بعض الرجال.. بل كثير من الرجال.. لديه شهية مفتوحة للحب.. على الآخر.. فهو يحب من يصادف من بنات حواء.. طالما كانت جميلة.. وخاصة إذا جمعت ـ مع الجمال ـ الابتسام والمرح والقبول.. يقع في حبها على طول.. يعود مراهقاً ولو كان في الخمسين.. أو الستين.. وهو لا يقتصر في حبه على امرأة واحدة.. أو ثنتين.. أو حتى أربع.. باب الحب لديه مشرّع.. مفتوح.. ليس له قفل.. ولا مزلاج.. ولا يوجد عليه عبارة (كامل العدد) أو (ممنوع الدخول) بل شعاره: (مرحبا بالقادمة الجديدة!) وإلى جانب هذه العبارة، عبارة أخرى ضاحكة، لا تستطيع قراءتها القادمة الجديدة، ولكن صاحبها يقرؤها بوضوح، وهي شعاره الصحيح، وهي عبارة تقول: "هل من مزيد.."!
ان المرأة أكثر اخلاصاً في الحب.. وتوحُّداً.. وتضحية..
إنها إذا أحبَّت صَفَتء وَرَقَّت.. وَفَتء وأخلصت.. صدقت وضحّت.. ولكن كثيراً من الرجال لا يقدرون هذا الحب، ولا يفهمون تلك التضحيات، وبعضهم ـ مع الأسف ـ يسخر من ذلك الوفاء، ويعد ذلك الإخلاص فرضاً مفروضاً على المرأة، وأمراً مفروغاً منه، أما هو ـ الرجل ـ فيحق له أن يحب كثيراً.. وأن يحس بكل جميلة.. وأن يُنَقِّلَ قلبه بين الحسناوات.. لا يرى في ذلك غدراً.. ولا غضاضة.. ولا ظلما للمرأة.. او اضطهاداً لها.. ولا يعتقد أنه يكيل بمكيالين، حين يجيز لنفسه التنقل في الحب من زهرة إلى زهرة، وحصر إخلاصه في اللحظة، ومطالبته المرأة بأن تخلص له إلى الأبد، وأن لا ترى غيره في الوجود، وأن لا تعرف سواه حبيبا، وأن لا يخطر ذلك لها في بال!
ليس هذا طبع كل الرجال.. ولكنه طبع الكثيرين منهم.. يريد واحدهم أن يكون حراً طليقاً كالجواد في البرية، والصقر في الفضاء، وسمك القرش في الماء، ويريد من امرأته أن تكون خاصةً له، خالصةً في جسدها وتفكيرها وخطرات قلبها ودبيب شعورها، يريدها أن تكون كالعصفورة في القفص، وهو كالصقر في الفضاء، وأن تكون كالسمكة الملونة في حوض صغير، وهو كسمك القرش في المحيط، وأن تكون كالمعزى المربوطة بحبل قصير، وهو كالجواد الطليق في البرية، يعدو كما يريد..
***
وإخلاص المرأة أساسي.،. ومطلوب.. وهو ـ والحمد لله ـ جزء من فطرتها.. ومن طبعها.. إلا ما ندر من بنات حواء.. وحتى هؤلاء تجد وراء عذرهن ـ في الغالب ـ رجلاً غادراً طعنهن في الصميم، وإن كان هذا طبعاً ليس بعذر.. فالخطأ لا يبرر بالخطأ.. والغادر يجني على نفسه قبل غيره.. والحرة تجوع ولا تأكل بثدييها.. ولكن هذا كله.. أعني إباحة بعض الرجال لأنفسهم أن ينطلقوا على هواهم.. ويعملون ما يشاؤون طالما لا تدري زوجاتهم.. أو يظنون أنهن لا يدرين.. مع أن حس المرأة عظيم.. هذا كله يُوَرِّثُ آلاماً مبرحة.. وشقاءً حقيقياً.. وإحساساً بضبابية القيم في عقل المرأة.. وفي قلبها.. وطعناً متواصلاً لكرامتها.. وجرحاً غائراً لأنوثتها.. وإحساساً أليما بقبح الحياة.
