قال تعالى: {تَبَّتْ يَدَا أَبِي لَهَبٍ وَتَبَّ * مَا أَغْنَى عَنْهُ مَالُهُ وَمَا كَسَبَ * سَيَصْلَى نَارًا ذَاتَ لَهَبٍ * وَامْرَأَتُهُ حَمَّالَةَ الْحَطَبِ * فِي جِيدِهَا حَبْلٌ مِنْ مَسَدٍ} .
هذه السورة معدودة الآيات ونتبين منها:
أن النبي عليه الصلاة والسلام له خصوم لا نستطيع أن نقول أنهم خصوم عامة فقط ذنبهم أنهم لم يؤمنوا بل كانوا يتحرشون به صلى الله عليه وسلم من هؤلاء أبو لهب وهو الاسم الوحيد الذي جاء بالكنية في القرءان وأبو لهب أسمه عبد العزى بن عبد المطلب وسمي أبو لهب لإشراق وجنتيه أي لجماله تشبيهاً له بالجمرتين , ومع ذلك كله قال الله جلاوعلا
(تبت يدا أبي لهب وتب)
العلماء رحمهم الله يقولون نقلاً عن الأخبار الصحيحة وأخذ منها أن النبي صلى الله عليه وسلم نادى في قومه يا صباحه : فاجتمعوا فلما اجتمعوا أخبرهم عليه الصلاة والسلام ويبتليهم أولاً أنه سيحدثهم بحديث فهل هم مصدقوه فأخبروه أنه محل صدق به فلما دعاهم إلى توحيد الله قال له أبو لهب (هذا الذي هو عمه) ألهذاجمعتنا : تباً لك سائر اليوم وأنفض ,فكان سبباً ذلك في انفضاض الناس عنه صلوات الله وسلامه عليه .
وثبت أنه صلى الله عليه وسلم أنه يدعوا في سوق ذي المجاز (أحدأسواق العرب الثلاثة) فكان يدعوا الناس إلى التوحيد فإذا فرغ من خطابه ودعوته قام عمه يتبعه ويفند ما قال صلى الله عليه وسلم ويقول لا تصدقوه إنه صابئ كاذب قال أحدالرواة فكان الناس يسألون من هذا فيقولون محمد بن عبد الله ومن هذا الذي يكذبه فيقولون عمه أبو لهب وكان المفترض على الأقل على سنن الجاهليين أن ينصر ابن أخيه لكنه كان يتبعه في كل محفل يكذبه من أجل هذا قال الله
(تبت يدا أبي لهب وتب)
يقولون العلماء
(تبت) الأولى دعاء
(وتب) الثانية أخبار وليست توكيد
فدعا الله جلا وعلا عليه بلسان الحال وأخبرالله جلا وعلا وتب أي وقع ذلك الدعاء
تبت هذا دعاء وتب أي وقع ذلك الذي حصل وليس تكرار للدعاء , قلنا إنَّ أبا لهب أحد أعمام النبي وأعمامه عشرة أدرك الإسلام منهم أربعة أي أدرك البعثة النبوية أربعة من أعمامه أسلم اثنان العباس وحمزة وكفراثنان أبو طالب وأبو لهب إلا أن أبا لهب كان شديد العداوة له صلوات الله وسلامه عليه , لهذا كناه الله جلا وعلا في القرءان وذكره قال الله تعالى
)ما أغنى عنه ماله وما كسب(
)ما( النافية
(عنه ماله) واضح تجارته
(وما كسب)
حُملت على الولد يعني ولا ولد وإن كان قد اسلم اثنان من أولاده ثم قال الله
)سيصلى نارا ذات لهب(
ولهذا أجمع العلماء على أن هذه السورة من أعظم المعجزات لنبينا صلى الله عليه وسلم ذلك أن أبا لهب لم يؤمن لا ظاهراً ولا باطناً ولا سراً ولا أعلاناً لا هوولا زوجته قال الله
