آهات نجد

آهات نجد @ahat_ngd_2

عضوة فعالة

تأصيل فقهي لحكم تولي المرأة للإدارات النسائية الفرعية العامة‏

الملتقى العام

الحمد لله رب العالمين ، والصلاة والسلام على أشرف الأنبياء سيد ولد آدم أجمعين ..أما بعد

فهذه ورقة عمل في موضوع تأصيل تولي المرأة للإدارة في مجتمع العمل النسائي .

مدخل :

الأصل أنّ نصوص القرآن والسنة تخاطب الرجل والمرأة على السواء ، فالمرأة كالرجل في الأحكام الشرعية إلا ما دلّ الدليل على تخصيصه بأحدهما .

ومما يدل على أصل التساوي في الأحكام الشرعية ، قول النبي صلى الله عليه وسلم : " إِنَّمَا النِّسَاءُ شَقَائِقُ الرِّجَالِ " .

ومما يدل على ثبوت تخصيص كل من الجنسين بأحكام ينفرد بها عن الآخر : النصوص الشرعية الواردة في بيان هذه الأحكام ؛ فمن الأمور المقرّرة في الشرع الحنيف أنَّ لكل من الجنسين أحكام تخصّه ، لما بينهما من الفروق الخَلْقية البدنية والعاطفية والوظيفية ؛ ومما جاء في ذلك : اختصاص الولايات والقيادات بالرجال دون النساء في الجملة ، الذي من جملة أدلته قول النبي صلى الله عليه وآله وسلم : ( لَنْ يُفْلِحَ قَوْمٌ وَلَّوْا أَمْرَهُمْ امْرَأَة ) رواه البخاري , ولذلك كانت النبوة والرسالة من وظائف الرجال دون النساء , واختصهم الله عز وجل بالعبادات الشاقة , كالجهاد ؛ والمنتظمة الظاهرة العلنية ، التي تتطلب حضوراً متكرراً كالجمع والجماعات .

والله عز وجل هو الذي خلق وقدّر ، فجعل التفاضل من سننه في الكون ، ولكنه من عدله سبحانه لم يؤاخذ المكلّف – ذكرا كان أو أنثى - بنقص لا يَدَ للمكلّف فيه ، بل نهى سبحانه عن تمني ما لم يقدِّره لأحدٍ من ذلك، ومنه ما فضّل به أحد الجنسين على الآخر إذ قال : "وَلا تَتَمَنَّوْا مَا فَضَّلَ اللَّهُ بِهِ بَعْضَكُمْ عَلَى بَعْضٍ لِلرِّجَالِ نَصِيبٌ مِمَّا اكْتَسَبُوا وَلِلنِّسَاءِ نَصِيبٌ مِمَّا اكْتَسَبْنَ وَاسْأَلُوا اللَّهَ مِنْ فَضْلِهِ إِنَّ اللَّهَ كَانَ بِكُلِّ شَيْءٍ عَلِيماً " (النساء/32) أي : لكل من الجنسين نصيب من العمل ، فاطلبوا الفضل بالعمل ، لا بالتمني ؛ لأنَّ ما وقع أمر محتوم لا يفيد فيه التمني ، ولأنه يقتضي السخط على قدر الله ؛ فلا تتمنى النساء خصائص الرجال التي فضلهم الله بها على النساء ، ولا العكس ؛ واسألوا الله من فضله يعطكم . وهو ما يخالفه المنحرفون عن الفطرة ، من المتشبهين من الرجال بالنساء والمتشبهات من النساء بالرجال .

وعمل المرأة إما أن يكون عملاً أصليا ، وهو رعايتها لبيتها ، وتفرغها لتربية أولادها ، والاهتمام بأسرتها ، وتمامه يقع بقرارها في بيتها ؛ وإمَّا أن يكون عملا ثانوياً ، وهو ما كان مشروعا من عملها سوى الأصلي .

ولمّا كانت المرأة شقيقة الرجل ، مكلّفة كمثله بتكاليف شرعية قد تكون فرض عين أحيانا أو فرض كفاية على الأصل ، من مثل : الدعوة إلى الله تعالى ، والأمر بالمعروف ، والنهي عن المنكر ، وما في معناها ، وهي أمور قد يقتضي الحال تطبيقها من خلال عمل مؤسسي ، كان هذا الموضوع ، أعني : تولي المرأة أو توليتها إدارة عمل مؤسسي في مجتمع نسائي .

