تابع سلسلة شرح اسماء الله الحسنى(الملك القدوس السلام)
الملك
}فَتَعَالَى اللَّهُ الْمَلِكُ الْحَقُّ لَا إِلَهَ إِلَّا هُوَ رَبُّ الْعَرْشِ الْكَرِيمِ{
ذكر في القرأن5 مرات
مُلك الله تعالى وملكوتُه، سلطانُه وعظمتُه وعزَّتُه، والمُلْكُ أَعَمُّ من المالك؛ فالملك صفةٌ لذاته، والمالكُ صفةٌ لفعله.
أَثَرُ الإيمان بالاسم:
من أحكام كَوْنه ملكًا كمالُ الرَّحْمة؛ حيث أثبت لنفسه الملكَ بعدَ أو قبلَ صفة الرَّحْمة؛ }الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ * مَالِكِ يَوْمِ الدِّينِ{ ، }هو الرحمن الرحيم * هو الله الذي لا إله إلا هو الملك{ ؛ وهذه الآياتُ تَدُلُّ على أنَّ المُلكَ لا يَحْسُنُ ولا يَكْمُلُ إلَّا مع الإحسان والرَّحْمة.
إذا كان المُلك المطْلَقُ لله وحدَه فالطَّاعةُ المطلقةُ له وحدَه؛ لأنَّ مَنْ سواه من ملوك الأرض إنَّما هم عبيدٌ له وتحتَ إمْرَته؛ فالله – تعالى - هو ملك الملوك؛ فَحَريٌّ بنا أن نمثل أنفسنا بين يدي الملك الأعظم المطَّلع على السِّرِّ والعلانية.
القدوس
}هُوَ اللهُ الّذِي لا إِلَهَ إِلّا هُوَ الْمَلِكُ الْقُدُّوسُ{
ذكر في القرأن مرتان
الطاهر المطهر؛ وممَّا طَهَّرَ وقَدَّسَ به بني آدم ما أنزله في كتبه ورسله، وما شَرَّعه من الطَّهارة بالماء الطَّهور، ثم جعل كلَّ شيء يُسَبِّحُ بحمده؛ فهو (السّبّوح القدّوس)، وهو صيغةُ مبالغة من القُدْس؛ وهو الطَّهارةُ.
}وَنَحْنُ نُسَبِّحُ بِحَمْدِكَ وَنُقَدِّسُ لَكَ{ ، نُقَدِّسُ لَكَ: نُطَهِّر أنفسَنا لك، وقيل: نَنْسبك إلى صفاتك الطَّاهرة.
وروحُ القُدُس هو جبريل - عليه السلام - معناه رُوحُ الطَّهارة، وقيل: القُدسُ البركة، والأرضُ المقدَّسةُ هي الأرضُ المبارَكةُ؛ }سُبْحَانَ الَّذِي أَسْرَى بِعَبْدِهِ لَيْلًا مِنَ الْمَسْجِدِ الْحَرَامِ إِلَى الْمَسْجِدِ الْأَقْصَى الَّذِي بَارَكْنَا حَوْلَهُ{ .
أَثَرُ الإيمان بالاسم:
- اللهُ – سبحانه - هو القُدُّوسُ بكلِّ اعتبار المنَزَّهُ على الإطلاق، وطهارةُ العبد منه وبه.
- وَجَبَ على العبد أن يُقَدِّسَ اللهَ ويُنَزِّهه عن النَّقائص، ثم يُقَدِّسُ نفسَه عن الشَّهوات ومالَه عن الشُّبُهات وقلبَه وجوارحَه عن الغَفَلات؛ فإذا فَعَلَ ذلك اسْتَنَارَ قَلْبُه وظَهَرَ ذلك على ظاهره، وتَعَدَّى لغيره؛ فَيَطْهر بطهارته أهلُه وولدُه.
- كان النبي صلى الله عليه وسلم يُكْثر من ذكر هذا الاسم في رُكوعه وسُجوده: «سُبُّوحٌ قُدُّوسٌ رَبُّ الملائكة والرُّوح»().
- وكان يُسَبِّحُ به إذا سَلَّمَ في الوتر بقوله: «سُبحان الملك القُدوس»().
- نفى صلى الله عليه وسلم صفةَ التَّقْديس عن الأُمَّة الظَّالمة: «لا قُدِّسَتْ أُمةٌ لا يَأْخُذُ الضَّعيفُ فيها حَقَّه غَيْرَ مُتَعْتَع»(). المتعتع: المقلق المنزعج، وقال صلى الله عليه وسلم: «كَيف يُقدِّسُ اللهُ أمةً لا يُؤْخَذُ لضعيفهم من شديدهم»()؛ فالظُّلمُ يَنْتَقص من طهارة وبركة الأُمَّة.
كتب أبو الدَّرْداء إلى سلمان الفارسيِّ ليهاجر من العراق إلى الأرض المقدَّسَة؛ وهي الشَّام، فَرَدَّ عليه سَلْمان ببلاغة تُوَضِّحُ مفهومَ القداسة: «إنَّ الأرضَ لا تُقَدِّسُ أحدًا؛ وإنَّما يُقَدِّسُ الإنسانَ عَمَلُه»().
السلام
}هُوَ اللهُ الَّذِي لا إِلَهَ إِلّا هُوَ الْمَلِكُ الْقُدّوسُ{
ذكر في القرأن مرة واحدة
السالم من كل عيب و البريء من كلِّ آفة، والسَّالم من مماثَلة خَلْقه ومن كلِّ ما يُنافي كمالَه.
