تذكرة لعلنا ننتفع بها " ذكر هاذم اللذات "

ذكر هاذم اللذات
بسم الله الرحمن الرحيم



الحمد لله العلي الأعلى الولي المولى الذي خلق فأحيا وحكم على كل خلقه بالموت والفناء والبعث إلى دار الجزاء , والفصل والقضاء
والصلاة والسلام على نبيه وحبيبه ومصطفاه محمد بن عبد الله وعلى آله وصحبه ومن وتبعه بإحسان إلى يوم لقاه وبعد:
أكتب اليوم لكم عن الموت مفرق الجماعات هاذم اللذات لعلي أستطيع أن أنفعكم بما تعلمته فأكون قد كتبت ما ينفع خالصا لوجه الله يقول المولى جل وعلا في كتابه العزيز " وما كان لنفس أن تموت إلا بإذن الله كتابا مؤجلا "
نعم كلنا سنموت عندما يحل اجلنا كلنا سنتجرع من نفس الكأس الذي شرب منه آبائنا وأجدادنا ولكن هل لنا أن نتوقف لحظات مع أنفسنا نستشعر فيها كيف ستكون نهايتنا كيف ستخرج روحنا كيف سيكون القبر بيتنا والتراب فراشنا والدود أنيسنا ...
كما تعلمون تنتهي الحياة بخروج الروح من الجسد ولكن هل تعلمون كيف تخرج الروح من الجسد هنا السؤال وهذه الإجابة
قال رسول الله صلى الله عليه وسلم " إن نفس المؤمن تخرج رشحا ، وإن نفس الكافر تسل كما تسل نفس الحمار ، وإن المؤمن ليعمل الخطيئة فيشدد عليه بها عند الموت ليكفر بها عنه . وان الكافر ليعمل الحسنة فيسهل عليه عند الموت ليجزى بها " .
آه لو تدرون ألم خروج الروح عن الجسد لما عرفتم للمعصية طريق إن خروج الروح مصيبة كبيرة ومشقة فتاكة وعناء صاعق ...
تكفي معاينة ملك الموت وشدتها اسمع قول الرسول صلى الله عليه وسلم " والذي نفسي بيده لمعاينة ملك الموت أشد من ألف ضربة بالسيف "
وقد قرأت أن ملك الموت رأسه في السماء ورجلاه في الأرض و أن الدنيا كلها في يد ملك الموت كالقصعة بين يدي أحدكم وقد قرأت أيضا أن ملك الموت ينظر في وجه كل آدمي ثلاثمائة نظرة وستا وستين نظرة ، وينظر في كل بيت تحت ظل السماء ستمائة مرة . وقرأت أن ملك الموت قائم وسط الدنيا فينظر الدنيا كلها برها وبحرها وجبالها وهي بين يديه كالبيضة، وان ملك الموت له أعوانا الله أعلم بهم ليس منهم ملك إلا لو أذن له أن يلتقم السماوات والأرض في لقمة واحدة لفعل ، وان ملك الموت تفزع من رؤيته الملائكة أشد من فزع أحدكم من رؤية السبع وان حملة العرش إذا قرب ملك الموت من أحدهم ذاب حتى يصير مثل الشعرة من الفزع والخوف إن كانت مجرد رؤيته كارثة فكيف بالكارثة الأكبر عندما يبدأ بنزع الروح عن الجسد إن ملك الموت ينتزع روح بني آدم من تحت عضوه وظفره وعروقه وشعره ولا تصل الروح من مفصل إلى مفصل إلا كان أشد عليه من ألف ضربة بالسيف وانه لو وضع وجع شعرة من ميت على السماوات والأرض لأذابها حتى إذا بلغت الحلقوم ولى القبض ملك الموت .
وان ملك الموت إذا قبض روح المؤمن جعلها في حريرة بيضاء ومسك أذفر ، وإذا قبض روح الكافر جعلها في خرقة سوداء في فخار من نار أشد نتنا من الجيف .
هل اطلعتم على سكرات الموت إنها أفظع من أن توصف وكلنا سنقع فيها وإلا لكان الأنبياء نجو منها
يروى أن ملك الموت عليه السلام جاء إلى سيدنا إبراهيم عليه السلام خليل الرحمن عز وجل ليقبض روحه فقال إبراهيم يا ملك الموت هل رأيت خليلا يقبض روح خليله ؟ فعرج ملك الموت إلى ربه فقال : قل له : هل رأيت خليلا يكره لقاء خليله ؟ فرجع إلى إبراهيم فقال : اقبض روحي الساعة .
وقد ذكر المحاسبي في "الرعاية" أن الله تعالى قال لإبراهيم عليه السلام : " يا خليلي كيف وجدت الموت " ؟ قال: كسفود محمي جعل في صوف رطب ، ثم جذب قال : " أما إنا قد هونا عليك يا إبراهيم " .
وروي أن موسى عليه السلام لما صار روحه إلى الله . قال له ربه . " يا موسى كيف وجدت الموت " ؟ قال وجدت نفسي كالعصفور الحي حين يقلى على المقلى لا يموت فيستريح ولا ينجو فيطير وروي عنه انه قال وجدت نفسي كشاة تسلخ بيد القصاب وهي حية . وقال عسى ابن مريم عليه السلام : " يا معشر الحواريين ادعوا الله أن يهون عليكم هذه السكرة " ويقصد سكرات الموت .
إذا ثبت ما ذكرناه . فأعلم أن الموت هو لخطب الأفظع ، والأمر الأشنع والكأس التي طعمها اكره وأبشع ، وأنه الحارث الأهذم للذات والأقطع للراحات ، والأجلب للكريهات ، فإن أمرا يقطع أوصالك ، ويفرق أعضائك ، ويهدم أركانك ، لهو الأمر العظيم ، والخطب الجسيم ، وإن يومه لهو اليوم العظيم
إن ذكر الموت يذكر القلوب الغافلة أنها عائدة لا محالة إلى الله بعملها وستترك الدنيا وما جمعته فيها لغيرها فماذا نحن فاعلين لهذا الموقف وهذا اليوم تذكر الموت أمر مهم وضروري حتى لا تموت قلوبنا ولا ننسى آخرتنا ولا نغتر بدنيانا الزائلة أخيرا أخي تب الى الله قبل الموت تفكر في صحيفة قد اسودت وفي ذنوب لا تحصى ولو انها عدت
أسأل الله تعالى الإصابة وسيكون لنا وقفات اخرى مع هذا الموضوع فمن كان لديه استفسار فليضعه ومن كانت عنده زيادة فلا يبخل بها علينا فذكر الموت تذكرة للقلوب الغافلة ولنا اسوة في رسول الله صلى الهل عليه وسلم حيث قال " أكثروا ذكر هاذم اللذات " أي الموت وان الاكثار من ذكر هادم اللذات فيه الخير لنا ولغيرنا فعندما سؤل النبي صلى الله عليه وسلم ان كان احد يحشر مع الشهداء قال فيما معناه انه من يذكر الموت كثيرا .

أقول قولي هذا واستغفر الله لي ولكم والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته .