بسم الله الرحمن الرحيم
تأملات في بداية سورة النساء
قال الله تعالى: {يَا أَيُّهَا النَّاسُ اتَّقُوا رَبَّكُمُ الَّذِي خَلَقَكُمْ مِنْ نَفْسٍ وَاحِدَةٍ وَخَلَقَ مِنْهَا زَوْجَهَا وَبَثَّ مِنْهُمَا رِجَالاً كَثِيراً وَنِسَاءً وَاتَّقُوا اللَّهَ الَّذِي تَسَاءَلُونَ بِهِ وَالْأَرْحَامَ إِنَّ اللَّهَ كَانَ عَلَيْكُمْ رَقِيباً} 1].
وفي هذه الآية عدّة فوائد:
الفائدة الأولى: افتُتحت سورتان بقوله تعالى:{ يَا أَيُّهَا النَّاسُ}، وهما: سورتا النّساء، والحجّ، الأولى في نصفه الأوّل، والثّانية في نصفه الآخر،
وذكر في الأولى بدء الخلق والحياة للإنسان: {يَا أَيُّهَا النَّاسُ اتَّقُوا رَبَّكُمُ الَّذِي خَلَقَكُمْ مِنْ نَفْسٍ وَاحِدَةٍ وَخَلَقَ مِنْهَا زَوْجَهَا وَبَثَّ مِنْهُمَا رِجَالاً كَثِيراً وَنِسَاءً} ،
وفـي سـورة (الحجّ) ذكر نهاية هذه الحياة وبداية حياة أخرى:{يَا أَيُّهَا النَّاسُ اتَّقُوا رَبَّكُمْ إِنَّ زَلْزَلَةَ السَّاعَةِ شَيْءٌ عَظِيمٌ} 1]].
و ذكر الربوبية مع لفظ النّاس في هذه الآية ، وكذلك في بداية سورة البقرة: (يا أيّها النّاس اعبدوا ربّكم)، ونلاحظ أنّه لمّا كان الحديث عن النّاس جميعًا جاء الوصف بالربوبية، وإذا كان الحديث عن المؤمنين يجيء وصف الألوهية، قد يجيء بلفظ الربوبية ولكن يكثر ذِكر الألوهية، للدِّلالة على أنّ المؤمينن اختصُّوا بعبادة الله وهي العبادة الحقّة فحُقَّ لهم أن يُنادَوا باسم الألوهية، فإذاً إذا جاء الاسم العام بلفظ النّاس ناسبه الربوبية، وإذا جاء الوصف الخاص بالمؤمنين ناسبه الألوهية، وهذا يكاد يكون مضطّرداً في القرآن، وهو يدخل كما تُلاحظ في ما يُسمّى بـ "براعة الاستهلال" قال (يا أيها النّاس اتقوا ربّكم)،
الفائدةالثّانية: براعة الاستهلال في هذه السّورة.
إنّ سورة النّساء تضمّنت أحكام الأسباب والرّوابط الّتي بين النّاس، وهذه الرّوابط نوعان:
مخلوقة لله ابتداء كالنّسب. ومقدورة للبشر كالمصاهرة، ولهذا افتتحت بقوله:{اِتَّقُوا رَبَّكُمْ الَّذِي خَلَقَكُمْ مِنْ نَفْسٍ وَاحِدَةٍ وَخَلَقَ مِنْهَا زَوْجَهَا} ثمّ قال:{وَاتَّقُوا اللهَ الَّذِي تَسَاءَلُونَ بِهِ وَالْأَرْحَامَ}.
قال السّيوطي رحمه الله: " فانظر هذه المناسبة العجيبة في الافتتاح وبراعة الاستهلال، حيث تضمّنت الآية المفتتح بها ما أكثرُ السّورة في أحكامه من نكاح النّساء، ومحرّماته، والمواريث المتعلّقة بالأرحام ".
الفائدةالثّالثة: ذكر تعالى أن أصل الخلق من أب واحد، ثمّ من أمّ واحدة، لسببين:
الأوّل: ليجتمعوا على عبادة ربّ واحد لا شريك له، وكأنّ فيها ردّا بليغا على من أثبت ألوهيّة المسيح في آل عمران الّتي سبقتها.
الثّاني: ليُعطِّف بعضهم على بعض، ويحنّنهم على ضعفائهم، فإنّ السّورة اعتنت اعتناء كبيرا بذلك.
الفائدةالرّابعة: لماذا خلق الله الخلق من آدم أوّلا ؟
قال تعالى:{ وَبَثَّ مِنْهُمَا} يعني آدم وحوّاء، قال ابن عبّاس رضي الله عنه:" لمّا خلق الله آدم، ألقى عليه
النّوم، فخلق حوّاء من ضلع من أضلاعه اليُسرى، فلم تؤذِه بشيءٍ، ولو وجد الأذى ما عطف عليها أبدا، فلمّا استيقظ، قيل: يا آدم ! ما هذه ؟ قال: حواء " وبمثل هذا قال مجاهد، وهذا الأثر ليس مرويّا في الصّحاح ولا في السّنن، وإنّما عزاه الحافظ ابن حجر رحمه الله تعالى لابن إسحاق في كتابه "المبتدأ"، ويشهد له ما رواه البخاري ومسلم عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رضي الله عنه قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم: (( اسْتَوْصُوا بِالنِّسَاءِ، فَإِنَّ الْمَرْأَةَ خُلِقَتْ مِنْ ضِلَعٍ، وَإِنَّ أَعْوَجَ شَيْءٍ فِي الضِّلَعِ أَعْلَاهُ، فَإِنْ ذَهَبْتَ تُقِيمُهُ كَسَرْتَهُ، وَإِنْ تَرَكْتَهُ لَمْ يَزَلْ أَعْوَجَ، فَاسْتَوْصُوا بِالنِّسَاءِ))..
يلزم عليك تسجيل الدخول أولًا لكتابة تعليق.



نرجس :
ماشاء الله تأملات عظيمة لكن ليتك حببيتي دعمتها بمراجعك.ماشاء الله تأملات عظيمة لكن ليتك حببيتي دعمتها بمراجعك.
عفوا الموضوع منقول لكن هذه التأملات وجدتها قذ ذكرت بأسهاب في كتاب التفسير الموضوعي وجزء من الموضوع نقلته من تفريغ لحلقة تلفزيونية عرضت قبل فترة في قناة الشارقة
وشكرا لمرورك أختي نرجس
وشكرا لمرورك أختي نرجس

الصفحة الأخيرة
لي عودة إن شاء الله للقراءة بتأني وتمعن : )