اثناء تصفحي للشبكة استوقفني هذا المقال الرائع للدكتور احمد بارك الله فية وامدة بالعافية
فاحببت نقلة لكم لتقرأوه معي ..وقد ذيل مشاركتة ببريدة الالكتروني ولكني حذفتة لقوانين حواء
بـناءً على طلب الأمة ..
د. أحمد بن راشد بن سعيد
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
كتب عبد الرحمن الراشد رئيس تحرير صحيفة الشرق الأوسط في عموده اليومي بعدد الصحيفة الصادر يوم السبت السابع عشر من أيار( مايو) 2003 مقالاً ساخرا بعنوان (بناء على طلبكم) هاجم فيه مظاهرالتدين ورموزه ومؤسسساته في المجتمع السعودي. والمقال جزء من حملة لعدد من الكتاب رأوا في العدوان الأمريكي على العراق وأحداث الرياض المؤلمةالأخيرة مسوغا للنيل من ثوابت المملكة العربية السعودية وقيمها ومبادئها.يقول الراشد إنه فكر طويلا وتوصل إلى ((أن الفاعلين الحقيقيين الذين تسببوا في مأساة الإثنين الدامي لاعلاقة لهم بالأصوليين ..أستطيع أن أجزم أنهم طلاب زراعة أو من وزارةالزراعة، فهي مسؤولة عما حدث وهي التي منحتهم التربة وحفرت لهم الآبار وأمدتهم بالمياه ووزعت عليهم البذور)).
البذور طبعا ًهي التربية الإسلامية،
والزراعة غرس التدين في نفوس الشعب،
ووزارة الزراعة هي الدولة التي تعلم التدين وترعى شجرة الإيمان في النفوس.
لايحتاج المرء إلى كبير عناء ليعرف أن التدين، أو التربية الإيمانية هي الزراعة، وأن أحداث الإثنين الدامي هي الحصاد المر في نظر عبدالرحمن الراشد.
ومما يوضح هذاالتفسير بجلاء قول الكاتب:
((إن السعوديين الذين ذهبوا أو جاءوا من كشمير وأفغانستان والشيشان وصلوا إلى هناك بالصدفة، كانوا سياحا ضلوا طريقهم من الحمراء إلى كابل.
أيضا ليس صحيحا أن السياح السعوديين عادوا عازمين على ارتكاب أعمال شريرة، بل لتعميم المنفعة، فقد أصلحوا مزارع دول اخرى، وقرروا العودة لبلدهم مستفيدين من بذورهم ومعونات الخيرين وسماحة الحكومة وخوف الناس من أصدقائهم، وقرروا أن ينقلوا التقنية والخبرة التي أخذوها في جبال تورا وكهوف بورا إلى المجمعات السكنية، وليس صحيحا أن الإعلام السعودي والمؤسسات السعودية هيأت الارضية والعقلية لهم مبكرا)).
ليس من العدل القول إن كل العائدين من أفغانستان أو الشيشان أو كشمير قد شذوا عن المجتمع أو انقلبوا ضده.وتطرف فئة قليلة يجب أن لا يتخذ ذريعة لوصم العائدين جميعا بالتطرف.وقد تعلمنا من مدرسة الحياة،ومن مدرسة الصحافة أيضا أن التعميم يجافي الموضوعية،ويقود إلى التشويش والضحالة وسوء الفهم.
يشير الراشد إلى أن المؤسسات الحكومية وفرت الرعاية الزراعية للإرهاب، بما فيها الإعلام السعودي الذي يقدم البرامج الدينية، ويلتقي بالعلماء، ويبث الآيات الكريمة والأحاديث الشريفة. وعلى هذا فليس الإعلام شريكا فقط في الحوادث المؤسفة الأخيرة، بل مسوؤلا عنها، لأن الذين قاموا بالتفجيرات نهلوا من معينه وتشربوا رسائله.
يقول الكاتب إنه اكتشف ((أنه ليس صحيحا أنهم مدللون ومحميون وتفتح لهم المجالس)).
ولايقصد الكاتب هناالذين قاموا بالتفجير حصرا، بل يقصد كل الذين يرفعون لواء الدعوة إلى الإسلام، ويحثون الجماهير على التمسك بأهداب الدين الحنيف، ثم يضيف : (( فكل مايقال عن شبابنا ليس معظمه أكاذيب ،بل كله أكاذيب. فجمعياتهم الخيرية ترسل أموالها فقط للسياحة والترفيه عنهم وعن أصدقائهم من العرب والمسلمين، وليس لتمويل الإرهاب في الخارج)).
والكاتب هنا يمعن في التجاوز ويتهم الجمعيات الخيريةالسعودية بلا استثناء بتمويل الإرهاب.
وهو بهذا يقف في خندق واحد مع المتطرفين في البيت الأبيض والبنتاغون والرموز المسيحية الصهيونية في الولايات المتحدة الأمريكية، وإذا كان الأمر كذلك فلماذا لاتحارب هذه الجمعيات ويضيق عليها الخناق، بل لماذا لاتغلق، وكفى الله المتأمركين القتال.
ثم يقول الكاتب : (( أما بالنسبة لحياتهم داخل المملكة فليس صحيحا أنهم يعيشونها هنيئة، بل في غاية القسوة. فقد بلغت القسوةأن منشوراتهم لاتحتاج إلى إذن من وزارة الإعلام الموقرة، بعكس طلاب المطبوعات العلمية أو الطبية أو حتى أهل قصائد النبط الذين يعاملون معاملة استثنائية بالانتظار أسابيع وربما أشهرا للحصول على تراخيص، هذا إن لم يكرموا بالرفض.
أيضا يوزع الشباب منشوراتهم في ظروف بالغة الصعوبة أمام السوبرماركات والتجمعات، ومايزيدهم إرهاقاأن أحدا لايصادرها ولايسألهم حتى عن مضمونها)).
هذا الكلام محض افتراء، فلا يوجد من يوزع المنشورات في الهواء الطلق ،ولم نلحظ – نحن المواطنين المقيمين في المملكة- ظاهرة توزيع المنشورات هذه إلا إذا كان الكاتب يقصد توزيع بطاقات أذكار الصباح والمساء في حلق الذكر وعلى أبواب الجوامع( وحتى هذه البطاقات لاتطبع ولاتوزع إلا بترخيص).
ثم ينتقل الكاتب إلى حلقة أخرى ضرورية فيما يبدو لإكمال الهجوم على البنية التحتية للتدين فيقول: (( وقد لاتدرون أن هؤلاء المزارعين يجدون ممانعة شديدةفي دوائر التعليم إلى درجة أن المدرسين تركوا تعليم العلوم والرياضيات واتجهوا إلى منافستهم في تعليم التطرف)).
والتطرف هنا هو التدين ولاشئ سواه،
هو القرآن والتوحيد والحديث والفقه والتفسير والتجويد ولاشئ سواها.
لايوجد(تطرف) في مدارسنا سوى هذه المواد التي تغذي ثقافة الخراب والانغلاق في نظر الراشد، وينبثق من هذاأنني تعلمت التطرف يوما في مدارس المملكة ،وأن إخوتي وزملائي متطرفون، وأن كل أبناء جيلي رضعوا التطرف في محاضن المدرسة. ويقودنا هذا إلى القول أيضا أن كل ماتعلمناه نحن أبناء هذه البلاد أبا عن جد وكابرا عن كابر كان تطرفا مسؤولا عن أحداث الإثنين الدامي. ويضيف الكاتب قائلا: (( المدارس وضمنهاالخاصة صارت تمنح طلابها ساعات بعد الظهر لمزيد من هذه الدروس الدعويه)).
والكاتب هنا يدع الترميز ويهاجم الدعوة إلى الله مباشرة زاعما أنها ضرب من التطرف لاتمارسه المدارس الحكومية وحدها، بل الأهلية أيضا.
ترى ماهي هذه الدروس الدعوية التي تعلم التطرف في رأي الراشد؟
مرة اخرى,هي ليست سوى القرآن الكريم والسنة النبوية. فنحن أبناء الوطن المقيمين على ثرى المملكة الطهور نرسل أبناءنا إلى هذه الدروس كل يوم ولانرميهم إلى الشارع ،فيعودون إلينا في المساء وقد أشرقت وجوههم وسكنت جوارحهم واكتسبوا البهجة والطمأنينة والأمل. ثم يقول الكاتب: (( ولاتصدقوا من يقول إن طلاب المدارس بما فيها الابتدائية يعرضون صور القتلى الفلسطينيين والعراقيين ويحرضون على الغربيين الكفرة)).
والكاتب هنا يتجاهل دور التعليم الذي يتجاوز تلقين معلومات المنهج الدراسي إلى الإطار التربوي والتثقيفي الرحب الذي يصل الطالب بمجتمعه وأمته، بل عالمه الذي يعيش فيه. وربط الطلاب صغارا وكبارا بقضايا أمتهم المصيرية،سيما قضية فلسطين، يوسع آفاقهم،ويطور وعيهم بما حولهم، ويقوي عاطفة التضامن بين أبناء الأمة الواحدة، ما يصب في النهاية في مصلحة المملكة التي هي جزء من هذه الأمة، ويزعج كثيرا قادة صهيون ورموز التيار اليميني الأمريكي الذين يتربصون بنا الدوائر.
ولاأدري لماذاأحجم الكاتب عن وصف ضحايا العدوان الصهيوني والأمريكي (بالشهداء) واستخدم كلمة (القتلى)،ولماذا استهجن وصف الغربيين بالكفرة، والغربيون غير المسلمين كفرة بنص القرآن. هل يريد الراشد أن نتنكر للدين وشرائعه ونصوصه؟ هل يريدنا أن نحذف قوله تعالى( لقد كفر الذين قالوا إن الله هو المسيح بن مريم)، وقوله (لقد كفر الذين قالوا إن الله ثالث ثلاثة)، وقوله (إن الكافرين كانوا لكم عدوا مبينا).
ماذا سيصنع المتطرفون العلمانيون بهذه الآيات في زمن هيمنة الدعاية الرامسفلدية والعولمة البوشية؟ ثم ماالذي يزعج الراشد في رؤية أطفالنا لصور شهداء فلسطين؟ هل يخشى من تعاطف السعوديين مع القضية المركزية للأمة؟ هل يريد أن يتربى أجيالنا على الخنوع للصهيونية، وأن يمدوا رقابهم لسكين شارون؟إذا كان الكاتب قد اختار التسليم للمشروع الصهيوني فهذا شأنه، لكننا سنربي أطفالنا على حب فلسطين،وسنعلمهم أنها لنا من البحر إلى النهر، وأن( القدس سترجع لنا).
ويستمر الكاتب في هجومه على التعليم في المملكة فيتحدث عن مدارس البنات هذه المرة قائلا: ((كما أنه كله بهتان مايقال من أن مدارس البنات تحولت إلى تجمعات تثقيفية في الشأن السياسي. أما تمثيل الجنازات من قبل الإسلاميات، فهو والله ليس لترهيب البنات ،بل من حصص الدراما ضمن المنهج العام)).
نحن المواطنين المقيمين في المملكة نعلم حق العلم أن مدارس البنات لم تتحول إلى أحزاب سياسية كما يريد الكاتب أن يقول، وأن تعاطي الشأن السياسي لايتم في مدارس البنات، إلا إذا كان حديث مجموعة من الطالبات حول آخر مجزرة صهيونية بحق الفلسطينيين يعد ضرباً من السياسة المحظورة،أو كانت إشادة طالبة أمام زميلاتها بالاستشهاديات الفلسطينيات أمثال آيات الأخرس وهبة ضراغمةعملا سياسيا يزعج المنقادين للهوى الأمريكي أو الغارقين في الضباب اللندني.
أما التعريض بتمثيل الجنازات من قبل الإسلاميات(كما وصفهن) فلا أدري ماالذي يقلق الراشد في هذا الأمر، هل سيشعر ذلك بناتنا بالرغبة في الانتحار مثلا؟
هل سيدفعهن إلى تفجير أجسادهن الناعمة في المجمعات السكنية، أوالسفر للقتال في تورا بورا،أواختطاف طائرة لتدمير الكنيست الإسرائيلي فوق روؤس الصهاينة مثلا؟
لماذا التحذير من تمثيل الجنازات من قبل الإسلاميات؟ أليس الموت غاية كل حي؟
بالمناسبة، كل الناس سيموتون،حتى اولئك الذين بدلوا جلودهم وساروا في ركاب المستعمر وهللوا للغزاة وقلبوا المصطلحات، فوصفوا التدين بالأصولية، والمقاومة بالعنف، والاستشهاد بالانتحار..((سيجزيهم وصفهم)).
أم أن المشكلة هي التوجس من ثقافة الموت –كما يصفها الخطاب العلماني الاستسلامي الوقوعي- ويعني بها الزهد في الدنيا والإقبال على الجهاد والاستشهاد؟ لقد فات الكاتب أننا إذا علمنا بناتنا وأبناءنا حقيقة الموت وهبت لهم الحياة.
