
لم أطرح موضوعي هذا إلا نتيجة غصة عظيمة، وألمٍ نفسي لا يطاق لما
نراه اليوم من التهميش اللاإنساني لكبار السن...
كثرت مراكز رعاية المسنين بشكل ملفت ولكنه محزنٌ في نفس الوقت...لماذا؟؟؟...
والله ثم والله إنه لمنزل محظوظ تحفه الخيرات إن كان فيه شخص كبير في السن
ويُراعى مراعاةً ترضي الله عزوجلَّ شأنه...لماذا تخلى معظم الشباب عن
أهلهم عندما كبروا في السن ومكنتهم قلوبهم المتحجرة وضمائرهم الغائبة وربما
الميتة من إيداعهم في مراكز رعاية المسنين...
هذا البيت الذي تسكنه، والوضع الإجتماعي الذي تمتاز به، والخير العميم الذي
تتمتع به!!!...هل هو من صنعك أو من جهدك؟؟؟...بالطبع لا وألف لا...
كل ما تنعم به ما كنت لتحظى به إلا بأمر الله عزوجلَّ شأنه والجهد الجبار الذي
بذله والدك المسن أو والدتك المسنة...هل هذا جزاؤهم!!!...تركتهم للغرباء
يراعونهم ويقومون على تأمين حاجاتهم...معظم دولنا الخليجية وأنا في موضوعي
هذا سوف أتكلم عن دولة الإمارات لأني على اطلاعٍ لما يجري فيها بهذا الخصوص...
والدنا الراحل كان دائماً ما يوصينا بكبار السن، وقد أنشأ أفضل المراكز
وزودها بكل سبل الراحة والعلاج التي يحتاجها المُسن، ولكنه فعل هذا لما
لاحظه من جحود الأبناء وتخليهم بكل سهولة عن أهلهم المسنين لأنهم لا يستطيعون
مراعاتهم والقيام بواجب رد الجميل...ليس إنساناً من يجرؤ على أن يترك
والده أو والدته المسنين في دور رعاية المسنين...هل لهذا الحد تحجرت القلوب
وتبلدت الأحاسيس، وماتت الضمائر لكي يودع أحدهم أو إحداهن أحد أهلهم
من المسنين في دار رعاية المسنين...
أعظم كرامة لمن يعرفها أن تراعي والدك المسن أو والدتك المسنة ولا تترك الغرباء
يقومون بهذا بالنيابة عنك...
عندما كنت طفلاً صغيراً لم يطلبوا من أيٍّ كان أن يهتم بك، أو يقوم برعايتك وتربيتك
والقيام بكافة ما تحتاجه من أمور تضمن لك العيش الكريم...احتضنوك بقلوبهم
قبل أحضانهم، سهروا الليالي الطوال إن أصابتك حمى أو ألّم بك مرض ما
لم تغمض جفونهم حتى يطمئنوا على سلامتك وراحتك في نومك...
كانت طلباتك أوامر يفرحون بها ويسعون إلى تلبيتها، واليوم إن طلبوا شيئاً
أو أرادوا منك خدمة يسمعون منك عبارات تذمر وضجر لا تعد ولا تحصى!!!...
وما جزاء الإحسان إلا الإحسان...ما أروعها من لحظة عندما تقبل يد والدك
أو والدتك المسنة والتي جعدتها الأيام والسنين، ما أروع ملمس هذه اليد
وما أشرفها من كرامة عندما تقبل جبيناً عرِقَ لأجل تأمين عيشةٍ كريمة لك ولإخوتك...
محظوظ من كان يراعي والداً مسناً أو والدةً مسنة...
والله ثم والله كم يؤلمني رؤية شيخ كبير أو امرأةٍ مسنة على كرسي متحرك في
المستشفى ومن المسؤول عنه أو عنها؟؟؟... الخادم أو الخادمة...كيف اطمأنت قلوبكم
وأغلى ما تملكون تراعيه أيدٍ غريبة لا يهمها إلا راتبها في نهاية الشهر...
كيف سلمتم أمانة رعاية والديكم المسنين لمن لا تعرفون كيف يتعامل معهم
في غيابكم!!!...كيف اطمأنت قلوبكم وارتاحت ضمائركم وأنتم لا تعلمون
بحاجتهم لكم، قلوبهم تحتاج حنان قلوبكم، آهاتهم لن تسمعوها فقط لأنهم
لا يريدون أن يحزنوا قلوبكم...ولكن هل لكم قلوبٌ تأبه لآهاتهم الدفينة والأليمة
لا تستطيعون إلا رؤيتها في أعينهم التي أعياها الزمن والمرض...
رباه ما أعظمها من لحظة عندما تترقرق دمعة حزنٍ عميق من هذه الأعين
وهذه هي الوسيلة الوحيدة ليعبروا عن حالهم بعد أن أعياهم الزمن والمرض
والإهمال والعقوق...
وعلى الرغم من كل هذا إلا أن هناك فئةً مُشرِّفة تعرف قيمة والديهم المسنين...
يمنحونهم إهتماماً وعطفاً منقطع النظير...يعرفون معنى وقيمة البر بالوالدين
فهنيئاً لهذه القلوب رضى والديهم ورضى الرحمن وهنيئاً لمن عاشر أصحاب هذه القلوب...
اللهم ارزقنا بر والدينا وارزقنا رضاهم وارضى عنا برضاهم عنا...
الله يخلييهم لناااا ويسسسعدهم ويقدررنا على بررهم