كتب الشيخ انور سليمان حفظه الله
برّ الوالدين وعقوق الوالدين
الشرح: من معاصي البدن التي هي من الكبائر أي من المعاصي التي لا تلزم جارحة من الجوارح عقوق الوالدين أو أحدهما وإن علا ولو مع وجود أقرب منه، قال بعض الشافعية في ضبطه: هو ما يتأذّى به الوالدان أو أحدهما تأذيًا ليس بالْهَيِّن في العُرف ومن عقوق الوالدين الذي هو من الكبائر ترك الشخص النفقة الواجبة عليهما إن كانا فقيرين ، أما إن كانا مكتفيين فلا يجب الإنفاق عليهما، لكن ينفق عليهما من باب البِرّ والإحسان إليهما، فيُسنّ له أن يعطيهما ما يحبّانه، بل يُسنّ أن يطيعهما في كل شىء إلا في معصية الله، حتى في المكروهات إذا أطاع أبويه يكون له في ذلك رِفعة درجة عند الله.
قال الفقهاء : إذا أمر أحد الوالدين ولده بفعل مباح أو تركه وكان يغتمّ قلب الوالد أو الوالدة إن خالفهما يجب عليه أن يطيعهما في ذلك.
ومن بِرّ الوالدين أن يَبَرّ من كان أبوه يحبه بعد وفاة أبيه بالزيارة والإحسان، كذلك من كان تحبّه أمّه بعد وفاتها أن يصلهم ويُحسن إليهم ويزورهم.
قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "إن من أبَرِّ البِرِّ أن يَبَرّ الرجل أهل وِدِّ أبيه بعد أن يُوَلّي" أي بعد أن يَموت .
ومن بِرِّ الوالدين زيارتهما بعد موتهما. ومن أراد أن يكون بارًّا بوالديه فعليه أن يطيعهما في أغلب المباحات أو كلِّها. قال أهل العلم: مِن حيث المشروعية يطيع الولد والديه في المباح والمكروه، لكن لا يجب طاعتهما في كلِّ مباح بل يجب أن يطيعهما في كلِّ ما في تركه يحصل لهما غَمٌّ بسببه وإلا لا يكون واجبًا، فإذا طلب أحد الوالدين من الولد أن لا يسافر وكان سفره بلا ضرورة وجب عليه ترك ذلك السفر إذا كانا يغتمان بسفره. وإذا أراد الأب منع ولده من الخروج من البيت بدون إذنه فإن كان خروجه يُسبِّب للأب غما شديدًا بحيث يحصل له انهيار أو شبه ذلك عندئذٍ لا يجوز له الخروج بدون إذنه بل يكون خروجه من الكبائر، فدرجة المعصية في ذلك على حسب الإيذاء الذي يحصل للوالد.
وإذا طلب الأب او الأمّ من ابنه شيئا مباحًا كغسل الصحون أو ترتيب الغرفة أو تسخين الطعام أو عمل الشاي أو ما أشبه ذلك ولم يفعل فإن كان يغتمّ قلب الوالد أو الوالدة إن لم يفعل حرام عليه أن لا يفعل .
قال الله تعالى: {وقضى ربّك ألا تعبدوا إلا إياه وبالوالدين إحسانًا . إمّا يبلغنّ عندك الكِبر احدهما أو كلاهما فلا تقلْ لهما أفٍّ ولا تنهرهما وقل لهما قولاً كريمًا واخفض لهما جناح الذلِّ من الرحمة وقل ربِّ ارحمهما كما ربّياني صغيرًا} (سورة الإسراء 23-24).
أمرَ الله عباده أمرًا مقطوعًا به بأن لا يعبدوا إلا إياه وأمر بالإحسان للوالدين، والإحسان هو البِرّ والإكرام.
قال ابن عباس: "لا تنفض ثوبك فيصيبهما الغبار". وقال عُروة: "لا تمتنع عن شىء أحبّاه".
وقد نهى الله تعالى عباده في هذه الآية عن قول "أفٍّ" للوالدين وهو صوت يدل على التضجّر، وأصلها نَفْخُك الشىء الذي يَسقط عليك من تراب ورماد، وللمكان تريد إماطة الأذى عنه فقيلت لكل مستثقل. ولا تنهرهما ولا تزجرهما عما يتعاطيانه مما لا يُعجبك، والنهي والنهر أخوان. وقل لهما قولاً كريمًا أي ليِنا لطيفًا أحسن ما تجد كما يقتضيه حُسن الأدب. واخفض لهما جناج الذلِّ من الرحمة" أي أَلِن لهما جانبك متذلِّلاً لهما من فرط رحمتك إياهما وعطفك عليهما ولِكَبرِهما وافتقارهما اليوم إلى من كان أفقر خلق الله إليهما بالأمس . وخفض الجناح عبارة عن السكون وترك التصَعّب والإباء، أي ارفق بهما ولا تغلظ عليهما. وقل ربِّ ارحمهما كما ربّياني صغيرًا أي مثل رحمتهما إياي في صغري حتى ربياني، أي ولا تكتفِ برحمتك عليهما التي لا بقاء لها أو هو أن يقول: يا أبتاه يا أمّاه ولا يدعوهما بأسمائهما فإنه من الجفاء وسوء الأدب معهما.
وفائدة عندك أنهما إذا صارا كَلاًّ على ولدهما ولا كافل لهما غيره فهما عنده في بيته وكَنَفه وذلك أشقّ عليه، فهو مأمور بأن يستعمل معهما لين الخلق حتى لا يقول لهما إذا أضجره ما يستقذر منهما "أف" فضلاً عما يزيد عليه، ولقد بالغ سبحانه في التوصية بهما حيث افتتحها بأن شفع الإحسان إليهما بتوحيده ثم ضيّق الأمر في مراعاتهما حتى لم يُرخِّص في أدنى كلمة تنْفلت من المتضجّر مع موجبات الضجر ومع أحوالٍ لا يكاد يصبر الإنسان معهما.
وادعُ الله بأن يرحمهما رحمته الباقية، واجعل ذلك جزاء لرحمتهما عليك في صغرك وتربيتهما لك، والدعاء مختص بالأبوين المسلمين.
وروى الحاكم والطبراني والبيهقي في شُعَبِهِ مرفوعًا: رضا الله في رضا الوالدين وسخطه في سخطهما.
وعن بَهز بن حكيم عن أبيه عن جَدِّه رضي الله عنهم قال: "قلت يا رسول الله من أبرّ ؟ قال أمك ، قلت ثُم من ؟ قال: أمّك، قلت ثُم من ؟ قال: أمك، قلت: ثُم من ؟ قال: أباك، ثُم الأقربَ فالأقرب" أخرجه أبو داود والترمذي وحسّنه.
فيُفهم من هذا الحديث تقديم الأمِّ على الأب في البِرِّ فلو طلبت الأمّ من ولدها شيئًا وطلب الأب خلافه وكان بحيث لو أطاع أحدهما يغضب الآخر يقدِّم الأمّ على الأب في هذه الحالة. وإنَما حضّ رسول الله صلى الله عليه وسلم في حديثه هذا على برّ الأمّ ثلاثًا وعلى برّ الأب مرّة لعنائها وشفقتها مع ما تقاسيه من حمل وطلق وولادة ورضاعة وسهر ليل.
وقد رأى عبد الله بن عمر رضي الله عنهما رجلاً يحمل أمّه على ظهرة وهو يطوف بها حول الكعبة فقال: يا ابن عمر أتراني وفّيتهما حقّها، قال: ولا بطلقة واحدة من طلقاتها، ولكن قد أحسنت والله يثيبك على القليل كثيرًا.
وقد قال بعض العلماء بوجوب الاستغفار للأبوين المسلمين في العمر مرة، ثم الزيادة على ذلك قربة عظيمة، وليس شرطًا أن يكون هذا الاستغفار بعد وفاتهما.
فالولد إن استغفر لوالديه بعد موتهما ينتفع والداه بهذا الاستغفار حتى إنهما يلحقهما ثواب كبير فيعجبان من أي شىء جاءهما هذا الثواب فيقول لهما الملك هذا من استغفار ولدكما لكما بعدكما.
وقد صحّ عن رسول الله صلى الله عليه وسلم أنه قال: "ثلاثة لا يدخلون الجنة العاقّ لوالديه والديوث ورَجُلَةُ النساء" رواه ابن حبان. أي لا يدخل هؤلاء الثلاثة الجنة مع الأوّلين إن لم يتوبوا وأما لو تابوا فقد قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "التائب من الذنب كمن لا ذنب له" رواه ابن ماجه. والديّوث: هو الذي يعرف الزنى في أهله ويسكت عليه مع مقدرته على منعهم. ورجلة النساء : هي التي تتشبّه بالرجال .
