نور البرق

نور البرق @nor_albrk

عضوة شرف في عالم حواء

تبريـد حـرارة المصيبـة عند موت الأحباب وفقد ثمرات الأفئدة وفلذات الأكباد

الملتقى العام



السلام عليكم ورحمة الله وبركاته

تبريـد حـرارة المصيبـة
عند موت الأحباب وفقد ثمرات الأفئدة وفلذات الأكباد

في ضوء الكتاب والسنة




إلى كل مسلمه/ مسلم مصاب بمصيبة موت الأحباب، أو فقد فلذات الأكباد، وثمرات الأفئدة، جبر الله مصيبتهم.

فالله أسأل أن يحسن عزاءكم وأن يجمعكم ومن فقدتم في الفردوس الأعلى من الجنة، واعلموا “أن لله ما أخذ وله ما أعطى وكل شيء عنده بأجل مسمى، فاصبروا واحتسبوا”(، وأبشروا بما وعد الله عباده المؤمنين الصابرين وإليكم ما تطمئن به قلوبكم ويُبرِّد حرّ مصيبتكم العظيمة، ويشرح صدوركم ويذهب همومكم وغمومكم من كلام ربكم الكريم، الحكيم، الرؤوف، الرحيم، الذي هو أرحم بالعباد من والديهم، ومن كلام نبيكم وقدوتكم وحبيبكم محمد صلّى الله عليه وسلّم.


1 ـ صلوات الله ورحمته وهدايته للصابرين: قال الله تعالى: {وَلَنَبْلُوَنَّكُمْ بِشَيْءٍ مِّنَ الْخَوفْ وَالْجُوعِ وَنَقْصٍ مِّنَ الأَمَوَالِ وَالأنفُسِ وَالثَّمَرَاتِ وَبَشِّرِ الصَّابِرِينَ، الَّذِينَ إِذَا أَصَابَتْهُم مُّصِيبَةٌ قَالُواْ إِنَّا لِلَّهِ وَإِنَّـا إِلَيْهِ رَاجِعونَ، أُولَـئِكَ عَلَيْهِمْ صَلَوَاتٌ مِّن رَّبِّهِمْ وَرَحْمَةٌ وَأُولَـئِكَ هُمُ الْمُهْتَدُونَ}


{وَبَشِّرِ الصَّابِرِينَ} أي بشرهم بأنهم يُوفَّوْن أجورهم بغير حساب، فالصابرون هم الذين فازوا بالبشارة العظيمة، والمنحة الجسيمة، ثم وصفهم بقوله: {الَّذِينَ إِذَا أَصَابَتْهُم مُّصِيبَةٌ} وهي كل ما يؤلم القلب أو البدن، أو كليهما، كما تقدم في الآيات، ومن ذلك موت الأحباب، والأولاد، والأقارب، والأصحاب، ومن أنواع الأمراض في بدن العبد أو بدن من يحبه، {قَالُواْ إِنَّا لِلَّهِ} أي مملوكون لله، مدبرون تحت أمره، وتصريفه، فليس لنا من أنفسنا وأولادنا، وأموالنا شيء، فإذا ابتلانا بشيء فقد تصرف أرحم الراحمين بمماليكه وأموالهم فلا اعتراض عليه، بل من كمال عبودية العبد: علمه بأن وقوع البلية من المالك الحكيم الذي هو أرحم بعبده من نفسه ووالدته، فيوجب له ذلك الرضا عن الله، والشكر له على تدبيره؛ لِمَا هو خير لعبده وإن لم يشعر بذلك، ومع أننا مملوكون لله فإنا إليه راجعون يوم المعاد، فمجاز كل عامل بعمله، فإن صبرنا واحتسبنا وجدنا أجرنا موفرًا عنده، وإن جزعنا وسخطنا لم يكن حظنا إلا السخط وفوات الأجر، فكون العبد لله وراجع إليه من أقوى أسباب الصبر {أُولَـئِكَ} الموصوفون بالصبر المذكور {عَلَيْهِمْ صَلَوَاتٌ مِّن رَّبِّهِمْ} أي ثناء من الله عليهم {وَرَحْمَةٌ} عظيمة، ومن رحمته إياهم أن وفقهم للصبر الذي ينالون به كمال الأجر {وَأُوْلَـئِكَ هُمُ الْمُهْتَدُونَ} الذين عرفوا الحق، وهو في هذا الموضع علمهم بأنهم لله، وأنهم إليه راجعون، وعملوا به، وهو هنا: صبرهم لله

قال أمير المؤمنين عمر رضي الله عنه: “نعم العدلان ونعمة العلاوة {أُولَـئِكَ عَلَيْهِمْ صَلَوَاتٌ مِّن رَّبِّهِمْ وَرَحْمَةٌ} فهذان العدلان، {وَأُولَـئِكَ هُمُ الْمُهْتَدُونَ} فهذه العلاوة، وهي ما توضع بين العدلين، وهي زيادة في الحمل، فكذلك هؤلاء أعطوا ثوابهم وزيدوا أيضًا”


2 ـ الاستعانة بالصبر من أسباب السعادة، قال الله تعالى: {وَاسْتَعِينُواْ بِالصَّبْرِ وَالصَّلاَةِ}


3 ـ محبة الله للصابرين، قال عز وجل: {وَاللَّهُ يُحِبُّ الصَّابِرِينَ}


4 ـ معية الله مع الصابرين: قال الله عز وجل: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ اسْتَعِينُواْ بِالصَّبْرِ وَالصَّلاَةِ إِنَّ اللّهَ مَعَ الصَّابِرِينَ}

5 ـ استحقاق دخول الجنة لمن صبر، قال الله تعالى: {أُوْلَئِكَ يُجْزَوْنَ الْغُرْفَةَ بِمَا صَبَرُواْ وَيُلَقَّوْنَ فِيهَا تَحِيَّةً وَسَلامًا}


6 ـ الصابرون يوفون أجرهم بغير حساب، فلا يوزن لهم، ولا يكال لهم إنما يغرف لهم غرفًا، وبدون عدٍّ ولا حدٍّ، ولا مقدار

، قال الله تعالى: {إِنَّمَا يُوَفَّى الصَّابِرُونَ أَجْرَهُم بِغَيْرِ حِسَابٍ}

7 ـ جميع المصائب مكتوبة في اللوح المحفوظ، من قبل أن يخلق الله الخليفة ويبرأ النسمة، وهذا أمر عظيم لا تحيط به العقول بل تذهل عنده أفئدة أولي الألباب، ولكنه على الله يسير، قال الله عز وجل: {مَا أَصَابَ مِن مُّصِيبَةٍ فِي الأَرْضِ وَلا فِي أَنفُسِكُمْ إِلَّا فِي كِتَابٍ مِّن قَبْلِ أَن نَّبْرَأَهَا إِنَّ ذَلِكَ عَلَى اللَّهِ يَسِيرٌ، لِكَيْلا تَأْسَوْاْ عَلَى مَا فَاتَكُمْ وَلا تَفْرَحُواْ بِمَا آتَاكُمْ وَاللَّهُ لا يُحِبُّ كُلَّ مُخْتَالٍ فَخُورٍ}().

8 ـ ما أصاب من مصيبة في النفس، والمال، والولد، والأحباب، ونحوهم إلا بقضاء الله وقدره، قد سبق بذلك علمه وجرى به قلمه، ونفذت به مشيئته، واقتضته حكمته، فإذا آمن العبد أنها من عند الله فرضي بذلك وسلم لأمره، فله الثواب الجزيل والأجر الجميل، في الدنيا والآخرة، ويهدي الله قلبه فيطمئن ولا ينزعج عند المصائب، ويرزقه الله الثبات عند ورودها، والقيام بموجب الصبر فيحصل له بذلك ثواب عاجل، مع ما يدخره الله له يوم الجزاء من الثواب(، قال الله تعالى: {مَا أَصَابَ مِن مُّصِيبَةٍ إِلَّا بِإِذْنِ اللَّهِ وَمَن يُؤْمِن بِاللَّهِ يَهْدِ قَلْبَهُ وَاللَّهُ بِكُلِّ شَيْءٍ عَلِيمٌ}()، قال علقمة عن عبد الله: {وَمَن يُؤْمِن بِاللَّهِ يَهْدِ قَلْبَهُ} هو الرجل الذي إذا أصابته مصيبة رضي بها وعرف أنها من الله"().

وما أحسن ما قال ابن نصر الدين الدمشقي رحمه الله تعالى:
سبحان من يبتلي أناسًا


أحبَّهم والبلاءُ عطاءُ

فاصبرْ لبلْوى وكن راضيًا

فإن هذا هو الدواءُ

سلم إلى الله ما قضاه



ويفعل الله ما يشاء

9 ـ الله تعالى يجزي الصابرين بأحسن ما كانوا يعملون، قال تعالى: {مَا عِندَكُمْ يَنفَدُ وَمَا عِندَ اللَّهِ بَاقٍ وَلَنَجْزِيَنَّ الَّذِينَ صَبَرُواْ أَجْرَهُم بِأَحْسَنِ مَا كَانُواْ يَعْمَلُونَ} قسمٌ من الرب تعالى مؤكد باللام أنه يجازي الصابرين بأحسن أعمالهم: الحسنة بعشر أمثالها إلى سبع مائة ضعف إلى أضعاف كثيرة؛ فإن الله لا يضيع أجر من أحسن عملاً، أي ويتجاوز عن سيئاتهم(])

ولله در أبا يعلى الموصلي القائل:
إني رأيت وفي الأيام تجربة


للصبر عاقبة محمودة الأثر

وقلّ من جدَّ في أمر يحاوله

واستصحب الصبر إلا فاز بالظفر



10 ـ ما يقال عند المصيبة والجزاء والثواب والأجر العظيم على ذلك، فعن أم المؤمنين أم سلمة رضي الله عنها أنها سمعت رسول الله صلّى الله عليه وسلّم يقول: “ما من عبد تصيبه مصيبة فيقول: إنَّا لله وإنَّا إليه راجعون، اللهم أجُرني في مصيبتي واخلف لي خيرًا منها إلا أجره الله في مصيبته وأخلف له خيرًا منها” قالت أم سلمة، فلما توفي أبو سلمة – رضي الله عنه – قلت كما أمرني رسول الله صلّى الله عليه وسلّم، فأخلف الله لي خيرًا منه رسول الله صلّى الله عليه وسلّم، وفي لفظ: "ما من مسلم تصيبه مصيبة فيقول ما أمره الله: “إنَّا لله وإنَّا إليه راجعون، اللهم أجُرْني في مصيبتي وأخلِفْ لي خيرًا منها...” الحديث"). وفي لفظ ابن ماجه: “إنَّا لله وإنَّا إليه راجعون، اللهم عندك أحتسب مصيبتي فأجُرْني فيها وعوِّضني خيرًا منها .وحديث أبي موسى الأشعري عن النبي صلّى الله عليه وسلّم أنه قال: “إذا مات ولد العبد قال الله لملائكته: قبضتم ولد عبدي؟ فيقولون نعم، فيقول: قبضتم ثمرة فؤاده؟ فيقولون: نعم، فيقول: ماذا قال عبدي؟ فيقولون: حمدك واسترجع، فيقول: ابنوا لعبدي بيتًا في الجنة وسموه بيت الحمد”


قال ابن ناصر الدين رحمه الله تعالى:
يجري القضاء وفيه الخير نافلة


لمؤمن واثق بالله لا لاهي
إن جاءه فرحٌ أو نابه ترحٌ


في الحالتين يقول الحمد لله


11 ـ الأجر العظيم والثواب الكثير والفوز بالجنة لمن مات حبيبه المصافي فصبر وطلب الأجر من الله تعالى، فعن أبي هريرة رضي الله عنه أن رسول الله صلّى الله عليه وسلّم قال: يقول الله تعالى: “ما لعبدي المؤمن عندي جزاءٌ إذا قبضت صفيَّه من أهل الدنيا ثم احتسبه إلا الجنة” قوله: "جزاء" أي ثواب وقوله: "إذا قبضت صَفِيَّه

وهو الحبيب المصافي: كالولد، والأخ، وكل ما يحبه الإنسان، والمراد بالقبض قبض روحه وهو الموت.. وقوله: "ثم احتسبه إلا الجنة" والمراد: صبر على فقده راجيًا من الله الأجر والثواب على ذلك. والاحتساب: طلب الأجر من الله تعالى خالصًا.

و وجه الدلالة من هذا الحديث "أن الصفي أعم من أن يكون ولدًا أم غيره، وقد أفرد و رتب الثواب بالجنة لمن مات له فاحتسبه"( ).
وسمعت شيخنا الإمام ابن باز رحمه الله يقول: "صفيه: حبيبه: كولده، أو أبيه، أو أمه، أو زوجته"( ).


