خطأ يقع فيه بعض الناس. يدعو أحدهم وقد التزم بالشروط
التي لا بدّ منها: تاب إلى الله، أعاد الحقوق إلى أصحابها، دعا
بشعور يقظ وبقلب واجف منكسر.. ثم أخذ يحسب على الله الليالي
والأيام، وربما الساعات، منتظراً أن يلقى الاستجابة في أقرب
وقت، فإذا مضت بعد دعائه مدة يحسبها في نظره طويلة، دون أن يجد
الاستجابة المطلوبة، ضاق ذرعاً، وقال في سره أو جهره: ها أنا
ذا دعوت، فلم يُسْتَجَبْ لي!..وذلك هو شأن الرعونة التي تهيمن
على كثير من الناس نتيجة لشدة تعلقهم بالرغائب والأحلام
والآمال التي يطمحون إليها.فما هو موضع الخطأ في هذا
الأمر؟موضع الخطأ أن هؤلاء الناس يظنون أن الدعاء الذي أمر
الله به، إنما هو وسيلة إلى غاية، أي أن اللجوء إلى الدعاء
إنما يكون - فيما يظنون - لعارض يتمثل في حاجة طرأت أو مصيبة
وقعت، فإذا تحققت الحاجة وزالت المصيبة لم تبق حاجة إلى
الدعاء.. ثم إن هذا الظن يحمل أصحابه على أن ينتظروا متلهفين،
بعد الدعاء، فإن لم يجدوا سرعة الاستجابة، أيقنوا أن الدعاء
إذن لا فائدة منه، فتفتر عندئذ عزائمهم عن استمرار السؤال
والدوام على الدعاء. إذ إنهم ينظرون إلى الدعاء على أنه -كما
قلت- وسيلة إلى غاية، ولا يعلمون أنه غاية بحدّ ذاتها.وهذا خطأ
كبير، بل وقتّال ربما!..الدعاء عبادة قائمة بذاتها.. فهو غاية
لا وسيلة. الإنسان عبد مملوك لله. والعبد محتاج في كل لحظة إلى
سيده بالنسبة لسائر أموره المتنوعة والمختلفة. ومن أهم وظائف
العبد أن يعلن عن عبوديته لسيده، وذلك بأن يعبر عن احتياجه
الدائم إليه، وتوقف حياته ومقومات عيشه وسعادته على الرعاية
التي تفد إليه منه.. وسواء رأى العبد آثار سؤاله ودعائه وإعلان
احتياجاته، أو لم ير شيئاً من ذلك، فإن شأن العبودية أن يظل
العبد واقفاً على الأبواب متذللاً عند الأعتاب.. ولْتَعْلَمْ
أن هذا لا ينطبق إلا على عبودية واحدة لا ثاني لها، هي عبودية
الإنسان لله.ولا يوهمنَّك خلافَ هذا الذي أقول أن الله قرن
الدعاء بالاستجابة عندما قال: { وَأَوْفُوا الْكَيْلَ إِذا
كِلْتُمْ وَزِنُوا بِالْقِسْطاسِ الْمُسْتَقِيمِ ذَلِكَ خَيْرٌ
وَأَحْسَنُ تَأْوِيلاً } { الإسراء: 17/35 } لا.. ليس معنى
الآية كذلك، وليس بين الجملتين شيء من هذا الربط أو العلاقة
التي قد تسري إلى وهمك.الآية تتضمن أمراً اقتضته عبودية
الإنسان لله، وهو قوله: { مَنْ عَمِلَ صالِحاً مِنْ ذَكَرٍ
أَوْ أُنْثَى وَهُوَ مُؤْمِنٌ فَلَنُحْيِيَنَّهُ حَياةً
طَيِّبَةً وَلَنَجْزِيَنَّهُمْ أَجْرَهُمْ بِأَحْسَنِ ما
كانُوا يَعْمَلُونَ } { النحل: 16/97 } وهذا هو السبب في قوله
: «يستجاب لأحدكم ما لم يعجل، يقول: قد دعوت فلم يُسْتَجَبْ
لي»
رواه_الشيخان_وأبو_داود_والترمذي_وابن_ماجه_من_حديث_ أبي_هريرة.
.ومعنى قوله هذا: يستجاب لأحدكم ما لم يظن أن له على الله
حقاً أن يستجيب دعاءه إن دعاه، ويقل في نفسه، وها أنا مع ذلك
قد دعوت ولم أنل حقي في الاستجابة!!..إذن. هما أمران كل منهما
منفصل عن الآخر. الدعاء عبادة يجب على من علم عبوديته لله أن
يؤدي حقها عليه، بقطع النظر عن النتائج التي يتوقعها. وهذا
معنى قوله : «الدعاء هو العبادة»
والاستجابة تفضل وإكرام من
الله عز وجل.والنتيجة السلوكية التي يجب أن يلتزم بها المسلم
بناء على هذا، هي أن عليه أن يمدّ يد الافتقار إلى الله عز وجل
في كل الأحوال، وأن يعلن بالذل والانكسار عن كل احتياجاته التي
لا حدود ولا نهاية لها، بقطع النظر عن النتائج التي قد تواجهه.
ولكن عليه في الوقت ذاته أن يثق بكرم الله وإحسانه، وبأنه
سيستجيب دعاءه، وما الحكمة في تأخر ظهور الاستجابة في كثير من
الأحيان، إلا أن يُربَّى العبد على فهم هذه الحقيقة، وأن لا
يتصور أن الاستجابة نتيجة آلية أو حتمية للدعاء. وعندئذ يصبح
كل من الدعاء وانتظار الاستجابة دون ضجر ولا قلق، جزءاً لا
يتجزأ من العبادة، بل هو لب العبادة وروحها. ولذا ورد في
الحديث قوله : «انتظار الفرج عبادة»
soso* @soso_34
عضوة نشيطة
يلزم عليك تسجيل الدخول أولًا لكتابة تعليق.
حبيبتهم (أم عبدالعزيز)
•
بارك الله فيك يالغاليه وثبتك ونور دربك وشرح بالايمان صدرك وفرج همك ياحي ياقيوم
الله يفتح لك أبواب الخير وينوّر كل حياتك مثل ما نورتيني بهالموضوع الطيب
مثل هالمواضيع نحتاج لجل نفهم الأمور بشكل صحيح,, جزاكِ الله خير.
مثل هالمواضيع نحتاج لجل نفهم الأمور بشكل صحيح,, جزاكِ الله خير.
soso*
•
حبيبتهم (أم عبدالعزيز) :بارك الله فيك يالغاليه وثبتك ونور دربك وشرح بالايمان صدرك وفرج همك ياحي ياقيومبارك الله فيك يالغاليه وثبتك ونور دربك وشرح بالايمان صدرك وفرج همك ياحي ياقيوم
أشكرك عزيزتي على مرورك ودعائك الطيب
الصفحة الأخيرة