وقد رأيت أن يكون الحديث في هذا الموضوع في نقاط على النحو التالي :

أولاً : المراد بتولي الإدارة الفرعية العامة في هذه المسألة :
المراد هنا حكم توظيف المرأة وتوليتها أو توليها للإدارات العامة الفرعية الخاصة ببنات جنسها ، كأن تكون مديرة جامعة نسائية أو مديرة مركز إشراف نسائي أو مديرة مدرسة بنات ، أو رئيسة قسم نسائي ، ونحو ذلك ؛ وهي فرعية بالنسبة إلى الولاية الشاملة لها ، وهي ولاية وزير التربية والتعليم مثلا أو ولاية رئيس المؤسسة الخيرية التي تشمل الولاية على كل العاملين ذكورا وإناثا ..

وهذا النوع من الولاية لا يعد من كمال الولايات ، التي لا يصلح لها إلا الكامل من الرّجال ، كالإمامة العامة والقضاء ؛ فهي دون ذلك ، على ما سيأتي بيانه إن شاء الله تعالى .

ثانياً : تحرير محل التأصيل في المسألة :
تولي المرأة وتوليتها للإدارات العامة لا يخلو من ثلاثة أحوال :

الحال الأولى: ولاية المرأة على غير جنسها ، كأن تكون مديرة على جمع من الرجال .

الحال الثانية : ولاية المرأة على جمع من الرجال والنساء ، كأن تكون مديرة جامعة مختلطة أو مدرسة مختلطة أو مؤسسة من المؤسسات العامة التي لا تختص بالنساء ، ووجود الرجال فيها ليس وجود عقود عمل لا ولاية .

الحال الثالثة : ولاية المرأة على مثلها ، أي على جمع من النساء ، كأن تكون مديرة لجامعة نسائية أو مديرة قسم نسائي في مؤسسة من المؤسسات العامة ، وتكون ولايتها على من تحتها ولاية عامة في عموم الاصطلاح السياسي الشرعي ، لكنها فرعية على ما مرّ بيانه .

ثالثا : التأصيل الفقهي للمسألة :
أمَّا الحال الأولى ، فولاية غير جائزة ؛ لعموم الأدلة المانعة من ولاية المرأة ولاية عامة على الرجال ، سواء كانت الولاية العظمى أو ما دونها من الولايات العامة على الجنسين ، من مثل قول الله تعالى : ( الرّجال قوّامون على النساء ) ، ومن مثل قول النبي صلى الله عليه وسلم : ( لن يفلح قوم ولّوا أمرهم امرأة ) ؛ ولعموم الأدلة المانعة من اختلاط الرجال بالنساء وخلوة الأجنبي بالأجنبية ، وما قد يصاحب ذلك من تبرج ونحوه ؛ فجميع الأدلة الصحيحة الصريحة الدالة على تحريم الخلوة بالأجنبية وتحريم النظر إليها ، وتحريم الوسائل الموصلة إلى الوقوع فيما حرم الله ، ونحوها ، مما استدل به العلماء على الاختلاط المحرّم دالّة على منع هذا النوع من الولايات والإدارات .

وكذلك الشأن في الحال الثانية فحكمها حكم الحال الأولى .

وأمّا الحال الثالثة فهي محلّ البحث والتأصيل في هذه الورقة . وهي تختلف في حكمها عن الحالتين الأولى والثانية ؛ لعلتين رئيستين :

الأولى : خلوها عن الأسباب المانعة من تولية المرأة ولاية عامة ، تلك الأسباب التي سبق الإشارة إليها في الحالين الأولى والثانية .

الثاني : دخولها في عموم أدلة تكليف المرأة بالتكاليف الشرعية ، كأدلة وجوب الدعوة والاحتساب ومشروعيتهما ، وتحقيقها لمقاصد الشريعة في ذلك دون محظور شرعي .

ومما يدلّ على مشروعية ولاية المرأة على بنات جنسها ولاية عامّة في الإدارات الفرعية أيضاً ما يلي :

1 - مشروعية إمامة المرأة لبنات جنسها في الصلاة ، مع أنَّ إمامة الصلاة من الولايات العامّة في تصنيف الولايات في الفقه الشرعي السياسي . فإمامتها للنساء وإن كان فيه خلاف بين أهل العلم ، إلا أنَّ الراجح مشروعيته ؛ لما ورد عن عائشة رضي الله عنها أنَّها ( كانت تؤم النساء ، تقوم معهن في الصف ) ، ولما ورد عن أم سلمة رضي الله عنها أنَّها كانت تؤم النساء في رمضان وغير ذلك من الآثار التي احتج بها أهل العلم في المسألة .

