بسم الله الرحمن الرحيم
( إِذَا جَاء نَصْرُ اللَّهِ وَالْفَتْحُ (1) وَرَأَيْتَ النَّاسَ يَدْخُلُونَ فِي دِينِ اللَّهِ أَفْوَاجًا (2)
فَسَبِّحْ بِحَمْدِ رَبِّكَ وَاسْتَغْفِرْهُ إِنَّهُ كَانَ تَوَّابًا (3)
سُورَة النّصرهل هي مكيّة أم مدنية؟ وما عدد آياتها ؟
السورة مَدنِيّة وَعَدَدُ آيَآتِهَا ثَلاثُ آياتْ
ما هو محتوى السّورة ؟
نزلت في المدينة بعد الهجرة.
فيها بشرى النصر العظيم ودخول النّاس في دين اللّه أفواجاً.
تدعو النّبي أن يسبح اللّه ويحمده ويستغفره شكراً على هذه النعمة.
لماذا دخل الناس في دين الله أفواجاً؟
في الإسلام فتوحات كثيرة، ولكن فتحاً بالمواصفات المذكورة في السّورة ما كان سوى «فتح مكّة»، خاصّة وأن العرب كانت تعتقد أن نبيّ الإسلام(صلى الله عليه وآله وسلم) لا يستطيع أن يفتح مكّة إلاّ إذا كان على حق... ولو لم يكن على حقّ فربّ البيت يمنعه كما منع جيش أبرهة، ولذلك دخل العرب في دين اللّه بعد فتح مكّة أفواجاً.
متى نزلت هذه السورة؟
قيل: إنّ هذه السّورة نزلت بعد «صلح الحديبية» في السنة السادسة للهجرة، وقبل عامين من فتح مكّة.
وما احتمله بعضهم من نزول هذه السّورة بعد فتح مكّة في السنة العاشرة للهجرة في حجّة الوداع فبعيد جدّاً، لأنّ عبارات السّورة لا تنسجم وهذا المعنى، فهي تخبر عن حادثة ترتبط بالمستقبل لا بالماضي.
ما هي أسماء هذه السّورة ؟ ولماذا سُميت بهذا الإسم؟
من أسمائها «التوديع» . وسميت بذلك لأنّها تتضمّن خبر وفاة النّبي(صلى الله عليه وآله وسلم).
وفي الرّواية أنّ هذه السّورة لما نزلت قرأها رسول اللّه(صلى الله عليه وآله وسلم) على أصحابه ففرحوا واستبشروا، وسمعها العباس فبكى، فقال النّبي(صلى الله عليه وآله وسلم): «ما يبكيك يا عم؟»
فقال: أظن أنّه قد نعيت إليك نفسك يارسول اللّه،فقال: «إنّه لكما تقول»
مجمع البيان، ج10، ص554، هذه الرّواية وردت بألفاظ مختلفة (الميزان، ج20، ص532).
هل في ظاهر السّورة فيه إنباء عن قرب رحلة الرسول(صلى الله عليه وآله وسلم)؟
ليس في ظاهرها ذلك بل عن الفتح والنصر.
فكيف فهم العباس أنّها تنعي إلى الرسول(صلى الله عليه وآله وسلم)نفسه؟
يبدو أنّ دلالة السّورة على اكتمال الرسالة وتثبيت الدين هو الذي أوحى بقرب ارتحال الرسول إلى جوار ربّه.
فضيلة السّورة
عن أنس رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال لرجل من أصحابه : " أليس معك ( إذا جاء نصر الله والفتح ) ؟ قال: بلى قال: ربع القرآن "رواه الترمذي وقال حديث حسن
عند انبلاج فجر النصر:
(إذا جاء نصراللّه والفتح، ورأيت النّاس يدخلون في دين اللّه أفواجاً، فسبح بحمد ربّك واستغفره إنّه كان تواباً).
هذه الآيات الثلاث القصار في ألفاظها العميقة في محتواها تتضمّن مسائل دقيقة كثيرة ما هي ؟
(إذا جاء نصراللّه والفتح)..
لماذا قال تعالى ( جاء) ولم يقل أتى ما دلالة المجيء؟
جاء:يدل على الوقت وزمن معين لهذا النصر وقطعية وقوع الأمر بمشقة بعد توفر الشروط .