بالرغم من كل هذا، فأناأعلم وغيري يعلم في هذه البلاد أن تمثيل الجنازات (أو مشاهد الرحيل والوفاة )من قبل الطالبات لا يحدث إلا لماما،وليس ظاهرة تستحق الرصد وتستوجب الخوف على عقول البنات وقلوبهن. وينتقل الكاتب من المدارس إلى المستشفيات فيقول: (( ليس صحيحا أن المستشفيات مليئة بمنشورات تحرم مصافحة الكفار)).نحن المواطنين المقيمين في هذه البلاد ،نفترش أرضها ونستظل سماءها، لانعلم أن المستشفيات تمتلئ بالمنشورات التي تحرم مصافحة الكفار، بل إنها ملأى بالمطويات والملصقات المشتملة على نصائح وتوجيهات طبية،ويوجد في كل مستشفى تقريبا قسم للتثقيف الصحي والعناية بتوعية المواطن بالأمراض المختلفة وسبل الوقاية منها أو علاجها.
ثم من الذي أفتى بحرمة مصافحة الكفار؟
إلا إذا كان الكاتب يقصد مصافحة الرجل للمرأة الأجنبية سواء أكانت مسلمة أم كافرة، فهذه المصافحة حرام فيما أعلم، وستظل حراما وإن أزعج ذلك المتطرفين العلمانيين، وأقض مضاجع الغربيين الكفرة! ثم يعود الكاتب لمهاجمة الإعلام السعودي ويخص التلفزيون بهذا الهجوم قائلا: (( ومن الأكاذيب أيضا مايشاع أن التلفزيون السعودي متخم ببرامج دينية. فشبابنا مشغول بما هو أهم ،مئات أو آلاف منهم متفرغون لدعوة المسلمين للإسلام في بلد الإسلام)).
والكاتب هنا ضائق الصدر بانتشار المحاضرات والدروس التي يقدمها العلماء والمثقفون في المساجد والتي تشرف عليها وتنظمها وزارة الشؤون الإسلامية في المملكة، وهو متعب أكثر من البرامج الدينية في التلفزيون التي تشرف عليها وزارة الإعلام.
ثم يضيف الكاتب : (( ومن آخر الأنباء الصحيحة أن الجمعيات الخيرية السعودية التي شبعت من إصلاح العالم الإسلامي، مثل أفغانستان، قررت الانصراف إلى إصلاح أوضاع المملكة بطباعة المزيد من ملايين الكتيبات والأشرطة والندوات و"الجمسات")).
والكاتب ينتقل هنا من اتهام الجمعيات الخيرية السعودية بتمويل الإرهاب الخارجي إلى اتهامها بدعم الإرهاب الداخلي. فالكتيبات والأشرطة والندوات التي تتوافر لمواطني المملكة تمارس دورها في الإصلاح بالطريقة الأفغانية، أي أن الجمعيات الخيرية تسعى إلى( أفغنة) المملكة ونشر الإرهاب في ربوعها. ولايفوت القارئ الملاحظ هنا كلمة (الجمسات) ،ويعني بها السيارات التي يستخدمها رجال هيئات الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر للتبليغ عن الصلاة، أو لمكافحة المخالفات الأخلاقية.هذا التعريض بالهيئات يناقض تماما ماجاء في تصريح سمو الأمير نايف بن عبد العزيز من وجوب دعم الهيئات والإشادة بدورها في حماية المجتمع وأمنه الأخلاقي.
ويختم الراشد عموده بالقول: (( عليكم ألا تربطوا ماذكرته مع ماتسمعونه في مدنكم، فما يسمع من انفجارات ليس إلا ألعاب نارية، وبروباغندا أمريكية)). لاأدري لماذا استخدم الكاتب كلمة بروباغندا،وكان الأولى أن يستخدم العربية المرادفة لها وهي دعاية، سيما أنهاكلمة جميلة وواضحة للقارئ العربي، ولن ينزعج من استخدامها أحدً في مكتب التأثير الإستراتيجي التابع للبنتاغون.وبالمناسبة فإن من أهداف هذا المكتب كما ذكرت صحيفة "النيويورك تايمز"((تقويض تأثير المساجد والمدارس في الشرق الاوسط وجنوب شرق آسيا)) بعدما أصبحت(( أرضا خصبة لتعزيز سيطرة الإسلام المتشدد)).
لقد أرادالكاتب إيصال رسالة للقارئ مؤداها أن كل ماقام عليه كيان المملكة العربية السعودية بدءا من الأسرة والمدرسة، ومرورا بالإعلام والأمن، وانتهاء بالجمعيات الخيرية والمؤسسات الدعوية مسؤولة مسؤولية مباشرة عما جرى في يوم الإثنين الدامي.ولنا أن نتخيل مايمكن أن يقود إليه التسليم بهذا الكلام من تقويض للهوية وتفكيك للنسيج الاجتماعي( المملكة دولة إسلامية وليست كيانا صنعه الاستعمار على عينه).
