( بصيره ) قصص غيابت الجب

سبع خطوات عريضه بين باب حجرتي الى منضدة المطبخ

حيث ابريق الشاي في انتظاري انها عادتي الصباحيه

كانت أمي تخبرني بأن الشاي بداية لائقه لصباح مميز

على يساري بمتر ونصف نافذة صغيره هي مذياعي

لاشيء يضاهي جلوسي تحتها على اريكتي المهترئه والانصات للعصافير للناس للعالم

لطالما كانت أمي تحب الجلوس هنا والانصات معي

طاولتي الجانبيه صغيره جدا لكنها كافيه لكوبي وطبقي

رفضت امي الطاولات الكبيره تثير قلقها تخاف من العوائق انها تحب المساحات الفارغه

انه صباح الجمعه يومي المميز ملابسي نظيفه وشعري مصفف للوراء كما كانت تحبه امي

انه يوم زيارتي لها انتظره طوال الاسبوع بفارغ الصبر وبكل مااقدره من التوق

ارجع شعرك للخلف احب ان ارى جبينك الواسعه يابني

ولن انسى ان اضع عطر الياسمين والليمون عطرها المفضل

انها رقيقه تحب الرحابه والبساطه حتى في العطور

الحياة معقده يابني لن نعقدها اكثر بروائح غامضه

خطوتان فقط تفصل بين باب شقتي والممر للباب الخارجي

اختارت امي شقتي من اجل هذه الميزه

ان تكون قريباً من الشارع تكون قريباً من الناس

اغلق الباب خلفي وتبدأ الضوضاء تقترب مني

اصوات الماره والسيارات خطوات العالم سريعه سريعه جداً

اخبرتني امي ان انعطف خلف البنايه حيث طريق المنتزه

تعلم امي انني احب رائحة الاشجار والتنقل بين دفء الشمس وبرودة الظل

صراخ الاطفال في المنتزه وضحكاتهم تجعلني ابتسم بلا ملل

تراقص الاغصان ونداوة العشب تعيد لتنفسي راحته وعنفوانه

قالت لي امي ذات يوم كن سعيداً بكل التفاصيل الدقيقه

لديك البصيره يا ولدي فتمتع بها وكن لائقاً لها

خطوات قليله تفصلني عنها

علمتني امي حين سألتها عن الألوان انه يكفيني ان اعرف اللون الابيض

اخبرتني انه لون الصباح ولون صوتها ولون قلبي

انه لون أمي ولون ذاكرتي

السلام عليك يا أمي ها أنا اقف بجوارك

خفتت الاصوات وعم الهدؤ لا شيء هنا يا امي

سوى الحكايا المخبئه والامنيات المؤجله وتغريد طير وحيد سكن تلك الاغصان الجافه

لقد علمتني يا امي كل الخطوات الا هذه الخطوه لا أقواها

كنت اعتقد انني ضريراً وحين رحيلك فقدت البصر حقاً

رحيلك يا أمي فراغ قلبي رحيلك رحب واسع عميق لا حدود له

رحيلك مثلك يا أمي يشبهك حقاً

خطوة واحده فقط يا امي بيني وبينك

خطوة واحده فقط لكني لم اتجاوزها بعد

ولن أتجاوزها أبداً