الحج رحلة تطهير ~
بين بداية الحج بنقاء الإحرام ..
بنزع ثياب الدنيا وملهياتها ..
والتطهر من الدنس ،
ونهايته بنقاء النفس من الشوائب والذنوب ..
والرجوع إلى الله ..
شعائر ..! يمرّ المؤمن تحت ألويتها ..
ويؤدي طقوسها.. ويخرج من كل شعيرة
وهو أطهر وأقرب ..إلى الله ..!
وما أن تنتهي رحلة التطهر والأوبة ..
حتى يُكافأُ بعدها .. بميلادٍ جديد ..!
الحج دورة تدريبية~
والحج دورة تدريبية كبرى للبشرية ، تتألق بميزات فريدة ..
تجمع تحت آصرة الإسلام كل مسلمي الأرض ..
وتطرح فيها هموم ومعوقات ومصاعب ومحن العالم الإسلامي
وقضاياه .. وهمومه .. وتتطرق إلى سبل حل تلك المشاكل ،
أو التخفيف من عبئها .
هو دورة تقام فيها الشعائر الإسلامية بحرص ودقة
كما حددها النهج الإلهي ..
دورة يكون فيها للنفس وإقبالها، والقلب وتوجهه،..
أكبر الأثر في تخرّج الحاج منها فائزاً ..
وقد انتصر على نوازع الشر والظلم
وأرسى قواعد الخير والعدل
ودحر الشيطان .. وحقق كمال النفس
ليعلن العيد تتويج انتصاره .. بالرحمة والمغفرة والعتق من النار..!
التقوى خير زاد ~
( وتزودوا فإنّ خير الزاد التّقوى )
الحجّ رحلة الجسد والروح معاً ..
دعا الله تعالى فيها إلى الاستعداد ،
مع الإيحاء بالتقوى في تعبير عام يشمل القلوب والأرواح،
فمنه تقتات ، وبه تتقوى وتسمو وتشف وترق..
وإليه تستند في الوصول الى طريق النجاة والفوز ..
ومن يدرك حقيقة ذلك الهدي الإلهي أكثر من أولي الألباب ؟!
الذين تفتحت بصائرهم ، واستنارت ضمائرهم ..
فعرفوا أن لازاد خير من التقوى .. فتزودوه ؟!
الحج والتجارة
في مجتمع الجاهلية ~
قال البخاري بإسناده عن ابن عباس :
كانت عكاظ ومجنة وذو مجاز أسواقاً في الجاهلية ،
فيها تقام التجارة ويصرف أمور البيع والشراء.. أيام الحج
إذ يفدها الناس من كلّ حدبٍ وصوب ..
فتأثّم المسلمون أن يتجروا في الموسم ويقولون إنها أيام ذكر ..
ففي رواية بن أبي أمامة التيمي قال:
قلتُ لابن عمر : إنّا نُكري فهل لنا من حج ؟
قال : أليس تطوفون بالبيت ، وتأتون المعروف ، وترمون الجمار ، وتحلقون رؤوسكم؟
قلت : بلى !
قال ابن عمر : جاء رجل إلى الرسول الكريم فسأله كما سألت
فنزلت الآية التي تبين أن التجارة من فضل الله وهي مباحة ، ولا تنقص من الحج .
( عند المشعر الحرام )~
وهنا بعد الإفاضة من عرفة وعند المزدلفة .. نقف
ونلقي الضوء على سماحة الدين في طلب أسباب الرزق والتجارة
فى أيام الحج .. وعند المشعر الحرام ..
يقول تعالى :
( ليس عليكم جناح أن تبتغوا فضلاً من ربكم ،
فإذا أفضتم من عرفات فاذكروا الله عند المشعر الحرام..)
وكأن الآية تقول لمن يسعى في التجارة .. أنك لاترزق نفسك بعملك
بل تطلبه من فضل الله ، فيعطيك .. فلا تنسى هذه الحقيقة !
فمن فضله تكسب وتقبض وتحصل على رزقك ..
فأنت إذن في حالة عبادة لله لاتتنافى مع عبادة الحج في الاتجاه إلى الله .
ومتى استقرت هذه المشاعر في قلب المؤمن فإنه يعمل وينشط ،
وهو يعلم يقيناً أن كل حركة منه عبادة في هذا المقام .
إن ذكر الله عند المشعر الحرام هو من هداية الله للمسلمين ،
وهو مظهر الشكر على هذه الهداية :
( واذكروه كما هداكم )
وقبل أن تهتدوا اذكروا ماكان عليه أمركم :
( وإن كنتم من قبله لمن الضالين )..
والجماعة الإسلامية الأولى كانت تدرك ضلال العرب قبل الإسلام؛
ضلال التصورات والذي من مظاهره عبادة الجن والملائكة والأصنام ،
وتحريم لحوم وظهور بعض الأنعام لتصور العلاقة بينها وبين الآلهة ،
وضلال في الحياة الاجتماعية والأخلاقية ْ، تمثلها حياة العرب بصفة عامة،
وتخلفهم الإنساني .. الذي لم يرفعهم منه إلا الإسلام ..!
هنا حين تطيف بهم هذه الصور من الضلال الجاهلي ،
يحسون أي حالة مزرية كانت العرب ترتع في ضلالها..
وينظرون إلى حاضرهم حيث أضاء نور الإسلام جنبات نفوسهم
ورفعهم من ذلك الدرك ، ومنّ عليهم بالهداية إلى الإسلام ،
فانتقلوا إلى طور رفيع مستقيم ..
وأقاموا حياتهم كلها على النهج الإسلامي الذي هداهم إلى الحق
ولولا هدي الله لهم .. لظلوا على ضلالٍ وعنت وشقوة ..
هذه هي النعمة الكبرى التي على المسلمين أن يذكروها .
نعمة الهداية ..
ويختتم الحج هذه الرحلة المباركة
وقد تكلل مسعاه ..
بالرحمة والمغفرة
والعتق من النار ..!فعاد كهيئته يوم ولدته أمه ..
فهنيئاً لمن لبى ..!!
فيض وعطر
انتي فعلاً اسم على مسمى
فيض من العطاء
وعطر يفوح بعبق الفل والياسمين
دمتِ ودام قلمك عزيزتي