2- الحاجة العامة لتولي المرأة لهذه الولاية التي لِوِلايتها فيها أصل شرعي ، والحاجة العامّة تنزّل منزلة الضرورة . وهذا أمر ظاهر ، فإنَّه لا يمكن أن يولّى رجلٌ إدارة مدرسة بنات مثلا ، أو إدارة حلقات تحفيظ نسائية ، أو سوق نسائي مغلق ، أو مشفى صحي نسوي ، بشكل مباشر . وممن يعلّل بذلك شيخنا عبد العزيز بن عبد الله آل الشيخ ، سماحة مفتي عام المملكة حفظه الله .

وجاء في كتاب : ولاية المرأة في الفقه الإسلامي ، للباحث حافظ محمد أنور ما نصّه : " لم يُقدِّم سلف الأمّة امرأة من النساء إلى أيّ منصب من المناصب القيادية ، والولاية العامة ، وهذا هو ما فهموه من نصوص الكتاب والسنّة الصحيحة ، نعم قد يقال : لو كانت الوزارة تتعلق بشؤون النساء خاصة ، بحيث لا تحتاج المرأة الوزيرة إلى الخروج إلى الرّجال والتكلّم معهم ، بل يكون تصرفها في بنات جنسها ، وهي تلتزم بالأحكام الشرعية والآداب الإسلامية ، فيمكن أن يُسمح لها بتولي هذه الوزارة كمديرة البنات ؛ حتى لا تضطر النّساء إلى الاختلاط بالرّجال الأجانب ، وهذا النوع من عمل المرأة هو ما تقوم به المملكة العربية السعودية ، ممثلة في رياسة مدارس البنات ، حيث يقوم بإدارة الكليات والثانويات والمتوسطة والابتدائي للبنات نساء ؛ وندعو إلى توسيع هذه الدائرة بأن يوجد عيادة نسائية ، ومستوصف نسائي ، ومستشفى نسائي يكون جميع العاملات فيه من نساء ؛ وهكذا ينبغي أن ينجرّ الأمر إلى كلّ ما فيه مصلحة للمرأة ، ويمكن استقلالها عن الرّجل كالبنك والسّوق ونحو ذلك ؛ فإنَّ الحاجة داعية في هذا الزمن إلى وجود هذه المصالح واستقلال المرأة بها " .

3- أنَّ ما ذكر من وظائف تقتضيها الأدلة العامة في المأمور به منها كالدعوة والاحتساب ، ونحوه ، وأدلتها أدلة لها ؛ لأن ما لا يتم الواجب إلا به فهو واجب ؛ فهي داخلة في التكليف ، ومن ثم تندرج في قاعدة ( ما لا يتم المأمور إلا به فهو مأمور به ) ، أو ما يعبّر عنه بعض العلماء بقاعدة فتح الذرائع ؛ فالأمر في المسألة داخل في أمر الفعل ( أحد شطري القاعدة ) ، أي أنه أمر طلب ، سواء كان على سبيل الندب أو الإيجاب .

ولعلّ وضوح هذا الأمر عند علمائنا ، من أسباب قلة حديثهم في تأصيل المسألة ؛ ولا سيما أنَّهم أقرّوا ذلك في تعليم المرأة الذي كان تحت ولاية العلماء خلال العقود الماضية ، فوجدنا الهيكلة التنظيمية تتضمن تولية إداريات في شأن تعليم المرأة ما بين مديرة ووكيلة ونحوه .

وذلك أنها ولاية امرأة على مثلها ؛ فليس فيها قوامة للمرأة على الرجل ، لا على الرجال منفردين ، ولا على الرجال مع النساء ؛ وحينئذٍ فلا تدخل في مدلول الأدلة المانعة من قوامة المرأة على الرجل ، لانتفاء وجود الرجل هنا ، وإن وجد فوجوده يكون من باب التعاقد الخاص ، أي أن العقد معه عقد خاص لا ولاية عامة ؛ كسائق السيارة أو الحافلة مثلا .

وهنا قد يرد سؤال مهم ، وهو :

هـل تدخل ولاية المرأة على بنات جنسها في مدلول قول النبي صلى الله عليه وآله وسلم : ( لن يفلح قوم ولّوا أمرهم امرأة ) ؟

وللجواب على هذا الإيراد ، ينبغي أن يُنظر في مدلول كلمة ( قوم ) عند أهل اللغة وأهل الشريعة ، ليُنظر : هل تطلق على النساء منفردات ؟

قال في القاموس : " القوم : الجماعة من الرّجال والنساء معاً ، أو الرّجال خاصّة ، أو تدخله النساء على تبعيّة " .

