بمَ يكون هلاك العبد؟

ملتقى الإيمان

بمَ يكون هلاك العبد؟






إن هلاك العبد في الغفلة عن الله -تبارك وتعالى- والإعراض عن طرق الخيرات، والغفلة نوعان:

* غفلة كفر ونفاق أكبر: وهذه الغفلة صاحبها ميت القلب، شقي محروم من كل خير، لا يعمل بطاعة ولا يكف عن معصية، همه هم البهائم لا يعمل لجنةٍ ولا يخاف من نار، ولا ينزجر للوم لائمٍ، ولا يُصغِي لناصحٍ، ولا يعبأ بأي كلامٍ ناله بترك الفرائض وفعل المحرمات، قال الله -تعالى- في غفلة الكفر والنفاق:
{مَن كَفَرَ بِاللّهِ مِن بَعْدِ إيمَانِهِ إِلَّا مَنْ أُكْرِهَ وَقَلْبُهُ مُطْمَئِنٌّ بِالإِيمَانِ وَلَـكِن مَّن شَرَحَ بِالْكُفْرِ صَدْرًا فَعَلَيْهِمْ غَضَبٌ مِّنَ اللّهِ وَلَهُمْ عَذَابٌ عَظِيمٌ * ذَلِكَ بِأَنَّهُمُ اسْتَحَبُّواْ الْحَيَاةَ الْدُّنْيَا عَلَى الآخِرَةِ وَأَنَّ اللّهَ لاَ يَهْدِي الْقَوْمَ الْكَافِرِينَ * أُولَـئِكَ الَّذِينَ طَبَعَ اللّهُ عَلَى قُلُوبِهِمْ وَسَمْعِهِمْ وَأَبْصَارِهِمْ وَأُولَـئِكَ هُمُ الْغَافِلُونَ * لاَ جَرَمَ أَنَّهُمْ فِي الآخِرَةِ هُمُ الْخَاسِرونَ}، وقال تعالى: {يَعْلَمُونَ ظَاهِرًا مِّنَ الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَهُمْ عَنِ الْآخِرَةِ هُمْ غَافِلُونَ}.


والنوع الثاني من الغفلة دون غفلة الكفر والنفاق الأكبر: وهذه الغفلة درجات في إثمها ومضارها وآثارها على العبد وعلى المجتمع، وأفراد هذا النوع من الغفلة كثيرة لا تحصى إلا بمشقة:
- غفلة التقصير في حقوق الله وحقوق العباد، فلا يقوم المسلم بهذا الواجب أتم القيام، فيفوته من الخير والثواب بقدر ما يفوته من العمل، ويكتسب من الذنوب والآثام والعقوبة بسبب الغفلة بقدر ما اكتسب بسبب هذه الغفلة عن العواقب وعدم الاهتمام بالحقوق.
- وغفلةٌ عن الشكر على النعم، فيأكل ويشرب ولا يتفكر في عظمة المنعم -سبحانه- ولا ما يجب له من الحقوق، ولا ينظر في الطرق التي وصل إليه بها الطعام أو الشراب واللباس الذي يقيه الحر والبرد ويتجمل به عند الناس، ولا يديم الشكر على النعم التي غمرته من كل جانب.. قال -تعالى-:

{فَلْيَنظُرِ الْإِنسَانُ إِلَى طَعَامِهِ * أَنَّا صَبَبْنَا الْمَاء صَبًّا * ثُمَّ شَقَقْنَا الْأَرْضَ شَقًّا * فَأَنبَتْنَا فِيهَا حَبًّا * وَعِنَبًا وَقَضْبًا * وَزَيْتُونًا وَنَخْلًا * وَحَدَائِقَ غُلْبًا * وَفَاكِهَةً وَأَبًّا * مَّتَاعًا لَّكُمْ وَلِأَنْعَامِكُمْ} ، وقال –تعالى-: {أَفَرَأَيْتُمُ الْمَاء الَّذِي تَشْرَبُونَ * أَأَنتُمْ أَنزَلْتُمُوهُ مِنَ الْمُزْنِ أَمْ نَحْنُ الْمُنزِلُونَ * لَوْ نَشَاء جَعَلْنَاهُ أُجَاجًا فَلَوْلَا تَشْكُرُونَ} .


- وغفلةٌ عن الشكر على الصحة والعافية التي لا يشتريها أحدٌ بثمن، كما قال النبي -صلى الله عليه وسلم-:
(نعمتان مغبونٌ فيهما كثيرٌ من الناس: الصحة والفراغ).


- وغفلةٌ عن الشكر على العقل الذي فضل الله -تعالى- به الإنسان؛ فيدمره بالمسكرات والمخدرات، أو يستعمله في الشر ومحاربة الفضائل والخيرات، أو يعمله فلا ينتفع به.
- وغفلةٌ عن الشكر على المال، وشكر الله على المال بإعطاء الحقوق منه وعدم الاستطالة به، وعدم استعماله في المحرمات.
- وغفلةٌ عن الشكر على الأمن الذي به يقوي الله الدين، ويجمع الكلمة،ويصلح الله به الدنيا، ويأمن الناس به على نفوسهم وعلى أموالهم ومساكنهم، وشكر الله عليه بألَّا يكيد لهذا الأمن ولا يمكن لأحد أن يعبث به.

- وغفلةٌ عن الشكر على الولد: فترك الشكر على الولد هو بتركه مهملًا بلا توجيهٍ وتربية إسلامية، وشكر الله على الولد بإلزامه بطاعة الله وإصلاح أمره وأحواله بما يحقق له السعادة في الدنيا والآخرة، قال الله -تعالى-:{وَإِن تَعُدُّواْ نِعْمَةَ اللّهِ لاَ تُحْصُوهَا} ، {إِنَّ الإِنسَانَ لَظَلُومٌ كَفَّارٌ} .





فليحذر المسلم من الغفلة؛ فإن باب الغفلة يدخل منه الشيطان عليه وشر عظيم، على المسلم أن يتقيه بما شرع الله له من العلم النافع والعمل الصالح، ودوام التذكر واليقظة، والحرص على إغلاق مداخل الشيطان عليه، قال الله -تعالى-:


{إِنَّ الَّذِينَ اتَّقَواْ إِذَا مَسَّهُمْ طَائِفٌ مِّنَ الشَّيْطَانِ تَذَكَّرُواْ فَإِذَا هُم مُّبْصِرُونَ * وَإِخْوَانُهُمْ يَمُدُّونَهُمْ فِي الْغَيِّ ثُمَّ لاَ يُقْصِرُونَ} .






للشيخ: عبد الرحمن الحذيفي –حفظه الله-


2
478

يلزم عليك تسجيل الدخول أولًا لكتابة تعليق.

تسجيل دخول

ام الوووفه
ام الوووفه
الله يجزاك خير اختي