بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله رب العالمين والصلاة والسلام على اشرف الانبياء والمرسلين نبينا محمد وعلى اله وصحبه اجمعين
اما بعد
لطالما فكرت مليا في طرح هذا الموضوع منذ اشهر
وفي كل مره افكر في الطرح يخاولني شعور بأنه ليس الوقت المناسب
ولكن مع ما حصل من احداث من انتظار الناس للمكرمات وكثرة النكت والاستهزاء بفقر الشعب السعودي احسست انه حان الوقت لاكتب هذا الموضوع
لا انكر انني قبل ايام طرحت موضوعا اتذمر فيه من اجازة يوم السبت
لكن لم يكن موضوعي تحريضا ولا احتجاجا على المكرمه بقدر ما كان احتجاجا على عضوات منتدانا الغالي حيث امتلأت صفحة المجلس العام بعشرين موضوع او اكثر جميعها تحمل نفس المحتوى وهي اعلان الاجازه يوم السبت
ليس هذا موضوعي وانما تلك مقدمه للموضوع فحسب
ما أريد التحدث عنه هو الغفله والجهل التي اعترت عقول المسلمين وافكارهم ودفعتهم للتعلق بالمخلوق دون الخالق في طلب الرزق
إن الإيمان بوحدانية الله في الرزق هو إيمان يتضمن عدة أمور، أهمها الإيمان بأن الله تعالى هو المحتاج إليه في الرزق، بل هو صاحب الحاجة الوحيد، وهو من يهب الرزق لجميع المخلوقات بشتى الطرق، وهو من يسخر الرزق للمخلوقات، وهو من يجعل العباد يستفيدون من بعضهم في رزقه.
فصاحب الحاجة في كل حاجة في الرزق وغيره هو الله، إنه رب الأرزاق ومسبب الأرزاق وموزع الأرزاق على عباده في كل وقت، بطلب منهم للرزق وبدون، لأن كرمه تعالى (لاَ يَضِيقُ عَنْ سُؤَال أحَد) وَأَنَّ يَدَه (بِالْعَطايا أَعْلَى مِنْ كُلِّ يَد) ولأنه (أَغْلَقَ عَنَّا بَابَ الْحَّاجَةِ إلاّ إلَيْهِ) ، (لاَّ مَلْجَأَ مِنَ اللّهِ إِلاَّ إِلَيْهِ ) ، فهو (مُنْتَهَى مَطْلَبِ الْحَاجَاتِ، و... عِنْدَه نَيْلُ الطَّلِبَاتِ) فهو (لا يَبِيْعُ نِعَمَهُ بالاثْمَانِ، و... لا يُكَدِّرُ عَطَايَاهُ بِالامْتِنَانِ، ....ولاَ تَنْقَطِعُ عَنْهُ حَوَائِجُ الْمُحْتَاجِينَ )، فطلب الحاجة منه وحده لا شريك له فمن توجه بحاجته لغير الله فقد عرض نفسه للحرمان .
قال تعالى (وَمَا بِكُم مِّن نِّعْمَةٍ فَمِنَ اللَّهِ) ﴿النحل: ٥٣﴾
ولذلك فإنما يكون الطلب من الله لأنه واجد الحاجات ومالكها وإنما يطلب الشيء من مالكه، فهو واهب العطايا وواهب الرازقين والمرزوقين، هو المتفرد بالعطاء، وغيره إنما هو وسيلة لذلك العطاء، والوسيلة من الله وبإرادة الله، إن شاء جعل الإنسان وسيلة لغيره وإن لم يشأ لم يكن .
نعم يا اخواتي لقد نسي الناس ان الرزق بيد الله وحده سبحانه وان الله قسم الارزاق بين عباده وجعل لكل عبد رزقا معلوما وقوتا مقسوما لايزيد من نقص من رزقه زائد ، ولا ينقص من زاده ناقص .
(وَإِن مِّن شَيْءٍ إِلَّا عِندَنَا خَزَائِنُهُ وَمَا نُنَزِّلُهُ إِلَّا بِقَدَرٍ مَّعْلُومٍ) ﴿الحجر:٢١﴾، بقدر معلوم كما يقول رب العزة والجلالة لأن الله تكفل برزق المخلوقات جميعا (وَمَا مِن دَابَّةٍ فِي الْأَرْضِ إِلَّا عَلَى اللَّهِ رِزْقُهَا وَيَعْلَمُ مُسْتَقَرَّهَا وَمُسْتَوْدَعَهَا كُلٌّ فِي كِتَابٍ مُّبِينٍ) ﴿هود: ٦﴾
وقد قسم الله الأرزاق بين الناس وأعطى كل إنسان ما يستحق (نَحْنُ قَسَمْنَا بَيْنَهُم مَّعِيشَتَهُمْ فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا) ﴿الزخرف: ٣٢﴾ ، وقال تعالى (قَالَ رَبُّنَا الَّذِي أَعْطَىٰ كُلَّ شَيْءٍ خَلْقَهُ ثُمَّ هَدَىٰ) ﴿طه: ٥٠﴾
فلا نقصان في الرزق ولا زيادة (كُلَّمَا دَخَلَ عَلَيْهَا زَكَرِيَّا الْمِحْرَابَ وَجَدَ عِندَهَا رِزْقًا ۖ قَالَ يَا مَرْيَمُ أَنَّىٰ لَكِ هَٰذَا ۖ قَالَتْ هُوَ مِنْ عِندِ اللَّهِ ۖ إِنَّ اللَّهَ يَرْزُقُ مَن يَشَاءُ بِغَيْرِ حِسَابٍ) ﴿آل عمران : ٣٧﴾ وقد حثنا ربنا بقوله ( هُوَ الَّذِي جَعَلَ لَكُمُ الْأَرْضَ ذَلُولًا فَامْشُوا فِي مَنَاكِبِهَا وَكُلُوا مِن رِّزْقِهِ ۖ وَإِلَيْهِ النُّشُورُ) ﴿الملك : ١٥﴾.