أما أتى : تستخدم في الأمور السهلة التي لا مشقة فيها.
ما هو النصر؟ وما هو الفتح؟
النصر هو الإعانة على المطلوب.
والفتح تحصيل المطلوب والوصول للهدف.
لماذا أضيف النصر لله سبحانه وتعالى؟
في كثير من المواضع القرآنية نجد نسبة النصر إلى اللّه. يقول سبحانه (ألا إنّ نصر اللّه قريب) البقرة، /214
ويقول: (وما النصر إلاّ من عند اللّه)
1- تعظيم النصر وتشريف الصفة ولعموم الدعوة بالألوهية أولاً قبل الربوبية فلو قال ( إذا جاء نصر ربك ) لكانت خاصة بالرسول.
2- وهذا يعني أن النصر في أي حال لا يكون إلاّ بإرادة اللّه
3-لابدّ من إعداد القوّة للغلبة على العدو، لكن الإنسان الموحّد يؤمن أنّ النصر من عند اللّه وحده، ولذلك لا يغتّر بالنصر، بل يتجه إلى شكر اللّه وحمده.
في هذه السّورة دار الحديث عن نصرة الله، ثمّ عن «الفتح»والإنتصار، وبعدها عن اتساع رقعة الإسلام ودخول النّاس في دين الله زرافات ووحداناً.
بين هذه الثلاثة ارتباط علة ومعلول.كيف ؟
1-بنصر الله يتحقق الفتح.
2-بالفتح تزال الموانع من الطريق .3 - يدخل النّاس في دين الله أفواجاً.
بعد هذه المراحل الثلاث ـ التي يشكل كل منها نعمة كبرى ـ تحّل المرحلة الرابعة وهي مرحلة الشكر والحمد.
ما الهدف من النصر والفتح؟
نصر الله، والفتح هدفهما النهائي دخول النّاس في دين الله وهداية البشرية.
«والفتح» كيف اُستدل من سياق الآيات على إن هذا الفتح هو فتح مكة ؟
1-جاء (الفتح) بشكل مطلق،ولم يقل( فتح)، والقرائن تشير أنه فتح مكّة الذي كان له ذلك الصدى الواسع المذكور في الآية.
ما أهمية فتح مكة؟
«فتح مكّة» فتح في الواقع صفحة جديدة في تاريخ الإسلام، لأن مركز الشرك قد تلاشى بهذا الفتح، انهدمت الأصنام، وتبددت آمال المشركين وأزيلت السدود والموانع من طريق إيمان النّاس بالإسلام.
من هنا، يجب أن نعتبر فتح مكّة بداية مرحلة تثبيت أسس الإسلام واستقراره في الجزيرة العربية ثمّ في العالم أجمع. لذلك لا نرى بعد فتح مكّة مقاومة من المشركين (سوى مرّة واحدة قمعت بسرعة) وكان النّاس بعده يفدون على النّبي الأكرم صلى الله عليه وآله وسلم من كل أنحاء الجزيرة ليعلنوا إسلامهم.
(ورأيت النّاس يدخلون في دين اللّه أفواجاً، فسبح بحمد ربّك واستغفره)
رأيت: من الرؤية البصرية والبصيرية في الحاضر و المستقبل
والناس:هو الإنسان ولا يسمى إنساناً إلا إذا تمتع بأمور منها:
1_ الإنسانية.
2_ العقل.
3_ الإدراك .
4_ القابلية والإستعداد للحق الكامل.)
إلى ماذا أدّى هذا الإنتصار الكبير؟
1_أدى إلى تطهير الساحة من أفكار الشرك.
2_ وإلى تجلي جمال الله وكماله أكثر من ذي قبل.
3_ وإلى اهتداء من ضلّ الطريق إلى الله.
ماذا أدى هذا الفتح العظيم ؟
أدى إلى أن لا يظن فرد بأن الله يترك أنصاره وحدهم.
لماذا جاء أمر التسبيح؟
1_ جاء أمر التسبيح لتنزيهه من هذا النقص.
2_ وإلى أن يعلم المؤمنون بأن وعده الحق (موصوف بهذا الكمال).
3_ وإلى أن يعترف العباد بنقصهم أمام عظمة الله.