12 ـ أشد الناس بلاءً: الأنبياء ثم الأمثل فالأمثل؛ لحديث مصعب بن سعد عن أبيه رضي الله عنه قال: قلت يا رسول الله أيُّ الناس أشدُّ بلاءً؟ قال: “الأنبياء، ثم الأمثل فالأمثل: يُبتلى الرجل على حسب دينه فإن كان في دينه صُلبًا اشتدَّ بلاؤه، وإن كان في دينه رقةً ابتلي على قدر دينه، فما يبرح البلاء بالعبد حتى يتركه يمشي على الأرض وما عليه خطيئة”( ).


أكثر وأصعب بلاء: أي محنة ومصيبة؛ لأنهم لو لم يبتلوا لتوهم فيهم الألوهية؛ وليتوهن على الأمة الصبر على البلية؛ ولأن من كان أشد بلاء كان أشد تضرعًا، والتجاء إلى الله تعالى "ثم الأمل فالأمثل" أي الفضلاء، والأشرف فالأشرف والأعلى فالأعلى رتبة ومنزلة، فكل من كان أقرب إلى الله يكون بلاؤه أشد؛ ليكون ثوابه أكثر "فإن كان في دينه صلبًا" أي قويًا شديدًا "اشتد بلاؤه" أي كمية وكيفية "فما يبرح البلاء" أي ما يفارق( ).
ومما يزيد ذلك وضوحًا وتفسيرًا، حديث أبي هريرة رضي الله عنه يرفعه: “إن الرجل ليكون له عند الله المنزلة فما يبلغها بعمل، فما يزال الله يبتليه بما يكره حتى يبلغه إياها”( ).



يتبع تم الاستعانه بمواقع العلماء وكتاب تبريد حرارة المصائب( ادعوا لاختي الله يصبرها على فقد ابنتها )

width=400 height=350
12
1K

يلزم عليك تسجيل الدخول أولًا لكتابة تعليق.

تسجيل دخول

مرة صلوحي
مرة صلوحي
الله يرحمها ويصبر اختك
نور البرق
نور البرق
الله يرحمها ويصبر اختك
الله يرحمها ويصبر اختك
13 ـ من كان بلاؤه أكثر فثوابه وجزاؤه أعظم وأكمل؛ لحديث أنس رضي الله عنه عن النبي صلّى الله عليه وسلّم قال: “إن عِظم الجزاء مع عظم البلاء، وإن الله إذا أحب قومًا ابتلاهم، فمن رضي فله الرضا، ومن سخط فله السخط”.


والمقصود الحث على الصبر على البلاء بعد وقوعه لا الترغيب في طلبه للنهي عنه، فمن رضي بما ابتلاه الله به فله الرضى منه تعالى وجزيل الثواب، ومن سَخِطَ: أي كره بلاء الله وفزع ولم يرض بقضائه تعالى، فله السخط منه تعالى وأليم العذاب، ومن يعمل سوءًا يُجز به.
ولا شك أن الصبر ضياء كما قال النبي صلّى الله عليه وسلّم: “والصبر ضياء”.

والضياء: هو النور الذي يحصل فيه نوع حرارة وإحراق كضياء الشمس بخلاف القمر، فإنه نور محض فيه إشراق بغير إحراق، ولَمّا كان الصبر شاقًّا على النفوس يحتاج إلى مجاهدة النفس، وحبسها، وكفها عما تهواه، كان ضياءً؛ ولهذا والله أعلم يُوفَّى الصابرون أجرهم بغير حساب، بفضل الله عز وجل.


14 ـ ما يزال البلاء بالمؤمن والمؤمنة حتى يلقى الله وما عليه خطيئة؛ لأنها زالت بسبب البلاء؛ لحديث أبي هريرة رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلّى الله عليه وسلّم: “ما يزال البلاء بالمؤمن والمؤمنة: في نفسه، وماله، وولده، حتى يلقى الله وما عليه خطيئة”.15 ـ


فضل من يموت له ولد فيحتسبه،
عن أنس بن مالك رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلّى الله عليه وسلّم: “ما من الناس مسلم يموت له ثلاثة من الولد لم يبلغوا الحنث إلا أدخله الله الجنة بفضل رحمته إياهم”. والولد يشمل الذكر والأنثى.


وعن عبد الله بن مسعود رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلّى الله عليه وسلّم: “ما تعدون الرقوب فيكم”؟ قال: قلنا: الذي لا يُولد له. قال: “ليس ذاك بالرقوب، ولكنه الرجل الذي لم يقدِّم من ولده شيئًا”.


