بعض عقوبات المعاصي

ملتقى الإيمان



الختم على القلب

فمنها : الختم على القلوب والأسماع ، والغشاوة على الأبصار ، والأقفال على القلوب ، وجعل الأكنة عليها والرين عليها والطبع وتقليب الأفئدة والأبصار ، والحيلولة بين المرء وقلبه ، وإغفال القلب عن ذكر الرب ، وإنساء الإنسان نفسه ، وترك إرادة الله تطهير القلب ، وجعل الصدر ضيقا حرجا كأنما يصعد في السماء ، وصرف القلوب عن الحق ، وزيادتها مرضا على مرضها ، وإركاسها وإنكاسها بحيث تبقى منكوسة




ومنها : التثبيط عن الطاعة ، والإقعاد عنها .

ومنها : جعل القلب أصم لا يسمع الحق ، أبكم لا ينطق به ، أعمى لا يراه ، فتصير النسبة بين القلب وبين الحق الذي لا ينفعه غيره ، كالنسبة بين أذن الأصم والأصوات ، وعين الأعمى والألوان ، ولسان الأخرس والكلام ، وبهذا يعلم أن العمى والصمم والبكم للقلب بالذات : الحقيقة ، وللجوارح بالعرض والتبعية فإنها لا تعمى الأبصار ولكن تعمى القلوب التي في الصدور .


وليس المراد نفي العمى الحسي عن البصر ، كيف وقد قال تعالى : ليس على الأعمى حرج .

وقال : عبس وتولى أن جاءه الأعمى .

وإنما المراد العمى التام في الحقيقة : عمى القلب ، حتى إن عمى البصر بالنسبة إليه كلا عمى

والمقصود أن من عقوبات المعاصي جعل القلب أعمى أصم أبكم .



خسف القلب
ومنها : الخسف بالقلب كما يخسف بالمكان وما فيه ، فيخسف به إلى أسفل السافلين وصاحبه لا يشعر ، وعلامة الخسف به أنه لا يزال جوالا حول السفليات والقاذورات والرذائل ، كما أن القلب الذي رفعه الله وقربه إليه لا يزال جوالا حول العرش .

ومنها : البعد عن البر والخير ومعالي الأمور والأعمال والأقوال والأخلاق .

قال بعض السلف : إن هذه القلوب جوالة ، فمنها ما يجول حول العرش ، ومنها ما يجول حول الحش .




مسخ القلب
ومنها : مسخ القلب ، فيمسخ كما تمسخ الصورة ، فيصير القلب على قلب الحيوان الذي شابهه في أخلاقه وأعماله وطبيعته ، فمن القلوب ما يمسخ على قلب خنزير لشدة شبه صاحبه به ، ومنها ما يمسخ على قلب كلب أو حمار أو حية أو عقرب وغير ذلك ، وهذا تأويل سفيان بن عيينة في قوله تعالى : وما من دابة في الأرض ولا طائر يطير بجناحيه إلا أمم أمثالكم .
قال : منهم من يكون على أخلاق السباع العادية ، ومنهم من يكون على أخلاق الكلاب وأخلاق الخنازير وأخلاق الحمير ، ومنهم من يتطوس في ثيابه كما يتطوس الطاووس في ريشه ، ومنهم من يكون بليدا كالحمار ، ومنهم من يؤثر على نفسه كالديك ، ومنهم من يألف ويؤلف كالحمام ، ومنهم الحقود كالجمل ، ومنهم الذي هو خير كله كالغنم ، ومنهم أشباه الثعالب التي تروغ كروغانها ، وقد شبه الله تعالى أهل الجحيم والغي بالحمر تارة ، وبالكلب تارة ، وبالأنعام تارة ، وتقوى هذه المشابهة باطنا حتى تظهر في الصورة الظاهرة ظهورا خفيا ، يراه المتفرسون ، وتظهر في الأعمال ظهورا يراه كل أحد ، ولا يزال يقوى حتى تستشنع الصورة ، فتنقلب له الصورة بإذن الله ، وهو المسخ التام ، فيقلب الله سبحانه وتعالى الصورة الظاهرة على صورة ذلك الحيوان ، كما فعل باليهود وأشباههم ، ويفعل بقوم من هذه الأمة يمسخهم قردة وخنازير .


فسبحان الله ! كم من قلب منكوس وصاحبه لا يشعر ؟ وقلب ممسوخ وقلب مخسوف به ؟ وكم من مفتون بثناء الناس عليه ومغرور بستر الله عليه ؟ ومستدرج بنعم الله عليه ؟ وكل هذه
عقوبات وإهانات ويظن الجاهل أنها كرامة .