4_ أن الإنسان ـ عند النصر ـ قد تظهر عليه ردود فعل سلبية فيقع في الغرور والتعالي، أو يتخذ موقف الإنتقام وتصفية الحسابات الشخصية، وهذه الأوامر الثلاثة تعلمه أن يكون في لحظات النصر الحساسة ذاكراً لصفات جلال الله وجماله وأن يرى كل شيء منه سبحانه، ويتجه إلى الإستغفار كي يزول عنه غرور الغفلة ويبتعد عن الإنتقام.
(واستغفره )
في نهاية السّورة ثلاثة أمور يأمر الله سبحانه نبيّه (بل كل المؤمنين) ما هي ؟ولماذا؟
هي :
«التسبيح» تنزيه الله من كل عيب ونقص.
«الحمد» لوصف الله بالصفات الكمالية.
«الإستغفار». إزاء تقصير العبد.
ليجّسد آلاء الشكر وليتخذ الموقف الإيماني المناسب من النصر الإلهي .
رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) مثل كل الأنبياء معصوم، فلماذا الإستغفار؟
(واستغفره إنه كان توابا )
رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) مثل كل الأنبياء معصوم، فلماذا الإستغفار؟
الجواب أن هذا تعليم لكل الأمة لأنه :
أوّلا: خلال أيّام المواجهة بين الإسلام والشرك مرّت فترات عصيبة على المسلمين، وتفاقمت في بعض المراحل مشاكل الدعوة، وضاقت صدور بعضهم وساور بعضهم الآخر شكوك في وعد الله. كما قال سبحانه فيهم عند غزوة «الأحزاب» : (وبلغت القلوب الحناجر وتظنون بالله الظنونا) الأحزاب، الآية 10
والآن إذ تحقق الإنتصار فقد اتضح خطل تلك الظنون، ولابدّ من «الإستغفار»
ثانياً: الإنسان لا يستطيع أن يؤدي حقّ الشكر، مهما حمد الله وأثنى عليه.
ولذلك لا بدّ له بعد الحمد والثناء أن يتجه إلى استغفاره سبحانه.
ثالثاً: بعد الإنتصار تبدأ عادة وساوس الشيطان، فتبرز ظاهرة الغرور تارة وظاهرة الأنتقام تارة أُخرى. ولابدّ إذن من ذكر الله واستغفاره باستمرار حتى لا تظهر هذه الحالات، ولتزول إن ظهرت.
رابعاً: إعلام هذا النصر يعني انتهاء مهمّة النّبي (صلى الله عليه وآله وسلم) تقريباً وانتهاء عمره المبارك والتحاقه بالرفيق الأعلى.
ولذا جاء في الرّوايات أنّ رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم)بعد نزول هذه السّورة كان يكثر من قول: «سبحانك اللّهم وبحمدك، اللّهم اغفرلي إنّك أنت التواب الرحيم».
ما دلالة عبارة (إنّه كان تواباً)؟
1 - تبيّن علّة الإستغفار. أي استغفره وتب إليه لأنّه سبحانه تواب.
2-وقد تكون العبارة تستهدف تعليم المسلمين العفو، فكما إن الله تواب كذلك أنتم ينبغي أن تقبلوا توبة المذنبين بعد الإنتصار ما أمكنكم ذلك. وأن لا تطردوهم ما داموا منصرفين عن المخالفة والتآمر. ولذلك اتخذ رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم)في فتح مكّة موقف الرحمة والرأفة مقابل الأعداء الحقودين.
3- التسبيح والحمد والأستغفار دأب كل الأنبياء الكرام عند تحقق النصر. يوسف (عليه السلام) حين جلس على سرير الحكم في مصر وعاد إليه والداه واخوته بعد فراق طويل قال: (ربّ قد آتيتني من الملك وعلمتني من تأويل الأحاديث فاطر السماوات والأرض أنت وليي في الدنيا والآخرة توفني مسلماً والحقني بالصالحين) يوسف ـ الآية 101
وعندما حضر عرش ملكة سبأ أمام سليمان (عليه السلام)قال: (هذا من فضل ربّي ليبلوني أأشكر أم أكفر) النمل، الآية 40
.
.