والسَّلامةُ هي البراءة، وقيل: العافية.
أَثَرُ الإيمان بالاسم:
- سلم اللهُ – تعالى - على أنبيائه ورُسُله لإيمانهم وإحسانهم، وليقتدي بذلك البشر؛ فلا يذكرهم أحدٌ بسوء؛ }وَسَلَامٌ عَلَى الْمُرْسَلِينَ{ ، ثمَّ أكرمَ اللهُ يحيى - عليه السلام ؛ فَخَصَّه بسلام في مواضع قيل أنها الأكثر وحشةً للخلق؛ }وَسَلَامٌ عَلَيْهِ يَوْمَ وُلِدَ وَيَوْمَ يَمُوتُ وَيَوْمَ يُبْعَثُ حَيًّا{ : يوم ولد فيرى نفسه خارجًا مما كان، ويوم يموت فيرى قومًا لم يكن عاينهم، ويوم يبعث فيرى نفسَه في المحشر العظيم.
- قوله تعالى: }السَّلَامُ عَلَى مَنِ اتَّبَعَ الْهُدَى{ : معناه أنَّ مَنْ اتَّبَعَ هدى الله سلم من سَخَطه وعذابه.
- اللهُ يُسَلِّمُ على عباده في الجنة: }سَلَامٌ قَوْلًا مِنْ رَبٍّ رَحِيمٍ{ ، والجنَّةُ هي دارُ السَّلام: }لَهُمْ دَارُ السَّلَامِ عِنْدَ رَبِّهِمْ{ .
- وكذا ملائكته؛ فإنَّها تُسَلِّمُ على عباده الصَّالحين عند قَبْض أَرْواحهم وتُطَمئنُهم: }الَّذِينَ تَتَوَفَّاهُمُ الْمَلَائِكَةُ طَيِّبِينَ يَقُولُونَ سَلَامٌ عَلَيْكُمُ ادْخُلُوا الْجَنَّةَ بِمَا كُنْتُمْ تَعْمَلُونَ{ .
- مَنْ علم أنَّ اللهَ السَّلامُ وَجَبَ عليه أن يسلم قلبَه ولسانَه ليكون ممَّن وقع عليهم المعنى في الحديث عنه صلى الله عليه وسلم: «المسلم مَنْ سَلمَ المسلمون من لسانه ويده، والمهاجرُ مَنْ هَجَرَ ما نَهَى اللهُ عنهُ»().
- ولا يَقفُ عند هذا الحَدِّ مَنْ كَفَّ الأذى؛ بل عليه أن يُؤَدِّيَ حَقَّ اسم الله (السلام)؛ كما قال ابنُ عبَّاس: "السَّلامُ اسمٌ من أسمائه – سبحانه - وَضَعَه في الأرض، فَأَفْشُوه بينَكم».
- ومن فَضْل السَّلام الوصولُ به إلى دار السَّلام؛ حيث كان الأمرُ بإفشاء هذا الاسم لأنَّه سببٌ في دخول الجنة؛ كما أوضح نبيُّ الأُمَّة صلى الله عليه وسلم في حديث أشبه بخريطة بينة المعالم: «لا تدخلون الجنة حتى تؤمنوا ولا تؤمنوا حتى تحابُّوا، أَوَلا أَدُلُّكم على شيء إذا فعلتموه تحاببتم! أفشوا السَّلامَ بينَكم»().
- والسَّلامُ من أسباب التآلُف ومفتاحُ جَلْب المودَّة، مع ما فيه من رياضة النَّفْس ولزوم التَّواضُع وتعظيم حُرُمات المسلمين.
- وإذا قال المسلم للمسلم: (السلام عليكم). فكأنَّه يُخْبره بالسَّلامة من جانبه ويُؤَمِّنُه من شَرِّه وغائلته، وأنه سلم له لا حرب عليه.
- وكما فَرَضَ السَّلامَ أَوْجَبَ رَدَّه صلى الله عليه وسلم: «حَقُّ المسلم عَلى المُسلم خَمسٌ؛ رَدُّ السَّلام، وَعيادة المريض، واتِّباعُ الجنائز، وإجابةُ الدَّعوة، وتشميتُ العاطس»().
لا يُقالُ: السلام على الله. فالسَّلامُ من الله وله، وقد نهى الرسول صلى الله عليه وسلم عن ذلك وهو يُعْلم أُمَّتَه أَبْلَغَ وأَشْمَلَ صيغ السَّلام بما يُقالُ في التَّشَهُّد الأَوَّل من التَّحيَّات - وهي جمع تحية ومعناها السلام: «إن اللهَ هُوَ السَّلامُ، فإذا صَلَّى أحدُكم فَلْيَقُلْ: التحياتُ لله، والصلواتُ والطَّيِّبات ورحمةُ الله وبركاتُه، السَّلامُ علينا وعلى عباد الله الصَّالحين»، ثُمَّ أَوْضَحَ الرَّسولُ صلى الله عليه وسلم مدى هذا السَّلام في بقيَّة الحديث: «فإنَّكم إذا قُلتموهًا أصابت كُلَّ عَبْد لله صالح في السَّماء والأرض>>
3
503
يلزم عليك تسجيل الدخول أولًا لكتابة تعليق.
الصفحة الأخيرة
فطرحك هادف ونستفيد منه جزيتي الجنة