د.مشبب القحطاني

د.مشبب القحطاني @dmshbb_alkhtany

إمام وخطيب مفكرة المجلس عضو في جماعة التوعية الإسلامية

بقصة هذه الفتاة الصغيرة نفتتح خطبة ( الحرص على رضى الله )

الملتقى العام

أما بعد ايها المسلمون :

في احدى البلدان ومن احدى المدارس ( عادت الفتاة الصغيرة من مدرستها ، وبعد وصولها إلى البيت ، لاحظت الأم أن ابنتها قد انتابها الحزن، فاستوضحت من الفتاة عن سبب ذلك الحزن .
فقالت الفتاة : أماه ، إن مدرّستي هددتني بالطرد من المدرسة بسبب هذه الملابس الطويلة التي ألبسها .
فقالت الأم : ولكنها الملابس التي يريدها الله يا ابنتي .. فقالت الفتاة : نعم يا أماه .. ولكن المدرّسة لا تريد .
الأم : حسناً يا ابنتي ، المدرسة لا تريد، والله يريد فمن تطيعين ؟ أتطعين الله الذي أوجدك وصورك، وأنعم عليك ؟ .
أم تطيعين مخلوقة لا تملك لنفسها نفعاً ولا ضراً .
فقالت الفتاة : بل أطيع الله . فقالت الأم : أحسنت يا ابنتي و أصبت .
وفي اليوم التالي .. ذهبت تلك الفتاة بالثياب الطويلة .. وعند ما رأتها معلمتها أخذت تؤنبها بقسوة …. فلم تستطيع تلك الصغيرة أن تتحمل ذلك التأنيب مصحوباً بنظرات صديقاتها إليها فما كان منها إلا أن انفجرت بالبكاء … ثم هتفت تلك الصغيرة بكلمات كبيرة في معناها … قليلة في عددها :
والله لا أدري من أطيع ؟ أنت أم هو ؟ فتساءلت المدرسة : ومن هو ؟
فقالت الفتاة : الله ، أطيعك أنت فألبس ما تريدين وأعصبه هو . أم أطيعه وأعصيك أنت ، سأطيعه سبحانه وليكن ما يكون .
يا لها من كلمات خرجت من ذلك الفم الصغير ... كلمات أظهرت الولاء المطلق لله تعالى . أكدت تلك الصغيرة الالتزام والطاعة لأوامر الله الواحد القهار.
هل سكتت عنها المعلمة ؟ . لقد طلبت المعلمة استدعاء أمِ تلك الطفلة ..فماذا تريد منها ؟ . وجاءت الأم … فقالت المعلمة للأم : " لقد وعظتني ابنتك أعظم موعظة سمعتها في حياتي
"

ايها الاخوة في الله : بهذه القصة المؤثرة تفتتح خطبتنا لهذا اليوم والتي هي بعنوان ( الحرص على رضى الله )

أيها المسلمون :

الأصل في كل مسلم انه يسعى الى مرضات الله تعالى بقدر ما يستطيع ، ويتجنب ما يسخطه تماما ..الأصل أن المسلم يبذل الغالي والرخيص من اجل كسب رضى الله وعلا ..وهذه حال السعداء ..يقول تعالى مبينا حل بعض الناس ( وَمِنَ النَّاسِ مَنْ يَشْرِي نَفْسَهُ ابْتِغَاءَ مَرْضَاةِ اللَّهِ ، وَاللَّهُ رَءُوفٌ بِالْعِبَادِ )

ومما يؤسف له أننا نلاحظ على بعض المسلمين ، الحرص على رضا الآخرين ، حتى ولو كان في ذلك معصية لله رب العالمين ..

فهناك من الناس من يحرض على رضى زوجته وتلبية طلباتها ، حتى ولو كان في ذلك مخالفة لأمر الله تعالى .
فكم من شخص عق والدية وقطع رحمه ، واحضر القنوات المنحرفة ، وملأ بيته بالمنكرات ، وسافر الى بلاد الكفر بدون حاجة من أجل رضى زوجته .
يفعل هذا ، وربما نسي قول الله تعالى ( يا ايها الذين ان من أزواجكم وأولادكم عدوا لكم فاحذروهم ، وان تعفوا وتصفحوا فان الله غفور رحم )


وكم من شخص يحرص على رضى رؤسائه في العمل ، حتى لو اغضب الله تعالى
فكم من شخص جلس على مائدة تدار فيها الخمر ، وحلق لحيته او خففها ، وأسبل إزاره ، وربما ترك الصلاة جماعة ،
وهناك من يوقع القرارات الجائرة ، والمشاريع المزيفة ، ويشهد بالزور ، ويرضى بالذل كل ذلك من اجل رضى رئيسه . اوحتى لا يتهم بالتطرف ..او حتى لايمنع من الترفيع في الوظيفة ، ولا يقال عنه إن غير متعاون .
يفعل ذلك وينسى المسكين أن الله تعالى قد حذر من هذا التصرف وبين انه من سلوك الكفار والعياذ بالله ، الذين يقدمون أوامر الرؤساء على أوامر الله ورسوله ..يقول تعالى (ن الله لعن الكافرين واعد لهم سعيرا ، خالدين فيها ابدا ، لا يجدون وليا و لانصيرا .. يوم تقلب وجوهُهُم في النار يقولون ياليتنا اطعنا الله واطعنا الرسولا .. وقالوا ربنا إنا اطعنا سادتنا وكبراءنا فأضلونا السبيلا .. ربنا آتهم ضعفين من العذا ب والعنهم لعنا كبيرا )



وكم من شخص يحرص على رضى أصدقائه وزملائه حتى ولو اغضب الله تعالى
فكم من شخص يستمع الغيبة او يشارك فيها ، او يترك الصلاة او يعاقر الخمر او يلعب الميسر اويضيع الأوقات في الشقق والاستراحات او غيرها ، او يقع في أعراض المؤمنين او غير ذلك من المخالفات كل ذلك حتى لا يغضب أصدقاؤه ، وحتى لا يتهموه بالكبر ونكران الصداقة .
وينسى المسكين ان هولاء الأصدقاء سوف يتخلون عنه عند أي زلة او محنة تحصل منه ، وأنهم أعداؤه الحقيقيون مهما تلونوا له وتقربوا اليه .. وهذا الإنسان الذي يقدم طاعة أصدقائه على طاعة الله سوف يندم حين لا ينفع الندم يقول تعالى ( ويوم يَعًضُ الظالم على يديه ، يقول : يا لتني اتخذت مع الرسول سبيلا ، يا ليتني لم اتخذ فلانا خليلا ، لقد أضلني عن الذكر بعد اذا جاءني ..وكان الشيطان للإنسان خذولا )


ايها الإخوة في الله

وفي الآونة الأخيرة : بدأنا نلحظ عددا من الأشخاص ، يناقشون في بدهيات الدين وأركانه ، و يسعون لإرضاء الكفار من يهود ونصارى وغيرهم ، حتى لو وقعوا في الكفر ومعصية الله تعالى .
فكم سمعنا من يحرم الجهاد واستخدام القوة ضد الأعداء ، ويصفه بالإرهاب ، ومنهم لا يرى بكفر الكافر ، ويبتدع دينا جديدا اسمه الإنسانية ، ومنهم يحارب الآمرين بالمعروف والناهين عن المنكر ، ومنهم من يتهم دين الله تعالى بالإرهاب والتخلف والهمجية .. ومنهم من ينادي بخروج المرأة من بيتها واختلاطها بالرجال ، بأي شكل من الأشكال .
كل ذلك من أجل إرضاء الكفار ، وكسب مودتهم ، والظهور بمظهر الإنسان المتحضر .وربما يحصل على منصب دنيوي او مبلغ مادي .
يفعلون ذلك وينسون ان الكفار مهما قدم لهم المسلمون من تنازلات ، ومهما اظهروا لهم من ولاء ، فإنهم لا يرضون تمام الرضا الا بإتباع ملتهم وهي الكفر بالله ، يقول تعالى مؤكدا هذه الحقيقة ( وَلَنْ تَرْضَى عَنْكَ الْيَهُودُ وَلَا النَّصَارَى حَتَّى تَتَّبِعَ مِلَّتَهُمْ قُلْ إِنَّ هُدَى اللَّهِ هُوَ الْهُدَى وَلَئِنِ اتَّبَعْتَ أَهْوَاءَهُمْ بَعْدَ الَّذِي جَاءَكَ مِنَ الْعِلْمِ َا لَكَ مِنَ اللَّهِ مِنْ وَلِيٍّ وَلَا نَصِيرٍ )
فاذا سار الإنسان على طريقتهم ، واتبع أهواءهم فهو حبيبهم والمقرب اليهم في وقت الحاجة ـ فاذا انتهوا منه وحققوا مآربهم عن طريقه ، فإنهم سرعان ما يرمونه في زبالة التاريخ ، وربما تخلصوا منه كما واقعهم على مر التاريخ .. يؤكد هذا قوله تعالى (كَيْفَ وَإِنْ يَظْهَرُوا عَلَيْكُمْ لَا يَرْقُبُوا فِيكُمْ إِلًّا وَلَا ذِمَّةً ، يُرْضُونَكُمْ بِأَفْوَاهِهِمْ وَتَأْبَى قُلُوبُهُمْ وَأَكْثَرُهُمْ فَاسِقُونَ(8)



أيها الإخوة : وهناك أيضا من يسعى للتقارب بين الأديان والمذاهب المنحرفة ، حتى لو اغضب الله تعالى ..
فنجد البعض يسعى للتقارب وتذويب كتل الجليد كما يقال ، بين من يسب الله تعالى ويسب الرسول صلى الله عليه وسلم ويقول ان الله ثالث ثلاثة ، وان المسيح ابنُ الله ..
وهولاء أمرهم غريب جدا : اذ كيف يقربون بين من يقول لا اله الا الله وحده لا شريك لك ، وبين من يقول ان الآلة ثلاثة ( الاب والابن وروح القدس ) ..وكيف يقربون بيم من يقول المسيح عبد الله ورسوله ، وبين من يقول المسيح ابن الله ..