وقال الجوهري : " القوم : الرِّجال دون النِّساء ، لا واحد له من لفظه .

وما أدْرِي وَسَوفَ إخالُ أدْري *** أَقَـومٌ آلُ حِصنٍ أم نِسَـاءُ

قال الله تعالى : ( لا يسخر قوم من قوم ) ثم قال سبحانه : ( ولا نساء من نساء ) . وربّما دخل النّساء فيه على سبيل التَّبَع ؛ لأنَّ قوم كلّ نبيّ رجالٌ ونساء ..." .

وقال في لسان العرب : " القوم : الجماعة من الرّجال والنساء جميعا ، وقيل : هو للرجال خاصّة دون النِّساء ؛ ويقوِّي ذلك قوله تعالى : ( لا يسخر قوم من قوم عسى أن يكونا خيرا منهم ولا نساء من نساء عسى أن يكنّ خيرا منهن ) أي : رجال من رجال ولا نساء من نساء ، فلو كانت النّساء من القوم ، ولم يقل : ولا نساء من نساء ، وكذلك قول زهير :

وما أدْرِي وَسَوفَ إخالُ أدْري *** أَقَـومٌ آلُ حِصنٍ أم نِسَـاءُ

... وروي عن أبي العبّاس : النفر والقوم والرّهط هؤلاء معناهم : الجمع ، لا واحد لهم من لفظهم للرجال دون النّساء " .

وقال ابن فارس رحمه الله : " القاف والواو والميم أصلان صحيحان ، يدل أحدهما على جماعةٍ ناسٍ ، وربما استعير في غيرهم ، والآخر على انتصاب أو عزم . فالأوّل : القوم ، يقولون : جمع امرئٍ ، ولا يكون ذلك إلا للرّجال ، قال الله تعالى : ( لا يسخر قوم من قوم ) ثم قال : ( ولا نساء من نساء ) . وقال زهير :

وما أدْرِي وَسَوفَ إخالُ أدْري *** أَقَـومٌ آلُ حِصنٍ أم نِسَـاءُ

ويقولون : قومٌ وأقوامٌ وأقاومُ جمعُ جمعٍ ... وأمّا الآخر فقولهم : قام قياماً ، والقومة : المرّة

الواحدة : إذا نتصب ، وتكون قام بمعنى العزيمة ، كما يقال : قام بهذا الأمر ، إذا اعتنقه ، ... ومن الباب : هذا قِوام الدِّين ، أي به يقوم ... " . ومن الأصل الثاني قول عبد لرجل أراد أن يشتريه : لا تشترني فإني إذا جعتُ أبغضتُ قوما وإذا شبِعتُ أحببت نوماً ، أي : أبغضت قياما من موضعي .

و نجد من عبارات علماء الشريعة ما يؤكِّد اختصاص كلمة قوم في لغة العرب بالرّجال ؛ قال ابن عطية رحمه الله : " و (القوم) في كلام العرب واقع على الذُّكران ، وهو من أسماء الجمع كالرهط ، وقول من قال : إنّه من القيام أو جمع قائم ضعيف ، ومن هذا قول الشاعر زهير :

وما أدْرِي وَسَوفَ إخالُ أدْري *** أَقَـومٌ آلُ حِصنٍ أم نِسَـاءُ

وهذه الآية تقتضي اختصاص القوم بالذُّكران ، وقد يكون مع الذُّكران نساء فيقال لهم ( قوم ) على تغليب حال الذّكور" .

وأنَّ علّة إطلاق ( القوم ) على الرّجال خاصّة ، ظاهر في أصل اشتقاق الكلمة ؛ قال الزمخشري : " القوم هم الرّجال خاصّة ؛ لأنّهم القوام بأمور النساء ، قال الله تعالى : ( الرّجال قوّامون على النّساء ) ... واختصاص القوم بالرّجال صريح في الآية ، وفي قول زهير : أقوم آل حصن أم نساء

وأمّا قولهم في قوم فرعون وقوم عاد : هم الذكور والإناث ، فليس لفظ القوم بمتعاط للفريقين ولكن قصد ذكر الذّكور وترك ذكر الإناث لأنّهن توابع للرجال " .