إن كلام الراشد تحريض لاتعريض ، تحريض على كل الرموز والمظاهر والمؤسسات والجمعيات والبرامج التي قام عليهاالمجتمع والتي يستمد منها شرعيته واستقراره،ويؤدي إلغاؤهاأو تجريدها من معانيها الحقيقيةإلى إلغاءذواتنا وتذويبنا في بوتقة التيه والانسلاخ والأمركة.
لنتخيل مجتمعنا بلا حلقات تحفيظ في المساجد، ولابرامج دينية في التلفزيون، ولامطويات توعويه تحث على مكارم الأخلاق، ولاجمعيات خيرية تساعد المحتاجين وتغيث المنكوبين، ولارجال يحتسبون ،ولا (بوليس آداب).ولنسأل أنفسنا هل سيرضى عنا حينها المتطرفون من بني جلدتنا،أو من الغربيين الكفرة؟
أعتقد يقينا أن الراشد لم يحالفه الرشد فيما قال، بل ضل ضلالا بعيدا. وأعتقدأن هذه البلاد قيادة وشعبا سوف تشعر بالخطر والقلق من مثل هذا الكلام. لست عالم دين، ولكني كمسلم عادي رضعت التوحيد من لبان أمي ،وتشربته من مناهج التعليم في بلدي، أقرأ فيما ماقاله الراشد سخرية بالإسلام، ورغبة في توهين أمره وإضعاف شوكته، وفي أحسن الأحوال قصره على أداء الصلوات في المساجد،تماما كما دأب المستعمرون،الكفار لا المؤمنون، المحتلون لا المحررون. ليست المشكلة في نظر الراشد(الأصوليين)كما قال ،بل هي في الإسلام نفسه، في مناهج التعليم، في مجالس الذكروالدروس الدعويةوالمطويات التوجيهية، في الجمعيات الخيرية،وفي(الجمسات) طبعا! هذا الكلام يكرر آراء المستشرقين المعاصرين أمثال برنارد لويس وإيلي خضوري، ورموز صحفية غربية أخرى أمثال جوديث ميلر وتوماس فريدمان الذين طالما ربطوا الإسلام بالإرهاب، واعتبروا الإسلام والتطرف صنوين ومترادفين. إنه طرح لاينقذ حاضرا، ولايستلهم تاريخا، ولايستشرف مستقبلا. بل هو وصفة لكارثة. إن المريض الذي يشكو من ألم في أحد أعضائه لايعالج بانتزاع قلبه من بين جوانحه، ولو فعل الطبيب ذلك لكان طبيبا مزيفا أو مجرما.
تنتعش المجتمعات وتزدهر وتنمو بالاعتدال والتوازن وانسجام شرائحهاالمختلفة وتعايشها معا. وكلام الراشد يعني الأحادية والفوقية، بل التسلط والقمع ونفي التعددية والتنوع. ماذكره الراشد نوع من التطرف يجب أن يحذر منه، لأنه خطير ومدمر ومنذر بالشقاق والفوضى.
إن نهج التطرف العلماني الذي يمارس إلغاء الآخر،إما باستئصاله ،أو بتجفيف منابعه،أو بهما معا، قاد مجتمعات اخرى إلى حروب وانقسامات طاحنة، والمطلوب هو تحكيم العقل، وعدم الانسياق وراءالعاطفة، والتمسك بالثوابت، والتوقف عن جلد الذات.
هذالايعني عدم مراجعة الحسابات، ومعالجة الأخطاء، ومناقشة الحلول المناسبة للمشكلات القائمة، فهذا شأن كل مجتمع ديناميكي حر متطور، ولكن لا لإلغاء الثوابت، ولالاتهام المقدسات،ولا للعدمية والذوبان والتيه.
لن أخرج من جلدي أو أعدم تاريخي من أجل عيون دونالد رامسفيلد وكونداليزا رايس!
د.أحمد بن سعيد
منقول من الساحة العربية :27:
القلمُ الورديُّ @alklm_alordy
محررة فضية
يلزم عليك تسجيل الدخول أولًا لكتابة تعليق.
الصفحة الأخيرة
مشكوره اختي الغاليه الورده الجوريه:24:
بارك الله فيك