تأخر الإخصاب (العقم)
د. ضحى محمود بابللي
يمكن تعريف تأخر الإخصاب أو العقم بأنه: عدم حدوث حمل بعد مضي عام على الزواج على الرغم من المعاشرة الزوجية المنتظمة وعدم استعمال موانع للحمل.
ويعود السبب لوجود علة ما بالذكر أو بالأنثى أو الاثنين معا، وفي بعض الحالات لا يمكن تحديد سبب معين لدى أيمن الطرفين بالكشف الطبي أو بالتحاليل المخبرية ولكن لأسباب غير معروفة يتأخر حدوث الحمل لعدةسنوات.
وتقدر حالات تأخر الإخصاب بواحدة من كل خمسة أزواج كما بينت إحصائية أجريت في الولايات المتحدة الأمريكية.
أسباب العقم: يمكن أن نصنف العقم إلى النوعين الرئيسين التاليين:
1- العقم لدى الرجال:
يكون الرجل هو سبب حدوث العقم في 40% من الحالات، وذلك لعدة أسباب، منها:
حدوث خلل في تكوين النطفة في أي من مراحل تكوينها المختلفة، بسبب قصور الغدة النخامية، أو الدرقية، أو بسبب قصور الخصية أو التهابها.
تعرض الخصيتين لارتفاع درجات الحرارة لفترات طويلة، وكما هو معروف فإن النطف تحتاج إلى درجة حرارة أقل من حرارة الجسم لتنضج، ولهذا جعلها الخالق سبحانه في مكانها في كيس الصفن خارج الجسم، ومن الأسباب المؤدية لارتفاع درجة الحرارة: دوالي الخصيتين ولبس السراويل الضيقة التي ترفع الخصيتين إلى الأعلى قريباً من الجسم.
انسداد القنوات الناقلة للنطف داخل الخصيتين بسبب الالتهابات أو بسبب انسدادها أثناء التكون الجنيني.
2- العقم لدى النساء: أسباب العقم لدى النساء كثيرة ومتعددة ويمكن أن نتطرق إلى بعضها باختصار:
الأسباب المتعلقة بالهورمونات، مثل: قصور الغدة النخامية، وفرط نشاط غدة الكظر، وقصور المبيضين، واضطراب الهرمونات الأنثوية، وفرط "برولاكتين" الدم، ومتلازمة تكيس المبيضين.
أسباب تعود إلى تشوهات الرحم في مرحلة التكون الجنيني، مثل: الرحم المضاعف أو الرحم الثنائي القرن، أو الرحم الوحيد القرن، أو الرحم الثنائي الحجرة، أو الرحم المسطح.
أسباب تتعلق بالطرق الناقلة للبيوض مثل: انسداد قناتي فالوب، وهما طريقان ينقلان البيوض من المبيضين إلى الرحم. ويحدث الانسداد نتيجة الالتهابات الحوضية المتكررة، أو الحمل الخارجي أو بسبب التصاقات بطنية وحوضية نتيجة عمل جراحي سابق.
الاضطرابات النفسية: تسبب الاضطرابات العاطفية قلة في دم الطمث، أو انقطاعاً كاملاً للدورة الطمثية لمدة أشهر أو سنوات.
تشكل بعض النساء أضداداً للنطف الذكرية في الرحم والمهبل.
كما يمكن تصنيف العقم إلى أولي وثانوي:
العقم الأولي (المبدئي): يعرف العقم الأولي بأنه عدم القدرة على الإنجاب لدى المرأة التي لم يسبق لها الحمل.
أما العقم الثانوي: فهو عدم القدرة على الإنجاب لامرأة سبق لها الحمل ولو لمرة واحدة فقط.
التشخيص:
يحتاج الطبيب لمعرفة التاريخ المرضي وإجراء الفحص السريري وتحاليل طبية مخبرية لكل من الزوجين لمعرفة سبب تأخر الحمل أو عدم حدوثه.
أولاً: الزوجة:
تسأل الطبيبة الزوجة عن انتظام الدورة، وعن المشكلات المصاحبة لها، كما تسأل عن الأمراض التي سبقت أن أصيبت بها مثل التهابات الحوض، أو حدوث حمل خارجي، أو وجود قصور في إحدى الغدد، أو التعرض لإصابات البطن أو الحوض أو إجراء عمليات جراحية سابقة.
وبعد ذلك تقوم الطبيبة بفحص الزوجة سريرياً ثم تطلب بعض الفحوصات المخبرية والشعاعية مثل مستوى الهرمونات الأنثوية والغدة الدرقية في الدم، أو صورة ملونة للرحم والمبيضين ولقناتي فالوب؛ وذلك للتأكد من أن القناتين غير مسدودتين، أو صورة بالأشعة الصوتية لمعرفة حالة الرحم والمبيضين، وذلك حسب الحاجة وحسب تقدير الطبيبة المعالجة.