اخوة الإيمان اقول ما سمعتم واستغفر الله لي ولكم فاستغفروه انه هو الغفور الرحيم


الحمد لله حمد الشاكرين .. واشهد الا اله الا الله وحد لاشريك له واشهد ان محمدا عبد الله ورسوله صلى الله عليه وسلم وعلى اله واصحابه اجمعين ..

اما بعد ايها المسلمون :

ان المسلم العاقل يقدم رضى الله تعالى على رضى الناس ، حتى لو سخط عليه الناس ، وهذا هو المفلح وهو الناجي في الدنيا والآخرة ...وهذا هو الذي حل المعادلة حلا صحيحا .. والتي بينها رسول الهدى صلى الله عليه بقوله (من التمس رضا الله بسخط الناس ؛ رضي الله عنه، وأرضى عنه الناس، ومن التمس رضا الناس بسخط الله، سخط الله عليه، وأسخط عليه الناس )
وفي حديث آخر ( من أرضى الناس بسخط الله وكله الله الى الناس ، و من اسخط الناس برضا الله كفاه الله مؤنه الناس )


فالمسلم مصلحته مع الله جل جلاله ، فهو سبحانه الذي خلق الإنسان من عدم ، ورزقه سائر النعم ، وهو الذي يرسل عليه ملك الموت ، ويقطع من الصوت ، وهو الذي يبعثه يوم القيامة ، يوم الحسرة والنادمة ، وهو الذي يحاسبه ويجازية ، فاما الى فوز او عذاب يخزية ..
فلا ملجأ ولا منجى من الله الا اليه ، فهو سبحان النافع الضار ، وهو المعز والمذل ، الخافض الرافع ، والمحيي المميت ، الكون كله تحت تصرفه جل وعلا اذا أراد شيئا فإنما يقول له كن فيكون ..
والبشر مهما أوتوا من قوة فهم ضعفاء مساكين ، محتاجون الى الله فقراء اليه ، فكيف لعاقل ان يلجأ او يخاف من عبد ضعيف مثله ، لا يملك لنفسه نفعا ولا ضرا وموتا ولاحياه ولا نشورا ..


إخواني في الله : لقد علم سلف هذه الأمة هذه الحقيقة من قبل ، فساروا على ضوئها .. فهذا ابراهيم عليه السلام وقومة يقولون لقومهم واهلهم ( إنا برءؤا منكم ومما تبعدون من دون الله ، كفرنا بكم وبدا بيننا وبينكم العداوة والبغضاء ابد ، حتى تؤمنوا بالله وحده )

والصحابة الكرام رضي الله عنهم يتخلون عن كل شيء يغضب الله تعالى ، ويتشرون رضاه مهما كان الثمن ..يقول تعالى مخلدا فعلهم ذلك ويكافؤهم باعطائهم من الغنائم ( للفقراء المهاجرين الذين أخرجوا من ديارهم وأموالهم يبتغون فضلا من الله ورضونا ..وينصرون الله ورسوله أولئك هم الصادقون )

وهكذا يجب على كل مسلم على وجه الارض مهما كان وضعه أن يقدم رضى الله تعالى على رضا الناس مهما كانوا ، ومهما فعلوا ضده .
وهذا لاخيار للانسان المسلم فيه بل هو امر الاهي منصوص عليه بقوله تعالى ( وماكان لمؤمن ولا مؤمنة إذا قضى الله ورسوله أمرا..أن يكون لهم الخيرة من أمرهم .. ومن يعص الله ورسوله فقد ضل ضلالا مبينا )

اخوة الايمان هذا ما تيسر في هذا اليوم ، واسال الله لنا ولكم التوفيق ..
13
3K

يلزم عليك تسجيل الدخول أولًا لكتابة تعليق.

تسجيل دخول

قطر الدين
قطر الدين
اخي الفاضل

جزاك الله خير على هذا الموضوع وبارك الله فيك






..................................................................................




كان النبي صلى الله عليه وسلم إذا دخل على مريض يعوده قال له :
" لابأس طهور إن شاءالله "

" مامن عبد مسلم يعود مريضا لم يحضر أجله فيقول سبع مرات :
اسأل الله العظيم رب العرش العظيم أن يشفيك الا عوفي "

" اللهم اغفر لي , وارحمني والحقني بالرفيق الاعلي "
الخوف من الله
الخوف من الله
جزاك الله خيرا
لاميرا
لاميرا
جزاك الله خيرا أخي
noosa
noosa
جزاكي الله خير ..




:26:
دندونة الوله
دندونة الوله
جزاك الله الف خير:26: :26: