كأن العروسين تلميذين صغيرين في مرحلة الروضة، لا يقويان على اتخاذ قرارات حياتهما المقبلة دون تدخلات الأهل، التي في الغالب تنشب النيران وتوشك على فسخ الزيجة بعد إتمام كل التجهيزات .
تبدأ خلافات الأهل عند الاتفاق على المهر الذي يعتبره الشباب في هذا العصر من الأمور الثانوية التي لا يستحق التوقف عندها، فيما تشدد عليه نسبة من العائلات وتعتبر ارتفاع قيمته أو انخفاضها دليلا على مقام العروس وأهميتها، وقد لا نستغرب اذا عرفنا أن عروسين افترقا في اللحظة الأخيرة قبل عقد القران نتيجة خلاف حول تحديد قيمة المهر.
فقد يمتنع والد العروس منذ البداية عن إقامة حفلة خطوبة لابنته لأنه لن يجمع أقرباءه ويدعوهم إلى بيته ليكتشفوا بعد ذلك أن العريس لن يقدم للعروس مجوهرات تليق بالمقام أو كما هي التسمية في لبنان "علامة" وفي مصر "شبكة"، مكتفيا مرحليا بخاتم الخطوبة.
حفـــــــل الـــــزواج
أما إذا اتفق العروسان على الزواج بلا "طبل وزمر" غير عابئين بالعرس وأجوائه لأنهما يجدان أن تكاليفه تصرف هدرا، خاصة أن المدعوين سينتقدون الحفل في كل الأحوال حتى وإن كان منظما بشكل جيد، في الوقت الذي بإمكانهم الاستفادة من المصاريف لتمضية شهر عسل ممتع يبقى محفورا في ذاكرتهما مهما طال الزمن. ما أن يسمع الأهل هذه الآراء طبعا حتى تتعالى صرخات الإدانة والغضب.
وحسب ما ذكرت صحيفة الشرق الأوسط ، هناك أمور أخرى تثير الكثير من الحساسيات، منها "جهاز العروس". فقد درجت العادة أن تحضره العروس، بدءا من الثياب إلى مستلزمات غرفة النوم والمطبخ التي قد لا تحتاجها أبدا، وفي حال اكتفت بإحضار ما هو أساسي فقط، فإن أم العريس تتدخل وتصب جام الغضب والانتقادات، ويزيد الأمر سوءا إذا كانت قد ساهمت في هذا الجهاز وقدمت هدايا للعروس. كما قد تتدخل في بعض الأحيان في اختيار أثاث المنزل ونوعيته وتحاول فرض رأيها في توزيعه في أرجاء الغرف.
واذا ما قرر العروسان اقامة حفلة زفاف، فهما بلا شك فتحا باب التدخلات، واحيانا المشادات الكلامية التي تبدأ بمجرد اتخاذ القرار، سواء لجهة اختيار مكان الحفلة ومصاريفها وديكورها ونوع الحلوى والعشاء الذي سيقدم، أو لجهة توزيع الطاولات وبطاقات الدعوة. وهنا تختلف العادات في لبنان بين منطقة وأخرى، ففي القرى يتحمل العريس عادة مصاريف حفلة الزفاف، وبالتالي يحق له بثلثي عدد المدعوين فيما يحصل أهل العروس على الثلث الباقي، الأمر الذي قد يعترض عليه العروسان باعتباره تقسيما غير عادل. وفي بعض المدن تقع هذه المهمة على عاتق والد العروس الذي يقرر عدد المدعوين، ويحجز الطاولات والمقاعد، وعليه ان يخصص "المواقع الاستراتيجية" لأقرباء وأصحاب من تكفل بدفع مصاريف الحفلة.
كل هذه الأمور تضع العروسين في مأزق لا يحسدان عليه، فكل واحد منهما يسعى لارضاء أهله والابتعاد قدر الإمكان عن الحساسيات التي قد تولد خلافات لا يمحوها الزمن.
