سورة الفلق
بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ
قُلْ أَعُوذُ بِرَبِّ الْفَلَقِ (1) مِنْ شَرِّ مَا خَلَقَ (2) وَمِنْ شَرِّ غَاسِقٍ إِذَا وَقَبَ (3) وَمِنْ شَرِّ النَّفَّاثَاتِ فِي الْعُقَدِ (4) وَمِنْ شَرِّ حَاسِدٍ إِذَا حَسَدَ (5)
سورة الفلق : سورة مكية ، آياتها 5
عن معاذ بن عبد الله بن خبيب بن أبية قال : خرجنا في ليلة مطيرة وظلمة شديدة نطلب رسول الله صلى الله عليه وسلم يصلي لنا ، قال : فأدركته فقال : قل فلم أقل شيئا ثم قال : قل. فلم أقل شيئا، قال : قل فقلت ما أقول ، قال : ( قل هو الله أحد والمعوذتين حين تمسي وتصبح ثلاث مرات تكفيك من كل شيء ) رواه الترمذي وصححه الألباني
سبب النزول...
كان غلام من اليهود يخدم رسول الله صلي الله عليه وسلم فأتت إليه اليهود ولم يزالوا به حتي أخذ مشاطة النبي صلي الله عليه وسلم وعدة أسنان من مشطه ، فأعطاها اليهود فسحروه فيها
وكان الذي تولي ذلك لبيد بن أعصم اليهودي ، ثم دسها في بئر لبني زريق يقال لها ذروان
فمرض الرسول وانتثر شعر رأسه ، ويري أنه يأتي نساءه ولا يأتيهن ، وجعل يدور ولا يدري ما عراه ، فبينما هو نائم ذات يوم أتاه ملكان فقعد أحدهما عند رأسه والأ خر عند رجليه فقال الذي عند رأسه .. مابال الرجل .. قال طب .. قال .. وما طب ؟ قال .. سحر قال .. ومن سحره ؟ قال .. لبيد بن أعصم اليهودي قال .. وبم طبه ؟ قال .. بمشط ومشاطة قال .. وأين هم قال .. في جف طلعة تحت راعوفة في بئر ذروان
الجف .. قشر الطلع ، الراعوفة .. حجر في أسفل البئر يقوم عليه المائح
فأنتبه رسول الله صلي الله عليه وسلم فقال .. يا عائشة ما شعرت أن الله أخبرني بدائي ، ثم بعث عليا والزبير وعمار بن ياسر فنزحوا ماء تلك البئر كأنه نقاعة الحناء ، ثم رفعو الصخرة وأخرجو الجف ، فإذا هو مشاطة رأسه وأسنان مشطه وإذا وتر معقد فيه أحد عشر عقدة مغروزة بالإ بر
فأنزل الله سورة المعوذتين فجعل كلما قرأ أية انحلت عقدة ، ووجد رسول الله صلي الله عليه وسلم خفة حتي انحلت العقدة الأ خيرة فقام كأنما نشط من عقال ،
وجعل جبريل عليه السلام يقول .. بسم الله أرقيك من كل شئ يؤذيك ومن حاسد وعين الله يشفيك فقالوا .. يا رسول الله أو لا نأخذ الخبيث فنقتله ؟ فقال .. أما أنا فقد شفاني الله وأكره أن أثير علي الناس شرا
( الفلق) : قال ابن عباس الفلق الصبح كقوله (فالق الإصباح) وفي امثال العرب:
هو ابين من فلق الصبح.
قال المفسرون: سبب تخصيص الصبح بالتعوذ ان انبثاق نور الصبح بعد الظلمة
كالمثل لمجئ الفرج بعد شدة, فكما ان الانسان يكون منتظرا لطلوع الصباح فكذلك
الخائف يترقب مجئ النجاح.
( من شر ما خلق) اي من شر جميع المخلوقات من الانس والجن والدواب والهوام
ومن شر كل مؤذ خلقه الله تعالى.
( ومن شر غاسق إذا وقب) اي من شر الليل اذا اظلم واشتد ظلمه فان ظلمة الليل
ينتشر عندها اهل الشر من الانس والجن ولهذا قالوا في المثل( الليل اخفى للويل).
قال الرازي: وانما امر ان يتعوذ من شر الليل لان في الليل تخرج السباع من اجامها
والهوام من مكانها ويهجم السارق والمكابر ويقع الحريق ويقل فيه الغوث.
( ومن شر النفاثات في العقد) اي من شر السواحر اللواتي يعقدن عقدا في خيوط
وينفثن فيها ليضروا عباد الله بسحرهن ويفرقو بين الرجل وزوجه( وماهم بضارين
به من أحد إلا بإذن الله).
( ومن شر حاسد إذا حسد) اي من شر الحاسد الذي يتمنى زوال النعمة عن غيره
ولا يرضى بما قسمه الله تعالى له.
فضل المعوذتين
عن عائشة رضي الله عنها قالت: ( كان رسول الله صلى الله عليه وسلم
اذا اوى الى فراشه جمع كفيه ونفث فيهما وقرا( قل هو الله أحد) والمعوذتين,
ثم مسح ما استطاع من جسده , يبدأ براسه ووجهه وما أقبل من جسده , يفعل ذلك
ثلاثا)
قال النبي صلى الله عليه وسلم ( قل هو الله أحد والمعوذتين حين تمسي وحين
تصبح ثلاث مرات تكفيك من كل شئ) رواه احمد والترمذي والنسائي عن عبد الله
بن حبيب رضي الله عنه.
وقال النبي صلى الله عليه وسلم ( ياعقبة الا اعلمك خير سورتين قرئتا: قل
اعوذ برب الفلق وقل اعوذ برب الناس ياعقبه اقراهما كلما نمت وقمت ما سال
سائل ولا استعاذ مستعيذ بمثلهما) رواه احمد والنسائي والحاكم عن عقبة رضي
الله عنه.
في الحديث عن المعوذتين:
أولاً: يقول شيخ الإسلام ابن تيمية " في سورة الإخلاص الثناء على اللّه،وفي المعوذتين دعاء العبد ربه ليعيذه، والثناء مقرون بالدعاء، كما قرن بينهما في أم القرآن المقسومة بين الرب والعبد : نصفها ثناء للرب،ونصفها دعاء للعبد". وسورة الفاتحة أول القرآن،والمعوذتان آخره.
ثانياً: أن في هاتين السورتين استعاذة،وهي اللجوء إلى الله تعالى بطلب الوقاية،إلا أنه يلاحظ أن المستعاذ به في سورة الفلق مذكور بصفة واحدة وهي أنه رب الفلق، والمستعاذ منه ثلاثة أنواع من الآفات، وهي الغاسق والنفاثات والحاسد، وأما في سورة الناس فالمستعاذ به مذكور بصفات ثلاثة: وهي الرب والملك والإله والمستعاذ منه آفة واحدة، وهي الوسوسة، فيا تُرى ما هو السر؟!
لعل من أسرار ذكر المستعاذ به في سورة الفلق بصفة واحدة،وذكر المستعاذ به في سورة الناس بثلاث صفات هو أن المطلوب في سورة الفلق سلامة النفس والبدن، والمطلوب في السورة الثانية سلامة الدين، وهذا تنبيه على أن مضرة الدين وإن قلت أعظم من مضار الدنيا وإن عظمت
.نلاحظ ذلك إن شاء الله عند تدبر سورة الناس....
وها هنا مثار آخر للمتدبرين وهو: أن في سورة الفلق دعوة للتفاؤل،فكيف يكون كذلك؟!
مما يلحظه القارئ في سورة الفلق ـ والله أعلم ـ هو بعث الأمل في النفوس و انتظارها لموعود الله عز وجل بالفرج وذهاب الضُّر،و ذلك مستفاد من قوله تعالى (الفلق ) و هو كل ما يفلقه الله تعالى، كالنبات من الأرض،و العيون من الصخر، والمطر من السحاب ، والأولاد من الأرحام ، والحب والنوى وغير ذلك.
فطلوع الصبح ـ مثلاً ـ مثال لمجيء الفرج،فلا بد من نور عقيب الظلمة، ولابد من سعة بعد الضيق،ولا بد من رتق بعد الفتق،وسيجعل الله بعد العسر يسرا.
وللمتدبرين أيضاً: ما السر في اقتران الحاسد والساحر في الاستعاذة من شرهما؟!
اقترن ذكر الحاسد و الساحر في سورة الفلق؛ لأن مقصدهما الشر للناس ، والشيطان يقارن الساحر والحاسد ويحادثهما ويصاحبهما ، لكن الحاسد تعينه الشياطين بلا استدعاء منه للشيطان، وأما الساحر فهو يطلب من الشيطان أن يعينه ويستعينه، فلهذا ـ والله أعلم ـ قرن في السورة بين شر الحاسد وشر الساحر.
