بورتريه:امرأة ترعى أزيد من ألف قطة بفاس /الياقوت
الاربعاء 25 يناير 2006
«أم القطط » هكذا يلقبها أهل المدينة القديمة بفاس، فالياقوت ترعى أزيد من ألف قطة، ولو كان بيدها لتولت رعاية المزيد منها. امرأة اختارت أن تتواصل في تعلق وجداني نادر مع مملكة من القطط.
تخرج القطط ما إن تحس بقرب قدومها. تنادي عليها الياقوت كل واحدة باسمها، فتجيب القطة بمواء ينم عن تواصل حميمي بينهما. ويشمل الاهتمام القطط المشردة ، والمتبناة من الأسر.
لا تعرف الياقوت بالتحديد عدد القطط التي تربيها وتسهر على رعايتها كل يوم، ولكنها تقدر عددها بأكثر من ألف، استطاعت من خلالها أن تؤسس مملكة خاصة بها في قلب المدينة القديمة لفاس، أين وحَّدت هذا الكم الهائل من القطط الفقيرة والمشردة والمتبنية. تستحق أكثر من وقفة ودراسة. لقد اعتاد الكثير من سكان المدينة العتيقة أن يروا الياقوت، في الأربعينات من عمرها، تتجول لوحدها منذ المساء وإلى ساعات متأخرة من الليل بين دروب وأزقة المدينة وهي تجر خلفها جيوشا من القطط من مختلف الأعمار والأشكال. إنها تعرفها واحدة واحدة، والقطط تعرفها. المرأة تهب كل حياتها للقطط، تضحي بليلها وراحتها وصحتها وحتى رزقها من أجل هذه الكائنات الأليفة، إنه تعلق وجداني لا نهاية له. فهي تفهم لغة القطط، تحدثها، تلقنها، تحس بها، تدرك فرحتها وتسألها كيف أمضت يومها، ثم تبادر بإطعامها جميعا وبالإغاثة كلما لاحظت بوادر المرض أو الإجهاد على إحدى قططها. يتحول الليل في لحظات معينة إلى ما يشبه سوقا مفتوحا من القطط، تخرج الواحدة تلو الأخرى من جحورها وبيوت مربيها والبنايات المهجورة، كلما أحست بمرور الياقوت بالزقاق المجاور، عبر تواصل غريب لا مثيل له... وفي النهار تكرس المرأة كل وقتها لعلاج المرضى من قططها وتتبع حالات بعضها داخل "الفندق الأمريكي" المخصص للطب البيطري. لا شيء يهم الياقوت في هذه الحياة سوى الاطمئنان على المئات من قططها وقضاء أوقات من السعادة والانشراح معها، ثم تعود إلى مرقدها وهي مرتاحة البال، متيقنة من أن كل قططها بخير. الياقوت لا تجد حرجا في أن يلقبها البعض ب «أم القطط». لها أصدقاء وأنصار يقدرون عملها الإنساني، قرر الكثير منهم مساعدتها، ومنهم جزارون وبائعو السمك والدجاج الذين لا يبخلون عن المرأة في تلبية الحاجيات الغذائية لقططها وحتى بائع الحليب لا يبخل عليها بما ترضع به صغار القطط. للمرأة خارطة دقيقة ومفصلة للقاء قططها عبر دروب المدينة القديمة، تمتد من باب الفتوح حتى بوجلود مرورا بالصفاح ودرب اللمطي وبين المدن والنخالين والقرويين والشماعين والطالعة، فهي تزور القطط في كل المواقع وتتفقد أحوالها، حتى داخل الفنادق القديمة المهملة وبالدروب والحارات الضيقة وبمحطات السيارات. تخرج القطط ما إن تحس بقرب قدومها، تنادي عليها الياقوت كل واحدة باسمها، فتجيب القطة بمواء ينم عن تواصل حميمي بينهما. ويمتد اهتمامها ليشمل القطط المتبناة من بعض الأسر، تزورها وتطالب أصحابها بالعناية والرفق بها. الياقوت واثقة من نفسها، وتؤكد أنها بإمكانها أن تربي وتعتني بأزيد من 3000 ألف قطة دفعة واحدة، لو توفر لها الفضاء الملائم. إنها فخورة ومرتاحة لما تقوم به، همها الأول والأخير هو رعاية قططها وحمايتهم، من كل مكروه. للمرأة طقوس خاصة في التواصل والعيش مع القطط، تفرح بفرحها وتحزن بحزنها، تجدها أحيانا غارقة في البكاء والنحيب والحسرة، والسبب يكون فقدانها لإحدى قططها، فتقوم بدفنها في طقوس شبيهة بطقوس فقدان شخص عزيز عليها. إنه الإخلاص والصدق في الأحاسيس الذي يكتنف هذه العلاقة الوثيقة بين الياقوت والمئات من القطط..
محمد الزوهري
الاحداث المغربية

sara92 @sara92
محررة برونزية
يلزم عليك تسجيل الدخول أولًا لكتابة تعليق.
خليك أول من تشارك برأيها 💁🏻♀️