في تلك الصباحات الشتائية حين تختبئ الشمس حياء??? وتصطك اسناننا من شدة البرد ولسعته??? وتنزلق ايادينا الصغيرة في جيوبنا لنمنحها الدفء بعد ان ننفخ فيها بانفاسنا الحارة???
الطريق التي نسلكها الى مدرسة الخورنق تهفو على جانبيه اشجار النارنج والتفاح??? في كل صباح تودعنا الامهات بالدعاء وهن يرتبن ملابسنا قبل الخروج وينظرن الى طولنا الذي في ازدياد??? وفي المدرسة كنا نصدح بنشيد الصباح (عش في علو هكذا ايها العلم) كنت ارى العلم يرفرف مسرورا باحتفائنا به كل يوم??? رددنا الكثير من الاناشيد دون ان نعي بعض معانيها كنا نهتف في فضاء فسيح ونتبارى في رفع اصواتنا الناعمة متظاهرين بالرجولة:
بلاد العرب اوطاني من الشام لبغدان
ومن نجد الى يمن الى مصر فتطوان
لم نكن ندري ما هو الوطن ولا ندرك مساحته فقط نعرف انه عربي??? ولا ندري ان هناك حدودا بين اجزائه فقد كنا صغارا??? حتى اننا كنا نظن تطوان من طي الشيء وربما العودة ولم ندر انها مدينة عربية??? طالما دعونا في النشيد حماك الله يا وطني ووقاك من المحن ونقصد الوطن العربي وليس بلدا بذاته??? وهتفنا نموت نموت ويحيى الوطن???
كبرنا فعرفنا ان الوطن العربي اوطان وليس وطنا??? وان التنقل بينه ليس مثل التنقل بين بلدات الوطن الواحد??? وعرفنا اننا غرر بنا فليس هناك روابط حقيقية مثلما تعلمنا في المدرسة حين علمونا ان هناك روابط الدين والتاريخ المشترك واللغة ولم يكن ذلك حقيقيا??? وان ما كنا نعتقده ليس صحيحا المرة???
ما يوحد العرب اليوم الهم الفلسطيني وربما هو ما يفرقهم ايضا وكبرنا وبدأت تتكشف لنا احوال كثيرة معظمها سلبي في وطننا الكبير ونحن نوهم انفسنا دائما اننا مخطئون والوطن على حق???
حين داهمتنا الحروب ووجدنا انفسنا في لجتها??? كنا اولادا خمسة يجمعنا البيت ويفرقنا الواجب??? حربان ونحن لم نجتمع في البيت مرة واحدة??? في الحرب الاولى ماتت امي وهي تحدق من شباك الروح على اولاد غابوا في الحرب??? في الاخرى مات ابي كمدا وأحد الاخوة وفي الثالثة لا ادري من سوف يموت??? ترى هل نمضي العمر على هذا المنوال؟
بالامس حين ضربوا (الشعلة) حيث كنت اعمل مدرسا فيها??? تلك المدينة الفقيرة التي تغص بالشعراء والمبدعين والعلماء ايضا??? بكيت تمزقت اضلعي وانا ارى تلك السيدة التي لطمت على وجهها في المستشفى??? كانت امي التي تبكي??? لعيني امي التي في البلاد القصية تغفو تحت التراب وانا في بحر الغربة اتوجع??? اردد تلك الاغنيات التي تذكرني بالعراق واهله «هلي وياكم يلذ العيش ويطيب??? ونسايمكم تداوي الجرح ويطيب» اشتاق لخبز امي الحار من تنورها الطيني??? ونحن نكركر بالضحكات كنت اغني لها «يا رغيف الحلوة يكفيني سنة» ربما لم تكن حلوة لكنها امي??? فتضحك بابتسام??? وتضربني برفق على ظهري «ما زلت ملعونا ايها الولد» غدا حين تتزوج تنساني لكني اتذكرك الآن وافتقدك وافتقد معك العراق???
باسم عبود - في الشعلة كانت أمي
من جريدة الوطن
عبير الزهور @aabyr_alzhor
عضوة شرف في عالم حواء
يلزم عليك تسجيل الدخول أولًا لكتابة تعليق.
مداخلة رائعة وتعليق جميل نابع من اعماق قلب ادمته غربتين غربة عن الوطن وغربة عن الناس
اسعدني ردك وتعليقك القيم
شكرا لك ولا فض فوك
تحياتي العطرة لك :26:
اسعدني ردك وتعليقك القيم
شكرا لك ولا فض فوك
تحياتي العطرة لك :26:
أشكرك يا أختي عبير الزهور على هذه الكلمات المؤثرة ...لقد وضعت يدك على الجرح الذي أدمانا ..ماذا نقول نحن الشعب العربي الذي لهثنا وراء المادية والصورة السيئة للحضارة الغربية والتي أكتسبنا منها الغربة عن أنفسنا وعن بعضنا البعض وفككنا رمز عروبتنا ....سمحنا للغرب أن يلعبوا بنا الكرة وأن يزر
كلامك صحيح اختي اسأل الله ان يفرج عن الامة الاسلامية همها ويجمع شملها
شكرا على ردك وتعليقك
بارك الله فيك
شكرا على ردك وتعليقك
بارك الله فيك
الصفحة الأخيرة
حروف تدمي القلب فعلا
اينما التفتنا في هذه الارض تواجهنا العنصرية بابشع صورها في الشارع هنا في اكثر بلاد العالم عنصرية اشعر باختلافي عن الباقيين واتحسس نظراتهم الي باستغراب ولكن مع هذا
لا اتالم من ذلك قدر تالمي من العنصرية التي يواجهني بها اخواني .......
في الشارع هنا ورغم كون الناس كفار فانهم يظهرون من دماتة الخلق مايجعلني ابتسم في وجوههم واكمل طريقي ناسية غربتي او متناسية اياها الى حين:44:
في التجمعات العربية والاسلامية القليلة التي ادعى اليها اول سؤال اواجه به هو من اين انت؟ وجه اخر من وجوه العنصرية البشعة والكثر من الاسئلة اطالب بالاجابة عنها لا اجد لها داعياً ولا اجد لها اجابة في كثير من الاحيان
احب ان اجيب على تساءلاتهم الكثيرة عن بلدي عن الناس في بلدي فانا افخر به واحبه كما احب كل بلادنا العربية وافخر بانتمائي اليها واتمنى ان اكحل عيني برؤيتها يوماً ما
احزاب وملل وفرق في كل مكان في الشارع في المسجد في الانترنت حتى في بلدي اذكر اني اذا ذهبت الى عرس او مناسبة اجتماعية او تعرفت على جيران جدد اول ما تسال عنه هو من اي منطقة انت وتجد نفسك تسرد تاريخ وسلالة عائلتك كامل وهل جدورها عربية اصيلة ام فيها اختلاط وما الى ذالك من النعرات الكذابة التي اورثنا اياها الاستعمار وحافظنا عليها الى اليوم تراثُ باقياً رغم جلاء المستعمر ولكن فكره لم يجلى بعد من عقولنا الا ما رحم ربي.
ادخل موقع اسلامي راجية ان اجد فيه اخوة في الله افتقدها كثيرا هنا وانس يخفف عني في غربتي لاجد الفرقة والغربة والعنصرية تسيطر عليه ايضاً وكانها قدر لا مهرب منه
هل اصبحت العنصرية موضة هذا العصر !!!
لا اجد مهرب من كل هذا الا الوحده والتامل في خلق الله واجد نفسي اردد وحيده
ليس الغريب غريب الشام واليمن ان الغريب غريب القبر واللحد
نقل رائع عبوووره جزاك الله خيرا