16 ـ من مات له ثلاثة من الولد كانوا له حجابًا من النار؛ ودخل الجنة؛ لحديث أبي هريرة رضي الله عنه عن النبي صلّى الله عليه وسلّم: “من مات له ثلاثة من الولد لم يبلغوا الحنث كان له حجابًا من النار أو دخل الجنة”( ). وفي مسلم أنه قال لامرأة مات لها ثلاثة من الولد: “لقد احتظرت بحظار شديد من النار”؛ ولحديث عتبة بن عبدٍ رضي الله عنه قال: سمعت رسول الله صلّى الله عليه وسلّم يقول: “ما من مسلم يموت له ثلاثة من الولد، لم يبلغوا الحنث إلا تلقَّوْه من أبواب الجنة الثمانية من أيها شاء دخل”.


17 ـ من قدم اثنين من أولاده دخل الجنة؛ لحديث أبي هريرة رضي الله عنه أن رسول الله صلّى الله عليه وسلّم قال لنسوة من الأنصار: “لا يموت لإحداكن ثلاثة من الولد فتحتسبه إلا دخلت الجنة” فقالت امرأة منهن: أو اثنين يا رسول الله؟ قال: “أو اثنين”، قال النووي رحمه الله: وقد جاء في غير مسلم “وواحد”.


وعن أبي صالح ذكوان عن أبي سعيد الخدري رضي الله عنه قال: جاءت امرأة إلى رسول الله صلّى الله عليه وسلّم، فقالت: يا رسول الله، ذهب الرجال بحديثك فاجعل لنا من نفسك يومًا نأتيك فيه تعلمنا مما علمك الله، قال: “اجتمعن يوم كذا وكذا” فاجتمعن فأتاهن رسول الله صلّى الله عليه وسلّم، فعلمهن مما علمه الله قال: “ما منكن من امرأة تقدم بين يديها من ولدها ثلاثة إلا كانوا لها حجابًا من النار” فقالت امرأة: واثنين، و اثنين، واثنين؟ فقال رسول الله صلّى الله عليه وسلّم: “و اثنين، و اثنين، و اثنين”.

18 ـ من مات له واحد من أولاده فاحتسبه وصبر دخل الجنة؛ لحديث أبي هريرة رضي الله عنه أن رسول الله صلّى الله عليه وسلّم قال: يقول الله تعالى: “ما لعبدي المؤمن عندي جزاء إذا قبضت صفيه من أهل الدنيا ثم احتسبه إلا الجنة”. قال الحافظ ابن حجر رحمه الله: "وهذا يدخل فيه الواحد فما فوقه وهو أصح ما ورد في ذلك، وقوله: “فاحتسب” أي صبر راضيًا بقضاء الله راجيًا فضله"، وذكر ابن حجر رحمه الله أنه يدخل في ذلك حديث قرة بن إياس، وسيأتي في الحديث الآتي.

وسيأتي أيضًا حديث أبي موسى الأشعري رضي الله عنه الذي فيه قوله صلّى الله عليه وسلّم: “ابنوا لعبدي بيتًا في الجنة وسموه بيت الحمد” فهو يدل على أن من مات له ولد واحد دخل الجنة.

19 ـ من مات له ولد فاحتسبه وجده ينتظره عند باب الجنة، بفضل الله عز وجل ورحمته؛ لحديث قرة ابن إياس رضي الله عنه أن رجلاً كان يأتي النبي صلّى الله عليه وسلّم ومعه ابن له، فقال له النبي صلّى الله عليه وسلّم: “أتحبه”؟ فقال: يا رسول الله أحبك الله كما أحبه، ففقده النبي صلّى الله عليه وسلّم، فقال: “ما فعل ابن فلان”؟ قالوا: يا رسول الله مات، فقال النبي صلّى الله عليه وسلّم لأبيه: “أما تحب أن لا تأتي بابًا من أبواب الجنة إلا وجدته ينتظرك"؟ فقال رجل: يا رسول الله: أله خاصة أو لكلنا؟ فقال: “بل لكلكم”، ولفظ النسائي: “ما يسرك أن لا تأتي بابًا من أبواب الجنة إلا وجدته عنده يسعى يفتح لك”.

