بيان حللي: الكروشيه فن يتطلب الصبر والاستهلاكية أثرت على الناس(لقاء)

قالت اختصاصية فنون الكروشيه السعودية بيان محمد حللي إن انتشار النمط الاستهلاكي السريع قلل من قيمة القطع الفنية، وأدى إلى تراجع حاسة التذوق الفني بين المستهلكين، وقالت حللي وهي أم لستة من الأبناء إنها لم تلتحق بأي معهد فني أو جامعة، منذ أن كانت في الرابعة من عمرها، حيث لقنتها والدتها مبادئ أساسية في فن الكروشيه، فكان أن أحضرت لها مسمارا ليكون مثل سنارة الكروشيه، خوفا عليها من حدة السنارة في ذلك السن.
وتشير بيان إلى أن الكروشيه فن بسيط من حيث الأدوات والمواد المستخدمة، لكنه يحتاج إلى دقة شديدة و مهارة و قدرة على التخيل.
وعن البداية تقول إن والدها كان تاجرا، وكان يحضر لها قصاصات من القماش تخيط منها ملابس لعرائسها، فيما حرصت والدتها الأمية منذ سن صغيرة على تعريفها بأسرار ومبادئ فنون التطريز والأشغال الفنية والخياطة، وكل مايجب أن تتقنه المرأة والفتاة.
وأضافت أنها في سن السابعة بدأت تبتكر في الخياطة بخيوط الصوف ذات الغرزة الكبيرة، فصنعت ليفه للجسم وإكسسوار للشعر وسجادة صلاة، ثم انطلقت بعد أن تملكها حب هذا الفن لتعمل مفارش متنوعة الاستعمالات، وبعد ذلك انتقلت من خياطة ملابس عرائسها الصغيرة إلى خياطة الملابس، وفي مراحل متقدمة مزجت بين الخياطة وفن التطريز.
وعن أنواع الغرز تقول "الغرز أنواع منها مرغريت بالإبرة، وغرزة الركوكو، ورجل الغراب إلا أنني تجاوزت كل الغرز المتعارف عليها، وابتكرت أخرى من خيالي، وأطلقت عليها مسميات أيضا كالغرزة العنكبوتية والسنبلة واللسان، وصنعت مفارش صغيرة وأخرى كبيرة كمفارش السرير وطاولة الطعام من خيوط القطن".
وتقول بيان إن إتقانها أصول الخياطة مكنها من استخدام خيوط الصوف لتصنع ملابس شتوية عديدة لأبنائها وقد استخدمت خيوط الحرير في صنع ملابس للصيف، وآخر قطعة بين يديها هي بلوزة تنسجها بخيوط الفضة.
وأوضحت بيان أن من يشتغل أو يريد التعلم لابد أن يمتلك أولا الخيال والهدوء و الصبر، مشيرة إلى أن الخيال القوي يمكنها من تخيل القطعة , ملابس أو إكسسوار ومفرش حيث تنجزها خلال ساعات أو أيام إن كانت القطعة كبيرة كفستان كامل وطقم مكون من قطعتين أو شرشف للسرير أو للطاولة.
وتؤكد بيان أنها لا تستطيع عمل أية قطعة إلا إذا كانت لشخص أو طفل أحبته، وهذا السبب جعلها وهي تمتلك إنتاجا غزيرا وضخما لا تبيع قطعة واحدة رغم عروض كثيرة تلقتها، مشيرة إلى أنها على مدى أكثر من ثلاثين سنة لم تكرر في أفكار القطع التي تعملها وتسعى دائما إلى الإبداع وابتكار الجديد.
وترى بيان أن أشغال الإبرة من الفنون الراقية والمتميزة رغم كل ما تقدمه دور الأزياء ومختلف المصممين وهو فن أدواته بسيطة وليست مكلفة، وأن عشقها للإبرة والخيط يجعلها تحملهما معها في حقيبتها لتكمل أو تبدأ إحدى القطع سواء بالسيارة والطيارة وصالات الانتظار أو في أي مكان.
وعن الكروشيه الذي يملأ الأسواق تقول " انتشار العادات الاستهلاكية بين الصغار والكبار قلل قيمة الكثير من الأشياء والقطع الفنية، هذا عدا عن قلة من يقدرون مثل هذه الفنون، ويمتلكون الحس والفهم لمعرفة قيمتها الجمالية، فالغالبية تتبع الجديد في كل يوم، وتسعى للتغيير، وغالبية القطع في الأسواق من النوعيات غير الجيدة، بل وأحيانا من الرديئة، والأنواع الجيدة مرتفعة الثمن.
وتشير بيان إلى أن كل الأنواع المنتشرة مصنعة من خيوط مختلفة النوعيات من الصوف فقط، لأن المكائن تنتج بهذا الخيط، ولايمكن أن تنتج أي قطعة من الكروشيه وتقصد به السنارة الصغيرة، وتضيف أنه يمكن الاحتفاظ بكل قطعة صنعت عن طريق الكروشيه عشرات السنين بل وإدخال تعديلات عليها إن لزم الأمر كالملابس مثلا، مشيرة إلى أن الحفاظ على أية قطعة يكون بغسلها باليد والدقة في استعمالها.
وعن آخر ابتكاراتها تقول المصممة إنها أدخلت الكروشيه على العباءات عند الأكمام وذلك حسب ألوان الموضة مثلا وماهو سائد كالورود البارزة مثلا أو رسمة النمر فهذه الخيوط تلبي وتتماشى مع كل جديد و يمكن تشكيلها.
وتشير إلى أهمية تعليم الفتيات في سن صغيرة مبادئ هذا الفن الجميل حيث تجيد ابنتها رهف الحربي ذات الست سنوات الإمساك بالسنارة وعمل غرز بسيطة من الصوف.