خطب في الناس و صلى بهم الجمعة ثم مشى بجانب سجنه فبكى
السجناء، و رفعوا أصواتهم بالبكاء، عله أن يسمعهم فيرحمهم،
فسمعهم ثم قال لهم " اخسئوا فيها و لا تكلمون"
أمر الحجاج حراسه بإحضار الإمام سعيد بن جبير، فلبس سعيد
بن جبير أكفانه و تطيب وذهب معهم إلى الحجاج،و قال
اللهم يا ذا الركن الذي لا يضام و العزة التي لا ترام، اكفني شره .
و كان في الطريق يقول لا حول و لا قوة إلا بالله، خسر المبطلون.
و دخل سعيد على الحجاج، وقال سعيد : السلام على من اتبع الهدى،
( و هي تحية موسى لفرعون)
قال الحجاج : ما اسمك ؟
قال سعيد: اسمي سعيد بن جبير .
قال الحجاج: بل أنت شقي بن كسير .
قال سعيد: أمي اعلم إذ سمتني.
قال الحجاج: شقيت أنت و شقيت أمك .
قال سعيد: الغيب يعلمه الله .
قال الحجاج: ما رأيك في محمد صلى الله عليه و سلم ؟
قال سعيد: نبي الهدى و إمام الرحمة .
قال الحجاج: ما رأيك في ؟
قال سعيد: ظالم تلقى الله بدماء المسلمين .
قال الحجاج: علي بالذهب و الفضة، فأتوا بكيسين من الذهب
و الفضة و أفرغوهما بين يدي سعيد بن جبير .
قال سعيد: ما هذا يا حجاج؟ إن كنت جمعته لتتقى به من غضب
الله، فنعم ما صنعت، و إن كنت جمعته من أموال الفقراء كبرا
و عتوا فوالذي نفسي بيده، الفزعة يوم العرض الأكبر تذهل
كل مرضعة عما أرضعت.
قال الحجاج: علي بالعود و الجارية .
فطرقت الجارية على العود و أخذت تغنى، فسالت دموع سعيد
على لحيته و انتحب .
قال الحجاج: ما لك، أطربت؟
قال سعيد: لا و لكني رأيت هذه الجارية سخّرت في غير ما خلقت له،
و عود قطع و جعل في المعصية
قال الحجاج: لماذا لا تضحك كما نضحك ؟
قال سعيد: كلما تذكرت يوم يبعثر ما في القبور، و يحصل
ما في الصدور ذهب الضحك .
قال الحجاج: لماذا نضحك نحن إذن ؟
قال سعيد: اختلفت القلوب و ما استوت .
قال الحجاج: لأبدلنك من الدنيا نارا تلظى .
قال سعيد: لو كان ذلك إليك لعبدتك من دون الله .
قال الحجاج: لأقتلنك قتلة ما قتلها أحد من الناس، فاختر لنفسك .
قال سعيد: بل اختر لنفسك أنت،فوالله لا تقتلني قتلة،
إلا قتلك الله بمثلها يوم القيامة .
قال الحجاج: اقتلوه .
قال سعيد: وجهت وجهي للذي فطر السماوات و الأرض
حنيفا مسلما و ما أنا من المشركين .
قال الحجاج: وجهوه إلى غير القبلة .
قال سعيد: فأينما تولوا فثم وجه الله .
قال الحجاج: اطرحوه أرضا.
قال سعيد و هو يبتسم: منها خلقناكم و فيها نعيدكم و
منها نخرجكم تارة أخرى.
قال الحجاج: أتضحك ؟
قال سعيد: أضحك من حلم الله عليك و جرأتك على الله .
قال الحجاج: اذبحوه .
قال سعيد: اللهم لا تسلط هذا المجرم على أحد بعدي .
و قتل سعيد بن جبير و استجاب الله دعاءه، فثارت ثائرة بثرة
( هي الخراج الصغير) في جسم الحجاج فأخذ يخور كما يخور
الثور الهائج شهرا كاملا لا يذوق طعاما و لا شرابا و لا يهنأ بنوم
و كان يقول و الله ما نمت ليلة إلا و رأيتني اسبح في أنهار
الدم، و أخذ يقول : مالي و سعيد، مالي و سعيد .
و يقول هذا الظالم عن نفسه قبل أن يموت، رأيت في المنام
كأن القيامة قامت، و كأن الله برز على عرشه للحساب
فقتلني بكل مسلم قتلته مرة، إلا سعيد بن جبير قتلني به
على الصراط سبعين مرة.
Golden Phoenix @golden_phoenix
محررة ماسية
يلزم عليك تسجيل الدخول أولًا لكتابة تعليق.
*أحاسيسـ أنثى*
•
جزاك الله خيرا وحسبي الله ونعم الوكيل في كل ظالم
*أحاسيسـ أنثى* :جزاك الله خيرا وحسبي الله ونعم الوكيل في كل ظالمجزاك الله خيرا وحسبي الله ونعم الوكيل في كل ظالم
بارك الله فيك وأخذ حقك ممن ظلمك وعوض كسرك بخير إن شاء الله
الصفحة الأخيرة