) وامرأته حمالةالحطب(
)وامرأته( وأسمها أم جميل أخت أبي سفيان بن حرب
(حمالة الحطب)كناية عن سعيها بين الناس بالنميمة
(في جيدها حبل من مسد)
الجيد::هوما يوضع عليه موضع الفخر للنساء موضع لفت الأنظار فعاملها الله جلا وعلا بجيد يكون موضع ذل وشؤم عليها في نار جهنم على اختلاف العلماء في ما معنى المسد والأظهر أنه حبل من ليف يوقد على النار يطوق به عنقها يوم القيامة الذي نريد أن تصل إليه في هذهالسورة المباركة أمور من أهمها:
عناية الله بنبيه, من عناية الله بنبيه أن الله جلا وعلا يقدمه حيناً لحكمة وينحيه حيناً لحكمة
نحاه الله جلا وعلا هنا,
كيف نحى الله نبيه هنا؟؟
قال الله
(قل يا أيهاالكافرون)
وقال الله
(قل أعوذ برب الفلق)
وقال الله
(قل هو الله أحد)
قال الله:: (قل يا أيهاالناس أني رسول الله إليكم جميعا)
وقال الله:: (قل أني أخاف أن عصيت ربي عذاب يوم عظيم)
وقال الله جلا وعلا:: (قل يا عبادي الذين أسرفوا على أنفسهم)
هنا لم يقل الله ( قل تبت يدا أبي لهب وتب) لأن العم صنو الأب فلأبي لهب حق على النبي صلى الله عليه وسلم لأنه عمه , فنحاه الله جلا وعلا هنا وخاطب الله أبا لهب مباشرة حتى يكون خطاب وبال له , حتى يكون أنكى فيحق أبي لهب ولا يقولن أحد من قريش يوم ذاك أن يقول إن النبي لم يتأدب مع عمه, وقلناأن العم له حق ,هذا أعظم ما يمكن أن يستفاد من قضية السورة عموماًُ.
كذلك يستفاد أنه ليس بين الله وبين أحد من خلقه نسب ولو أن أحد نفعه نسبه لنفع النسب أبالهب وهو عم النبي صلى الله عليه وسلم .
الخسران والوبال إذا كتبه الله على عبد ,هذا يدل على أن العبد طينة شقية وسريرته في الدرجات العليا من الخبث والدرجات السفلى من النار,
وكذلك كان أبو لهب, و إلا لله جلا وعلا أعداء كثيرون ذكرهمالله في كتابه لكن لم يسمهم ولم يشر إلى كنيتهم ولم يذكر بعضهم بألقابهم اللهم إلاقليل ,لكن هذا الرجل ذكره القرءان بكنيته فقال
(تبت يدا أبولهب وتب *ما أغنى عنه ما له وما كسب * سيصلى نار ذات لهب* وامرأته حمالة الحطب* في جيدها حبل من مسد).
عاش أبو لهب حتى بعد معركة بدر, ولم يستطيع أن يخرج إليها بعث غيره, حتى لا يموت موطن شرف لا موطن شهادة كافر لا يمكن أن يكون شهيداً , لكن القتل قتل إنسان من أجل مبدأ يسمى شرفاً من وجه أخر أنه يدافع عن شيء يؤمن به فأبو جهل مات موته يقول فيها لمن قتله لقد ارتقيت مرتقاً صعب يا رويعي الغنم , فبقيت صورة أبي جهل عند من يؤمنون بنظريته ومذهبه وقوله وأنفته واستكباره نظرة عظيمة وإن كان أبو جهل ومن تبعه في الباطل لكنهم كانوا يعظمون أبا جهل لأن موته كان موتاًبالنسبة لهم عزيزة ......
