تاريخ البقر

الملتقى العام


للبقر شأن عظيم في التاريخ البشري، بل البقر قد يكون من أهم الحيوانات في تفاعلهاالتاريخي مع الإنسان..!
فقد ورد ذكرها كثيراً في الدراسات، والفلسفات، والكتبالمقدسة..
ولليهود مع البقر قصة طويلة، حيث امتحنهم الله بأن يذبحوا واحدةفأخذوا يماطلون نبيهم، ويسألونه عن لونها، وشكلها، ويتمحكون في ذلك تمحكاً شديداًحتى نالوا عقاب ربهم..
وفي حضارة الصين حكايات طويلة عن البقر، أما في الهند فقدوصلت حد التقديس والعبادة..!! وأنت اليوم حينما تسير في شارع من شوارع الهند، وتعبرأمامك بقرة فإن عليك الانتظار، وسوف ترى الناس والسيارات، والناقلات تتوقف، حتىيعبر الإله المقدس! وليس من حق أحد أن يسخر، أو يتضجر..!!
ورعاة البقر في أمريكاهم أكبر «فصيلة» إن جاز التعبير في كوننا اليوم تنتمي الى هذه المهنة..!! والحقيقةأنها لم تعد مهنة بل هي رمز ثقافة، وحضارة، وسياسة وأخلاق. تمثل هوية، وفكر أمةكاملة، تمثيلاً حاضراً في الوعي القائم، وتمثيلاً تاريخياً نشاهده في أفلام «الكاوبوي»، ومنتجات هوليود، حيث يظهر البطل شخصية خارقة، مسيطرة، مظفرة، أمثال: ليفان كليف (Lee Van Clef) أو كلنت ايست وود (Clent Eastwood» وسيطرة هذا البطلالأسطوري المظفر ليست سيطرة على القطيع فحسب وانما على البشر الذين يأخذون في نظرالبطل شكل القطيع..
أما في الثقافة العربية فالأمر مختلف تماماً، فالعرب ليستثقافتهم ولا أدبهم ثقافة أو أدب أبقار.. وانما ثقافة إبل، وخيل. بل ان العرب تسخرمن البقر وترى فيه رمزاً للبلاهة، والغباء، وإذا أرادوا أن يتهموا قوما بالبلاهةوالبلادة، وصفوهم بأنهم كالبقر.
يقول أبو تمام في هجائه لبعض الأقوام:
لايدهمنّك من دهمائهم عدد
فإن أكثرهم أو كلهم بقر
ويقول أحد الشعراء في قوممكتملي الصور، من غير حكمة.. جميلي اللحى من غير تدين:
لا تخدعنك اللحى ولاالصور
تسعة أعشار من ترى بقر
وإذا كان الثور في الثقافة العربية يمثل العنف،والغباء، والرعونة، والهوج، فإنه يمثل القوة الأسطورية ايضا، فقد ورد في الأساطيربأن الدنيا كلها محمولة على قرن ثور.!!
وأقول - في سركم - إنني كلما رأيت زعيمتلك الدولة الكبرى، يتحدث، أو يسر، تذكرت تلك الأسطورة، والتي لم تعد بالنسبة ليأسطورة، بل هي تكاد تكون حقيقة ماثلة..!! فلاشك أن دنيانا اليوم تدور على قرن ثورأهوج..!!
ما علينا.. فلنعد إلى البقر وسيرته التاريخية.. فمن أعجب، وأغرب، ماقرأت - أرجو أن تلاحظوا معي هذا بدقة وتأمل - من أغرب ما قرأت في - كتاب الحيوانللجاحظ :- أن المجوس في بلاد فارس، يزعمون أن رجلاً مقدساً لديهم اسمه «سومين» سيخرج آخر الزمان، وأنهم ينتظرون خروجه، وأن المُلك كله سيصير له ويؤول إليه، وأنهعندما يخرج فإنه سيخرج على بقرة ذات قرون..!! وأن معه سبعين رجلاً يرتدونالجلود..!! وأنه إذا صاح: هراً.. هراً.. جاءت الدنيا إليه..!!
من كان منكم قدرأى أفلام رعاة البقر، وشاهد الرعاة وهم يكتنفون الأبقار، ويتحاوشونها بالحبالالطيارة أو هم يصيحون بها هراً.. هراً.. لاشك أنه سيدهش للمشهد وتطابقالصورة..
حقاً إن حكاية البقرة التاريخية هذه عجيبة، وتدعو إلى التأمل، منذ قصةاليهود مع البقرة، وجدلهم حولها، إلى أسطورة «سومين» المجوسي «المنتظر» الذي سيخرج في آخر الزمان على ظهر بقرة وكأنه أحد أبطال أفلام الكاوبوي..!!
0
629

يلزم عليك تسجيل الدخول أولًا لكتابة تعليق.

تسجيل دخول

خليك أول من تشارك برأيها   💁🏻‍♀️