وأخرج البخاري ومسلم من حديث عبد الله بن عمرو بن العاص أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: "من الكبائر شتم الرجل والديه، قيل وهل يَسُبّ الرجل والديه ؟ قال : نعم يسبّ أبا الرجل فيسب الرجل أباه ويسب أمه فيسب أمه". وإن قال أحد الوالدين لولده طلّق زوجتك لأنهما لا يحبّان زوجته مع أنها لا تؤذيهما يُسَنّ له أن يطيعهما في ذلك ولا يجب عليه، أمّا إن كانت تؤذيهما بالشتم والضرب ونحو ذلك أو كانت معروفة بالفسق كالزنى وكان إن لم يطلقها يحصل لهما غمّ شديد بسبب ذلك يجب عليه أن يطلّقها. وأما إن أمره أحد والديه بأن يتَزوّج فلانة وكان لا يرغب بالزواج منها يُبَيِّن لهما السبب في ذلك ولا يجب عليه أن يتزوجها لمجرد أنهما أمراه بذلك ويكرهان عدم طاعتهما في ذلك من غير أن يحصل لهما غمّ. أما إن كان يحصل لهما غمّ شديد إن لم يتزوّجها فإن قيل يجب عليه أن يتزوجها فلا بأس. وإن أراد أن يتزوج واحدة وهما لا يريدان أن يتزوجها فإن كان يحصل لهما اغتمام شديد لا يجوز له أن يتزوّجها. وروى الحاكم بإسناد صحيح أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: "كل الذنوب يؤخِّر الله منها ما شاء إلى يوم القيامة إلا عقوق الوالدين فإنه يعجّل لصاحبه" يعني العقوبة في الدنيا قبل يوم القيامة .
وقال عليه الصلاة والسلام: "ثلاث دعواتٍ مستجاباتٌ لا شكّ فيهنّ دعوة المظلوم ودعوة المسافر ودعوة الوالد على ولده" رواه الترمذي وأبو داود وابن ماجه وأحمد.
هذا معناه إن دعا عليه بحقّ أما إن دعا عليه بغير حقّ فلا يضرّه ذلك .
من أراد النجاح والفلاح فليبَرّ أبويه فإن من برّ أبويه تكون عاقبته حميدةً فبرّ الوالدين بركة في الدنيا والآخرة
منقووووول للامانه
فرح نجد20 @frh_ngd20
عضوة مميزة
يلزم عليك تسجيل الدخول أولًا لكتابة تعليق.
فرح نجد20
•
راااااااااااااائعة بارك الله فيك
وجزاك الله خير وغفرالله لك ولوالديك
ورزقك الله الفردوس الاعلى
لماذا لا يُستجاب دعاؤنا مع أن الله تعالى قد تعهّد باستجابة الدعاء،
أرقام هواتف: علماء وطلبة علم ودعاة ومفسرين رؤى ورقاة ومنسقين محاضرات
الى كل من تبحث عن السعادة والطمأنينة والراحة النفسية الى كل مهمومه
اساليب مفيدة جدا لتربية الابناء
اخطاء ومخالفات في الصلاة يقع فيها كثير من الناس
أخطاء في الطهارة يجب الانتباه لها
أحيطي أسرتك ونفسك بهذا الحصن المنيع
وجزاك الله خير وغفرالله لك ولوالديك
ورزقك الله الفردوس الاعلى
لماذا لا يُستجاب دعاؤنا مع أن الله تعالى قد تعهّد باستجابة الدعاء،
أرقام هواتف: علماء وطلبة علم ودعاة ومفسرين رؤى ورقاة ومنسقين محاضرات
الى كل من تبحث عن السعادة والطمأنينة والراحة النفسية الى كل مهمومه
اساليب مفيدة جدا لتربية الابناء
اخطاء ومخالفات في الصلاة يقع فيها كثير من الناس
أخطاء في الطهارة يجب الانتباه لها
أحيطي أسرتك ونفسك بهذا الحصن المنيع
زهرة النرجس 99 :راااااااااااااائعة بارك الله فيك وجزاك الله خير وغفرالله لك ولوالديك ورزقك الله الفردوس الاعلىراااااااااااااائعة بارك الله فيك وجزاك الله خير وغفرالله لك ولوالديك ورزقك الله الفردوس الاعلى
الصفحة الأخيرة