفي نحن أيضا .. ( يا ويلك لو سويتيها أيام اختباراتي ... أفرشك .. على فكرة اختباراتي قبل المدارس عادة بأسبوع )


دونا
•
lلقد كانت تبلغ من العمر ست سنوات..لكنني عندما حادثتها شعرت أنه أكبر من ذلك بكثير..
منذ أن أتيت إلى هنا و هي تجلس هناك...رثة الثياب..تحملق في الأفق..
لقد عافت اللعب و فضلت بقاء وحيدة....في ذلك الممر الضيق..
اقتربت منها و سألتها:ما لك يا صغيرتي؟
نظرت إلي بشيء من الريبة..ثم أزاحت ببصرها بعيداً عني..
قلت لها:أين بيتكم يا زينة؟
أشارت بيدها نحو منزل قد انهار نصفه..و كسته سحابة سوداء..يخيل للرائي أنه قبر سحيق بلا قاع..
عندها علمت أن خلف ذلك الوجه الهزيل قصة ما..فجلست بجوارها و سألتها:ما اسمك يا صغيرة؟
-أنا زينة..لكن من تكون يا عم؟
-أنا مراسل صحفي يا صغيرتي..أجمع القصص من هنا و هناك...
-و لماذا تجمعها يا عم..؟
-حتى يعلم الناس في كل مكان ما تعانون..و ما تجدون..
-ثم ماذا؟؟
ألجمتني عبارتها..فهربت من سؤالها بسؤال:
-هل لك إخوة يا زينة؟
-نعم لي أخ واحد اسمه حسان..
-و أين هو الآن؟
-عدت ذات مرة من المدرسة...و إذا بي أراه ينتظرني أمام منزلنا..ركضت نحوه كعادتي..و ارتميت في حضنه..فابتسم لي ثم قبلني و مسح بيده على شعري وهو يقول:كوني عاقلة يا زينة..اعتني بأمي و أبي...كوني لهما الدواء..و الأنيس..زينة أنا ذاهب و قد لا أعود..فادعي لي في صلواتك ..اذكريني بالخير...و تمني لي التوفيق..
أجبته و قد بدأت دموعي بالهطول:لا تتركني يا أخي؟؟
ربت على كتفي و قال لي بصوت حزين:زينة..عديني أن لا تبكي..فأنت مسلمة..و المسلمة قوية..سيأتي اليوم الذي تصنعين فيه جيلاً جديداً فاحرصي على أن يكون مخلصاً لله..قوياً و مقداماً..لا يرضى بالذل و لا الهوان..
أجبته:لا تتركني يا أخي..
قبلني..و نظر إلي ثم غادر مسرعاً..حاولت اللحاق به فتعثرت و وقعت..خيل لي أنه سيهرع نحوي ليحملني بين ذراعيه كما كان يفعل دائماً..لكنه اختفى تماماً ...و غاب عن نظري إلى الأبد..
عدت إلى منزلنا فرأيت أمي تنشد الأناشيد على غير عادتها..و قد لونت ثغرها ببسمة حانية..و ما أن رأتني حتى وضعتني في حجرها و هي تقول:آن لك أن تفخري بأخيك يا زينة..لقد ذهب ليدافع عن دينه..عن وطنه..عن مستقبله..لقد ذهب لرفع اللواء ..و هزم الطغاة..ذاهب ليثبت للجميع أنه من أحفاد عمر و عثمان..لكنني أجبتها: أريده هو يا أماه ..أريد أخي..
عندها أزاحت بوجهها بعيداً ...شعرت بصدرها يعلو و يهبط...و سمعت لسانها يردد:وفقه يا رب..
-و أين والدتك الآن يا زينة؟
-رحلت منذ وقت طويل..
-كيف؟
-في أحد الأيام و بينما كنا نياما..تعالى طرق شديد على باب دارنا فنهضت من فراشي فزعة..و هرعت نحو أمي التي حوتني بين ذراعيها..بينما مضى والدي نحو الباب ليفتحه..و إذا بسيل من الجنود ينجرف نحونا..جذب أحدهم أمي بقوة..و أخذ يضربها بشدة و هو يطلق كلمات غير مفهومة ..بينما أمسك ضابط قاس الملامح أبي من رأسه و جره في عنف إلى الخارج قائلاً:هل تعلم ماذا فعل بنا ولدك أيها الحقير؟..لقد فجر باراتنا..و قتل جنودنا..و أقض مضاجعنا..
فابتسم والدي و تمتم :الحمد لله..الحمد لله..