وفي الاطار نفسه تحضر مقولة "أخوك البعيد ولا جارك القريب"، فالأهل عندها يصرون على دعوة كل العائلة من صغيرها الى كبيرها، علما أن بعضا من هؤلاء لم يسبق للعروسين أن تعرفا عليهم، في حين يفضل الأبناء حضور اصدقائهم وتوجيه الدعوة لمن تربطهم بهم علاقة صداقة أو عمل.وتكون النتيجة في النهاية اما عزوف العروسين عن اقامة الحفلة أو اقامتها في مكان متواضع لإرضاء الأهل وزيادة عدد المدعوين، أو عزوف من وجهت اليهم دعوات بعدد محدد من الأشخاص عن الحضور.
تدخـــل الأهــــــــل
لأن تدخل الأهل يدمر حياة الأبناء الزوجية ويؤدي إلى فشلها في غالبية الأحيان ، وجدت بعض الدراسات التى أجريت مؤخرا حول مشكلة الطلاق، أن نسبة لا بأس بها من الأزواج ينفصلون بسبب تدخل الأهل وانصياعا لرغباتهم، ولأن الأهل يتدخلون في مشكلات يتركز معظمها حول مسألة إنجاب وتنظيم العلاقات ببقية أفراد الأسرة والتدخل في الشئون المالية، وأكثرها محاولة فرض العادات والتقاليد المتوازنة.
ويمكن تفسير هذه الظاهرة على أساس أن الزوجين يتأثران بالأجواء المحيطة، سواء أكان الأب أم الأم أم الجدة أم الأقارب، وهذه مسألة تلقائية باعتبار أن المجتمع متماسك ومترابط ، يتأثر الأبناء فيه بآراء من هم أكبر منهم سنا من أقاربهم ، كما يتأثرون بوجهات النظر الأخرى ، ونتيجة لذلك يحدث نوع من التدخل المباشر في شئون الأسرة الداخلية ، مثل الإنجاب أو فرض عادات وتقاليد على طريقة تكوين الأسرة.
ورغم أن بعض علماء الاجتماع لا يرون خطا في تدخل الأهل ولكن بشروط معينة أهمها التعقل والحكمة ، وانه ليس بالضرورة أن يكون التدخل من الأب أو الأم ، بل من أحد أفراد العائلة المتميز بحكمته ، حتى لا يميل القريب إلى قريبه ، إذ عندما تدخل العواطف في حل الصراعات فإنها تزيدها .
إلا أن البعض الآخر يجد أن بيت الزوجية يظل مزدهرا وأمنا طالما ظل بعيدا عن أسباب الخلاف التي تنشأ داخل الأسرة أو خارجها.
وفي حال تشوب الخلاف من الداخل ، وهذا له أسباب كثيرة ، يمكن أن يؤدي تدخل أهل وأقارب الزوج أو الزوجة إلى زيادة الانقسام ، وقد ثبت أن أي تدخل لا يعمد على قاعدة حسن النية في أي حل خلاف زوجي من شأنه أن يعمق الخلاف ، فمثلا إذا تدخلت أم الزوج أو أم الزوجة فإن الشكل الظاهري لهذا التدخل هو لمصلحة الزوجين ولكنه يكون حقيقة الأمر لمصلحة أحدهما ، على حساب الآخر.
والصواب أن على الزوجين أن يتفقا قبل الزواج على عقد مستقل عن وثيقة الزواج من أهم شروطه أن لا تخرج مشكلاتهما إلى الأهل.
ومن الضروري أن تربي الأم بناتها على أن تكون المرأة مستقلة ، وقادرة على مواجهة مشكلاتها وحلها بدون تدخل اقاربها .
كما أن هناك أمور خطيرة يمكن أن تلجا فيها الزوجة إلى الأهل كأن تتعرض الزوجة للضرب أو الإساءة ، وهنا لابد من أن يتولى أحد إيقاف الزوج عن ممارسة هذا السلوك لأنه غير مقبول.
:arb: :26: :arb: :26:

koketa @koketa
كبيرة محررات
يلزم عليك تسجيل الدخول أولًا لكتابة تعليق.

الصفحة الأخيرة
والكلام اللي ذكرتيه كله صحيح ويحصل في الواقع