20 ـ المؤمن إذا مات ولده سواء كان ذكرًا أو أنثى وصبر واحتسب وحمد الله على تدبيره وقضائه بنى الله له بيتًا في الجنة وسماه بيت الحمد؛ لحديث أبي موسى الأشعري رضي الله عنه أن رسول الله صلّى الله عليه وسلّم قال: “إذا مات ولد العبد، قال الله لملائكته: قبضتم ولد عبدي؟ فيقولون: نعم، فيقول: قبضتم ثمرة فؤاده؟ فيقولون: نعم، فيقول: ماذا قال عبدي؟ فيقولون: حمدك واسترجع، فيقول الله: ابنوا لعبدي بيتًا في الجنة وسموه بيت الحمد”.


وعن أبي سلمى راعي رسول الله صلّى الله عليه وسلّم “بخ بخ – وأشار بيده لخمس – ما أثقلهن في الميزان: سبحان الله، والحمد لله، ولا إله إلا الله، والله أكبر، والولد الصالح يتوفى للمرء المسلم فيحتسبه”.



21 ـ السقط يجر أمه بسره إلى الجنة؛ لحديث معاذ بن جبل رضي الله

عنه عن النبي صلّى الله عليه وسلّم: قال: “والذي نفسي بيده إن السقط ليجرُّ أُمَّهُ بسَرَرِه إلى الجنة إذا احتسبته”.


22 ـ ومما يشرح صدر المسلم ويبرِّد حرَّ مصيبته أن أولاد المسلمين في الجنة، قال الإمام النووي رحمه الله بعد أن ساق الأحاديث في فضل من يموت له ولد فيحتسبه: "وفي هذه الأحاديث دليل على كون أطفال المسلمين في الجنة، وقد نقل جماعة فيهم إجماع المسلمين" ونقل عن المازري قوله: "ونقل جماعة الإجماع في كونهم من أهل الجنة قطعًا؛ لقوله تعالى: {وَالَّذِينَ آمَنُواْ وَاتَّبَعَتْهُمْ ذُرِّيَّتُهُم بِإِيمَانٍ أَلْحَقْنَا بِهِمْ ذُرِّيَّتَهُمْ وَمَا أَلَتْنَاهُم مِّنْ عَمَلِهِم مِّن شَيْءٍ}.


ويدل عليه حديث أبي هريرة أن أولاد المسلمين في الجنة، “وأن أحدهم يلقى أباه فيأخذ بثوبه أو بيده فلا يتركه حتى يدخله الله وأباه أو قال: أبويه الجنة”.


وسمعت شيخنا الإمام ابن باز رحمه الله يقول: "أجمع المسلمون على أن أولاد المسلمين في الجنة، أما أولاد الكفار ففيهم خلاف، وأصح ما قيل فيهم أنهم يمتحنون يوم القيامة، أو هم من أهل الجنة بدون امتحان وهو أصح". وهو

الصواب؛ لحديث سمرة بن جندب رضي الله عنه في الحديث الطويل وفيه: “وأما الرجل الطويل الذي في الروضة فإنه إبراهيم، وأما الولدان الذين حوله فكل مولود مات على الفطرة” فقال بعض المسلمين: يا رسول الله: وأولاد المشركين؟ فقال رسول الله صلّى الله عليه وسلّم: “وأولاد المشركين”.
23 ـ من تصبّر ودرَّب نفسه على الصبر صبَّره الله وأعانه وسدده؛ لحديث أبي سعيد الخدري رضي الله عنه، عن النبي صلّى الله عليه وسلّم، وفيه: “ومن يستعفف يعفه الله، ومن يستغن يغنه الله، ومن يتصبَّر يصبره الله، وما أعطي أحدٌ عطاءً خيرًا و أوسع من الصبر”.


24 ـ من أراد الله به خيرًا أصابه بالمصائب؛ ليثيبه عليها؛ لحديث أبي هريرة رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلّى الله عليه وسلّم: “من يُرد الله به خيرًا يصب منه”.وسمعت شيخنا عبد العزيز بن عبد الله ابن باز رحمه الله يقول: "أي بالمصائب بأنواعها، وحتى يتذكر فيتوب، ويرجع إلى ربه".

25 ـ أمر المؤمن كله خير في السراء والضراء، وفي الشدة والرخاء؛ لحديث صهيب رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلّى الله عليه وسلّم: “عجبًا لأمر المؤمن إن أمره كله له خير، وليس ذلك لأحد إلا للمؤمن، إن أصابته سرَّاءُ شكر فكان خيرًا له، وإن أصابته ضراءُ صبر فكان خيرًا له”.


26 ـ المصيبة تحط الخطايا حطًّا كما تحطّ الشجرة ورقها؛ لحديث عائشة رضي الله عنها قالت: قال رسول الله صلّى الله عليه وسلّم: “ما من مصيبة تصيب المسلم إلا كفَّر الله بها عنه حتى الشوكة يشاكها”.
وعن عبد الله رضي الله عنه عن النبي صلّى الله عليه وسلّم أنه قال: “ما من مسلم يصيبه أذى من مرض فما سواه إلا حط الله به سيئاته كما تحط الشجرة ورقها”.



وعن أبي سعيد وأبي هريرة رضي الله عنهما عن النبي صلّى الله عليه وسلّم قال: “ما يُصيب المؤمن من نصب، ولا وصب، ولا همّ، ولا حزن، ولا أذى، ولا غم حتى الشوكة يشاكها إلا كفر الله بها من خطاياه”، وفي لفظ: “ما يصيب المؤمن من وصب، ولا نصب، ولا سَقم
...”.


27 ـ يجتهد المسلم في استكمال شروط الصبر التي إذا عمل بها المصاب المسلم

حصل على الثواب العظيم والأجر الجزيل وتتلخص هذه الشروط في ثلاثة أمور:


الشرط الأول: الإخلاص لله عز وجل في الصبر؛ لقول الله عز وجل: {وَلِرَبِّكَ فَاصْبِرْ}، ولقوله عز وجل في صفات أصحاب العقول السليمة: {وَالَّذِينَ صَبَرُواْ ابْتِغَاءَ وَجْهِ رَبِّهِمْ وَأَقَامُواْ الصَّلاَةَ وَأَنفَقُواْ مِمَّا رَزَقْنَاهُمْ سِرًّا وَعَلاَنِيَةً وَيَدْرَؤُونَ بِالْحَسَنَةِ السَّيِّئَةَ أُوْلَئِكَ لَهُمْ عُقْبَى الدَّارِ}، وهذا هو الإخلاص في الصبر المبرإ من شوائب الرياء وحظوظ النفس.

الشرط الثاني: عدم شكوى الله تعالى إلى العباد؛ لأن ذلك ينافي الصبر ويخرجه إلى السخط والجزع؛ لحديث أبي هريرة رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلّى الله عليه وسلّم: “قال الله تعالى: إذا ابتليت عبدي المؤمن ولم يشكني إلى عوّاده أطلقته من إساري، ثما بدلته لحمًا خيرًا من لحمه، ودمًا خيرًا من دمه، ثم يستأنف العمل”.


ولله در الشاعر الحكيم حيث قال:
وإذا عرتك بليّة فاصبر لها
صبر الكريم فإنه بك أعلم

وإذا شكوت إلى ابن آدم إنما
تشكو الرحيم إلى الذي لا يرحم



الشرط الثالث: أن يكون الصبر في أوانه ولا يكون بعد انتهاء زمانه؛ لحديث أنس بن مالك رضي الله عنه قال: مرَّ النبي صلّى الله عليه وسلّم بامرأة تبكي عند قبر فقال: “اتّقِ الله واصبري” : إليك عنِّي فإنك لم تصب بمصيبتي، ولم تعرفه، فقيل لها: إنه النبي، فأتت باب النبي صلّى الله عليه وسلّم فلم تجد عنده بوابين، فقالت: لم أعرفك، فقال: “إنما الصبر عند الصدمة الأولى”. أي الصبر الكامل الذي يترتب عليه الأجر الجزيل؛ لكثرة المشقة فيه، وأصل الصدم الضرب في شيء صلب، ثم استعمل مجازًا في كل مكروه حصل بغتة
نور البرق
نور البرق
الله يرحمها ويصبر اختك
الله يرحمها ويصبر اختك
جزاك الله الجنه عزيزتي وحفظك الله
شروق الأزهار
شروق الأزهار
جزاك الله كل خير
اللهم أجرني في مصيبتي واخلفني خيرآ منها
جمارك
جمارك
اللهم رحمتك لميتهم وميتنا واموات المسلمين

وأسأل المولى ان يجبر فؤاد اختك ويجبر فؤاد اختي ويجبر أفئدة كل من فقدت عزيزمن امة محمد

الله يجمعنا فيهم في جنة النعيم

جزاك الله خيرااااا