تحتاج الزوجة في بعض الأحيان لإجراء منظار للبطن وذلك لفحص أدق وأشمل للجهاز التناسلي.
يجرى فحص لكشف الأجسام المضادة للحيوانات المنوية في المهبل وعنق الرحم بعد الجماع، وذلك في الحالات التي يتوقع فيها أن يكون العقم بسبب وجود أجسام مضادة تقتل الحيوانات المنوية بعد الجماع.
ثانياً: الزوج:
يسأل الطبيب عن التاريخ المرضي للزوج مثل حدوث التهاب للغدة اللعابية (النكاف) في الصغر، حدوث حمل سابق من الزوجة نفسها أو من زوجة أخرى، ثم يقوم بالفحص السريري، ويشمل ذلك فحص الخصيتين للتأكد من وجودهما في كيس الصفن ومن خلوهما من الدوالي، وبعد ذلك يطلب بعض التحاليل المخبرية، وأهمها فحص السائل المنوي لمعرفة عدد الحيوانات المنوية التي يجب أن لا تقل عن 40- 60 مليون لكل سم مكعب من السائل المنوي، ويجب أن يكون أكثر من 70% من الحيوانات نشطة في الساعة الأولى من القذف ولا يقل النشط منها عن 50% في الساعة الثالثة بعد القذف، وكذلك يجب أن تكون 65% من الحيوانات المنوية على الأقل ذات شكل طبيعي. وأي خلل في تكوين السائل المنوي يمكن أن يؤخر حدوث الحمل.
كما قد يطلب إجراء تحاليل لمعرفة مستوى بعض الهرمونات في الدم.
العلاج:
تختلف طرائق العلاج وأساليبه حسب اختلاف الأسباب، وهل هو بسبب مشكلة تعاني منها الزوجة أو يرجع إلى مشكلة يعاني منها الزوج. وهل العقم أولي أو ثانوي.
ولا بد من التنبيه هنا إلى أنه لا يمكن الاكتفاء بفحص أحد الزوجين وعلاجه وإغفال الطرف الآخر؛ وذلك لأن العقم أو تأخر الحمل ـ كما تقدم ـ مشكلة تعود إلى كلا الزوجين ولا بد من إشراكهما معاً في محاولة معرفة السبب ومن ثم إيجاد الحل.
أولاً: علاج الزوجة:
تختلف الأسباب المؤدية للعقم لدى النساء، ومن ثم يختلف العلاج، وتتدرج الأساليب من مجرد إعطاء حبوب أو عقاقير لإحداث الإباضة في حالات ضعف الهرمونات إلى إجراء عملية التلقيح الصناعي إلى حمل الأنابيب، وذلك كما تقدم حسب السبب المؤدي لتأخر الحمل.
ثانياً: علاج الزوج:
يمكن أن يكتفي الزوج بنصائح طبية لتصحيح بعض الأوضاع الخاطئة التي يمكن أن تكون سبب تأخر الحمل، مثل صعوبات الجماع، أو تجنب لبس السراويل الضيقة. وفي أحيان أخرى يحتاج لعلاج مكثف لحل المشكلة المسببة للعقم مثل إجراء جراحة موضعية لإزالة الدوالي، وقد يحتاج الأمر لطفل الأنابيب في الحالات التي يعاني فيها الزوج من ضعف شديد في السائل المنوي؛ وذلك لاختيار النطفة الصحيحة وتسهيل عملية التلقيح.
ونذكّر هنا بأهمية الصبر والتحمل أثناء العلاج وانتظار الفرج؛ لأن اضطراب الحالة النفسية يمكن أن يزيد من المشكلة ويكون سبباً في تأخير الحمل أكثر. ونذكّر كذلك بأن العقم كغيره من المشكلات التي تصيب الإنسان هو ابتلاء واختبار من الله، والله سبحانه يقدر للإنسان ما أصابه وما سوف يصيبه، وهو الذي قال في كتابه الكريم: { يَهَبُ لِمَنْ يَشَاء إِنَاثًا وَيَهَبُ لِمَن يَشَاء الذُّكُورَ * أَوْ يُزَوِّجُهُمْ ذُكْرَانًا وَإِنَاثًا وَيَجْعَلُ مَن يَشَاء عَقِيمًا إِنَّهُ عَلِيمٌ قَدِيرٌ}.
--------------------------------------------------------------------------------

نجلاءءء @nglaaaaaaa
عضوة جديدة
يلزم عليك تسجيل الدخول أولًا لكتابة تعليق.
خليك أول من تشارك برأيها 💁🏻♀️