تجربتي مع اكتئاب ما بعد الولادة

اكتئاب ما بعد الولادةقبل عامين، وبعد إنجابي لابنتي "فريدة" عانيت من نوبات حزن شديدة ومشاعر متضاربة، لأنني أرغب في إكمال دراستي الطبية والعناية بصغيرتي في الوقت نفسه، وهنا شعرت بالعجز واليأس والفشل، وتواردت الكثير من الأفكار على ذهني "هل كان علي أن أؤخر فكرة الإنجاب حتى انتهاء دراستي، أم أنني أم فاشلة لأنني أشعر بهذه المشاعر، وأفضل دراستي ومهنتي عن ابنتي؟" نعم، يجب علي أن أستقيل بعد انتهاء أشهر الوضع حتى أستطيع رعاية طفلتي؛ ولأن خلفيتي طبية علمت أن ما أمر به هو اكتئاب ما بعد الولادة؛ لذا قررت أن أشارككم تجربتي، وأكتب لكم كل ما أعرفه عن هذا الاضطراب.

تجربتي مع اكتئاب ما بعد الولادةعانيت مدة شهرين بعد ولادة ابنتي فريدة من نوبات يأس وحزن، وشعرت بالفشل والذنب تجاه صغيرتي لأنني أفكر في إكمال دراستي ومهنتي بعد انتهاء أشهر الوضع، وبالتالي لن أقدم الرعاية الكافية لها، وبدأ هذا يؤثر في صحتي النفسية والجسدية، إذ شعرت بعد فترة بالغضب والرفض تجاه فريدة، وأُصبت بفقدان الشهية، وانخفض وزني كثيرًا، وفي هذه اللحظة أدركت أني مصابة باكتئاب ما بعد الولادة، فقررت طلب المساعدة، وذهبت لزيارة أخصائية نفسية لمساعدتي على الخروج من هذه الحالة.

نعم شخصتني طبيبتي أيضًا باكتئاب ما بعد الولادة، وبدأت في تحديد جلسات دورية لي، وأعطتني بعض الأدوية المضادة للقلق لِتهدئتي.

بعد شهر من استخدام الدواء والالتزام بالجلسات بدأت أشعر بالفرق، كما دعمني زوجي وإخوتي كثيرًا ولم يتركوني وحدي أبدًا، وقد حسّن هذا من نفسيتي كثيرًا.

طلبت مني طبيبتي كتابة كل ما أشعر به خلال يومي لمناقشته معي في الجلسات الدورية حتى نستطيع إيجاد أفضل الحلول معًا.

بعد عدة جلسات، طلبت مني الطبيبة إحضار زوجي معي، وبعد التحدث إليه شخّصته الطبيبة بأنه مصاب باكتئاب ما بعد الولادة أيضًا، ولأول مرة في حياتي كنت أسمع عناكتئاب ما بعد الولادة عند الآباء الجدد.

أخبرتنا الطبيبة أن الرجال يصابون بهذا الاضطراب نتيجة خوفهم من المسؤوليات المالية والأبوية الجديدة، لكنّ معظمهم لا يتحدثون عن الأمر حتى لا يظهروا ضعفهم وقلقهم أمام زوجاتهم والمجتمع.

ألحقتنا الطبيبة بعدها بمجموعات دعم تتضمن الآباء والأمهات الجدد حتى لا نشعر بأننا الوحيدان اللذان نشعر بهذه المشاعر السلبية، وعلمتنا هذه المجموعات كيفية دعم بعضنا كزوجين حتى نتخطى هذه الفترة بأمان.

بعد أن انتهيت من سرد تجربتي باختصار، سأكتب لكم في السطور التالية كل ما تعلمته وعرفته عن اكتئاب ما بعد الولادة، لذا أرجو منكم قراءته بعناية.



أعراض اكتئاب ما بعد الولادةتشعر كثير من الأمهات بعد ولادة أطفالهن بالتعب والتوتر والتقلبات المزاجية نتيجة التغيرات الهرمونية لكن سرعان ما تختفي هذه المشاعر في غضون أسبوعين خاصةً بعد شفائك وتعافيك من آثار الولادة.

قد تستمر هذه المشاعر السلبية لأكثر من أسبوعين عند بعض النساء، وربما تمتد لأشهر، وهنا يجب التواصل مع طبيبكِ النفسي للتغلب على هذه الأعراض والمشاعر، والتي تشمل:

• الشعور بالحزن واليأس والذنب، وقد يصل الأمر إلى فقدان الثقة بنفسك أو انعدام القيمة.
• القلق أو التوتر أو الانفعال الزائد.
• كثرة البكاء دون سبب واضح.
• فقدان الاهتمام بالهوايات والأنشطة الممتعة والمفضلة لديكِ.
• تغيرات في الشهيةسواء كانت عدم رغبة في تناول الطعام، أو شره زائد للأكل.
• استنزاف الطاقة وفقدانها، والشعور الدائم بالخمول وعدم الرغبة في فعل أي شيء.
• اضطراب في النوم، كالأرق، أو النوم لفترات طويلة.
• صعوبة في التفكير أو التركيز، ونسيان بعض أماكن الأشياء.
• عدم الاهتمام بطفلك، أو القلق المفرط حول صحته.
• الشعور بعدم ارتباطك بالطفل، أو عدم الرغبة به، أو التفكير في إيذائه.
• خواطر انتحارية، أو تمني الموت.
• انخفاض الرغبة الجنسية.
• الرغبة في الانعزال عن أقاربك وصديقاتك.
• الشعور الدائم بالصداع.

كيف تشعرين في حالة إصابتكِ باكتئاب ما بعد الولادة؟قد تحرصين على إخفاء مشاعرك وقلقكِ وأفكاركِ عن الآخرين بعد ولادة طفلكِ، إما بسبب خجلكِ منها، أو أملًا في تحسنها من تلقاء نفسها مع مرور الوقت.

نعلم جيدًا بالأفكار السلبية التي تراودك خلال هذه الفترة، مثل:

• كم أنا أم سيئة؟ كيف لا أشعر بالسعادة لمجيء صغيري!
• لا أرغب في رؤية صديقاتي أو قريباتي، رغم افتقادي لرؤيتهن وصحبتهن.
• لا أحب شكل جسمي بسبب زيادة وزني، ولا أستطيع التوقف عن الأكل، إلى متى سيستمر هذا؟
• أرغب في الاهتمام بنفسي وبشرتي، لكن ليس لدي وقت، لأني مشغولة في رعاية طفلي.
• طفلي يحتاج لرعاية دائمة، كم أنا أم فاشلة ومقصرة.

لا تجعلي هذه المشاعر تتغلب عليكِ، فأنتِ لست أمًا سيئة، لكن ساعدي نفسكِ وتواصلي مع طبيبكِ النفسي أو الأخصائي حتى لا تتفاقم حالتك.