فركله ذلك الضابط المتوحش في وجهه بلا رحمة حتى أدماه ....و اختفت ملامح والدي الحبيب...لكنني استطعت أن أرى عيناه..لقد كان ينظر إلي بنظرة أقرب ما تكون إلى نظرة حسان الذي غادرنا..هممت أن أركض نحوه..أن أمسح عنه دماءه..لكن أمي أمسكت ذراعي بقوة..و أبت أن تتركها..عندها نقلت بصري نحو ذلك الرجل الجلف..أتراه يملك قلباً في أحشائه...أتراه يعلم ما معنى الرحمة..هل كان طفلاً قبل أن يتحول إلى مسخ..لا أظن..
و فجأة رأيت ذلك الكافر يخرج شيئا قاتم اللون من جيب بنطاله..عندها و ضعت أمي يديها المجروحتين أمام عيني..فأظلمت الدنيا..و لم أميز بعدها سوى صوت اعتدت سماعه في صباحي و مسائي..صوت كان كفيل بأن يحطم حياتي..صوت الرصاص...
تسارعت أنفاسي...و ازددت التصاقاً بأمي و بت أردد بلا وعي..أمي لا تتركيني..الظلام أحب إلي من شمس يشع فيها حكمهم...تدمعني فيها أفعالهم..أمي بالله عليك لا تتركيني ..
و قبل أن تجيبني سحبها الجنود من شعرها ...على الأرض الممتلئة بالحصى..و ارتسمت الدماء خلفها كخطوط عريضة لتعلن نهاية الرواية..ركضت خلفها..سمعتها تصرخ..تناديني..حبيبتي زينة..لكن تلك السيارة انطلقت في عجل..حتى ذاب صوتها في الأرجاء و اختفى...
ارتميت على الأرض أبكي..و أصرخ..فلم يهرع نحوي أحد..لا حسان ..و لا أمي ..و لا والدي..لم يهرع نحوي أي شخص.. نمت ليلتي على الرصيف..و عندما عدت في اليوم التالي إلى دارنا و جدتها تضرم بالنيران...لعبي و حرقوها...أحلامي و مزقوها و طفولتي و سرقوها..ماذا يريدون بعد..هل هم ذئاب ضارية لا تشبع أبداً...و منذ ذلك اليوم و أنا أجلس هنا على أمل أن يمر أحد من أحبابي..أمي أو أبي أو حسان..
-زينة ما رأيك أن تأتي معي..سأطعمك..و أشتري لك لعباً جديدة..و سأغني لك حتى تنامي قريرة العين..
-كلا يا عم..لا أستطيع .. أخشى إن ذهبت معك ..أن يمر أحدهم من هنا دون أن أراه..أمضي يا عم و أجمع قصصك.. فسأبقى هنا..
منذ أن أتيت إلى هنا و هي تجلس هناك...رثة الثياب..تحملق في الأفق..
لقد عافت اللعب و فضلت بقاء وحيدة....في ذلك الممر الضيق..
اقتربت منها و سألتها:ما لك يا صغيرتي؟
نظرت إلي بشيء من الريبة..ثم أزاحت ببصرها بعيداً عني..
قلت لها:أين بيتكم يا زينة؟
أشارت بيدها نحو منزل قد انهار نصفه..و كسته سحابة سوداء..يخيل للرائي أنه قبر سحيق بلا قاع..
عندها علمت أن خلف ذلك الوجه الهزيل قصة ما..فجلست بجوارها و سألتها:ما اسمك يا صغيرة؟
-أنا زينة..لكن من تكون يا عم؟
-أنا مراسل صحفي يا صغيرتي..أجمع القصص من هنا و هناك...
-و لماذا تجمعها يا عم..؟
-حتى يعلم الناس في كل مكان ما تعانون..و ما تجدون..
-ثم ماذا؟؟
ألجمتني عبارتها..فهربت من سؤالها بسؤال:
-هل لك إخوة يا زينة؟
-نعم لي أخ واحد اسمه حسان..
-و أين هو الآن؟
-عدت ذات مرة من المدرسة...و إذا بي أراه ينتظرني أمام منزلنا..ركضت نحوه كعادتي..و ارتميت في حضنه..فابتسم لي ثم قبلني و مسح بيده على شعري وهو يقول:كوني عاقلة يا زينة..اعتني بأمي و أبي...كوني لهما الدواء..و الأنيس..زينة أنا ذاهب و قد لا أعود..فادعي لي في صلواتك ..اذكريني بالخير...و تمني لي التوفيق..
أجبته و قد بدأت دموعي بالهطول:لا تتركني يا أخي؟؟
ربت على كتفي و قال لي بصوت حزين:زينة..عديني أن لا تبكي..فأنت مسلمة..و المسلمة قوية..سيأتي اليوم الذي تصنعين فيه جيلاً جديداً فاحرصي على أن يكون مخلصاً لله..قوياً و مقداماً..لا يرضى بالذل و لا الهوان..
أجبته:لا تتركني يا أخي..
قبلني..و نظر إلي ثم غادر مسرعاً..حاولت اللحاق به فتعثرت و وقعت..خيل لي أنه سيهرع نحوي ليحملني بين ذراعيه كما كان يفعل دائماً..لكنه اختفى تماماً ...و غاب عن نظري إلى الأبد..