وقال القاضي عياض في بيانه كلمة قوم في حديث ( يؤم القوم أقرؤهم ) : " مختصة عند الأكثر بالرجال دون النساء " ، وقد ورد تخصيصه بالرجال في قول الله تعالى : " ( لا يسخر قوم من قوم ) ثم قال ( ولا نساء من نساء ) ؛ ففصل بين القوم والنساء " .

وقال شيخنا العلامة عبد العزيز بن باز رحمه الله في تعليق له على هذا الحديث في سنن النسائي ( المجتبى ) : " هذا يدل على تحريم تولية المرأة في القضاء والوزارة والإمامة وغيرها ، إلا على النساء كمديرة مدرسة بنات ونحوها " ؛ وكأنَّ الشيخ رحمه الله لا يرى دخول ذلك في نصّ الحديث ، والله تعالى أعلم .

فيظهر - والله تعالى أعلم - أن ولاية المرأة على جنسها لا يدخل في مدلول النهي الوارد في حديث أبي بكرة رضي الله عنه ( لن يفلح قوم ولّوا أمرهم امرأة ) .

المحور الثاني :

نماذج من صدر الإسلام للمرأة القيادية ( تعليم ، تربية ، إفتاء ، إقراء ..)

هنا ينبغي التفريق بين النماذج التي تصح مستندا للحكم الشرعي ، وما ليس كذلك ؛ إذ لا يكون مستند مشروعية إلا ما كان مرجع مشروعيته دليل شرعي من نصٍّ أو إجماع أو قياس أو استدلال ، أو ما سنّة الخلفاء الراشدون أو بعضهم .

ومن هنا فلا عبرة بما يرد في التأريخ من وقائع لم تعضدها النصوص ، ولم يفت بصحتها علماء الشريعة .

ولمَّا كان هذا الفرع عن المرأة القيادية وليس عن ولاية المرأة ، فألخص ما يُعدّ قبوله في المجتمع تشريعا لوجوده في بحر الخلافة الراشدة ؛ لكنه مما يتعلق بالفتيا ، وهي قيادة علمية لا ولائية ، ومن هنا يمكن القول : إنَّ " الذين حفظت عنهم الفتوى من أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم مائة ونيف وثلاثون نفسا ، ما بين رجل وامرأة ، وذُكر منهم أكثر من عشرين امرأة ، والمكثرون من للفتوى من الصحابة سبعة ، منهم : عائشة رضي الله عنها ، ومن المتوسطين أم سلمة رضي الله عنها ، ومن المقلِّين : صفية ، وحفصة وأم حبيبة ، وأم عطية ، وأسماء بنت أبي بكر وغيرهن رضي الله عنهم جميعا " .

المحور الثالث :

ضوابط تولي المرأة للمناصب القيادية

1) ثمة ضابط عام ، وهو أن تبقى ولاية المرأة على جنسها في حدودها الشرعية من حيث ارتباطها بالدليل الشرعي ، والتزامها بشرطها بأن تكون ولاية للمرأة على مثلها فقط في أمور مشروعة ؛ فلا يكون لها ولاية على الرجال ، لا فرادى ، ولا مع نساء أخريات وإن لم يكن ثم اختلاط ؛ ولا في أمور ممنوعة شرعا ، كإدارة مؤسسات تتبنى الدعوة إلى تغريب المرأة وتوظيفها مع الرجال مثلا .

2) أن تخلو من الاختلاط المحرم ، كأن يكون مقرّ العمل مختلطا بين الجنسين وإن لم يكن للمرأة ولاية على الرجال فيه ؛ وهذا من الفروق المهمة بين الصورة الشرعية ، والصور الوضعية التي يتبناها المستغربون ممن استعملهم الأعداء في إيصال أذاهم إلى أهل الإسلام ، ونشر أفكارهم بينهم ، تحت دعوى المساواة تارة ودعاوى التحرر أخرى .

ولهذا الحكم فلسفة أفصح عنها العلامة الشنقيطي رحمه الله في قوله : دلت نصوص القرآن الكريم على أنَّ " المرأة الأولى كان وجودها الأول مستنداً إلى وجود الرجل وفرعاً عنه . وهذا أمر كونيّ قدريّ من الله ، أنشأ المرأة في إيجادها الأوّل عليه . وقد جاء الشرع الكريم المنزّل من الله ليُعمل به في أرضه ، بمراعاة هذا الأمر الكونيّ القدريّ في حياة المرأة في جميع النواحي ؛ فجعل المرأة قائماً عليها ، وجعلها مستندةً إليه في جميع شؤونها ، كما قال تعالى : ( الرِّجال قوّامون على النّساء ) .