بسم الله الرحمن الرحيم
( إِذَا جَاء نَصْرُ اللَّهِ وَالْفَتْحُ (1) وَرَأَيْتَ النَّاسَ يَدْخُلُونَ فِي دِينِ اللَّهِ أَفْوَاجًا (2)
فَسَبِّحْ بِحَمْدِ رَبِّكَ وَاسْتَغْفِرْهُ إِنَّهُ كَانَ تَوَّابًا (3)
سُورَة النّصرهل هي مكيّة أم مدنية؟ وما عدد آياتها ؟
السورة مَدنِيّة وَعَدَدُ آيَآتِهَا ثَلاثُ آياتْ
ما هو محتوى السّورة ؟
نزلت في المدينة بعد الهجرة.
فيها بشرى النصر العظيم ودخول النّاس في دين اللّه أفواجاً.
تدعو النّبي أن يسبح اللّه ويحمده ويستغفره شكراً على هذه النعمة.
لماذا دخل الناس في دين الله أفواجاً؟
في الإسلام فتوحات كثيرة، ولكن فتحاً بالمواصفات المذكورة في السّورة ما كان سوى «فتح مكّة»، خاصّة وأن العرب كانت تعتقد أن نبيّ الإسلام(صلى الله عليه وآله وسلم) لا يستطيع أن يفتح مكّة إلاّ إذا كان على حق... ولو لم يكن على حقّ فربّ البيت يمنعه كما منع جيش أبرهة، ولذلك دخل العرب في دين اللّه بعد فتح مكّة أفواجاً.
متى نزلت هذه السورة؟
قيل: إنّ هذه السّورة نزلت بعد «صلح الحديبية» في السنة السادسة للهجرة، وقبل عامين من فتح مكّة.
وما احتمله بعضهم من نزول هذه السّورة بعد فتح مكّة في السنة العاشرة للهجرة في حجّة الوداع فبعيد جدّاً، لأنّ عبارات السّورة لا تنسجم وهذا المعنى، فهي تخبر عن حادثة ترتبط بالمستقبل لا بالماضي.
ما هي أسماء هذه السّورة ؟ ولماذا سُميت بهذا الإسم؟
من أسمائها «التوديع» . وسميت بذلك لأنّها تتضمّن خبر وفاة النّبي(صلى الله عليه وآله وسلم).
وفي الرّواية أنّ هذه السّورة لما نزلت قرأها رسول اللّه(صلى الله عليه وآله وسلم) على أصحابه ففرحوا واستبشروا، وسمعها العباس فبكى، فقال النّبي(صلى الله عليه وآله وسلم): «ما يبكيك يا عم؟»
فقال: أظن أنّه قد نعيت إليك نفسك يارسول اللّه،فقال: «إنّه لكما تقول»
مجمع البيان، ج10، ص554، هذه الرّواية وردت بألفاظ مختلفة (الميزان، ج20، ص532).
هل في ظاهر السّورة فيه إنباء عن قرب رحلة الرسول(صلى الله عليه وآله وسلم)؟
ليس في ظاهرها ذلك بل عن الفتح والنصر.
فكيف فهم العباس أنّها تنعي إلى الرسول(صلى الله عليه وآله وسلم)نفسه؟
يبدو أنّ دلالة السّورة على اكتمال الرسالة وتثبيت الدين هو الذي أوحى بقرب ارتحال الرسول إلى جوار ربّه.
فضيلة السّورة
عن أنس رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال لرجل من أصحابه : " أليس معك ( إذا جاء نصر الله والفتح ) ؟ قال: بلى قال: ربع القرآن "رواه الترمذي وقال حديث حسن
عند انبلاج فجر النصر:
(إذا جاء نصراللّه والفتح، ورأيت النّاس يدخلون في دين اللّه أفواجاً، فسبح بحمد ربّك واستغفره إنّه كان تواباً).
هذه الآيات الثلاث القصار في ألفاظها العميقة في محتواها تتضمّن مسائل دقيقة كثيرة ما هي ؟
(إذا جاء نصراللّه والفتح)..
لماذا قال تعالى ( جاء) ولم يقل أتى ما دلالة المجيء؟
جاء:يدل على الوقت وزمن معين لهذا النصر وقطعية وقوع الأمر بمشقة بعد توفر الشروط .
أما أتى : تستخدم في الأمور السهلة التي لا مشقة فيها.
ما هو النصر؟ وما هو الفتح؟
النصر هو الإعانة على المطلوب.
والفتح تحصيل المطلوب والوصول للهدف.