عدت إلى منزلنا فرأيت أمي تنشد الأناشيد على غير عادتها..و قد لونت ثغرها ببسمة حانية..و ما أن رأتني حتى وضعتني في حجرها و هي تقول:آن لك أن تفخري بأخيك يا زينة..لقد ذهب ليدافع عن دينه..عن وطنه..عن مستقبله..لقد ذهب لرفع اللواء ..و هزم الطغاة..ذاهب ليثبت للجميع أنه من أحفاد عمر و عثمان..لكنني أجبتها: أريده هو يا أماه ..أريد أخي..
عندها أزاحت بوجهها بعيداً ...شعرت بصدرها يعلو و يهبط...و سمعت لسانها يردد:وفقه يا رب..
-و أين والدتك الآن يا زينة؟
-رحلت منذ وقت طويل..
-كيف؟
-في أحد الأيام و بينما كنا نياما..تعالى طرق شديد على باب دارنا فنهضت من فراشي فزعة..و هرعت نحو أمي التي حوتني بين ذراعيها..بينما مضى والدي نحو الباب ليفتحه..و إذا بسيل من الجنود ينجرف نحونا..جذب أحدهم أمي بقوة..و أخذ يضربها بشدة و هو يطلق كلمات غير مفهومة ..بينما أمسك ضابط قاس الملامح أبي من رأسه و جره في عنف إلى الخارج قائلاً:هل تعلم ماذا فعل بنا ولدك أيها الحقير؟..لقد فجر باراتنا..و قتل جنودنا..و أقض مضاجعنا..
فابتسم والدي و تمتم :الحمد لله..الحمد لله..
فركله ذلك الضابط المتوحش في وجهه بلا رحمة حتى أدماه ....و اختفت ملامح والدي الحبيب...لكنني استطعت أن أرى عيناه..لقد كان ينظر إلي بنظرة أقرب ما تكون إلى نظرة حسان الذي غادرنا..هممت أن أركض نحوه..أن أمسح عنه دماءه..لكن أمي أمسكت ذراعي بقوة..و أبت أن تتركها..عندها نقلت بصري نحو ذلك الرجل الجلف..أتراه يملك قلباً في أحشائه...أتراه يعلم ما معنى الرحمة..هل كان طفلاً قبل أن يتحول إلى مسخ..لا أظن..
و فجأة رأيت ذلك الكافر يخرج شيئا قاتم اللون من جيب بنطاله..عندها و ضعت أمي يديها المجروحتين أمام عيني..فأظلمت الدنيا..و لم أميز بعدها سوى صوت اعتدت سماعه في صباحي و مسائي..صوت كان كفيل بأن يحطم حياتي..صوت الرصاص...
تسارعت أنفاسي...و ازددت التصاقاً بأمي و بت أردد بلا وعي..أمي لا تتركيني..الظلام أحب إلي من شمس يشع فيها حكمهم...تدمعني فيها أفعالهم..أمي بالله عليك لا تتركيني ..
و قبل أن تجيبني سحبها الجنود من شعرها ...على الأرض الممتلئة بالحصى..و ارتسمت الدماء خلفها كخطوط عريضة لتعلن نهاية الرواية..ركضت خلفها..سمعتها تصرخ..تناديني..حبيبتي زينة..لكن تلك السيارة انطلقت في عجل..حتى ذاب صوتها في الأرجاء و اختفى...
ارتميت على الأرض أبكي..و أصرخ..فلم يهرع نحوي أحد..لا حسان ..و لا أمي ..و لا والدي..لم يهرع نحوي أي شخص.. نمت ليلتي على الرصيف..و عندما عدت في اليوم التالي إلى دارنا و جدتها تضرم بالنيران...لعبي و حرقوها...أحلامي و مزقوها و طفولتي و سرقوها..ماذا يريدون بعد..هل هم ذئاب ضارية لا تشبع أبداً...و منذ ذلك اليوم و أنا أجلس هنا على أمل أن يمر أحد من أحبابي..أمي أو أبي أو حسان..
-زينة ما رأيك أن تأتي معي..سأطعمك..و أشتري لك لعباً جديدة..و سأغني لك حتى تنامي قريرة العين..
-كلا يا عم..لا أستطيع .. أخشى إن ذهبت معك ..أن يمر أحدهم من هنا دون أن أراه..أمضي يا عم و أجمع قصصك.. فسأبقى هنا..

الصفحة الأخيرة
فكرة رائعة كروعتك .. لي عودة عندما يسنى لي ذلك .. و اعذريني إن تأخرت ..
الفكرة موجودة .. بقي علي صياغتها و إيجاد الوقت فقط ..
تحياتي لك و لهذه الصفحة الدامية ..
ـــــــــــ