أما أبو لهب هذا فما قال الله فيه ما قال إلا لخبث طينته مات أصابته نوع من المرض كانت العرب تخشاه يقولون إن فيه العدوى والناس تبقى شفيقةعلى أنفسها , يقولون فيما ينقلون إن في زمن نوح لما جاء الطوفان إن امرأة كانت تحمل وليدها على كتفيها فلما جاء الطوفان خشيت على أبنها من الغرق وقفت على أمشاط قدميهاثم لما زاد الطوفان حملته على رأسها حتى ينجو فلما شعرت بالغرق وضعت أبنها تحتهاوأقضت عليه قدمت نفسها وهذه جبلة في النفس عموماًأن الإنسان ولو أدعى غير ذلك إذا وصل عند الغرغرة ,
فهؤلاء أبناء أبي جهل يعرفون العداوة بينه وبين النبي ومع ذلك لما خشوا على أنفسهم أن يهلكوا بمرض أبيهم بعدوا عنه فأضحى بعيداً عنهم حتى أخرالأمر مات فلما مات خافوا أنهم إذا قبروه يمرضوا, فيقال أنهم حملوه على خشبان أعواد يدفعونه بها حتى أوصلوه إلى حفرة أسفل جدار ثم أتوا الجدار من الخلف وهدموه على أبيهم , وما دام قد قال الله
(تبت)
آي خسرت وهلكت ,فهذا واحد من أنواع التباب التي نالها أبو لهب في الدنيا ولعذاب الآخرةأكبر , وكذلك فرعون كان يقول أليس لي ملك مصر وهذه الأنهار تجري من تحتي فيموت غرقاً ويا ليته لا يشمت به أحد من أهله, وإنما يُنجى بدنه حتى يراه من كان يعظمه فلايقع في نفسه شيء من تعظيمه ,
أحياناً من الحكمةالإنسان إذا مرض وأصابه بعض الأعراض الجانحة التي تذهب مثلاً قوته وذهنه, يحسن بأهل ولايته أن لا يطلعوا الناس كلهم عليه
سأقول فائدة شخصية......
كنت أعرف أحد الصالحين غفر الله له ورحمه مات, وكنت قريب منه لأمور عدة نسب وغير نسب،،لكن في أخر أيامه كنت لا أذن لأحد استأذنت من والده أن أتولى شيئاً من أمره فكنت لا أذن لكل أحد أن يدخل فيراه لأنه ليس محمود أن يُرى على كلحال, لأنه مريض وقد يأتي أحياناً ويتصرف تصرفات وتتكشف منه أمور غير محمودة وهومعذور شرعاً لأنه أصلاً لا يدري لا يعلم, لكن قد ينطبع في أذهان الناس عند رأي صورته تلك ,فلا يحسن أن يراه كل أحد خاصة فيمن وقر في أذهانهم صورة محمودة له ....أظن هذا واضح
على هذا يقال
ذلك الإنسان المسئول عن أحد ينبغي أن يرعاه جيداً وأن يستفيد من آيات الكتاب البينات الواضحات في الأمور هذه وأن يعرف خصائص آيات كتاب الله التي يدل الله جلاوعلا عليها بعض علمه ,التي دعا فيها لأبن عباس علمه فقهه في الدين هذا من الفقهفي الحياة المستنبط من كلام ربنا جلا وعلامن كلامه في هذه السورة المباركة المختصرة.
والله المستعان وعليه البلاغ و صلى الله على محمداً وعلى آله والحمد لله رب العالمين.
هذا ما يمكن أن يقال كما قلت عن سورة المسد التي سميت بأخر حرف فيها إلا أنه زيد (ال) زيادة في التعريف
الله جلا وعلا قال ( في جيدها حبل من مسد) لكنها عرفت مكتوبة بسورة المسد ....
أقول تكراراً هذه السورة لم أشرع في بيان ألفاظها لأنها واضحة جلية ليس فيها غوامض ألفاظ , لكن تكلمت عنها بإطار عام محاولاً قدر الإمكان توصيل مراد الله جلا وعلا من كلامه في هذه السورة المباركةالمختصرة.
والله المستعان وعليه البلاغ و صلى الله على محمداً وعلى آله والحمدلله رب العالمين
الشيخ\صــــــالح المغامسي
مزززززنة @mzzzzzn
عضوة
يلزم عليك تسجيل الدخول أولًا لكتابة تعليق.
صدى ألأأهــــآأت
•
ج ــــــــــــــــــــزاكــِ الله خير...~
الصفحة الأخيرة