لماذا أضيف النصر لله سبحانه وتعالى؟
في كثير من المواضع القرآنية نجد نسبة النصر إلى اللّه. يقول سبحانه (ألا إنّ نصر اللّه قريب) البقرة، /214
ويقول: (وما النصر إلاّ من عند اللّه)
1- تعظيم النصر وتشريف الصفة ولعموم الدعوة بالألوهية أولاً قبل الربوبية فلو قال ( إذا جاء نصر ربك ) لكانت خاصة بالرسول.
2- وهذا يعني أن النصر في أي حال لا يكون إلاّ بإرادة اللّه
3-لابدّ من إعداد القوّة للغلبة على العدو، لكن الإنسان الموحّد يؤمن أنّ النصر من عند اللّه وحده، ولذلك لا يغتّر بالنصر، بل يتجه إلى شكر اللّه وحمده.
في هذه السّورة دار الحديث عن نصرة الله، ثمّ عن «الفتح»والإنتصار، وبعدها عن اتساع رقعة الإسلام ودخول النّاس في دين الله زرافات ووحداناً.
بين هذه الثلاثة ارتباط علة ومعلول.كيف ؟
1-بنصر الله يتحقق الفتح.
2-بالفتح تزال الموانع من الطريق .3 - يدخل النّاس في دين الله أفواجاً.
بعد هذه المراحل الثلاث ـ التي يشكل كل منها نعمة كبرى ـ تحّل المرحلة الرابعة وهي مرحلة الشكر والحمد.
ما الهدف من النصر والفتح؟
نصر الله، والفتح هدفهما النهائي دخول النّاس في دين الله وهداية البشرية.
«والفتح» كيف اُستدل من سياق الآيات على إن هذا الفتح هو فتح مكة ؟
1-جاء (الفتح) بشكل مطلق،ولم يقل( فتح)، والقرائن تشير أنه فتح مكّة الذي كان له ذلك الصدى الواسع المذكور في الآية.
ما أهمية فتح مكة؟
«فتح مكّة» فتح في الواقع صفحة جديدة في تاريخ الإسلام، لأن مركز الشرك قد تلاشى بهذا الفتح، انهدمت الأصنام، وتبددت آمال المشركين وأزيلت السدود والموانع من طريق إيمان النّاس بالإسلام.
من هنا، يجب أن نعتبر فتح مكّة بداية مرحلة تثبيت أسس الإسلام واستقراره في الجزيرة العربية ثمّ في العالم أجمع. لذلك لا نرى بعد فتح مكّة مقاومة من المشركين (سوى مرّة واحدة قمعت بسرعة) وكان النّاس بعده يفدون على النّبي الأكرم صلى الله عليه وآله وسلم من كل أنحاء الجزيرة ليعلنوا إسلامهم.
(ورأيت النّاس يدخلون في دين اللّه أفواجاً، فسبح بحمد ربّك واستغفره)
رأيت: من الرؤية البصرية والبصيرية في الحاضر و المستقبل
والناس:هو الإنسان ولا يسمى إنساناً إلا إذا تمتع بأمور منها:
1_ الإنسانية.
2_ العقل.
3_ الإدراك .
4_ القابلية والإستعداد للحق الكامل.)
إلى ماذا أدّى هذا الإنتصار الكبير؟
1_أدى إلى تطهير الساحة من أفكار الشرك.
2_ وإلى تجلي جمال الله وكماله أكثر من ذي قبل.
3_ وإلى اهتداء من ضلّ الطريق إلى الله.
ماذا أدى هذا الفتح العظيم ؟
أدى إلى أن لا يظن فرد بأن الله يترك أنصاره وحدهم.
لماذا جاء أمر التسبيح؟
1_ جاء أمر التسبيح لتنزيهه من هذا النقص.
2_ وإلى أن يعلم المؤمنون بأن وعده الحق (موصوف بهذا الكمال).
3_ وإلى أن يعترف العباد بنقصهم أمام عظمة الله.
4_ أن الإنسان ـ عند النصر ـ قد تظهر عليه ردود فعل سلبية فيقع في الغرور والتعالي، أو يتخذ موقف الإنتقام وتصفية الحسابات الشخصية، وهذه الأوامر الثلاثة تعلمه أن يكون في لحظات النصر الحساسة ذاكراً لصفات جلال الله وجماله وأن يرى كل شيء منه سبحانه، ويتجه إلى الإستغفار كي يزول عنه غرور الغفلة ويبتعد عن الإنتقام.