***
ونبادر فنقول إن ما يعتبره الرجل (اللعوب) ـ إن صحت التسمية ـ حبا.. فإنه ليس بحب.. فرجل من هذا النوع "عينه زائغة" لا يكاد يرى جميلة حتى يخيل إليه أنه أحبها.. وكأن الحب عنده يتم بسرعة البرق.. وكأن الحب عنده لعبة.. إن هذا ليس حباً.. إنه مجرد ميول شهوانية.. وقد نتجرأ فنقول مجرد ميول حيوانية في بعض الأحيان.. حين يصل بصاحبه إلى الخيانة.. إلى ارتكاب ما حرَّم الله.. فهذا ليس حباً.. لا من قريب.. ولا من بعيد.. ولكنه أقرب ما يكون إلى المرض والانحطاط.. وإشباع الإحساس بالنقص.. وهو إشباع آثم.. ولا خير فيه.. ولا يؤدي إلى شبع.. بل إنه لا يغني.. ولا يسمن من جوع.. ولكنه كالشرب من الماء المالح.. من ماء البحر.. كلما شرب الرجل ظمأ أكثر.. وغاص أكثر.. حتى الغرق..
***
كم من رجلٍ في هذه الحياة، حُبُّه الحقيقي زوجته.. وهي أيضاً تحبه.. ولكنه يذيقها صنوف الإهانة والعذاب (بعينه الزائغة) وطمعه الأعوج، وتصرفاته التي يعتقد أنها لا تدري عنها.. وهي تدري.. فالمرأة ذكية جداً.. أذكى مما يظن الرجل.. وحسها بالذات قوي.. لمّاح.. حساس.. يخترق الحواجز.. ويصل إلى أعماق الأسرار.. فكم من رجل زوجته هو فعلاً حبه الأول.. والأخير.. ولكنه مع هذا ـ أو لهذا مع الأسف زائغ العينين.. مسعور كالمشفوح.. ينظر الى كل حسناء.. ويود الزواج من كل جميلة.. وإذا كان قادراً ابتدأ في مسلسلات الزواج والطلاق.. لمجرد إشباع الشهوات.. والانسياق وراء إشراف النفس.. تاركاً زوجته الأصيلة التي شاركته حياته وكفاحه وبنت له بيته وأولاده في عذاب.. وفي توجُّسٍ وخوف..
إننا لا نتحدث ـ هنا ـ عن الذين يمارسون الحرام فعلاً.. وهم مع الأسف موجودون ولهم مقال آخر إن شاء الله.. ولكننا نتحدث هنا عمن يطلقون لعيونهم النظر في النساء الأجنبيات، وهذا أيضاً ينهى عنه الدين الحنيف، فهو بريد الزنا، وهو ـ حتى ولو لم يصل الى هذه الرذيلة ـ عذاب للرجل نفسه، قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "النظرة سهم مسموم من سهام ابليس" فأي عاقل يعرض قلبه لسهم سام؟.. وقال: "ياعلي، لا تُتءبِع النظرة النظرة، فإن لك الأولى وليست لك الثانية" على أن الذي يطلق لعينه النظر، يعكس ـ في الواقع ـ رغبات قلبه، فالعين هي مرآة القلب، إن أطلقها الإنسان أثار في قلبه البلابل والحسرات، وزادته تطلعاً وتحرقاً، وإن غضها هدأ القلب واستراح، والعاقل لا يستهين بالنظرة، فإن شرارةً قد تُحَرِّقُ غابة
ليدي لين راسل @lydy_lyn_rasl
كبيرة محررات
يلزم عليك تسجيل الدخول أولًا لكتابة تعليق.
ام صلاح!
•
جزاك الله خيرا
الصفحة الأخيرة