ومنها : مكر الله بالماكر ، ومخادعته للمخادع ، واستهزاؤه بالمستهزئ ، وإزاغته للقلب الزائغ عن الحق .




نكس القلب
ومنها : نكس القلب حتى يرى الباطل حقا والحق باطلا ، والمعروف منكرا والمنكر معروفا ، ويفسد ويرى أنه يصلح ، ويصد عن سبيل الله وهو يرى أنه يدعو إليها ، ويشتري الضلالة بالهدى ، وهو يرى أنه على الهدى ، ويتبع هواه وهو يزعم أنه مطيع لمولاه ؟ وكل هذا من عقوبات الذنوب الجارية على القلب .





حجب القلب عن الرب

ومنها : حجاب القلب عن الرب في الدنيا ، والحجاب الأكبر يوم القيامة ، كما قال تعالى : كلا بل ران على قلوبهم ما كانوا يكسبون كلا إنهم عن ربهم يومئذ لمحجوبون .

فمنعتهم الذنوب أن يقطعوا المسافة بينهم وبين قلوبهم ، فيصلوا إليها فيروا ما يصلحها ويزكيها ، وما يفسدها ويشقيها ، وأن يقطعوا المسافة بين قلوبهم وبين ربهم ، فتصل القلوب إليه فتفوز بقربه وكرامته ، وتقر به عينا وتطيب به نفسا ، بل كانت الذنوب حجابا بينهم وبين ربهم وخالقهم .








سلامة القلب
ولا تتم له سلامته مطلقا حتى يسلم من خمسة أشياء : من شرك يناقض التوحيد ، وبدعة تخالف السنة ، وشهوة تخالف الأمر ، وغفلة تناقض الذكر ، وهوى يناقض التجريد والإخلاص .

وهذه الخمسة حجب عن الله ، وتحت كل واحد منها أنواع كثيرة ، تتضمن أفرادا لا تنحصر .

الصراط المستقيم

ولذلك اشتدت حاجة العبد بل ضرورته ، إلى أن يسأل الله أن يهديه الصراط المستقيم ، فليس شيء أحوج منه إلى هذه الدعوة ، وليس شيء أنفع له منها .

فإن الصراط المستقيم يتضمن : علوما ، وإرادة ، وأعمالا ، وتروكا ظاهرة وباطنة تجري عليه كل وقت ، فتفاصيل الصراط المستقيم قد يعلمها العبد وقد لا يعلمها ، وقد يكون ما لا يعلمه أكثر مما يعلمه ، وما يعلمه قد يقدر عليه ، وقد لا يقدر عليه ، وهو الصراط المستقيم وإن عجز عنه ، وما يقدر عليه قد تريده نفسه وقد لا تريده كسلا وتهاونا ، أو لقيام مانع وغير ذلك ، وما تريده قد يفعله وقد لا يفعله ، وما يفعله قد يقوم فيه بشروط الإخلاص وقد لا يقوم ، وما يقوم فيه بشروط الإخلاص قد يقوم فيه بكمال المتابعة وقد لا يقوم ، وما يقوم فيه بالمتابعة قد يثبت عليه وقد يصرف قلبه عنه ، وهذا كله واقع سار في الخلق ، فمستقل ومستكثر .



فانظر إلى الآخرة كأنها رأي عين ، وتأمل حكمة الله سبحانه في الدارين ، تعلم حينئذ علما يقينا لا شك فيه : أن الدنيا مزرعة الآخرة وعنوانها وأنموذجها ، وأن منازل الناس فيها من السعادة والشقاوة على حسب منازلهم في هذه الدار في الإيمان والعمل الصالح وضدهما ، وبالله التوفيق .

فمن أعظم
عقوبات الذنوب - الخروج عن الصراط المستقيم في الدنيا والآخرة





منقول للفائده
استغفر الله واتوب اليه
استغفر الله العظيم
19
2K

يلزم عليك تسجيل الدخول أولًا لكتابة تعليق.

تسجيل دخول

تألمت لكن ماتعلمت
الله يجزاك كل خير
أمي هي روحي
أمي هي روحي
شكرا لمروركم وجاكم الله خيرا
قمة الوفى
قمة الوفى
بارك الله فيكِ على الموضوع القيم والمميز
وفي انتظار جديدكِ الأروع
لكِ مني أجمل التحيات
وكل التوفيق لكِ يا رب
همة و طموح
همة و طموح
الله يجزاك بالخير
واسأل الله لي ولكم السلامة من هذه القلوب
ويجعل قلبي عامرا بذكره خائفاً ومنكسراً بين يديه سبحانه وتعالى
غلا غامد
غلا غامد
جزاك الله خير
وغفر لك ولوالديك ؛؛