والاستعاذة من شر هذين تعم كل شر يأتي من شياطين الإنس والجن،فالحسد من شياطين الإنس والجن،والسحر من النوعين،وبقي قسم ينفرد به شياطين الجن ـ وهو الوسوسة في القلب ـ ذكره في سورة الناس .
وها هنا سؤال آخر: لِم قيد الاستعاذة من شر الغاسق والحاسد،ولم يقيدها من شر الساحر؟
تقييده سبحانه شر الحاسد بقوله : ( إذا حسد ) السر فيه هو أن الإنسان قد يكون عنده حسد؛ولكن يخفيه ولا يرتب عليه أذى بوجه ما، لا بقلبه ، ولا بلسانه، ولا بيده ، وهو وإن وجد في قلبه شيئاً من ذلك،أي: الحسد ،إلا أنه لا يعاجل أخاه إلا بما يحب الله،فهو يجاهد نفسه على هذا الأمر،ويلزم نفسه الدعاء للمحسود وتمنى زيادة الخير له بخلاف ما إذا حقق ذلك وحسد ، ورتب على حسده مقتضاه من الأذى بالقلب واللسان والجوارح،فهذا هو الحسد المذموم،وهذا كله حسد تمني الزوال .
وأما تقييده ( الغاسق ) بقوله:{إِذَا وَقَبَ} أي: إذا اشتد ظلمته؛ لأن ذلك وقت يتحينه أهل الشر، لتحقق غلبة الغفلة والنوم على الناس فيه،وخص بالتعوذ أشد أوقات الليل توقعاً لحصول المكروه.
وإضافة الشر هنا إلى غاسق من باب إضافة الاسم إلى زمانه كقوله تعالى: {بَلْ مَكْرُ اللَّيْلِ وَالنَّهَارِ} .
والليل: تكثر فيه حوادث السوء من اللصوص والسباع والهوام .
وقد نكَّر غاسق وحاسد وعرف النفاثات، لأن كل نفاثة شريرة، وكل غاسق لا يكون فيه الشر إنما يكون في بعض دون بعض، وكذلك كل حاسد لا يضر،ورب حسد محمود، وهو الحسد في الخيرات، ومنه قول رسولنا الكريم صلى الله عليه وسلم: لا حسد إلا في اثنتين.
ومما ينبه عليه ها هنا أنه سبحانه قد عطف أشياء خاصة هي مما شمله عموم {مِنْ شَرِّ مَا خَلَقَ}،وهي ثلاثة أنواع من أنواع الشرور:
أحدهما: وقت يغلب وقوع الشر فيه وهو الليل.
والثاني: صنف من الناس أقيمت صناعتهم على إرادة الشر بالغير،وهم السحرة.
والثالث: صنف من الناس ذو خلق من شأنه أن يبعث على إلحاق الأذى بمن تعلق به،وهم الحساد.
والسؤال هنا: ما سر اقتران الاستعاذة من الظلام إذا اشتد بالاستعاذة من شر الساحر والحاسد؟
ولِم أعيدت كلمة {مِنْ شَرِّ} بعد حرف العطف في قوله ( ومن شر غاسق إذا وقب)،وفي الجملتين المعطوفتين عليها مع أن حرف العطف مغنٍ عن إعادة العامل؟
أنه بدأ بالظلام والاستعاذة من شره؛لأنه أصل كل فسا د وشره مع ذلك وشر السحر والحسد خفي،وخص الاستعاذة بهذه الأمور الثلاثة بعدما عمم الاستعاذة من شر ما خلق؛ لأن الخفي يأتي من حيث لا يحتسب الإنسان فيكون أشد ضرراً به.

مزززززنة @mzzzzzn
عضوة
يلزم عليك تسجيل الدخول أولًا لكتابة تعليق.

احلى من العسل
•
الله يجزاك الجنه ويسعد قلبك دنيا وآخره

جزآك الله كَل خيرَ وجعلهآ الله في ميزآن حسنآتَك
وجعلك الله من عباده الذين لا خَوْفٌ عَلَيْهِمْ وَلَا هُمْ يَحْزَنُونَ
وجعلك الله من عباده الذين لا خَوْفٌ عَلَيْهِمْ وَلَا هُمْ يَحْزَنُونَ

جزاك ربي كل خيييير ع المجهود.,.,,.,
وجعله في ميزان حسناااتك .,.,.,.
**سبـحــان اللــه وبـــحمده **
**سبـحــان اللــه العظيم **
وجعله في ميزان حسناااتك .,.,.,.
**سبـحــان اللــه وبـــحمده **
**سبـحــان اللــه العظيم **


الصفحة الأخيرة