فمحاولة استواء المرأة مع الرجل في جميع نواحي الحياة لا يمكن أن تتحقق ؛ لأنّ الفوارق بين النوعين كوناً وقدراً أوّلاً ، وشرعاً منزّلاً ثانياً ، تمنع من ذلك منعاً تامّاً .

ولقوّة الفوارق الكونية والقدرية والشّرعيّة بين الذكر والأنثى ، صحّ عن النبي صلى الله عليه وسلم أنّه لعن المتشبّه من النوعين بالآخر . ولا شكّ أنَّ سبب هذا اللعن هو محاولة من أراد التشبه منهم بالآخر ، لتحطيم هذه الفوارق التي لا يمكن أن تتحطّم ... " .

3) أن لا يزاحم تمتعها بهذا الحق ما هو واجب عليها على نحو يجعلها عاجزة عن القيام بهذا الواجب أو يجعلها مقصّرة في أدائه . والواجب الأصلي عليها هو رعاية البيت والقيام بشؤونه وتربية أطفالها ، والقيام بحقوق زوجها . ويدل له : ( والمرأة راعية على بيت بعلها وولده وهي مسؤولة عنهم )، وباختصار : عدم إخلال المرأة بواجبها الأصلي في بيتها . " قال العلماء : الراعي هو الحافظ المؤتمن الملتزم صلاح ما قام عليه ، وما هو تحت نظره ، ففيه أنّ كلّ من كان تحت نظره شيء فهو مطالب بالعدل فيه والقيام بمصالحه في دينه ودنياه ومتعلقاته " .

4) البعد عن سوء الظن ، فقد تقع مخالفة عن جهل أو ضرورة أو غفلة ؛ فلا يجوز الحكم من خلالها على الآخرين ولا سيما الدعاة الفضلاء والداعيات الفضليات . وفي قصة الإفك عبرة ، وفي قصة صفية حذر .

المحور الرابع :

حكم صناعة القيادات النسائية من الناحية الشرعية ( وهل هو فرض كفاية )

يظهر والله تعالى أعلم أنَّ حكم صناعة القيادات النسائية لبنات جنسها في المجالات الخاصة بالنساء ، هو مما يختلف حكمه باختلاف الحاجة إليه ، وربما انطبقت عليه الأحكام التكليفية الخمس ما بين مشروع واجب أو مندوب أو مباح ، وما بين ممنوع منع تحريم أو كراهة .

وقد أشار إلى هذا الشيخ العلامة عبد الكريم زيدان في جوابه على سؤال : هل يصل الجواز الذي توفرت شروطه إلى درجة الوجوب ؟ : " فالمرأة التي ترى تحقق هذين الشرطين فيها ، يجوز لها أو يندب أو يجب حسب الظروف والأحوال تولي هذه الوظائف لأداء هذه الخدمات للنساء ؛ ومثل هذا يقال بالنسبة لتعليم الإناث ما هو ضروري لهنّ أو ما هو مندوب لهن ، فيجوز للمرأة أو يندب أو يجب حسب الظروف والأحوال تولي وظائف تعليم الإناث إذا توفر فيها الشرطان المذكوران " .

هذا ما تيسر بيانه في هذه العجالة ، والله تعالى أعلم وصلى الله وسلم على نبينا محمد وآله وصحبه .

وكتب / د. سعد بن مطر العتيبي -

أستاذ السياسة الشرعية بالمعهد العالي للقضاء

-----------------------------
4
318

يلزم عليك تسجيل الدخول أولًا لكتابة تعليق.

تسجيل دخول

آهات نجد
آهات نجد
للفائدة
hope smile:)
hope smile:)
جزاك اله خيرا ..


ولكن يبقى السؤال ...


هل من يفقه هنا !!!!!!!!!!!!!
بسمة أحلامـي
بسمة أحلامـي
اختي الكلام كثير ..


وش زبدته ؟ انا احس مايصير والا ؟
آهات نجد
آهات نجد
اختي الكلام كثير .. وش زبدته ؟ انا احس مايصير والا ؟
اختي الكلام كثير .. وش زبدته ؟ انا احس مايصير والا ؟
حبيبتي كل الكلام مهم بس اذا كنتي مستعجلة اقري المحور الثالث والرابع