فسبحان من بيده ملكوت كل شيء
فهل ستطرقين بعد الان باب غير باب الله ؟؟؟
وهل ستطلبين رزقك من غير الله ؟؟؟
موضوع اخر اريد ان اتطرق اليه لا يكاد يختلف كثيرا عن سابقه وهو البركه في الرزق
نعم اخواتي اذا محقت البركه من الرزق نقص ولو كان كثيرا
فالبركة إذا كانت في قليل كثرته وإذا كانت في كثير نفعته .
والبركة من الله فهو الذي تبارك في ذاته وهو الذي يبارك فيما شاء من خلقه ( تبارك اللذي بيده الملك وهو على كل شي قدير )
ولمحق البركه اسباب كما لثبوتها اسباب
سأدرج قصصا حقيقيه لاناس اعرفهم شخصيا تثبت صحة ما ذكرت
اخوان توأمان دخلا الجامعه في نفس القسم وتخرجوا وتوظفوا في نفس العام ونفس الوظيفه ونفس الراتب فأما احدهما الان فيملك فيلا ملك وسياره تفوق قيمتها مئة الف ريال وزار جميع دول اوربا وشرق اسيا بالإضافه الى انه ليس عليه أي قروض بنكيه او ديون .
اما الاخر فهو يعيش في شقه صغيره قديمه ويملك سياره مستعمله رديئة قيمتها لا تزيد عن 20 الف ريال بالإضافه الى قرض البنك والديون المتراكمه التي عجز عن سدادها .
ما لم اذكره في بداية القصه هو ان الاول دخل الجامعه بعون الله ثم بمجهوده حيث انه تخرج من قسم علمي بنسبه تزيد عن 90 % اما الاخر فقد دخل الجامعه عن طريق الواسطه لان نسبته لا تؤهله لدخول الجامعه فهو متخرج من قسم ادبي وبنسبه تقل عن 70 % ربما يكون هذا سبب محق البركه من رزقه وربما كان هناك سبب اخر لا يعلمه الا الله وحده .
شخص اخر من محارمي كان يتحدث لاخيه انه ليس لديهم عمل وانما يذهب في الصباح وينام في المكتب الى اذان الظهر ويستيقض ويصلي ويطلب كوب من الشاي ويتصفح الجريده حتى الساعه الثانيه والنصف ظهرا ويضع جميع المعاملات التي تصل الى مكتبه في درج حتى يصل صديقه صاحب الدوام المسائي فيقوم بجميع الاعمال وحده دون أي اعتراض او تذمر
كان يستلم راتب جيد ولا يعمل شيء سوى الاستيقاض والتوقيع صباحا ومساء ويترك العمل على عاتق زميله فلان الفلاني الذي وصفه بأنه انسان عملي ويحب الشغل وحبيب وما يزعل
فجمع صاحبنا مبلغا لا بأس به من المال قد يصل ل 200 الف ريال وما هي الا اسابيع حتى يخسر صاحبنا جميع امواله في سوق الاسهم وادركت حينها ان ما تحصل عليه بسهوله تفقده بسهوله وان المال الحرام ما يدوم .
اما عن فلان الفلاني فقد رشحه مدير القسم لإدارة احد الأقسام الاخرى نظرا لنشاطه وحرصه على انجاز اعماله مما ادى الى ترقيته ورفع راتبه !!!
فيا اخواتي
بدلا من التذمر وطلب الحاجه من غير صاحب الحاجه فتضرعي اخيتي الى الله وابحثي عن الاعمال التي تجلب البركه للرزق واعملي بها واجتنبي ما يمحق البركه وحثي زوجك وابناءك على ذلك .
اسأل الله العلى القدير أن يوفقني وإياكم لمرضاته وأن يجنبنا الفواحش والآثام وأن يبارك لنا في أنفسنا وأبداننا وأعمارنا وأعمالنا وأموالنا وأولادنا وأهلنا إنه نعم المولى ونعم النصير .
وصلى الله وسلم على سيدنا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين .
