تأهيل المعلمة السعودية...

الطالبات والمعلمات






تأهيل المعلمة السعودية


في إحصائية حديثة تبين أن أكثر من 86% من الموظفات السعوديات يعملن في قطاع التعليم العام. وهذا يجعل قطاع التعليم من أكبر الجهات التوظيفية بالنسبة للمرأة السعودية، ولكن ما مدى أهلية المعلمة السعودية؟ وما الذي يجعل هذا الكم الهائل من النساء السعوديات يخترن هذا القطاع دون غيره؟
قبل الحديث عن النساء السعوديات لابد وأن نتذكر شيئا مهما ربما لن يفهمه إلا من عاش في ثقافة غير عربية، فالثقافة العربية لا تشجع على العمل رغم أن إرثنا مليء بشعارات وأقوال عن حب العمل وأهمية القيام به على أتم وجه. فالناس بشكل عام تريد الهين من الأعمال لأن الجو العام المسيطر على المجتمع هو الخمول والكسل، وقد نفهم من هذا أن الجو العربي الصحراوي صعب التكيف معه وأنه من الطبيعي أن يشعر الإنسان بخمول في فترة النهار؛ ولكن هناك كذلك ثقافة قوية تعزز الكسل، فمثلا نجد أن قيم احترام الوقت والالتزام بالمواعيد وتكملة عمل اليوم والعمل مع الجماعة وغير ذلك كلها أمور مازال الكثير من العرب يعاني لكي يفهمها.

والبحث عن وظيفة لا تحمل الكثير من التحدّيات يعتبر مطلباً كثيراً من الناس، وقد يكون هذا أيضا من الأمور التي تعزز رغبة الكثير من النساء بالتدريس خصوصا أنه كذلك لا يعارض ثقافة بعض العوائل المحافظة والتي قد يسميها البعض بالمنغلقة مما لا يقبلون وظائف خارج هذا الحقل. إن سبب اختيار الوظيفة يؤثر بشكل كبير على إنتاجية الشخص لأن ذلك متصل بشكل كبير بالقناعات الفردية والمستوى العقلي والمهارات والهدف من الوظيفة. وإن كانت معظم النساء يخترن التدريس لأنه أهون عليهن وراتبه معقول، فهنا بداية خلل واضح من الصعب تحييده لكي لا ينعكس على العملية التعليمية كاملة.
ومن خلال استقصاء أولي يتضح أن الكثير من الطالبات لا يعتقدن أنهن يجدن مثلا أعلى في كثير من معلماتهن اللاتي ينصب اهتمامهن الأعظم ربما في اللباس أو الأكل في المدرسة أو الحديث مع غيرهن من المعلمات الأخريات والإغراق في التذمر والتشكي.
تقول إحدى الطالبات المتفوقات إنها لن تنسى اليوم الذي سألت فيه معلمة الثقافة الإسلامية عن معنى حديث شريف كان يتناول أهمية الحجاب عن بعض أنواع الرجال الذين يعانون من عيوب خلقية فذكرت لها المعلمة أن عليها أن تبحث عن شخص من الشارع لكي يشرح لها! وتقول خريجة جامعية إنها مازالت تتذكر إحدى المعلمات في المرحلة الابتدائية وهي تطردها بعنف من مسرح المدرسة وبشكل مازالت حتى الآن لا تفهمه رغم أنها كانت معروفة بأخلاقها وتفوقها. وقد قمت كذلك بالحديث مع بعض طالبات المرحلة المتوسطة وطالبات من صفوف المرحلة الابتدائية العليا وكان الكثير منهن يرى أنه لا توجد معلمة متميزة في مدارسهن لأن أكثر المعلمات كما تقول إحداهن "عصبيات، يحملن ويلدن كثيرا!"
وفي الحقيقة ذلك القصور في تأهيل المعلمات لم تلاحظه الطالبات فحسب بل كذلك اعترفت به بعض المعلمات الصادقات فتقول إحداهن: "نحن المعلمات نعاني من قصور كبير في ثقافتنا، فنحن لا نفهم خارج الكتاب شيئا. صدقوني نحن نحفظه مثل الطالبات ولا نخرج عن إطاره".
ويتضح من خلال الحملة التي قامت بها المعلمات لتحسين مستوياتهن الوظيفية قبل فترة بعض سمات شخصياتهن، ففي اللقاء الذي عرضته قناة الإخبارية مع بعضهن، يلاحظ عليهن أولا عدم الثقة في أنفسهن من خلال الكلام المتقطع وغير الواضح، ومن ظهرت كان رأسها في الأرض وكأنها مجرمة، يضاف إلى ذلك إخفاء هويتهن فلم تذكر أي واحدة منهن اسمها الحقيقي بل اكتفت بكنية أم محمد وأم أحمد..إلخ.
إن مظهر الخنوع والتذلل الذي ظهرن به، مع ما يتصفن به من قلة حيلة وضعف في اللغة والمنطق يشير إشارة واضحة إلى المستوى الذي تتصف بها المعلمات في السعودية. وهذا لا يعني الجميع، فهناك معلمات متميزات ولكنهن بكل تأكيد قلة، وربما لا يلبثن كثيرا في هذه المهنة. وهذا يتطلب أن تسعى وزارة التربية والتعليم لوضع برامج لتطوير وتأهيل وإعادة صقل وتدريب المعلمات وهن على رأس العمل. فلا يكفي أن تتوظف المعلمة لتضمن وظيفة حتى الممات، بل لابد من تعريضها للخبرات والمعارف من جديد في تخصصها، بحيث يكون هناك برنامج إلزامي ينفذ كل سنتين للمعلمات لتطوير أنفسهن عن طريق الالتحاق بالدورات وورش العمل والبرامج الطويلة في الجامعات داخل المملكة وخارجها. ومن ترفض يمكنها أن تعطي الفرصة لهذا العدد الهائل من الخريجات اللاتي لم يجدن فرصة للعمل رغم ما يتميزن به من تأهيل ومعرفة. ومن ترغب في الاستمرار فعليها الحصول على دورة لا تقل عن فصل دراسي أو الالتحاق ببرامج تربوية وعلمية لمدة سنة حسب خطة تنظمها الوزارة بالتنسيق مع الجهات التعليمية ذات العلاقة.

*****

بقلم الكاتبة السعودية: مها فهد الحجيلان.

*****


0
409

يلزم عليك تسجيل الدخول أولًا لكتابة تعليق.

تسجيل دخول

خليك أول من تشارك برأيها   💁🏻‍♀️