(واستغفره )
في نهاية السّورة ثلاثة أمور يأمر الله سبحانه نبيّه (بل كل المؤمنين) ما هي ؟ولماذا؟
هي :
«التسبيح» تنزيه الله من كل عيب ونقص.
«الحمد» لوصف الله بالصفات الكمالية.
«الإستغفار». إزاء تقصير العبد.
ليجّسد آلاء الشكر وليتخذ الموقف الإيماني المناسب من النصر الإلهي .
رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) مثل كل الأنبياء معصوم، فلماذا الإستغفار؟
(واستغفره إنه كان توابا )
رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) مثل كل الأنبياء معصوم، فلماذا الإستغفار؟
الجواب أن هذا تعليم لكل الأمة لأنه :
أوّلا: خلال أيّام المواجهة بين الإسلام والشرك مرّت فترات عصيبة على المسلمين، وتفاقمت في بعض المراحل مشاكل الدعوة، وضاقت صدور بعضهم وساور بعضهم الآخر شكوك في وعد الله. كما قال سبحانه فيهم عند غزوة «الأحزاب» : (وبلغت القلوب الحناجر وتظنون بالله الظنونا) الأحزاب، الآية 10
والآن إذ تحقق الإنتصار فقد اتضح خطل تلك الظنون، ولابدّ من «الإستغفار»
ثانياً: الإنسان لا يستطيع أن يؤدي حقّ الشكر، مهما حمد الله وأثنى عليه.
ولذلك لا بدّ له بعد الحمد والثناء أن يتجه إلى استغفاره سبحانه.
ثالثاً: بعد الإنتصار تبدأ عادة وساوس الشيطان، فتبرز ظاهرة الغرور تارة وظاهرة الأنتقام تارة أُخرى. ولابدّ إذن من ذكر الله واستغفاره باستمرار حتى لا تظهر هذه الحالات، ولتزول إن ظهرت.
رابعاً: إعلام هذا النصر يعني انتهاء مهمّة النّبي (صلى الله عليه وآله وسلم) تقريباً وانتهاء عمره المبارك والتحاقه بالرفيق الأعلى.
ولذا جاء في الرّوايات أنّ رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم)بعد نزول هذه السّورة كان يكثر من قول: «سبحانك اللّهم وبحمدك، اللّهم اغفرلي إنّك أنت التواب الرحيم».
ما دلالة عبارة (إنّه كان تواباً)؟
1 - تبيّن علّة الإستغفار. أي استغفره وتب إليه لأنّه سبحانه تواب.
2-وقد تكون العبارة تستهدف تعليم المسلمين العفو، فكما إن الله تواب كذلك أنتم ينبغي أن تقبلوا توبة المذنبين بعد الإنتصار ما أمكنكم ذلك. وأن لا تطردوهم ما داموا منصرفين عن المخالفة والتآمر. ولذلك اتخذ رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم)في فتح مكّة موقف الرحمة والرأفة مقابل الأعداء الحقودين.
3- التسبيح والحمد والأستغفار دأب كل الأنبياء الكرام عند تحقق النصر. يوسف (عليه السلام) حين جلس على سرير الحكم في مصر وعاد إليه والداه واخوته بعد فراق طويل قال: (ربّ قد آتيتني من الملك وعلمتني من تأويل الأحاديث فاطر السماوات والأرض أنت وليي في الدنيا والآخرة توفني مسلماً والحقني بالصالحين) يوسف ـ الآية 101
وعندما حضر عرش ملكة سبأ أمام سليمان (عليه السلام)قال: (هذا من فضل ربّي ليبلوني أأشكر أم أكفر) النمل، الآية 40
.
.
مزززززنة @mzzzzzn
عضوة
يلزم عليك تسجيل الدخول أولًا لكتابة تعليق.
جوزفينا
•
جزاك الجناااااااان ومناااااازل الرحمن....والله يبارك لك فى عمرك...وجعله ربى فى موازين حسناتك...
انات حائرة :جزاك الله الخير في الدنيا والآخرةجزاك الله الخير في الدنيا والآخرة
جزاك الله خيراً واثابك ونفع بك
الصفحة الأخيرة